الجمعة، أكتوبر ٢١، ٢٠١١

مؤشرات القدرة على امتلاك المساكن في السعودية

نشر في صحيفة الاقتصادية السعودية بتاريخ الجمعة 21/10/2011.
تعد القدرة على امتلاك المساكن House Affordability من العوامل الهامة في أي مجتمع، وتحرص دول العالم بشكل عام على تسهيل حصول الأفراد المقيمين فيها على المسكن المناسب، باعتباره أحد المحددات الأساسية لمستوى الرفاهية الاقتصادية لمواطنيها، كما أن السكن يعد أحد الحقوق الأساسية للمواطن، ومن الناحية العلمية يتم تحديد القدرة على امتلاك المساكن من خلال قسمة ثمن المسكن على متوسط دخل الأسرة، أو ما يسمى بمضاعف سعر المسكن، فإذا كانت النتيجة مرتفعة، فإن ذلك يعكس صعوبة الحصول على المسكن بشكل عام، واذا انخفضت، فإن ذلك يعني أن تملك المساكن يعد مسألة سهلة بالنسبة للأسر.
في رأيي أن المؤشر الأكثر قربا إلى الواقع هو مؤشر سعر المسكن إلى صافي دخل الأسرة بعد استيفاء احتياجاتها الأساسية، باعتبار أن ذلك يعبر عن القدرة الحقيقية للأسرة على امتلاك المسكن، إلا أن البيانات عادة ما لا تكون غير متاحة بهذا القدر من التفصيل الذي يساعد على الحكم بصورة دقيقة على قدرة الأسر على تملك المساكن، لذلك سوف نستخدم البيانات المتاحة في قاعدة بيانات نشرة صندوق النقد الدولي World Economic Outlook  (سبتمبر 2011) عن متوسط نصيب الفرد في المملكة من الناتج، وافتراض أن دخل الأسرة يتكون من دخل شخصين (الزوج والزوجة) كمقرب لدخل الأسرة، ووفقا لدوريةAnnual Demographia “International Housing Affordability Survey” فإن الحكم على مدى سهولة وصعوبة تملك البيوت باستخدام مضاعف سعر المسكن يستند إلى الأسس الآتية:
·         إذا كان المضاعف يساوي 3 أو أقل فإن تملك المسكن يكون سهلا.
·         إذا كان المضاعف يقع ما بين 3.1-4 فإن تملك المسكن يكون متوسط الصعوبة.
·         إذا كان المضاعف يقع ما بين 4.1-5 فإن تملك المسكن يكون صعبا جدا.
·         إذا كان المضاعف يساوي 5.1 أو أكثر فإن تملك المسكن يصبح صعبا بصورة حادة.
تنبغي الإشارة إلى أن استخدام المؤشر على هذه الصورة يشوبه بعض العيوب أهمها أنه يستند إلى متوسط نصيب الأسرة من الدخل، ومن ثم فإنه لا يعبر بدقة عن حال كل أسرة في المجتمع، وإنما عن عموم الحال بالنسبة للأسر. من ناحية أخرى فإن هذه الحسابات تفترض أن المسكن يتم تمويله من خلال استخدام دخل الزوج والزوجة، مع أن الوضع في المملكة يختلف عن باقي دول العالم من حيث أن مسئولية توفير المسكن ربما تقع على عاتق الزوج بصفة أساسية، ولكننا لجئنا إلى حساب دخل الأسرة على أساس شخصين لكي تتوافق الحسابات مع التقديرات المنشورة دوليا حتى تكون المقارنات سليمة في هذا المجال.
باستخدام تقديرات دخل الأسرة وأسعار المساكن المختلفة في المملكة تم حساب مضاعف سعر المساكن إلى دخل الأسرة، سواء بالنسبة للشقق السكنية أو الفلل، وقد أظهرت النتائج أن مضاعف سعر الشقق إلى متوسط دخل الأسرة تراوح بين 3.5 إلى 4.6 بالنسبة لعموم مناطق المملكة (تفاصيل النتائج غير معروضة لضيق المساحة ويمكن توفيرها لمن يرغب في ذلك)، وهو ما يعني أن تملك الشقق السكنية في المملكة عملية متوسطة الصعوبة إلى صعبة جدا.
من ناحية أخرى فإن حسابات مضاعف سعر المسكن إلى دخل الأسرة بالنسبة للفلل السكنية معروضة في الجدول التالي، ووفقا للحسابات فإن هذا المضاعف يختلف من منطقة إلى أخرى في الدولة، ولكنه يزيد عن 5 في جميع المناطق، حيث يتراوح مضاعف سعر البيت إلى متوسط دخل الأسرة بين 29.7 شمال مدينة جدة إلى 5.5 جنوب مدينة الرياض، وهو ما يعني أن عملية تملك فيلا في أي منطقة في المملكة بالمؤشرات الدولية تعد مسألة صعبة بصورة حادة، لاحظ أن تراجع المضاعف في العامين الأخيرين يرجع إلى ارتفاع تقديرات الصندوق لمتوسط دخل الفرد من الناتج في هذين العامين، وليس لانخفاض أسعار المساكن، نظرا لارتفاع تقديرات الصندوق لإيرادات المملكة النفطية.



  من ناحية أخرى فإن الجدول يوضح بعض المؤشرات لمضاعف سعر المسكن لدخل الأسرة في بعض دول العالم، ومن الجدول يتضح أن مضاعف أسعار المساكن بالنسبة لدخل الأسرة في معظم أنحاء المملكة يفوق مثيله في هذه الدول، وأن مضاعف سعر المسكن بالنسبة لدخل الأسرة في المملكة يعد بين الأعلى على مستوى العالم، وهو ما يعني مرة أخرى أنه بالمقاييس الدولية يعد تملك المسكن في المملكة من الأمور الصعبة بصورة حادة.

الكتابات التي نقرأها عن سوق المساكن في المملكة تؤكد بأن ارتفاع أسعار المساكن يرجع في جانب كبير منه إلى ارتفاع تكلفة الأرض، وأن ارتفاع ثمن الأرض يعكس الضغوط الاحتكارية في سوق الأراضي المخصصة للمساكن، وهو ما يعني أن استمرار هذه الأوضاع في سوق الأراضي يترتب عليه ارتفاع غير مبرر في تكلفة السكن الخاص،  وأن الأمر يقتضي ضرورة التدخل تشريعيا لضبط إيقاع هذا السوق وإعادة التوازن المفقود إليه حتى تتمكن الأسرة السعودية من الحصول على المسكن المناسب في التوقيت المناسب وبالخصائص المناسبة، وهذا هو موضوع مقالي القادم إن أحيانا الله سبحانه وتعالى.

هناك تعليقان (٢):