الثلاثاء، ديسمبر ٢٢، ٢٠٠٩

مشاكل تحديد النسل مرة أخرى

بوصفي من المهتمين بعلم اقتصاديات السكان، تناولت أكثر من مرة المشكلات التي تصاحب سياسات الحد من النمو السكاني، خصوصا عندما تتغير ثقافة السكان نحو تفضيل الأسرة صغيرة الحجم. حيث ترتكز تلك السياسات على أن النمو السكاني يضر بالتنمية لأنه يلتهم ثمار التنمية وفقا لأنصار هذا المنهج. من وجهة نظري فإن مثل هذه السياسات تتناول السكان من زاوية واحدة فقط، وهي أن السكان مستهلكين فقط، بينما واقع الحال يشير إلى أن السكان يمثلون عنصر الإنتاج الأساسي في أي مجتمع.


اليوم تجني الدول التي تبنت سياسات قاسية للحد من النمو السكاني ثمار هذه السياسات. اليوم أتناول حالة الصين مرة أخرى، استنادا إلى الرسم البياني المثير الذي نشرته الأكونوميست. فمع تبني الصين لسياسة الطفل الواحد بصرامة، أخذت معدلات المواليد في التراجع، وكنتيجة لذلك أخد معدلات الإعالة (نسبة السكان خارج سن العمل إلى السكان في سن العمل، أو عدد الأفراد من السكان خارج سن العمل إلى كل فرد من السكان في سن العمل) في الانخفاض، بسبب ارتفاع نسبة السكان في سن العمل مع انخفاض معدلات المواليد، الأمر الذي ساعد الصين على نموها الاستثنائي الذي شهدته في السنوات الماضية. غير أن آخر الإحصاءات تشير إلى أن هذه الميزة السكانية سوف تصل إلى ذروتها في العام القادم 2010، كما يتضح من الشكل الآتي، ثم تأخذ بعدها معدلات الإعالة في التزايد مع زيادة أعداد السكان كبار السن أي ارتفاع معدلات شيخوخة السكان (وهم من السكان خارج سن العمل) مع ميل توقع العمر للسكان نحو التزايد، مما يعني تراجع إمكانيات النمو في الصين، ووفقا للشكل يتوقع أن يصل عدد السكان الصينين الى السكان في سن 15 - 64 عاما، 40%، وهو أدن معدل للإعالة هذا القرن في الصين. غير أن أعداد السكان الصينيين كنسبة من السكان في عمر 15-64 يتوقع ان تتزايد الى 60% في عام 2050.



سوف تضطر الحكومة الصينية إذن لتخفيف سياسة الطفل الواحد للأسرة لرفع نسبة السكان النشطين اقتصاديا مرة أخرى، صحيح أن زيادة أعداد المواليد ترفع من معدلات الإعالة في المراحل الأولى للعمر، إلا أنها تقلل من ندرة قوة العمل في الأجل الطويل. غير انه حتى مع لجوء الدولة لمثل هذا الخيار لا يعني ان السكان سوف يستجيبون بشكل مباشر بزيادة أعداد السكان، فوفقا للبيانات المتاحة في الصين والتي تشير إلى انه رغم أن حكومة شنغهاي حاولت تحفيز الأسر على إنجاب أكثر من طفل، إلا ان استجابة الأسر كانت محدودة نظرا لتعود الأسر على العيش في ظل حجم صغير للأسرة، أو تغير ثقافة السكان نحو إنجاب عدد اقل من الأطفال أو عدم الإنجاب على الإطلاق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق