أصدر مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة منذ ثلاثة أيام تقريره عن معدل التضخم في شهر نوفمبر استنادا إلى الرقم القياسي للأسعار CPI، الرقم الوسيط Median CPI، ووفقا للتقرير فإن الرقم القياسي لأسعار المستهلكين في الحضر عن شهر نوفمبر لم يرتفع سوى بمعدل 0.1% (على أساس معدل موسميا)، وبهذا الشكل فإن معدل التضخم خلال الاثني عشر شهرا الماضية حتى نوفمبر الماضي بلغ 1.1% فقط (معدل موسميا). هذه الزيادة الطفيفة جدا في معدل التضخم تعكس زيادة طفيفة في أسعار الغذاء والطاقة، وبالطبع باقي المجموعات السلعية.
الشكل التالي يوضح تطورات النمو في الرقم القياسي لأسعار المستهلكين (في الحضر) خلال الاثني عشر شهرا الماضية. لاحظ، أن أقصى معدل للتضخم الشهري خلال السنة الماضية لم يتجاوز نسبة 0.3% في شهري يوليو وأغسطس الماضيين. أتوقع ان يشهد هذا الشهر ارتفاعا طفيفا في معدل التضخم عن اتجاهه العام مدفوعا بإنفاق المستهلكين في الأعياد.
المصدر: BLS Consumer Price Index, November 2010.
من ناحية أخرى فإن الشكل التالي يوضح تطورات معدل التضخم في الاثني عشر شهرا الماضية، لاحظ أيضا أن معدل التضخم يميل إلى التراجع بشكل عام بدءا من ديسمبر الماضي، حيث انخفض معدل التضخم من 2.7% في ديسمبر الماضي إلى 1.1% فقط في الشهر الماضي. وعندما ننظر إلى معدل التضخم الجوهري Core inflation، وهو معدل التضخم مطروحا منه أسعار الغذاء والطاقة (أي المجموعات السلعية الأكثر تقلبا في الرقم القياسي للأسعار)، فإن معدل التضخم الجوهري يصبح أقل من 1%، وهو رقم منخفض جدا، الأمر الذي يثير قلق صانع السياسة النقدية الأمريكي. مرة أخرى الخلاصة التي نصل إليها من تحليل اتجاهات معدل التضخم خلال السنة الماضية وفقا لآخر البيانات المتاحة هي الآتي:
الشكل رقم (1) معدل التضخم على أساس سنوي.
المصدر: BLS Consumer Price Index, November 2010.
- أن سياسات التيسير الكمي على ما يبدو لم تؤثر على معدل التضخم، أو على الأقل على التوقعات التضخمية. وربما يكون من المبكر الحديث عن آثار التيسير الكمي2 على معدل التضخم الآن، لأن اثر التوسع النقدي على الأسعار يأخذ بعض الوقت، ولكني لا أتوقع ان يترتب على خطة التيسير الكمي2 آثارا محسوسة على معدل التضخم، فلم يترتب على خطة التيسير الكمي1 تطورات ملحوظة في معدل التضخم، على الرغم من أنها كانت ضعف الخطة الحالية.
- أن معدل التضخم الحالي للاقتصاد الأمريكي اقل من معدل التضخم المستهدف بواسطة الاحتياطي الفدرالي، وفي مثل هذه الحالات فإن سعي الاحتياطي الفدرالي لتحقيق مستهدفاته سوف تقتضي منه محاولة رفع معدل التضخم، وهو ما يحاول أن يقوم به الاحتياطي الفدرالي حاليا من خلال الإبقاء على معدلات الفائدة عند مستويات شبه صفرية، فضلا عن الاستمرار في إتباع سياسات التيسير الكمي.
- ان الاقتصاد الأمريكي يواجه بالفعل حاليا مخاطر الوقوع في مصيدة الانكماش السعري Deflationary trap، حيث أن استمرار اتجاه معدل التضخم نحو التراجع يزد من احتمالات تحوله إلى معدلات سالبة، وإذا ما حدث ذلك، سوف تتحول معدلات الفائدة الصفرية إلى معدلات فائدة حقيقية موجبة، ومع كل انخفاض سيحدث في الأسعار سترتفع معدلات الفائدة الحقيقية مما يجهض السياسات الحالية للاحتياطي الفدرالي، ويعقد من مشكلة الخروج من الكساد الحالي.
- أن التوقعات التي يروج لها البعض عن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة لا تجد لها حتى الآن سندا من الأرقام على ارض الواقع، وأميل إلى تصديق رواية الاحتياطي الفدرالي عن اتجاهات معدل التضخم في الأجلين القصير والمتوسط، خصوصا وان الخطة المعدة لسحب السيولة الزائدة من الأسواق مع تصاعد الضغوط التضخمية تبدو لي أنها يمكن ان تحقق تأثيرا فعالا في الحد من هذه الاتجاهات التضخمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق