الجمعة، سبتمبر ٠٤، ٢٠٠٩

رسميا معدل الفائدة سالب في السويد

في خطوة غير مسبوقة من أي بنك مركزي في العالم أعلن بنك السويد المركزي الشهر الماضي خفض معدل الفائدة إلى سالب 0.25%، ومن ثم إتباع سياسة معدلات الفائدة السالبة على المودعات. لك أن تتخيل أنك تذهب بمودعاتك إلى البنك لكي يخبرك موظف البنك بأنك سوف تحصل عليها ناقصة بعد مدة الإيداع. بهذا الشكل يتجاوز بنك السويد المركزي ما هو متعارف عليها نظريا بقاع معدل الفائدة، أي الصفر. فمن الناحية النظرية لا يتصور ان يتجاوز معدل الفائدة الاسمي قاع الصفر. من الممكن طبعا ان يكون معدل الفائدة الحقيقي أي معدل الفائدة الاسمي مطروحا منه معدل التضخم سالبا، وذلك عندما يكون معدل التضخم أعلى من معدل الفائدة الاسمي. أما ان يكون معدل الفائدة الاسمي سالبا، فهذه بالتأكيد سياسة جديدة على العالم.

الهدف المعلن لسياسة معدلات الفائدة السالبة هو تشجيع البنوك التجارية على عملية الإقراض لأنها ببساطة تحصل على عوائد من الطرفين المودع، في صورة الانخفاض الذي سيحدث في أمواله نتيجة معدل الفائدة السالب (-0.25%)، والمقترض في صورة الهامش بين الصفر ومعدل الفائدة الذي سيدفعه المقترض (0.75%)، وذلك لفك حالة مصيدة السيولة التي يعاني منها الاقتصاد السويدي، أي عدم خروج النقود من البنوك إلى الاقتصاد الحقيقي ومن ثم لجوء البنوك إلى اكتناز الأموال بسبب حالة عدم التأكد حول الأداء الاقتصادي على المستوى الكلي. وللتقليل من آثار مثل هذه الخطوة على عمليات الإيداع الجديد في البنوك السويدية قامت الحكومة أيضا بإقراض البنوك حوالي 100 تريليون كرونة سويدية (13 مليار دولار) بمعدل فائدة ثابت لكي تشجعها على الإقراض وذلك لمحاولة الخروج من أسوأ حالة ركود تشهدها البلاد منذ الحرب العالمية الثانية. حيث يتوقع ان تشهد البلاد هذا العام انخفاضا في مستويات الاقتصادي بنسبة 5.4% لذلك يحرص البنك المركزي على ان يشجع البنوك على بدء عمليات الإقراض للشركات وللأفراد.

الخطوة السويدية جريئة جدا، وتعد إجراءا غير تقليدي وجديدة تماما بالنسبة للعالم، ولذلك فان البنوك المركزية في العالم تتابع عن كثب ما سوف تنتهي إليه هذه التجربة، والتي ربما تؤدي إلى تغيير في مفاهيمنا عن السياسة النقدية في أوقات الكساد. إذا نجحت الخطوة السويدية فإنها سوف تشجع الكثير من البنوك المركزية في العالم إلى تبني هذه السياسة، وفرض معدلات فائدة سالبة على المودعات المصرفية في دول كثيرة من العالم في أوقات الأزمة.

ولكن ما هي مخاطر تلك الخطوة التي أقدم عليها بنك السوي المركزي؟ الخطوة السويدية من الممكن ان يترتب عليها مجموعة من الآثار الخطيرة، أهمها أنها تعد بمثابة عقاب مالي على كل من يحتفظ بمودعات بالكرونة السويدية، ومن المؤكد ان تبني تلك الخطوة قائم على أساس افتراض ان المودعين ليس لديهم من سبيل آخر للاحتفاظ بمودعاتهم خارج البنوك. أي أن سياسة معدل الفائدة السالب تؤكد حقيقة ان الأفراد ليس لديهم حاليا بديل آخر للاحتفاظ بنقودهم سوى الودائع المصرفية، لأن لجوء الأفراد إلى كنز الأموال خارج البنوك، يحيط به الكثير من المخاطر، ومن ثم فان المودعين سوف يكونون مدفوعين حتى إلى التنازل عن جزء من مدخراتهم سنويا في مقابل تغطية تلك المخاطر. كذلك من الممكن ان يترتب على الخطوة السويدية تراجع كبير في قيمة الكرونة السويدية وكذلك إلى حالات خروج هائلة للأموال من الاقتصاد السويدي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق