الجمعة، يوليو ١١، ٢٠٠٨

هل يجب أن تفك دول مجلس التعاون ربط عملاتها بالدولار؟

في رسالته عن ضرورة تحول دول مجلس التعاون من الربط بالدولار إلى الربط بسلة عملات تحتوي على أسعار النفط (انظر الرابط أدناه)، دعا جيفري فرنكل دول المجلس إلى ضرورة أن تلجأ دول الخليج إلى "ربط عملتها بسعر التصدير" لكي تتجنب الآثار السلبية للصدمات التجارية، وفي ذات الوقت تحافظ على مزايا الربط. حيث أدى الربط الحالي بالدولار إضافة إلى مجموعة العوامل الأخرى المتمثلة في ارتفاع أسعار النفط وزيادة معدلات النمو مصحوبة بزيادة في عرض النقود إلى تضخم بدأت تظهر أثاره بشكل واضح في دول الخليج، على سبيل المثال في الإمارات العربية المتحدة. ولذلك يرى فرنكل أن رفع قيمة الدرهم الإماراتي والريال السعودي قد يكون حلا واضحا لتلك المشكلة. غير أن فرنكل يشير إلى أن الربط بسلة عملات في الكويت لم يكن مصحوبا بضبط أداء السياسة النقدية في أوقات تغيرات أسعار النفط، سواء ارتفاعا (حيث يتبع البنك المركزي سياسة نقدية توسعية أكثر من اللازم) او انخفاضا (حيث اتبع البنك المركزي سياسة نقدية متشددة أكثر من اللازم مثلما حدث في التسعينيات). من ناحية أخرى يرى فرنكل أن ترك عملات دول المجلس حرة (وهي دعوة أطلقها جرينسبان منذ فترة قصيرة) لا يفيد تلك الدول باعتبارها اقتصاديات مفتوحة صغيرة الحجم. دول الخليج إذن مدعوة وبشكل واضح أن تفك ارتباط عملاتها بالدولار الأمريكي اذا أرادت أن تخفف من حدة التضخم.

المشكلة الأساسية أن فك ربط العملات الخليجية بالدولار لن يحل مشكلة التضخم، وذلك في ظل مناخ اقتصادي كافة العوامل فيه تشير إلى ضرورة تحمل قدر من التضخم المصاحب للأوضاع الحالية لتلك الدول. إن فك ربط الدينار الكويتي بالدولار الأمريكي والتحول مرة أخرى إلى سلة العملات، لم يؤد إلى السيطرة على التضخم، بل على العكس استمرت معدلات التضخم في الارتفاع بوتيرة أعلى من تلك التي كانت سائدة أثناء الربط، بسبب ضغوط الطلب الكلي التي لا يمكن تجنبها في اوقات الوفرة. المشكلة ببساطة هي أننا نواجه طلبا كليا متصاعدا في مقابل جهاز إنتاجي محدود القدرة على مواجهته، وارتفاع في اسعار السلع المستوردة نحن طرف أساسي فيه. من ناحية أخرى فانه في ظل تزايد معدلات الطلب الكلي، بصفة خاصة الإنفاق الحكومي، يصعب السيطرة على عرض النقود. التضخم إذن هو ضريبة لا بد من دفعها في مقابل الوفرة الحالية المصاحبة لارتفاع أسعار النفط، وسوف يستمر التضخم معنا لفترة من الوقت طالما استمرت الزيادة في اسعار النفط ومن ثم الطلب الكلي.

أما اقتراح إدراج سعر النفط ضمن سلة الربط فقد يكون له مبرراته من الناحية النظرية، بصفة خاصة المحافظة على القوة الشرائية لعملات تلك الدول، حيث سترتفع قيمة عملات هذه الدول في أوقات ارتفاع أسعار النفط، وتنخفض في أوقات انخفاض أسعار النفط، إلا أن المقترح لا يوفر الاستقرار المطلوب لمعدل الصرف الحقيقي، خصوصا وأننا نتحدث عن سلعة شديدة التقلب، الأمر الذي لا يساعد على تحقيق استقرار معدلات الصرف من الناحية الحقيقية، وقد يؤدي إلى انحراف شديد بين معدلات الصرف الاسمي ومعدلات الصرف الحقيقي لتلك العملات في أوقات التقلبات الشديدة لسعر النفط الخام، أخذا في الاعتبار أن استجابة معدل الصرف الاسمي سوف تكون آنية في حال تغير اسعار النفط، بينما تعتمد استجابة معدل الصرف الحقيقي على اتجاهات الارقام القياسية للاسعار، فاذا كان هناك اختلاف في أوزان سعر النفط في سلة العملات وسلة الارقام القياسية للاسعار فان ذلك سيكون مصدرا لانحراف معدلات الصرف الاسمي عن الحقيقي. أضف إلى ذلك فانه من المعلوم في دول الرفاه هذه أن دعم الاسعار والخدمات جوهري، مما يجعل الارقام القياسية للاسعار لا تعبر عن التكلفة الحقيقية للمعيشة، وهو ما يسبب مصدرا آخر لانحراف معدل الصرف.

من ناحية أخرى لا يمكن إخفاء حقيقة أن بعض الدول النفطية قد استفادت أيضا من الربط بالدولار ومن ثم انخفاض قيمة عملاتها، على سبيل المثال فإن الدرهم الضعيف يشجع السياحة في دبي، والريال الضعيف يساعد الصادرات السعودية إلى باقي دول المجلس.

وأخيرا، اذا قررت دول مجلس التعاون فك ربط عملاتها بالدولار، فعليها أن تدرس بعناية اثر ذلك على مشروع عملتها الموحدة، باعتبار أن الدولار هو المثبت المشترك لها في المرحلة الانتقالية التي تسبق إطلاق العملة الموحدة.

انظر مقالة فرنكل على الرابط التالي:

http://www.voxeu.org/index.php?q=node/1381
انظر أيضا
http://www.ft.com/cms/s/0/43b48840-4b1f-11dd-a490-000077b07658.html?nclick_check=1
http://blogs.cfr.org/setser/2008/07/08/the-ft-joins-the-chorus-arguing-against-the-gulfs-dollar-peg/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق