السبت، يوليو ١٦، ٢٠١١

أسئلة الأخ صالح الروضان

أثار الأخ صالح الروضان من المملكة العربية السعودية هذه الأسئلة في تعقيب على مقال على ألفا بيتا له بعنوان "هل الذهب غالي"، وطلب مني الإجابة على هذه الأسئلة، وتلبية لرغبة أخي العزيز، أقدم الإجابات على هذه الأسئلة فيما يلي:
 
- ما المقصود بالقوة الشرائية للنقود وكيف تبسطها لي وللقراء الكرام فانا محاسب ولا اعرف إلا لغة الأرقام
 
القوة الشرائية للنقود هي قدرة النقود على شراء السلع والخدمات، على سبيل المثال إذا كان سعر كيلو اللحم 5 ريال والسكر 2 ريال فإن القوة الشرائية للريال باستخدام هذه السلة من السلع هي خمس كيلو لحم ونصف كيلو سكر. وتعكس القوة الشرائية للنقود إحدى الوظائف الأساسية للنقود وهي أنها "مخزن للقيمة"، ووفقا لهذه الوظيفة يفترض ان تحتفظ النقود بقوتها الشرائية عبر الزمن، أي خلال المدة الزمنية التي تنقضي بين استلام النقود وإنفاقها، على سبيل المثال في أول الشهر عندما نتسلم رواتبنا وخلال المدة الزمنية التي ننفق فيها الراتب.
والآن إذا افترضنا ان سعر كيلو اللحم أصبح 10 ريالات وسعر كيلو السكر أصبح 4 ريالات، في هذه الحالة تتدهور القوة الشرائية للنقود إلى النصف، حيث تصبح بالنسبة لهذه السلة مرة أخرى عشر كيلو لحم وربع كيلو سكر. وبالطبع يمكن ان تتحسن القوة الشرائية للنقود إذا مالت أسعار السلع نحو الانخفاض، حيث ترتفع القوة الشرائية للنقود في هذه الحالة.
مما سبق يتضح ان القوة الشرائية للنقود ترتبط بأسعار السلع والخدمات التي نشتريها، أو بمعنى آخر بمعدل التضخم، فعندما يميل معدل التضخم (ارتفاع الأسعار) نحو التزايد، تتراجع القوة الشرائية للنقود والعكس في حالة ميل معدل التضخم نحو التراجع. ولذلك تميل البنوك المركزية في العالم اليوم، رغبة منها في المحافظة على القوة الشرائية لعملاتها، إلى تبني مستويات مستهدفة للتضخم Target inflation، على سبيل المثال 2%، ثم تراقب معدل التضخم من الناحية الفعلية فإذا كان في حدود المعدل المستهدف (2%)، فإنها لا تفعل شيئا، أما إذا بدأ معدل التضخم في التزايد فإن البنك المركزي يتخذ إجراءات للحد من التضخم والعكس.
 
-
الذهب بحد ذاته معدن وربطه بالعملة انتهى أو بالأحرى أنهته الولايات الأمريكية قديما وحل محله الدولار لماذا تتحوط هذه الدول بالذهب وما مصير المخزون منه عند عودة الاقتصاد في 2012 أو 2014 إلى الوضع الطبيعي – ومن سيشتريه؟
 
