ألاحظ كثرة الحديث هذه الأيام عن احتمالات حدوث تراجع مزدوج، أو كساد مزدوج مرة أخرى. بعض المحللين يخاطر بسمعته ودقة تحليلاته على أمل أن تصدق إحدى تحليلاته فيملأ الدنيا صياحا بها، أما إذا فشلت توقعاته فليس هناك أي ضرر من ذلك لأنه لا أحد يحاسب. هذا في رأيي تفسير إلقاء الكثيرين بأنفسهم في المحيط لعل غطسه واحدة منها تفلح.
سبق أن تناولت مفهوم التراجع المزدوج عدة مرات على هذه المدونة، وكذلك سبق أن أشرت إلى أن الكساد الحالي، انتهى من الناحية الرسمية، وأنه وفقا للمعهد الوطني للبحث الاقتصادي في الولايات المتحدة، فإن الاقتصاد الأمريكي يمر حاليا بمرحلة التعافي. آخر التقارير التي صدرت عن الاقتصاد الأمريكي أوحت للبعض بالتجرؤ على الحديث عن التراجع المزدوج مرة أخرى، أهم هذه التقارير هي تقارير سوق العمل التي تشير إلى عودة معدل البطالة نحو الارتفاع مرة أخرى بصور محدودة، وكذلك تقارير مكتب التحليل الاقتصادي عن النمو في الربع الأول من هذا العام.
المصدر: BEA GDP Growth Slows in the First Quarter”, May 26, 2011.
انظر إلى الشكل السابق الذي يوضح تطور معدلات النمو في الاقتصاد الأمريكي في صورة ربع سنوية. لاحظ ان معدل النمو في الربع الأول من هذا العام قد تراجع إلى 1.8% (على أساس سنوي) مقارنة بالربع السابق عليه، وهو ما دفع البعض إلى بدء الحديث عن التراجع المزدوج، ولكن معدل النمو الربع سنوي قد تراجع أيضا في الربع الثاني من عام 2010، وأتذكر أن حمى الحديث في التراجع المزدوج اجتاحت العالم في هذا الوقت، حيث أخذ الكثير من المراقبين يتحدث عن تراجع مزدوج، ثم عادت معدلات النمو نحو الارتفاع في الربعين الثالث والرابع من 2010 ومعها تلاشى الحديث عن التراجع المزدوج. منذ أيام أكد بن برنانكي رئيس الاحتياطي الفدرالي أن النمو سوف يعاود الارتفاع في الربعين الثالث والرابع من هذا العام، ورغم أنه لا يمكن التكهن بمدى صحة هذه التنبؤات، إلا أنها على ما يبدو مرتبطة بالاتجاه العام للنمو في الاقتصاد الأمريكي الذي شهده عام 2010، فهل سيتكرر سيناريو النمو في بقية هذا العام على نفس النسق الذي حدث في العام الماضي، لا يعلم الغيب إلا الله، ولكن التسرع في الحكم على تراجع الأداء والتأكيد على أن التراجع المزدوج في الطريق فهو حكم يحتاج إلى دليل قوي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق