على الرغم من أن مصر من الناحية التقليدية تعد دولة زراعية، وبها إمكانيات هائلة للمياه، إلا أنها للأسف الشديد من أكبر دول العالم استيرادا للغذاء (القمح)، وتشير الدراسات المتاحة عن مصر أن إنتاجية الأراضي الزراعية منخفضة بشكل عام، نظرا لتفتت الرقعة الزراعية بسبب قوانين الإصلاح الزراعي، وعلى نحو لا يسمح بوجود مزارع ذات حجم أمثل يمكن من الإنتاج على نحو اقتصادي، أو يمكن من استخدام وسائل الزراعة الحديثة، كما تفقد مصر حاليا جانبا كبيرا من مياه نهر النيل نظرا لأساليب الري غير المناسبة المستخدمة حاليا (الري بالغمر)، هذا فضلا عن الهدر الكبير الذي يحدث في الإنتاج الزراعي بسبب تخلف وسائل الجمع ووسائل التعبئة والتسويق غير المناسبة للمحاصيل.
أكثر من ذلك فإن مصر تفقد مصر سنويا مساحات كبيرة من الأراضي الخصبة نتيجة للتوسع الحضري الذي يتم حاليا على حساب البقعة الزراعية المحدودة نظرا لتركيز عمليات التوسع الحضري على جوانب المناطق السكنية الحالية، في الوقت الذي تنخفض فيه جهود استصلاح أراض زراعية جديدة، إما لعدم جدية الحكومة في متابعة من تم تخصيص الأراضي لهم في هذا المجال، أو لأن هذه الأراضي الجديدة منخفضة الإنتاجية بشكل عام نتيجة انخفاض درجة خصوبتها أو بسبب عدم توفير المياه لها على نحو مناسب، وهو ما يضعف من إمكانيات الإنتاج الزراعي في مصر. لذلك يقترح الآتي:
كدولة تعتمد بصورة واضحة على استيراد الغذاء من الخارج، تحتاج مصر إلى أن تنتج غذاءها بنفسها، وهي مهمة سوف تتطلب تعديلا جوهريا في الإستراتيجية الزراعية التي تطبقها مصر حاليا، والتي لا يعد التوسع في إنتاج الغذاء ضمن أولوياتها الملحة، لذلك لا بد من إعادة تخطيط الدورة الزراعية في المناطق المختلفة من الدولة بحيث تعطى الأولوية لإنتاج الغذاء في مناطق الدلتا والصعيد بشكل أساسي، بينما تزرع محاصيل مثل الطماطم والخضار والفاكهة في الأراضي المستصلحة، بصفة خاصة في الصحراء.
لابد من اعادة التفكير في عمليات الانتاج الحيواني وسبل التربية، حيث يتم هدر مساحات ضخمة من الارض الزراعية في زراعة مستلزمات علف الحيوان، مثل البرسيم، على حساب محاصيل مثل القمح الذي تدفع فيه الدولة نفقات ضخمة لاستيراده ودعم تقديمه للجماهير العريضة من السكان. مصر بشكل عام دولة ليس لديها ميزة نسبية في الانتاج الحيواني، وبالتالي فإن تكاليف الانتاج الحيواني تعد مرتفعة نسبيا في مصر، في الوقت الذي يمكن استيراد اللحوم من الدول ذات الميزة النسبية الأعلى في الانتاج الحيواني بتكلفة اقل من تكلفة الانتاج المحلي بشكل عام.
لا بد من المتابعة الجادة من جانب الدولة للأراضي التي تم تخصيصها للإنتاج الزراعي في المناطق الصحراوية، وهي مساحات ضخمة جدا يسعى مالكيها بعد تخصيصها الى الاحتفاظ بها اطول فترة ممكنة (تسقيع الارض) حتى ترتفع اسعارها ثم يقومون باعادة بيعها دون دفع أي قرش في اصلاحها، وهو ما يمثل خسارة قومية لصالح المضاربين على الاراضي الصحراوية. عمليات المتابعة لا بد وأن تهدف الى التأكد من أن هذه الاراضي توجه بالفعل للاستخدام الزراعي أساسا، وبأن من تم تخصيص هذه الأراضي لهم جادين في استغلال هذه الأراضي في الإنتاج الزراعي، على ان يلغى تخصيص تلك الأراضي وسحبها فورا في حالة المخالفة وتوزيعها على مستثمرين جادين في المجال الزراعي.
تبني استراتجيات طويلة المدى لنقل مياه النيل الفائضة إلى الأماكن المستصلحة في الصحراء وفي سيناء مع تحميل المستفيدين بتكلفة ما مقابل الاستفادة من هذه المياه، وكذلك يمكن تحميلهم بدفعة مقدمة في نظير تغطية تكاليف توصيل المياه للمساهمة في تكاليف البنية التحتية اللازمة لنقل المياه، لتمكين هؤلاء المستثمرين من الوصول إلى مياه مناسبة وتخفيض تكاليف استخراج المياه بالنسبة لهم وتخفيف الضغط على مخزون المياه الجوفية.
قصر الدعم الزراعي الذي تقدمه الدولة على المناطق الزراعية المستصلحة حديثا وذلك لتشجيع الإنتاج الزراعي في هذه المناطق ورفع انتاجيتها، ولدعم جهود إضافة رقعة زراعية إضافية إلى الرقعة المحدودة المتوافرة حاليا.
دعم بنك الائتمان الزراعي وزيادة قدرته على توفير الائتمان اللازم للمزارعين، بصفة خاصة في الاراضي المستصلحة وبمعدلات فائدة منخفضة، لمساعدة المستثمرين في المجال الزراعي.
زيادة الاستثمار في مشروعات البنية التحتية التي تخدم قطاع الزراعة بحيث يتم ربط هذه المناطق بشكل جيد بشبكات الطرق الرئيسية، ومدها بالكهرباء والمياه الصالحة للشرب، لتسهيل عمليات النقل من والى هذه المناطق وتسهيل إدخال الميكنة الزراعية في تلك المناطق لرفع انتاجية الاراضي الزراعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق