قاتل الله تعالى الفقر، حيث يعاني حاليا المليارات من سكان العالم شروره والآثار الكارثية التي تترتب عليه، وأهمها الجوع. الجوع ظاهرة ربما لا يعرفها الذين يملئون بطونهم يوميا، أما الذين يعيشون في حالة جوع مستمر، فلهم قصة أخرى، حيث يتضورون يوميا من آلام الإحساس بالجوع، ويذهبون إلى السرير يوميا بهذا الألم الذي يظلون يتضورون منه حتى يغالبهم النعاس وهم يحلمون بما يسد رمقهم ويملأ معدتهم، وبعضهم يملأ معدته بالماء فقط لكي يشعر بأن معدته قد امتلأت، لا شك أنه احساس فظيع لا يشعر به سوء الغير محظوظين في هذا العالم.
وفقا لبرنامج الأمم المتحدة للغذاء فإن العالم يوجد به جوعي اليوم أكثر من أي وقت مضى، فهناك حوالي شخص من كل 6 أشخاص في العالم يعاني من الجوع، ومن ثم من سوء التغذية الناجم عن ذلك. فقد قدرت المنظمة عدد الجوعى في العالم في عام 2009 بحوالي 1.02 مليار نسمة، وقد عزت المنظمة السبب في ارتفاع اعداد الجوعى الى هذا الرقم القياسي إلى الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم منذ ثلاثة أعوام، وكذلك إلى ظاهرة ارتفاع أسعار الغذاء التي تهدد الدول الفقيرة حاليا في العالم. هذا التطور المعاكس جاء في أعقاب النجاح الكبير الذي حققه العالم طوال أربعة عقود مضت في انتشال الناس من الجوع، مستفيدين في ذلك من التقدم الفني بصفة خاصة في مجال الهندسة الوراثية والثورة الخضراء التي نجحت في إرخاء الكثير من القيود على نمو الغذاء من الناحية الكمية والنوعية. الشكل التالي يوضح تطورات أعداد الجوعى في العالم وفقا للبرنامج العالمي للغذاء، لاحظ الارتفاع الكبير في أعداد الجائعين منذ 1995 وحتى اليوم.
تشير إحصاءات المنظمة إلى أن هناك 100 مليون شخص أضيفوا إلى رصيد الجائعين في العالم نتيجة لانخفاض الدخول الذي صاحب الأزمة المالية، وارتفاع معدلات البطالة التي نشأت عنها. بينما تشير البحوث التي أجراها برنامج الغذاء الدولي إلى أن الأسر الفقيرة في الدول النامية أصبحت تتناول اليوم طعاما اقل ووجبات لا تغني ولا تسمن من جوع وتسبب لهم سوء التغذية، وأن هذه الأسر تضطر إلى خفض إنفاقها على الرعاية الصحية والتعليمية لأطفالهم.
العام الماضي انخفض عدد الجوعى بعض الشيء، كما يوضح الشكل السابق، ولكن من الواضح أن أعدادهم ما زالت مرتفعة بصورة كبيرة جدا. أما عن توزيع هؤلاء الجوعى الجغرافي بين قارات العالم، فإن إحصاءات البرنامج العالمي للغذاء تشير إلى أن هؤلاء الجوعى يتركزون في آسيا وإفريقيا، فمن بين حوالي 925 مليون جائج في العالم في عام 2010 يوجد حوالي 578 مليون جائعا في آسيا، و239 جائعا في افريقيا، حسب ما يوضح الشكل التالي:
الجوع يقتضى مواجهة وتعاون دوليين، حتى لا يصاب العالم بمشكلة نشوء أجيال نشأت بالكامل وهم يعانون من سوء التغذية، وما يترتب على ذلك من خسائر متعددة بصفة خاصة من الناحية الاقتصادية حيث تنخفض الإنتاجية بصورة كبيرة نتيجة لانتشار أمراض سوء التغذية في العالم. السبيل الوحيد لمساعدة الجوعى في العالم هو المساعدة المالية والعينية لمؤسسات مواجهة الفقر في العالم، وهي مؤسسات منتشرة في كل مكان. تأكد انك مع تبرعك لتلك المؤسسات فإنك تطفئ إحساس شخص أو أسرة بالجوع، وهو إحساس رهيب، لا يقدره الا من عاشوا التجربة فقط، لا تقل انك جربت الجوع وأنت صائم، فذلك احساس ساعة وينقضي مع حلول الافطار، ما اتحدث عنه هو آلام سنوات مستمرة من الجوع، وليس ساعات. اللهم أدم علينا نعمتك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق