الصين تنفق حاليا حوالي 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي الصيني (الذي أصبح حاليا ثاني أعلى ناتج محلي إجمالي في العالم بعد الولايات المتحدة)، إلى الحد الذي دفع مدير جامعة ييل Richard Levin الأمريكية إلى التصريح في المملكة المتحدة بأن أفضل الجامعات الصينية سوف تنافس في المستقبل القريب جامعتي اوكسفورد وكامبريدج، وهما أفضل الجامعات البريطانية والعالمية. وأشار إلى ان الصين تنفق مليارات اليوان لدفع أفضل مؤسساتها التعليمية إلى التحول إلى قائمة العشرة الأفضل في العالم، وذاك في غضون 25 عاما.
حاليا تتصدر الجامعات البريطانية قائمة أفضل عشر جامعات في العالم، حيث تحتل جامعة كامبريدج المركز الثاني بعد هارفارد، بعد ان كافحت هارفارد عبر قرون لكي تتفوق على كامبريدج، وجامعة لندن في المركز الرابع بينما تشترك اوكسفورد وامبريال كولج في لندن في المركز الخامس عالميا. حتى هذه اللحظة أفضل جامعة صينية وهي جامعة Tsinghua تحتل المركز 49 عالميا، غير ان الحكومة الصينية تفق بسخاء على نظامها التعليمي الجامعي بهدف رفع مستويات تلك المؤسسات التعليمية لتحتل المراكز الأولى عالميا. ليس لدي شك في أن الصين قادرة على تحقيق هذا الهدف أخذا في الاعتبار الاحتياطيات المالية الضخمة التي تتمتع بها الحكومة الصينية. حيث تنبغي الإشارة إلى ان مستوى أي جامعة في العالم يعتمد على حجم الموارد المالية المخصصة لها.
على سبيل المثال فإن جامعة هارفارد لديها صناديق استثمارية ضخمة جدا تمكن الجامعة من استقطاب أفضل أعضاء هيئة التدريس في العالم، وكذلك الإنفاق على البحث العلمي بسخاء، وتقديم أفضل خدمة تعليمية على مستوى العالم. ومن المؤكد أنه لو تراجعت الميزانيات المتاحة لهارفارد، فإنها سوف تختفي من قائمة أفضل 100 جامعة في العالم. اليوم تخشى الجامعات البريطانية من احتمالات تراجع ترتيبها العالمي بسبب التخفيضات التي تقوم بها الحكومة البريطانية حاليا في الميزانيات المخصصة للجامعات البريطانية، والتي قدرت بخفض يعادل 950 مليون جنيه إسترليني في السنوات الثلاث القادمة، وهو ما ينظر إليه Levin على انه تطور خطير، ان لا تعي الحكومة البريطانية ان جامعات مثل كامبريدج واوكسفورد هي جامعات رائدة عالميا.
يشير أيضا Levin إلى أن الصين والهند تسعيان نحو توسيع نطاق نظمهما التعليمية في الجامعات والتركيز على رفع مجموعة محددة من الجامعات لكي تحتل المراكز الرائدة على المستوى العالمي، وأخذا في الاعتبار ان الصين قد تمكنت من إنشاء أضخم نظام تعليمي جامعي في العالم، فإن فرص نجاح الصين في الوصول إلى هذا الهدف تعد مرتفعة. فقد تمكنت الصين من مضاعفة عدد جامعاتها من 1022 جامعة إلى 2263 جامعة في العشر سنوات الماضية، والتي تستوعب حاليا حوالي 6 مليون طالبا جامعيا، وذلك مقارنة بمليون طالبا فقط في 1997، وهو بكل المقاييس تطور جبار، حيث أصبحت الصين تملك حاليا اكبر طاقة استيعاب في مجال التعليم الجامعي في العالم.
من ناحية أخرى يشير Levinإلى ان هناك ظاهرة تحدث حاليا في جامعات العالم، حيث يترك عدد كبير من الأساتذة الصينيين وظائفهم في المملكة المتحدة والولايات المتحدة ويعودون للتدريس في الصين، وهو تطور هام جدا بالنسبة للجامعات الصينية. غير ان Levin يشير إلى نقطة هامة جدا كانت من العوامل الرئيسة لاحتلال هارفارد وييل قائمة أفضل الجامعات العالمية، وهي ان الجامعات الصينية تفتقر إلى "التنوع الإثني"، حيث لا يوجد اساتذة وافدين في الجامعات الصينية، مثلما هو الحال في امريكا، وكذلك تفتقر الى بعد التداخل بين التخصصات العلمية multidisciplinary والذي يلعب دورا هاما في تقدم العلوم. من ناحية أخرى فإن الصين في حاجة إلى زراعة مهارات "التفكير الناقد critical thinking " والإبداع في برامجها التعليمية، والابتعاد عن تلك البرامج القائمة على الحفظ، وتجنب الاتجاه الحالي بتوفير المنح البحثية للأساتذة الذين يرضى عنهم النظام أساسا. فالتعليم الأفضل في أي دولة في العالم لا بد وان ينعكس في صورة مواطنين يتمتعون بإنتاجية أكثر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق