هذا الشهر يكون قد بلغ إجمالي عدد البنوك التي أفلست في الولايات المتحدة منذ بداية هذا العام وحتى هذا الأسبوع 139 بنكا، وهو ما يقل عن عدد البنوك التي أفلست في العام الماضي ببنك واحد فقط. فقد بلغ إجمالي عدد البنوك التي أفلست في العام الماضي 140 بنكا، كما يتضح من الجدول التالي، الذي يوضح تطورات عملية إفلاس البنوك الأمريكية منذ بداية الأزمة المالية في عام 2007 حتى الآن. الجدول يوضح أنه حتى هذا الأسبوع أتت الأزمة المالية على 307 بنكا أمريكيا، أتوقع ان يكون العدد بنهاية هذا العام في حدود 350 بنكا أمريكيا.
الجدير بالذكر أن وتيرة معدلات الإفلاس كانت مرتفعة للغاية في بداية هذا العام لدرجة دعت الكثير من المحللين إلى توقع ان ينتهي هذا العام على إفلاس عدد كبير جدا من البنوك الأمريكية، بلغ وفقا لبعض التوقعات 500 بنكا. في بداية هذا العام كنت قد توقعت ان يتجاوز عدد البنوك الأمريكية التي ستفلس هذا العام أعداد البنوك التي أفلست في العام الماضي، كما وضعت تقديرات أولية لهذه الأعداد بما يتراوح بين 200 إلى 250 بنكا.
هذا الأسبوع تحقق الجزء الأول من توقعاتي، حيث لا يعدو الأمر أن يكون عدة أيام تفصلنا عن تجاوز أعداد البنوك التي أفلست هذا العام لتلك التي أفلست في العام الماضي، غير أن وتيرة عملية الإفلاس حتى هذه اللحظة تشير إلى ضعف احتمال تحقق الجزء الثاني من هذا التوقع، وقد قمت بمراجعة تلك التوقعات إلى احتمال أن يتراوح العدد الذي سيفلس من البنوك الأمريكية بين الـ 150 – 200 بنكا، ولكني أميل إلى الاعتقاد بأن العدد الفعلي للبنوك التي ستفلس سوف يكون اقل من 200 بصورة جوهرية.
الشكل التالي يوضح حالات الإفلاس في البنوك الأمريكية منذ عام 1934 حتى الأسبوع الماضي، لاحظ من الشكل أن أعلى معدلات الإفلاس خلال هذه الفترة حدثت خلال عام 1989، حيث أفلس 534 بنكا في عام واحد. لاحظ أيضا أنه وعلى الرغم من عمق أثر الأزمة الحالية إلا أننا لم نشهد هذه المعدلات المرتفعة لعمليات الإفلاس بين البنوك الأمريكية، ومن المؤكد أن برامج الإنقاذ المكثف التي تبنتها الحكومة الأمريكية في أعقاب الأزمة قد حالت دون انهيار القطاع المصرفي الأمريكي، وبما إن الأسوأ من الأزمة الحالية قد انتهى تقريبا، على الأقل حتى الآن، حيث أنه من الواضح أن الولايات المتحدة تريد أن تخرج من أزمتها بأي ثمن، وأن صانع السياسة النقدية الأمريكي يطرق كافة السبل التقليدية وغير التقليدية لدفع معدلات النمو ومعالجة مشكلة البطالة المرتفعة، فليس من المتوقع أن تشهد الأزمة الحالية هذه المعدلات المرتفعة من الإفلاس بين البنوك الأمريكية.
حتى هذه اللحظة تضم القائمة غير الرسمية للبنوك المضطربة في الولايات المتحدة 871 بنكا، وهي البنوك الأكثر عرضة لأن تواجه مخاطر الإفلاس، وهو بلا شك عدد كبير جدا، وتشير التقديرات إلى أن إجمالي أصول هذه البنوك يبلغ حوالي 402 مليار دولارا، وهو أمر مطمئن إلى حد ما، حيث يؤكد أن قائمة البنوك المضطربة لا تضم أيا من البنوك الأمريكية ألكبري، والتي غالبا ما ينظر إليها على أنها مؤسسات مالية أكبر من أن تسقط Too big to fall، حيث ستضطر الحكومة، تحت أي ظرف من الظروف، من التدخل لمعالجة أوضاعها باستخدام أموال دافعي الضرائب، تجنبا للآثار الكارثية التي يمكن أن تترتب على إفلاس إحداها، مثلما حدث عندما أفلس بنك ليمان براذرز، الذي أشعل فتيل الأزمة الحالية عالميا. الشواهد المتاحة تشير إلى أن المؤسسات المالية الضخمة تنفق أموالا طائلة لتظل دائما مصنفة ضمن هذه الطائفة من المؤسسات التي لا يسمح لها بأن تسقط، ولضمان المساعدة الأوتوماتيكية التي ستتلقاها من الحكومة في حالة تعرضها لضغوط نحو الإفلاس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق