معظم المضاربين في المعادن في العالم مهووسين حاليا بالذهب، نظرا للمعدلات الاستثنائية التي يحققها النمو في سعر الذهب في السنوات الأخيرة. غير أن المضاربين في المعادن لا تقتصر مضارباتهم حاليا على الذهب، وإنما دخلت الفضة أيضا على الخط، وأصبحت الفضة، ابنة عم الذهب، تنتفخ فقاعتها أيضا بصورة موازية مع فقاعة الذهب، إن لم يكن بصورة أكبر، كما يوضح الشكل التالي، ووفقا للشكل فإنه بأخذ شهر يناير 2009 على أنه فترة أساس لحساب تطورات أسعار المعدنين (لاحظ أن سعر فترة الأساس لأي سلعة يكون دائما على شكل رقم قياسي يساوي 100، أو الواحد الصحيح، ثم بمرور الوقت يرتفع السعر فيرتفع هذا الرقم القياسي أو ينخفض حسب اتجاهات الاسعار وبالتالي نستطيع حساب نسبة التضخم في اسعاره أو الانكماش فيها من خلال متابعة تطور الرقم القياسي)، فان سعر أوقية الذهب (المنحنى الكحلي) قد تزايد بحوالي 50% تقريبا خلال السنتين الماضيتين أي بمتوسط سنوي 25%، بينما تزايد سعر أوقية الفضة (المنحنى الازرق الفاتح) بحوالي 100% تقريبا، خلال نفس الفترة، أي بمتوسط سنوي 50%، أي ضعف معدل ارتفاع اسعار الذهب. هذا الارتفاع الكبير ليس مستغربا عندما تكون الفقاعة في بداية تكونها.
الاهتمام بالفضة، يتزايد بصورة واضحة عالميا مع رغبة المضاربين في تنويع محافظهم، بالرغم من أن مخاطر المعدنين واحدة. اليوم يبلغ سعر أوقية الفضة أكثر من 23 دولارا للأوقية، كما يتضح من الشكل الآتي، وهو سعر لم تبلغه الفضة منذ انهيار أسعارها بعد انفجار فقاعة الذهب التي حدثت في 1980، عندما اقترب سعر أوقية الفضة من 50 دولارا تقريبا مع الصعود الفلكي للذهب في هذا العام. فقد حاول إخوان هانت Hunt brothers عام 1980 أثناء حمى الذهب السيطرة على الفضة، استنادا منهم إلى الاعتقاد بأن التضخم سوف يقضي على الدولار الأمريكي في ذلك الوقت (وهي نفس الدعوى التي نسمعها اليوم)، بشراء حوالي ثلث العرض العالمي من الفضة، وهو ما أدى إلى رفع سعر أوقية الفضة من 1.26 دولارا فقط في 1971 إلى حوالي 50 دولارا، غير انه مع انتهاء حمى الذهب بانفجار الفقاعة في هذا العام انفجرت فقاعة الفضة بتراجع سعر الفضة إلى 15 دولارا، وهو ما تسبب في خسائر ضخمة للمجموعة.
المضاربون على الفضة اليوم يروجون لفكرة أن الأسعار المرتفعة للفضة سوف تستمر في التصاعد إلى ما لا نهاية في المستقبل، استنادا إلى الطلب المرتفع على الفضة في مجال الصناعة في الوقت الذي توجد فيه قيود على العرض من الفضة، فالفضة معدن يستخرج مع معادن أخرى مثل النحاس والرصاص والزنك، ولذلك فان الإنتاج العالمي من الفضة مقيد إلى حد ما. في عام 2009 بلغ الإنتاج العالمي 27650 طنا، وهو تقريبا نفس مستوى الإنتاج من خمس سنوات سابقة. على الجانب الأخر، من المتوقع ان يستمر الطلب على الفضة في التزايد من جانب الدول النامية، بصفة خاصة الصين، والتي كانت احد المصدرين للمعدن، واليوم أصبحت من كبار المستوردين له.
من ناحية أخرى بينما يستحوذ المضاربون حاليا على حوالي 30% من عرض الذهب العالمي في محافظهم (وهو في رأيي مصدر الخطر الرهيب الذي يواجه المضاربين على الذهب)، فإن المضاربين في الفضة يستحوذون فقط على 10% من فضة العالم في محافظهم (أي أنه في حال رغبة صناديق هذا المعدن في التخلص منه عندما تنفجر فقاعة الفضة، لن يزداد العرض العالمي بصورة كبيرة، مثلما أتوقع للعرض العالمي من الذهب، عندما تنفجر فقاعة الذهب)، وبينما يتم استخدام 12% فقط من إنتاج الذهب العالمي في الصناعة، فإن حوالي 50% من العرض العالمي للفضة يتم استخدامه في قطاع الصناعة، ويتم استخدام الفضة أساسا في صناعة الالكترونيات وأقراص السي دي والدي في دي، كما أن هناك آفاقا ضخمة لاستخدام الفضة في صناعة الخلايا الضوئية المستخدمة في توليد الطاقة الشمسية، وهي صناعة ما زالت تواجه آفاقا كامنة غير مستغلة حاليا.
المهم، لا تصدق هذه الادعاءات، لا يوجد شيء في الدنيا تتم المضاربة عليه وترتفع اسعاره الى مالا نهاية، والدروس التاريخية كثيرة في ذلك، ولا يوحد شيء أسمه الوضع مختلف هذه المرة، أو نحن في ظروف مغايرة، نحن في ظروف أزمة، ويوما ما سوف تنتهي هذه الازمة، مثلما انتهت عشرات الازمات التي مر بها العالم مسبقا، ويومها سوف يبدأ حساب المضاربين.
من الناحية الحقيقية فإن العوامل المسئولة عن ارتفاع سعر الفضة، مثلما هو الحال بالنسبة للذهب، هي الدولار الضعيف الذي تحيط به هالات التضخم المرتفع، نظرا لموجات طباعته بشكل مكثف أخيرا، وانتشار التوقعات التضخمية نتيجة الانهيار المنتظر في قيمة الدولار من وجهة نظر البعض، وانخفاض معدلات الفائدة بما يجعل استثمار الاموال في المودعات المصرفية أمر غير مجدي من الناحية الاقتصادية، فضلا عن ارتفاع درجة المخاطرة المصاحبة للاستثمار في السندات، وارتفاع درجة عدم التأكد حول مستقبل النمو الاقتصادي في العالم مع تباطؤ عمليات استعادة النشاط على المستوى العالمي. هذه العوامل هي التي شجعت المضاربين على وضع أموالهم في مخازن أخرى للقيمة، وقد كان الذهب والفضة على رأس تلك المعادن.
من الناحية الحقيقية فإن العوامل المسئولة عن ارتفاع سعر الفضة، مثلما هو الحال بالنسبة للذهب، هي الدولار الضعيف الذي تحيط به هالات التضخم المرتفع، نظرا لموجات طباعته بشكل مكثف أخيرا، وانتشار التوقعات التضخمية نتيجة الانهيار المنتظر في قيمة الدولار من وجهة نظر البعض، وانخفاض معدلات الفائدة بما يجعل استثمار الاموال في المودعات المصرفية أمر غير مجدي من الناحية الاقتصادية، فضلا عن ارتفاع درجة المخاطرة المصاحبة للاستثمار في السندات، وارتفاع درجة عدم التأكد حول مستقبل النمو الاقتصادي في العالم مع تباطؤ عمليات استعادة النشاط على المستوى العالمي. هذه العوامل هي التي شجعت المضاربين على وضع أموالهم في مخازن أخرى للقيمة، وقد كان الذهب والفضة على رأس تلك المعادن.
حديثا بدأت بقوة حملة تجار الفضة في الترويج للمعدن بهدف خلق هوس آخر على نمط هوس الذهب (بالطبع لضخ المزيد من الدولارات في جيوبهم)، آخر فيلم شاهدته على اليوتيوب بعنوان 3 أسباب لتفوق الفضة على الذهب في العائد(http://www.youtube.com/watch?v=F1uW-zr3WIo&NR=1،) وهي وفقا للفيلم أن الفضة لها استخدامان: صناعي واستثماري (يقصد للمضاربة) بينما يقل استخدام الذهب في الصناعة بصورة واضحة، وأنها رخيصة الثمن، وبالتالي يسهل تملكها (أو بالأحرى سوف تكون خسارتك أقل عندما تنفجر فقاعتها)، والثالث أنها أكثر ندرة من الذهب، بمعنى أن فائض العرض من الفضة المتاح للمضاربة فيه أقل، مقارنة بالذهب، على النحو الذي تمت الاشارة اليه أعلاه.
بقي أن أشير إلى أن هذه ليست دعوة للمضاربة في الفضة المنفوخ أسعارها حاليا.
لمزيد من التفاصيل: http://www.economist.com/node/17151109
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق