انتهيت اليوم من قراءة كتاب SCREWED للمؤلفين Dick
Morris and Eileen McGannوالذي نشر في 2011.
لم يعجبني الكتاب كثيرا ولا أوصي بشرائه، فكرة الكتاب الأساسية
هي أن الولايات المتحدة تتعرض للمؤامرات من أطراف عديدة في الخارج والداخل، حتى من
الأمريكيين أنفسهم، وعلى رأسهم أعضاء الكونجرس الحاليين والسابقين. الأطراف
الخارجية تشمل عدد كبيرا من الدول هي بصفة أساسية الصين التي تتلاعب بعملتها
وتتاجر بصورة غير عادلة مع الولايات المتحدة وتستقطب الشركات الأمريكية وتسرق
بالتالي وظائف الأمريكيين لتحقق من وراء ذلك فوائض هائلة تعيد استثمارها في
الولايات المتحدة من خلال شراء سندات تستخدمها بشكل أساسي للإضرار بالقدرة
التنافسية للولايات المتحدة من خلال الحرص على رفع قيمة الدولار دوليا وخفض قيمة
اليوان، وكذلك من خلال قيامها بالتجسس الالكتروني على الولايات المتحدة وتخصيص فريق
من الهاكرز الذي يهاجم المصالح الأمريكية من وقت لأخر.
المملكة العربية السعودية، التي من وجهة نظر
الباحثان تعد الممول الأول للإرهاب في العالم، ولا أدري كيف توصل المؤلفان الى هذه
النتيجة، وأنه على الرغم من الولايات المتحدة تحمي المملكة ودافعت عنها ضد العدوان
العراقي، إلا أن السعودية تحرص على تمويل الهجمات الارهابية ضد المصالح الأمريكية،
وباكستان، التي تقدم لها الولايات المتحدة
الدعم المدني والعسكري وتؤيدها في قضاياها ضد الهند، ومع ذلك فإن باكستان تحرص على
قتل الجنود الأمريكيين، وتؤوي زعيم القاعدة أسامة بن لادن في اراضيها وتخفيه عن
عيون الأمريكان.
وأفغانستان التي خسرت الولايات المتحدة على
أرضها مئات الجنود الامريكيين وقدمت لها الدعم المالي المدني والعسكري، ومع ذلك
فإن الأفغانيين هم أكبر مزارعي المخدرات في العالم والتي يمولون بها أعمالهم
الإرهابية، ويحرصون على قتل الجنود الأمريكيين ولا يمتنون للمساعدات التي قدمتها
الولايات المتحدة لهم.
وإيران التي تطور أسلحة نووية وتهدد بضرب
المصالح الأمريكية في الخليج وكذلك بتوجيه ضرباتها نحو اسرائيل، وتخطط لنقل
الصواريخ متوسطة المدى الى عمق امريكا اللاتينية في فنزويلا لكي تكون المدن
الأمريكية في مرمى تلك الصواريخ.
وفنزويلا التي تتعاون مع ايران في تطوير الأسلحة
النووية الإيرانية بمدها بالمواد المشعة، وقبول نقل الصواريخ الإيرانية متوسطة
المدى إلى فنزويلا لتكون المدن الأمريكية في متناول هذه الصواريخ.
أما المؤسسات الدولية تشمل منظمة التجارة
العالمية التي تفرض على الولايات المتحدة تحرير تجارتها الخارجية ودخول الولايات
المتحدة في تجارة غير متكافئة مع دول مثل الصين التي تستخدم أساليب غير تنافسية في
إغراق السوق الأمريكي بالصناعات الصينية الرخيصة، لتحقق بذلك فائضا كبيرا في
ميزانها التجاري مع الولايات المتحدة.
وصندوق النقد الدولي، الذي يفرض سياسات محددة
على الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، ويستخدم الدولار الأمريكي على نحو غير مناسب.
والبنك الدولي، الذي يعزز دور الأوروبيين ضد
مصالح الولايات المتحدة ويحول خططهم ضد هيمنة الولايات المتحدة إلى واقع عملي.
ومحكمة الجنايات الدولية، التي يمكن أن تخضع
الجنود الأمريكيين والساسة بما فيهم الرئيس الأمريكي لمحكمة الجنايات الدولية،
نظرا للشبهات الكثيرة التي تحيط بأعمال الولايات المتحدة القذرة في الخارج.
والأمم المتحدة، التي ينتشر فيها الفساد
المالي ولا تتمكن من خلالها الولايات المتحدة من فرض رأيها وتبني وجهات نظرها في
الجمعية العامة،
ومجموعة العشرين، والتي أصبحت تضم عددا كبيرا
من الاقتصادات في العالم والتي لا يجب أن تدخل ضمن هذه المجموعة. هذه المجموعة
التي تقوم بعقد اجتماعات دورية وتحاول أن تملي سياسات محددة على الولايات المتحدة.
أما داخل الولايات المتحدة فتشمل الشركات
الأمريكية العابرة للقارات والتي تستثمر خارج الولايات المتحدة وتسمح بنقل
التكنولوجيا الأمريكية للخارج، والتي هي نتاج تمويل من دافعي الضرائب الأمريكيين
لتساعد دولا مثل الصين في تحدي الهيمنة الأمريكية على العالم بما فيها الهيمنة على
الفضاء، وأعضاء الكونجرس الحاليين والسابقين الذين يعملون لمصلحة أطراف خارجية مثل
الراحل معمر القذافي وشركات أجنبية، أو دول أجنبية مثل باكستان ومصر ودول الخليج.
أما أجندة العمل التي يقدمها الكتاب للتعامل
مع هذه التحديات فيه إعادة الشركات الأمريكية التي تعمل في الصين مرة أخرى إلى
الوطن، وسرعة اتهام الصين بالتلاعب في عملتها حتى تتمكن الولايات المتحدة من فرض
ضرائب جمركية وقيود أخرى على واردات الولايات المتحدة من الصين، وقطع العلاقات مع
باكستان ووقف المساعدات الأمريكية لها، والتصرف بصورة مناسبة مع المملكة العربية
السعودية من خلال منع الموارد المالية عنها بالتخلص من الاعتماد على النفط
السعودي، وكذلك قطع الشريان المالي عن فنزويلا وتضييق الخناق على ايران، والانسحاب
من أفغانستان ووقف المساعدات الأمريكية لها، وعدم التصديق على اتفاقية محكمة
الجنايات الدولية، والضغط على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ورفض دفع
المساهمات الأمريكية في ميزانية الأمم المتحدة.. وقائمة طويلة أخرى من خطط التدخل
التي يجب أن تقوم بها الولايات المتحدة لوقف المؤامرات عليها من الخارج.
أحيانا أشعر بأن كاتبا الكتاب يتمتعان بدرجة
لا بأس بها من العبط أو الهبل، لأنهما لا يدركان استحالة تحقيق بعض ما يطالبان به،
أو لا يفهمان المركز الذي تحتله الولايات المتحدة في العالم ومتطلبات هذا المركز.
اليوم بدأت القراءة في كتاب
Global Tilt: Leading Your
Business Through the Great Economic Power Shift للمؤلف Ram
Sharan
والذي اصدر الشهر الماضي، والكتاب يبدو شيقا
جدا من المقدمة، حيث يتناول التطورات الهيكيلية التي تحدث في العالم ومظاهر تحول
ميزان القوى من الشمال نحو الجنوب وبروز قوى دولية جديدة بصفة خصة الصين والهند
وروسيا والبرازيل والمكسيك، وجنوب أفريقيا، وكيف تمكنت هذه الدول من أن تجد لها
قدما على الساحة الاقتصادي الدولية، وكيف يمكن للشركات العالمية أن تستفيد وتفيد
من هذا الهيكل الجديد للاقتصاد العالمي.