عندما ندقق في البنوك المركزية التي تشتري الذهب لن نجد من بينها بنك مركزي يتبع الدول المتقدمة، فهذه الدول لها خبرة بالذهب وتعلم ان الذهب كأصل احتياطي أصبح مكلفا (تكاليف تخزينه وحراسته.. الخ)، دون ان يقدم أي شيء للعملة الوطنية، فلم يعد الذهب كأصل احتياطي يحدد قيمة العملة الوطنية للدولة (انظر مقالاتي على الاقتصادية عن الذهب كأصل احتياطي). بالعكس، قبل موجة ارتفاع أسعار الذهب الحالية حرصت البنوك المركزية للعديد من الدول المتقدمة على بيع ما لديها من ذهب.
البنوك المركزي التي تشتري الذهب هي البنوك المركزية التي تتبع الدول الناشئة أو النامية، أي الدول التي ليس لها خبرة بالذهب كأصل احتياطي، أو الدول التي تحقق فوائض ضخمة وتحاول ان تحافظ على القوة الشرائية لهذه الاحتياطيات من التدهور إذا ما تم الاحتفاظ بها في صورة عملات تتدهور قوتها الشرائية مثل الدولار.
ماذا ستفعل هذه الدول بالذهب عند انفجار بالون الذهب، بالطبع ستصاب بخسائر ضخمة تتمثل في الفرق بين سعر شراء الذهب وسعر المعدن في السوق، فضلا عن ذلك فإن هذه الدول سوف تستمر في تحمل تكاليف الاحتفاظ بهذا المعدن، ولكن اغلب الظن أنها سوف تحتفظ بالمعدن في مخازنها للزمن مثلما يفعل الكثير من دول العالم حتى يتم التخلص منه يوما ما.
- منحنى الطلب على البترول أعلى وهو كسلعة مهدده بالنضوب مع إمكانية تخزينه لسنوات قادمة والإنتاج منه محدود وسعره مقوم بالدولار فلماذا لم يواكب الذهب في نفس العلاقة القديمة مقابل الدولار.
 
الطلب على الذهب مختلف تماما عن الطلب على النفط. الطلب على النفط يتم أساسا لاستيفاء الطلب على الطاقة، ومن ثم يرتبط بصفة أساسية بمستويات النشاط الاقتصادي وتوقعاتها، فكلما ارتفع مستوى النشاط الاقتصادي كلما تزايد الطلب على النفط ومن ثم يرتفع سعر النفط، وكذلك التوقعات الخاصة بأسعار النفط، والتي تنعكس في صورة المضاربة عليه، فكلما مالت التوقعات الخاصة بأسعار النفط نحو الارتفاع مالت أسعار النفط نحو الارتفاع والعكس. بالطبع الطلب على النفط يعتمد أيضا على أسعار بدائله والتي، لحسن الحظ، لا يوجد بديل كامل له حتى الآن.
الطلب على الذهب وضعه مختلف، فجانب من الطلب على الذهب يتم لأغراض صناعة الحلي والمجوهرات وللأغراض الصناعية، وهذا الطلب لا يتأثر بالأزمات أو التوقعات الخاصة بأسعاره إلى حد كبير. المشكلة الآن هي أن الجانب الأكبر من الطلب الجديد على الذهب المستخرج من المناجم تتم لأغراض المضاربة عليه، فقد انتشرت في الفترة الأخيرة صناديق المضاربة في المعدن التي تتعامل في السبائك الذهبية لغرض واحد وهو المضاربة على الصعود، مستفيدين من ظروف الأزمة وعدم توافر أي بوادر تشير إلى قرب خروج العالم بشكل كامل منها.
المضاربة على الذهب تتسم بأنها مضاربة تسبب المزيد من اختلال سوق الذهب وليست مضاربة تعمل على استقرار سوق الذهب، بمعنى آخر فإن عرض الذهب يميل إلى ان يكون على علاقة سلبية مع السعر، وليس على علاقة طرديه مثلما هو الحال بالنسبة لكافة السلع، حيث تميل الكمية المعروضة من الذهب نحو الانخفاض مع زيادة السعر (بعكس ما هو مفترض)، وذلك لتوقع المتعاملين ان السعر سوف يزداد بصورة اكبر في المستقبل، والعكس ترتفع الكميات المعروضة من الذهب مع ميل الأسعار نحو الانخفاض خوفا من تدهور الأسعار بشكل اكبر في المستقبل. إذا كانت ظروف السوق تأخذ هذا المنحى، فإن السوق لا يميل نحو التوازن أبدا، وهذا بالطبع يعود إلى العوامل المرتبطة بالمضاربة. لذلك أتوقع ان يصاب المضاربون على الذهب وصناديق التجارة في المعدن بخسائر ضخمة مع انفجار بالون الذهب لأنهم يضاربون بأصل خطير جدا كما أسلفنا.
 
- لماذا ارتفع البترول (برنت) إلى أعلى من 140 دولار في وقت لم يتغير العرض ولا الطلب ولا سعر الدولار بنفس القدر ولا بربعه.
 
للإجابة على هذا السؤال لا بد وان نربط السعر بالأوضاع العالمية وظروف سوق النفط في هذا الوقت. سعر النفط بلغ في أغسطس 2008 إلى 148 دولارا، وهو أعلى سعر بلغه برميل النفط على الإطلاق، في هذا الوقت انتشرت المضاربة على النفط وتوقعات الأسعار نحو الارتفاع، في وقت لم تكن أزمة سوق المساكن في الولايات المتحدة قد انعكست على مسار النشاط الاقتصادي في العالم، بصفة خاصة الدول الناشئة (الصين والهند). غير صحيح ان نقول ان ظروف الطلب لم تتغير، بالعكس لقد حدث ارتفاع كبير في الطلب على النفط من المصادر غير التقليدية في العالم، بصفة خاصة من الصين والهند، وهذه الدول كانت شبه مكتفية بإنتاجها الذاتي، لكن فورة النشاط الاقتصادي ومعدلات النمو الجبارة التي كانت تحققها هذه الدول رفعت من طلب هذه الدول على النفط بصورة كبيرة، وهو ما أربك السوق، بالطبع مع اخذ جوانب المضاربة في السلعة، لذلك ارتفع السعر إلى هذا المستوى.
غير ان سماح العبقري بوش بانهيار بنك ليمان براذرز بدون أي محاولة لإنقاذ البنك أحدث صدمة هائلة في الأسواق المالية العالمية ومن ثم اشتعلت شرارة الأزمة المالية العالمية والبقية تعرفها أنت.
 
- في حال ان الفيدرالي الأمريكي (على فكره ترى الحكومة الأمريكية لا تملكه فهو مملوك ل( …) قرر عدم الشروع في الخطة الثالثة من التحفيز الكمي (شيكات بدون رصيد) أو طبع الدولار سمه ما شئت ما هو مصير الذهب هل يصدق التحليل الفني ان قمة الذهب بين 1590 و 1620 !!!
 
لي اعتراض صالح على عبارة (شيكات بدون رصيد)، أعرف أن هذه العبارة الخاطئة شائعة، وهي تنم عن نقص شديد في المعلومات الخاصة باقتصاديات النقود وديناميكيات عرض النقود في الاقتصاد. التحفيز الكمي، وصحته التيسير الكمي، ليس شيكات بدون رصيد، أنها نقود ولها رصيد، ورصيدها هو السندات الأمريكية. ولشرح الموضوع ببساطة، الاحتياطي الفدرالي يقوم بالتيسير الكمي من خلال شراء السندات من المؤسسات المالية وقيد المقابل في حساب هذه المؤسسات لديه، أي انه يطرح نقود ويستخدم السندات كغطاء لها. ولكن لماذا يفعل الاحتياطي الفدرالي ذلك صالح؟، انه يهدف إلى تجريد هذه المؤسسات من أدواتها الاستثمارية (السندات) ليضع بين أيديها الأموال السائلة ليجبرها على إقراض المستهلكين وقطاع الأعمال حتى ينشط الطلب الكلي في الاقتصاد ويخرج الاقتصاد الأمريكي من حالة الكساد ويعالج مشكلة البطالة.
عندما تنتهي خطة التيسير الكمي فإن الاحتياطي الفدرالي سيقوم بإعادة بيع السندات وشطب هذه النقود. لا يوجد شيء لدى البنوك المركزية اسمه شيكات بدون رصيد، هذا يحدث فقط في الدول التي ليس لها نظام نقدي مثلما كان يفعل موجابي في زيمبابوي بطباعة تريليونات الدولارات الزيمبابوية كل يوم بدون أي غطاء، مثل هذه العملة هي ما يمكن أن يكون شيكات بدون رصيد، أما الدولار الأمريكي فليس شيك بدون رصيد. الاحتياطي الفدرالي، على الرغم من كل ما يثار مؤسسة مستقلة.
الدليل على ذك انه لو كان التيسير الكمي شيكات بدون رصيد لاشتعلت نار التضخم في الولايات المتحدة مع خطتين للتيسير الكمي ترتب عليهما طرح حوالي 2 تريليون دولار من الأساس النقدي (وليس طبع الدولار بالمناسبة). أرقام التضخم التي تأتينا من الولايات المتحدة تثبت أن التيسير الكمي لم يترتب عليه أي ارتفاع في معدل التضخم. انظر أحدث تدويناتي عن معدل التضخم في الولايات المتحدة.
والآن أعود إلى سؤالك، ما مصير الذهب عندما يحدث ذلك؟، هذا ما احذر منه دائما، عندما تنعكس الأوضاع المسئولة عن الفقاعة الحالية سوف ينهار الذهب وتنهار معه ثروات الكثير من المضاربين فيه تماما مثلما حدث للذهب والفضة في أوائل الثمانينيات، حيث نعيش حاليا ظروف مماثلة تماما، ولكن متى سيحدث ذلك؟، الإجابة هي لا احد غير الله سبحانه وتعالى يعرف متى سوف يحدث ذلك، فالأوضاع المسئولة عن الفقاعة ما زالت موجودة، بل ان الأمور حتى هذه اللحظة تسير على نحو أسوأ، ومن الممكن ان يرتفع الذهب بصورة اكبر، وهو ما يرفع، في رأيي، المخاطر المحيطة بالاستثمار في الذهب.  
 
- لماذا يباع سعر متر الأرض بسعر ثلث سعر اونصة الذهب في اكبر بلد مساحه مقابل عدد السكان أين قانون العرض والطلب وهل حقا ان العرض اقل من الطلب وكيف يقاس في حال أسعار العقار؟
 
نحن نتحدث عن سوقين مختلفين صالح، قوانين العرض والطلب موجودة وتعمل يؤثر عليها عوامل متعددة أهمها الدخول وتوقعات الأسعار (المضاربة)، وأسعار الأرض في المملكة يمكن ان تنخفض بصورة كبيرة إذا أرخت الدولة القيود على المعروض من الأرض من خلال تهيئة المزيد من مساحات الأرض الصالحة للبناء، ورفع تكلفة الاحتفاظ بالأراضي الفضاء بهدف المضاربة، أو ما يسمى بالأرض البيضاء. المقارنة بين الأصلين تهدف فقط إلى بيان تطورات معدلات العوائد على الأصلين (متر الأرض)، وأوقية الذهب. غير ان الأصلين مختلفين بصورة كبيرة، بمعنى أن سعر الذهب يتذبذب ارتفاعا وانخفاضا، ويمكن ان ينهار أو يبلغ عنان السماء، بينما سعر الأرض له اتجاه واحد في الأجل الطويل وهو الارتفاع. بالطبع الأرض كأصل أفضل كثيرا من الذهب كأصل. 
 
- ما هو الوضع الحالي في المملكة العربية السعودية من ناحية القوة الشرائية بمعنى هل المواطن السعودي شرائيا في الوقت الحالي اقوي قبل الإجابة آمل زيارة تحليلي الفني للذهب مضافا إليه الأساسي بعنوان “هل انتهت موجة صعود الذهب” 1 و 2.
 
مع بعض التحفظ على أسلوب صياغة السؤال، بصفة خاصة المواطن السعودي شرائيا، لا يمكن الإجابة على هذا السؤال بصورة مباشرة صالح، لا بد من تتبع تطورات الدخل الحقيقي للمواطن (الدخل الاسمي معدلا بالتضخم)، وذلك لتحديد الاتجاهات العامة للدخل الحقيقي ومن ثم مستويات الرفاهية التي يتمتع بها حاليا مقارنة بباقي الدول في الإقليم وفي العالم.
 - اكبر مالكي احتياطي الذهب هي أمريكا ب 8الاف طن – ألمانيا 4 ألاف طن- صندوق النقد – ايطاليا –  فرنسا - الصين –  سويسرا- روسيا – اليابان – هولندا – الهند 558 هل تقصد ان أمريكا وأوربا ترفع الذهب مضاربيا؟ لتبيعه بهذه الأسعار على الهنود والصينيين؟

صياغة السؤال بهذه الطريقة خطأ صالح، هذه الدول عدا الصين ليست منتج أساسي للذهب، كما ان الدول لا تضارب على الذهب حتى ترفع أسعاره لكي تبيعه بعد ذلك للدول الأخرى. احتياطيات أمريكا أو الدول الأخرى من الذهب ليست للبيع في أغلب الأحوال تحت أي سعر للذهب، بمعنى آخر إذا كانت أمريكا مثلا تهدف إلى رفع سعر الذهب لبيع احتياطياتها لكانت قد فعلت ذلك الآن، ولكنها لا تفكر حتى في ذلك.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق