أصدر مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي تقريره عن معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث من هذا العام، ووفقا للتقرير استطاع الاقتصاد الأمريكي ان يحقق معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 2%، وهو معدل نمو أعلى بقليل من معدل النمو المحقق في الربع الثاني من هذا العالم والذي يساوي 1.7%. النمو في الناتج في الربع الثالث يعكس المساهمة الايجابية للنمو في الإنفاق الاستهلاكي والنمو في المخزون والاستثمار الثابت في غير قطاع المساكن، والإنفاق الحكومي والصادرات، والتي تعوض النمو السالب الناجم من التراجع في الاستثمار الثابت في قطاع المساكن والواردات.
وفقا لتفاصيل معدل النمو فإن الإنفاق الاستهلاكي الخاص أضاف 1.8% إلى النمو، وقد كان النمو في الإنفاق الاستهلاكي الخاص مشجعا، خصوصا وأن هذا هو الربع الخامس على التوالي الذي ينمو فيه الإنفاق الاستهلاكي بمعدلات موجبة، والربع الرابع على التوالي الذي ينمو فيه الإنفاق الاستهلاكي بشكل مضطرد، هذا النمو في الاستهلاك يقلل من الشكوك حول مدى قوة هذا النمو. بينما أضاف صافي الصادرات 2% إلى النمو. من ناحية أخرى فإن الإنفاق على الاستثمار الثابت وبرامج الحاسوب كان موجبا في الربع الثالث، على الرغم من تراجع معدل النمو فيه. أما الإنفاق الاستثماري الخاص فقد أضاف 1.54% إلى معدل النمو العام في هذا الربع، وهو من العلامات البارزة في معدل النمو في هذا الربع.
من العلامات البارزة في هذا النمو في الناتج هو النمو في المخزون بنسبة 1.4%، وهو نمو أكثر من المتوقع، ونظرا لهذه المساهمة في النمو في المخزون فإن هناك من يشكك في مدى قوة هذا النمو. ولتوضيح ذلك دعنا نفسر ما هو المقصود بالنمو في المخزون، يقصد بالنمو في المخزون الناتج الذي تم إنتاجه ولكن قطاع الأعمال لم يتمكن من التصرف فيه، ومن ثم تمت إضافته للمخزون، الأمر الذي يعني ضعف مستوى الطلب الكلي بشكل عام عن المستويات اللازمة للتوازن، وغالبا ما يطلق علي النمو في المخزون "الاستثمار في المخزون". خطورة النمو في المخزون انه دائما ما يكون غير مستدام، إذ من المتوقع في الربع القادم ان تحدث استجابة من قطاع الأعمال الخاص لنمو المخزون في هذا الربع من السنة، حيث يتوقع ان يتراجع النمو في المخزون أو ربما يصبح سالبا في الربع الرابع من هذا العام.
من ناحية أخرى فقد كان معدل النمو في الاستثمار في قطاع المساكن سالبا هذا الربع. كما أدى نمو الواردات إلى خفض معدل النمو العام مرة أخرى بمعدل 2.61%، وهو ما يعني أن الواردات تمثل مشكلة في نمو الإنفاق الكلي.
هذه التقديرات حول معدل النمو ليست نهائية، حيث ما زالت هذه التقديرات غير كاملة أو غير نهائية، ومن ثم فهي عرضة للمراجعة لمرتين متتاليتين في الشهر الحالي والقادم حتى نصل إلى التقديرات النهائية لمعدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في الربع الثالث من هذا العام. موعد المراجعة الثانية لبيانات النمو هو 23 نوفمبر من هذا الشهر.
على الرغم من أن معدل النمو يعد متواضعا نسبيا مقارنة بالوضع قبل الأزمة، إلا أنه يحمل أخبارا جيدة، وهي أنه حتى هذه اللحظة لا يوجد تراجع (أو كساد) مزدوج، والذي بناء عليه يمكن ان نقول ان مخاطر التراجع المزدوج هذا العام قد تراجعت أو تلاشت إلى حد كبير، وان الاقتصاد الأمريكي قد بدأ بالفعل رحلة الخروج من الأزمة، وأن النمو الذي بدأ في منتصف 2009 سوف يستمر أيضا خلال 2011، وان كانت الرحلة يواجهها الكثير من الصعوبات في رفع معدلات النمو الذاتي ومعالجة مشكلات سوق العمل، مثل هذه الصعوبات هي التي تجعل الجدل حول التراجع المزدوج مستمرا.
في الوقت الذي تعالت فيه الأصوات على تأكيد حدوث تراجع أو كساد مزدوج في الاقتصاد الأمريكي، كنت دائما ما أفضل عدم التسرع في الحكم بحدوث التراجع المزدوج وانتظار المزيد من النتائج على ارض الواقع حتى يمكن الحكم بصورة نهائية عما إذا كان هناك حدوث تراجع مزدوج من عدمه.
الاعلان الاولي للجنة السوق المفتوح الذي تم اليوم الاربعاء 3 نوفمبر عن خطة التيسير الكمي الثانية يشير الى أن هذه النتائج المشجعة للنمو لن تؤثر على حجم فاتورة التيسير الكمي التي ينوي الاحتياطي الفدرالي تنفيذها، فقد كان من المتوقع أن تكون خطة التيسير الكمي الجديدة للاحتياطي الفدرالي في حدود 600 مليار دولار، وقد جاء الاعلان اليوم بأن الخطة سوف تكون بقيمة 600 مليار دولار حتى نهاية الربع الثاني من 2011. فما زالت المسببات لتبني خطة التيسير الكمي قائمة. الجدير بالذكر أن هناك عاملان رئيسيان وراء لجوء الاحتياطي الفدرالي للتيسير الكمي، وهما ضعف سوق الوظائف، مع ازدياد مخاطر الانكماش السعري.
الخلاصة أن الأخبار الجيدة التي يحملها معدل النمو في نهاية هذا الربع من السنة، هي أن التراجع المزدوج أصبح اقل احتمالا في الصورة الحالية عن نمو الاقتصاد الأمريكي خلال الجزء المتبقي من هذا العام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق