الجمعة، مايو ٣٠، ٢٠١٤

الصين تعيد استكشاف إفريقيا

إفريقيا، القارة السوداء، التي عاشت لقرون طويلة على الهامش في هذا العالم، تستقطب اهتمام العالم حاليا باعتبارها القارة الواعدة في المستقبل، وتتنافس فيها جميع القوى الصناعية الكبرى تقريبا، ما بين مدها بالاستثمارات المباشرة، حيث تتزايد الاستثمارات في إفريقيا سنويا بمعدلات غير مسبوقة لمساعدتها على تعزيز مستويات النمو والدخول وإيجاد فرص عمل للقوى العاملة فيها، أو تقديم المساعدات بأشكالها المختلفة لتدعيم وجود الدولة المانحة على الأرض.

تعتبر إفريقيا واحدة من أكثر المناطق في العالم نموا في الوقت الحالي، فعلى الرغم من ظروف الأزمة الاقتصادية العالمية، استمرت القارة في تحقيق معدل نمو سنوي بلغ 5 في المائة في المتوسط، في الوقت الذي يتجاوز فيه الناتج المحلي الإجمالي للقارة تريليوني دولار، أكثر من ذلك فإن فيها سبعة من أكبر عشرة اقتصادات نموا في العالم حاليا، لكن القارة تعاني انخفاض مستويات الدخل الفردي على النحو الذي لا يساعدها على تعبئة المدخرات اللازمة لتأمين التمويل المناسب لخطط الاستثمار السنوي اللازم لرفع معدلات النمو إلى مستوياته الكامنة، ما يتسبب في ضعف فرص العمل وانتشار الفقر، أكثر من ذلك فالقارة تعاني انخفاض جودة البنية التحتية الأساسية على نحو خطير.

كان الاهتمام الأساسي بالقارة في الماضي ينصب على تعزيز مستويات الاستثمار في مجالات إنتاج المواد الخام والموارد الطبيعية الأخرى التي توجه أساسا نحو التصدير، خصوصا في أوقات الاستعمار الغربي للقارة، الذي خلق نمطا محددا من التبادل التجاري بين القارة والعالم، وهو النمط الذي يطلق عليه نمط التجارة الاستعماري، حيث تنتج الدولة المستعمرة المواد الأولية التي تصدر إلى الخارج في مقابل تدبير احتياجاتها الأساسية من السلع المصنعة، ولذلك تتكثف عمليات الاستثمار في قطاعات الإنتاج الموجهة للتصدير، بينما تترك باقي القطاعات مهملة بدون تنمية، وهو ما يؤدي إلى انتشار ما يسمى ظاهرة الاقتصاد المزدوج، حيث تنقطع الروابط تقريبا بين قطاعات الإنتاج الموجهة نحو التصدير وباقي قطاعات الاقتصاد الوطني، الأمر الذي يعزز من فرص بقاء الاقتصادات المحلية متخلفة وعاجزة عن أن تنمو على النحو الذي يساعد على رفع مستويات الدخول وتدبير الاحتياجات الأساسية لعموم السكان.

في خضم نسيان القوى الصناعية للقارة، جاء التوسع الصيني في إفريقيا بعد أن تراجعت تدفقات الاستثمار والمعونة من المصادر التقليدية للقارة، بصفة خاصة من الولايات المتحدة وأوروبا، حيث ينصب اهتمام الولايات المتحدة في الوقت الحالي على ما يسمى الحرب على الإرهاب، في الوقت الذي غرقت فيه أوروبا في هموم ديونها السيادية واضطرت إلى ربط الأحزمة من خلال اتباع سياسات قاسية للتقشف بهدف تعزيز النمو والخروج من أزمتها، أخذت الصين تعزز من وجودها الاقتصادي والسياسي في القارة السوداء متبعة في ذلك سياسات عديدة جعلت منها أكثر القوى المؤثرة في النمو وأحد المحددات الأساسية لمستقبله في القارة. حيث تدرك الصين أن تعاونها مع إفريقيا يحمل فرصا ضخمة لكلا الطرفين، بحيث تتمكن إفريقيا من تعزيز جهود التنمية فيها، في الوقت الذي تستفيد فيه الصين في صور عديدة ذات الوقت.

أخيرا قررت الصين تكثيف جهودها في القارة لدفع معدلات نموها الاقتصادي إلى أعلى مستوى وتعزيز المبادلات التجارية بين الطرفين، على سبيل المثال فقد أعلن رئيس الوزراء الصيني في زيارته الأخيرة إلى إثيوبيا في أوائل هذا الشهر، أن الصين قررت ضخ 12 مليار دولار إضافية لصناديق مساعداتها الموجهة أساسا نحو القارة، وذلك بمد الدول الإفريقية بتسهيلات ائتمانية تبلغ عشرة مليارات دولار إضافية، ضمن نطاق الوعود التي كان الرئيس الصيني قد أطلقها لدول إفريقيا بإقراضها 20 مليار دولار خلال السنوات 2013-2015، ليصل بذلك حجم القروض التي تقدمها الصين لإفريقيا إلى 30 مليارا، وكذلك إضافة ملياري دولار أخرى لصندوق التنمية الإفريقي - الصيني لتبلغ قيمة رأسماله خمسة مليارات دولار.

أكثر من ذلك فقد وعدت بمد إفريقيا بالتكنولوجيا التي تملكها في مجال القطارات فائقة السرعة، وذلك من خلال مساعدة دول القارة في تطوير شبكة خطوط للسكك الحديدية لتحقيق الحلم بربط العواصم الإفريقية بقطارات فائقة السرعة، وذلك لرفع مستوى الاتصال والتنمية في القارة، ونتيجة لهذا التعاون فقد تغيرت خريطة إفريقيا التجارية، فبعد أن كانت أوروبا هي الشريك التجاري الأول للقارة، فإن الصين اليوم احتلت هذه المكانة في الوقت الذي تراجعت فيه نسبة التجارة مع أوروبا إلى نحو 20 في المائة من التجارة الخارجية لإفريقيا، وتشير أحدث الإحصاءات المتاحة عن التجارة الخارجية للصين مع إفريقيا إلى بلوغ حجم التجارة الصينية الإفريقية أكثر من 200 مليار دولار، وهو ما يضع الصين في وضع أكبر الشركاء التجاريين، فقد تعاقدت الصين مع زامبيا لاستغلال مواردها الطبيعية من النحاس والفحم والأحجار الكريمة، حيث تم استثمار أربعة مليارات دولار في العام الماضي من بينها 1.6 مليار دولار في صناعة التعدين، كذلك كشفت الحكومة الصينية عن خطط لاستثمار أكثر من 42 مليار دولار في قطاعات مختلفة من الاقتصاد النيجيري، كي تدعم النمو في نيجيريا، كذلك تتكثف المباحثات بين الصين وإثيوبيا للغرض نفسه، حيث أعلن رئيس الوزراء الصيني أن الصين جاهزة في الوقت الحالي لتقوية تعاونها مع إفريقيا من خلال توفير الخبرات، في مجالات توليد الطاقة والاتصالات وتطوير البنى التحتية، كذلك تعلن الصين أنها مهتمة بتنمية البنية التحتية الإفريقية في مجال النقل، فضلا عن تطوير شبكات الطرق وكذلك شبكات النقل الجوي في القارة، ويقدر بأن الصين أنفقت العقد الماضي نحو 100 مليار دولار في مشروعات في إفريقيا.

التحركات الصينية المكثفة في القارة تشعر القوى الغربية بعدم الارتياح، فالولايات المتحدة تشعر بالقلق، وربما بالحسد، نتيجة نجاح الاستثمارات الصينية في أنحاء القارة كافة، وكذلك من حجم المساعدات والقروض التي تمنحها الصين بشكل متكرر لدول إفريقيا، وانطلقت بعض الكتابات واصفة هذه التطورات في العلاقة الإفريقية - الصينية بأنها تمثل أحد أشكال الإمبريالية الجديدة، حيث تحصل الصين بمقتضى الاتفاقيات التي تبرمها على حق استغلال الموارد الطبيعية، مستخدمة في ذلك العمالة الصينية والمعدات الصينية، والتكنولوجيا الصينية، دون أن يصاحب ذلك أي نقل للمهارات أو للتكنولوجيا، بحيث يصبح نمط التدفقات التجارية تصدير المواد الأولية والموارد الطبيعية من إفريقيا للصين في مقابل قيام الصين بمد إفريقيا بالسلع المصنعة، وهذا هو نمط العلاقات التجارية التي سادت في فترات الاستعمار. بينما ترد الصين بأن هذه الادعاءات لا تستند إلى أساس، وأنها تساعد إفريقيا لكي ترفع من مستوى المعيشة داخل القارة، فمعظم الاستثمارات الصينية تنحصر في مجالات البنية التحتية الأساسية وفي القطاعات التي غالبا ما يتجاهلها المستثمرون الدوليون، وأن التعاون المتبادل بين الصين وإفريقيا كان مفيدا للطرفين حيث يذكر رئيس الوزراء الصيني بأن النمو في الصين كان أيضا مفيدا لنمو إفريقيا السريع، وأن آفاق النمو الضخم المتوقع في إفريقيا جذب انتباه الكثير من الشركات الصينية للاستثمار والعمل في القارة.

الجمعة، مايو ٢٣، ٢٠١٤

ثورة النفط الصخري .. مرة أخرى

مكنت تكنولوجيا إنتاج النفط الصخري، بصفة خاصة التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي، منتجي النفط الصخري من الوصول إلى كميات متزايدة من النفط في الصخور، كما لعب استمرار أسعار النفط مرتفعة، دورا مهما في استغلال النفط الصخري في الولايات المتحدة.

أثار انتشار النفط الصخري ردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض لفكرة أن يلعب النفط الصخري دورا في السوق العالمية للنفط الخام، وذلك استنادا إلى ارتفاع تكاليف استخراجه وخطورة الآثار البيئية المترتبة على عمليات إنتاجه وضعف إنتاجية مكامن الإنتاج وقصر عمرها الإنتاجي، في الوقت الذي وجدت فيه أمريكا ضالتها للتخلص من تبعيتها للنفط المستورد وزيادة اكتفائها الذاتي في مجال الطاقة من خلال المصادر غير التقليدية كالنفط والغاز الصخري، ويوما بعد يوم تتزايد الكميات التي تنتجها الولايات المتحدة يوميا من النفط الصخري لتثبت أن من عارض جدوى عمليات إنتاج النفط الصخري كان على خطأ، حيث يعود الفضل للغاز والنفط الصخري في ارتفاع درجة اكتفاء الولايات المتحدة من الطاقة بشكل أساسي، ويقدر أن درجة اكتفائها الذاتي تصل حاليا إلى ما يقارب 90 في المائة من احتياجاتها، بل لقد وصل الحال إلى أن بعض الأصوات بدأت تتعالى داعية الحكومة الأمريكية إلى رفع الحظر على تصدير النفط، خصوصا أن جانبا مما يتم إنتاجه من النفط الصخري لا يتوافق مع طبيعة المصافي القائمة حاليا في الولايات المتحدة لأنه ثقيل من حيث الكثافة.

أكثر من ذلك ينظر حاليا إلى الإنتاج من النفط الصخري الأمريكي بأنه ساعد بالفعل على تعويض الانخفاض في العرض العالمي من النفط خارج الولايات المتحدة، فقد كان من المتوقع أن يتراجع العرض العالمي للنفط بين 2011-2013، بصفة خاصة من المكسيك وإيران والجزائر وليبيا، وأن إنتاج النفط الصخري الأمريكي ساعد على استقرار أسعار النفط عند مستوى متوسط 100 دولار للبرميل، وأنه لولا النمو في العرض الأمريكي من النفط والغاز الصخري لكانت أسعار الطاقة من مصادرها التقليدية أعلى بكثير من أسعارها السوقية في الوقت الحالي، ولاضطر العالم إلى دفع أسعار أعلى للطاقة.

هذا الأسبوع أصدرت وكالة معلومات الطاقة الأمريكية تقريرا بعنوان Annual Energy Outlook 2014 الذي احتوى على معلومات جديدة عن آفاق إنتاج النفط الصخري وسيناريوهاته المستقبلية في الولايات المتحدة، وكشف التقرير عن أنه على المدى القصير بلغ إنتاج الولايات المتحدة في نيسان (أبريل) الماضي 8.3 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى إنتاج تحققه الولايات المتحدة منذ 1988، ومن المقدر أن يرتفع الإنتاج اليومي إلى 9.2 مليون برميل في 2015، أي بزيادة نحو مليوني برميل عن عام 2013، وهو ما يساوي أعلى إنتاج للولايات المتحدة منذ 1972، وساعد الإنتاج المحلي من النفط على رفع المخزون الأمريكي في أواخر نيسان (أبريل) الماضي إلى نحو 400 مليون برميل، وهو أكبر مخزون تحتفظ به الولايات المتحدة في تاريخها.

في عام 2010 بلغ إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري أقل من مليون برميل يوميا، إلا أن وكالة معلومات الطاقة تتوقع أن يصل إجمالي الإنتاج اليومي من ست مناطق مختلفة لإنتاج النفط الصخري في أمريكا إلى نحو 4.43 مليون برميل يوميا الشهر المقبل، بل وفقا لبعض السيناريوهات يتوقع أن تنتج الولايات المتحدة نحو 8.5 مليون برميل يوميا من النفط الصخري عام 2035.

غير أن تقديرات الاحتياطيات والتنبؤات المستقبلية للإنتاج من النفط الصخري تخضع بشكل كبير للافتراضات المحيطة بالمنطقة التي توجد فيها التكوينات الصخرية، ودرجة التطور التكنولوجي لوسائل الإنتاج التي بدورها تقلل من تكلفة الاستخراج وترفع من الإنتاجية التي يمكن تحقيقها في التكوين الصخري، ومن ثم فإن هذه التقديرات لمكامن النفط الصخري في العالم والكميات القابلة للاستخراج منها مسألة ديناميكية تتغير بشكل كبير بمرور الوقت، ولا يمكن الركون إلى تقدير محدد لاحتياطيات النفط الصخري على أنها تمثل الكميات التي يمكن أن تنافس النفط التقليدي.

بالطبع يواجه إنتاج النفط الصخري بعض العوائق الفنية، خصوصا فيما يتعلق بتكنولوجيا الاستخراج، التي في بعض الأحيان قد تعوق عملية الإنتاج بشكل شبه كامل، على سبيل المثال وفقا لدراسة أجريت لحساب إدارة الطاقة الفيدرالية الأمريكية كان من المقدر أن يتم استخراج 13.7 مليار برميل نفط صخري من تكوينات ما يسمى الصخر النقدي Monterey Shale في كاليفورنيا، وذلك استنادا إلى سهولة استخراج مثل تلك الاحتياطيات المتوافرة في التكوينات الصخرية، وبأن عملية استغلال النفط الصخري من هذه المكامن ستوفر نحو 2.8 مليون وظيفة في كاليفورنيا وتولد دخلا قدر بنحو 24.6 مليار دولار سنويا، إلا أن تقديرات جديدة للكميات التي يمكن استخراجها من الصخر النقدي باستخدام التكنولوجيا الحالية تشير إلى أن الإنتاج المتوقع ربما يقتصر على 600 مليون برميل كحد أقصى فقط، وأن التطور التكنولوجي هو الوحيد الكفيل بتعزيز مستويات استخدام هذا النفط. بالطبع هذه التقديرات التي ربما يفرج عنها في الشهر القادم تعد مخيبة لآمال الولايات المتحدة في تحقيق اكتفائها الذاتي من الطاقة، حيث يقدر أن تكوينات الصخر النقدي تحتوي على ثلثي احتياطيات الولايات المتحدة من النفط الصخري. غير أن بعض المراقبين يرى أنه على الرغم من أن هناك مشكلات في استغلال تكوينات الصخر النقدي في الوقت الحالي راجعة لعوامل طبيعية في تلك التكوينات، إلا أن التطور التقني يمكن أن يسمح باستغلالها، وهناك تفاؤل كبير بأن الطرق الحديثة في استخراج النفط الصخري ستفتح المجال لاستخراج الكميات الهائلة من النفط الموجودة حاليا في المنطقة.

وأخيرا يشير تقريرAnnual Energy Outlook 2014 إلى أن هناك سيناريوهين حول الإمكانات الكامنة لاستخراج النفط الصخري في الولايات المتحدة واحد تفاؤلي والآخر تشاؤمي، والسيناريوهان مختلفان بشكل واضح من حيث الافتراضات حول الكميات التي يمكن استخراجها بالفعل، ووفقا للسيناريو التفاؤلي يتوقع أن يصل إنتاج الولايات المتحدة من النفط إلى نحو 13 مليون برميل يوميا بحلول عام 2035، في الوقت الذي يتوقع فيه أن تصل واردات الولايات المتحدة من النفط الخام في 2037 إلى الصفر، أما السيناريو التشاؤمي فيقدر الإنتاج في 2017 بنحو 9.1 مليون برميل فقط، ينخفض إلى 6.6 مليون برميل في 2040، وهو ما يؤدي إلى رفع درجة الاعتماد الخارجي للولايات المتحدة على النفط المستورد.

وعلى الرغم من ثقة الكثير من المراقبين بالسيناريو التفاؤلي فإن "الأوبك" تتوقع أن إنتاج النفط الصخري في أمريكا سيلعب دورا جوهريا في سوق النفط العالمية، لكن "أوبك" تشكك في استدامة هذا التأثير على المدى البعيد، حيث يتوقع أن يستمر الإنتاج الأمريكي في الزيادة، لكنه سيتراجع بعد ذلك وفقا لتصريحات عبد الله البدري الأمين العام لـ "أوبك"، وأيا كان الحال فإنه من الواضح أن ثورة النفط الصخري بدأت تحدث تأثيرا واضحا في معطيات السوق العالمية للنفط، وأن امتداد عمليات الإنتاج خارج الولايات المتحدة قد يقلب موازين العرض العالمي للنفط الخام.

الجمعة، مايو ١٦، ٢٠١٤

هل تواجه سوق لندن فضيحة أخرى للتلاعب في الذهب؟

بعد فضيحة التلاعب بمعدل الفائدة الدولي لليورو التي هزت السوق المالية في لندن العام قبل الماضي، يبدو أن سوق لندن بصدد التعرض لفضيحة أخرى للاشتباه هذه المرة في التلاعب بسعر الذهب. كأحد المتابعين لسعر الذهب أجد في الكثير من الأحيان سعر الذهب يسلك سلوكا شاذا على عكس التوقعات، خصوصا في أعقاب بعض الأحداث المهمة التي أتوقع معها ارتفاع سعر الذهب أو انخفاضه، فتأتي المعلومات من السوق في الاتجاه المعاكس.

يتزايد هذه الأيام الحديث عن أن هناك من يتلاعب بسوق الذهب العالمية في لندن، وبأن سعر الذهب لا يتحدد بقوى العرض والطلب، إنما يتم توجيه هذه الأسعار كي تأخذ اتجاها محددا لتحقيق مصالح فئة من الوسطاء أو المتعاملين في سوق الذهب.

حتى أوائل هذا العام كانت عملية تحديد سعر الذهب في لندن تتم بواسطة خمسة مصارف هي: باركليز، دويتش بنك، بنك أوف نوفا سكوتا، إتش إس بي سي، وسوسيتيه جنرال، لكن دويتش بنك انسحب مع عملية تحديد سعر الذهب بعد تعرض العاملين فيه لتحقيقات قانونية في ألمانيا على خلفية التلاعب بسعر الذهب، ووفقا لموقع Goldfixing يتم تحديد السعر في جلستين، الصباحية (10.30 صباحا) وبعد الظهر (الساعة 3)، وفي بداية الجلسة لا بد أن يعلن كل مصرف نيته في البيع أو الشراء أو عدم التعامل، فإذا كانت نية الجميع عدم التعامل على الذهب فإن السعر المحدد يكون هو سعر الافتتاح، أما إذا كانت المصارف ذات دافع واحد (شراء أو بيع) فإن رئيس الجلسة قد يثبت سعر الافتتاح إذا كانت كمية التعامل 50 سبيكة (620 كيلو جراما) أو أقل، أما إذا كانت دوافع المصارف في الشراء والبيع فإنه يعدل سعر الافتتاح وفقا للفرق بين العرض والطلب، وفي البداية يطلب رئيس الجلسة من البنوك طلبات البيع (العرض) ثم طلبات الشراء (الطلب) وفي ضوء ذلك يتم رفع أو خفض السعر، فإذا كانت الكميات المطلوبة أكبر من الكميات المعروضة بأكثر من 50 سبيكة يرفع السعر، والعكس إن كانت الكميات المطلوبة أقل من الكميات المعروضة، ثم يتم تثبيت السعر بناء على ذلك، على أنه يكون من حق أي بنك أن يراجع موقفه أثناء الجلسة ويعدل الكميات المشتراة أو المبيعة، وعندما يتم تحديد السعر يتم إعلانه بالعملات الرئيسة في العالم.

جاءت ادعاءات التلاعب في سعر الذهب بعد بحث قامت به روزا ميتز الأستاذ في جامعة نيويورك وألبرت ميتز في شركة موديز، حيث قاما بمراجعة المعاملات التي تتم خلال اليوم وتتبع التحركات غير المبررة في سعر الذهب التي ربما تشير إلى سلوك غير قانوني في تحديد السعر خلال الفترة من 2001 حتى 2013، ووفقا لروزا لوحظ أنه بدءا من 2004 حدثت ارتفاعات متكررة في جلسات تحديد سعر الذهب بعد الظهر، على الرغم من أن هذه الارتفاعات لم تحدث في جلسة الصباح، مثل هذا السلوك للأسعار لم يلاحظ ما قبل 2004، كما أن التغيرات الكبيرة في سعر الذهب بعد الظهر تتم غالبا في الاتجاه نفسه، بصفة خاصة نحو خفض السعر، وأنه ليس هناك سبب واضح لهذه الاتجاهات للأسعار. على موقعها تؤكد روزا أن هذه الاتجاهات لسعر الذهب تشير إلى أن هناك سلوكا تواطئيا للتلاعب بالسعر وأن هناك شبه تعاون بين كبار المتعاملين في الذهب، وأنه لا بد للمنظمين في لندن من التأكد من هذه الاتجاهات المثيرة للجدل، بصفة خاصة وأن البنوك لديها الدافع وأيضا القدرة على التلاعب بالسعر.

كذلك في شباط (فبراير) الماضي قامت "فاينانشيال تايمز" بنشر مقال لماديسون ماريج بعنوان Gold price rigging fears put investors on alert، الذي ادعى فيه أن سعر الذهب تم التلاعب فيه في 50 في المائة من الحالات بين 2010 و 2013، وذلك وفقا لتحليل قامت به Fideres، (جهاز يعمل لمصلحة هيئة الرقابة المالية البريطانية)، وأشار الكاتب إلى أن فيدرز لاحظت أن سعر الذهب يرتفع أو ينخفض بشكل متكرر في اللقاءات اليومية للبنوك الخمسة وأنه بمجرد أن تنتهي الجلسة، يحدث تحول حاد في السعر في الاتجاه المعاكس، وهو ما قد يوحي بوجود سلوك تواطئي حول السعر، وأن المصارف ترفع السعر لأعلى وفقا لاستراتيجية غالبا ما تكون محددة قبل بدء الجلسة وذلك من أجل الاستفادة من مواقفهم الحالية الخاصة بالمعدن أو طلبات عملائهم. غير أن فيدرز نفت بأن يكون ذلك سلوكا متكررا في كل الحالات وأن ما لاحظته كان يخص سلوكا شاذا في يوم واحد بعينه، وهو ما دعا الصحيفة إلى حذف المقال بعد يومين من نشره، غير أن المقال أحدث صدى واسعا بين المهتمين حيث تزايدت الشكوك بأن الذهب يتم التلاعب في سعره. بعض المراقبين يدعي أنه البنوك ليست هي التي تتلاعب في سعر الذهب، إنما الاحتياطي الفيدرالي ذاته هو الذي يقوم بذلك، فبعد أن قارب سعر الذهب ألفي دولار في 2011، يعمد الاحتياطي الفيدرالي إلى خلق عرض زائف للذهب من خلال تأجير الذهب Gold leasing، كي يتم استيعاب الطلب المتزايد على الذهب خشية أن يؤدي ارتفاع سعر الذهب إلى التخلص من الدولار والتوجه نحو المعدن، شخصيا أشك في صحة هذه الادعاءات.

في مقال له بعنوان Is the London Fix Fixed، في شباط (فبراير) الماضي يحاول Ross Norman الإجابة عن بعض الأسئلة المرتبطة بالشكوك حول التلاعب في سعر الذهب، حيث يشير إلى أنه من الطبيعي أن تحدث ارتفاعات كبيرة في سعر الذهب بعد الظهر وليس في الصباح لأن سوقي لندن ونيويورك تكونان مفتوحتين في ذلك الوقت، بعكس الحال في الصباح حيث تفتح سوق لندن فقط، وبالتالي تتوافر كمية أكبر من السيولة للذهب. أما عن أسباب تغير سعر الذهب بصورة كبيرة في أثناء الجلسة، يشير إلى أنه بما أن السعر يتحدد في الجلسة فإنه من المتوقع أن تتم عمليات اتجار كبيرة في المعدن بيعا وشراء، الأمر الذي يشير إلى سلامة عملية التحديد للسعر من وجهة نظره.

وأيا كان الوضع فإن هيئة الرقابة المالية البريطانية ما زالت تحقق في صحة الادعاءات بوجود تلاعب في سعر الذهب، وما زلنا في انتظار ما ستسفر عنه هذه التحقيقات، وإن كنت أشك في أنها ستصدر تقريرا في هذا الاتجاه، لأنه لو حدث وكشفت التحقيقات عن صحة التلاعب في سعر الذهب ستقام آلاف الدعاوى القانونية على البنوك الخمسة من صناديق الاتجار في المعدن وكبار المتعاملين فيه حول العالم للمطالبة باسترداد الخسائر التي يمكن أن يكونوا قد تعرضوا لها من جراء عمليات التلاعب في سعر الذهب، بل إنه إذا ثبت التلاعب في الذهب فإن ذلك سيقود إلى الحديث عن التلاعب أيضا في سعر الفضة، باعتبار أن الذهب والفضة يتم الاتجار فيهما معا.

الجمعة، مايو ٠٩، ٢٠١٤

قراءة في تقرير سوق العمل الأمريكية

في يوم الجمعة الماضي قام مكتب إحصاءات العمل الأمريكي بإصدار تقريره الشهري عن سوق العمل، وحمل التقرير مفاجأة كبيرة للمراقبين لهذه السوق، فوفقا للتقرير انخفض معدل البطالة بنسبة 0.4 في المائة مرة واحدة، حيث تراجع معدل البطالة من 6.7 في المائة في آذار (مارس) إلى 6.3 في المائة في نيسان (أبريل)، وليصل إلى أدنى مستوياته منذ بدأت الأزمة المالية العالمية في 2008.

وفقا لبيانات التقرير يبلغ عدد سكان الولايات المتحدة 247.4 مليون فرد، منهم 155.4 مليون داخل قوة العمل، يبحث منهم 9.8 مليون عن العمل، ولا يجدونه، ومن بينهم نحو 3.5 مليون في حالة بطالة طويلة الأجل (أكثر من 26 أسبوعا) بينما تبلغ أعداد السكان خارج قوة العمل 92 مليون أمريكي، في الوقت الذي بلغ فيه معدل مساهمة قوة العمل 62.8 في المائة، وهو أدنى نسبة للمساهمة تحققت في الولايات المتحدة منذ نهاية السبعينيات في القرن الماضي.

بهذا الشكل يكون معدل البطالة قد انخفض خلال العام الماضي بنحو 1.2 في المائة، وثلث هذا الانخفاض تقريبا تحقق في نيسان (أبريل) الماضي. لم تقتصر الأخبار الجيدة على الانخفاض في معدل البطالة فحسب، إنما أيضا امتدت لأعداد الوظائف الجديدة التي تم فتحها في سوق العمل التي بلغت 288 ألف وظيفة، وهي مرة أخرى، بمعدلات الأزمة، تعد إضافة مرتفعة في سوق العمل فاقت معظم التوقعات التي سبقت التقرير.

وفقا لاستبيان أجرته بلومبرج قبيل نشر التقرير، تم استطلاع آراء 94 اقتصاديا، واستنادا لإجاباتهم كان من المتوقع أن يصل متوسط عدد الوظائف المفتوحة في سوق العمل 218 ألف وظيفة في نيسان (أبريل). باختصار، لم يكن أي من المراقبين يتوقع هذه النتائج المنخفضة لمعدل البطالة. شخصيا كنت أتوقع أن يثبت معدل البطالة أو يتراجع ولكن ليس بأكثر من 0.1-0.2 في المائة.

تجدر الإشارة إلى أن هذا التقرير المفاجئ قد جاء في أعقاب تقرير آخر مفاجئ أيضا، لكن في الاتجاه المعاكس، حيث نشر مكتب التحليل الاقتصادي الأمريكي تقريره في نهاية نيسان (أبريل) عن معدل النمو الحقيقي في الربع الأول من 2014، وأشارت التقديرات الأولية إلى تراجع هذا النمو إلى 0.1 في المائة فقط، وهو ما يعني أن الاقتصاد الأمريكي لن ينمو تقريبا في هذه الفترة، مقارنة بمعدل نمو 2.6 في المائة تحقق في الربع السابق عليه، وهو ما أعاد للأذهان سيناريوهات التراجع المزدوج Double Dip التي طالما تناولها المراقبون في أعقاب كل تدهور يحدث في معدلات النمو.

بهذا الشكل اقتربت معدلات البطالة في سوق العمل من أعلى مستوياتها قبل الأزمة، ليس فقط ذلك، وإنما تحقق أحد الشروط الأساسية التي وضعها الاحتياطي الفيدرالي للبدء بتسريع عمليات خفض برنامج شراء السندات الأمريكية، أو ما يعرف بالتيسير الكمي، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: "هل يتعجل الاحتياطي الفيدرالي تسريع عمليات الخروج من استراتيجية التيسير الكمي؟"

تجب الإشارة إلى أن هذا الانخفاض الكبير في معدل البطالة لم يكن انخفاضا حقيقيا، بقدر ما يعود إلى انخفاض أعداد الباحثين عن عمل، فوفقا لطريقة حساب معدل البطالة الرسمي U3 يعتبر العامل في حالة بطالة إذا كان يبحث عن عمل خلال الأسابيع الأربعة السابقة على إجراء المسح الشهري لمعدلات البطالة، فإذا ما توقف العامل عن البحث عن عمل، اعتبر على أنه من السكان خارج قوة العمل، وبالتالي لا يدخل ضمن حسابات معدلات البطالة، على الرغم من أنه مؤهل للعمل وقادر عليه ويرغب فيه، وبالتأكيد سيرحب بالعمل إذا ما وجد فرصة متاحة.

وفقا للتقرير تزايدت قوة العمل الأمريكية في آذار (مارس) الماضي بأكثر من نصف مليون عامل، وفي نيسان (أبريل) انخفض عدد العمال من 156.2 مليون عامل إلى 155.4 مليون عامل، أي بنحو 806 آلاف عامل، هؤلاء قد خرجوا من قوة العمل نظرا لتوقفهم عن البحث عن فرصة عمل بعد أن فشلوا في الحصول عليه لفترة طويلة، وهؤلاء عادة ما يطلق عليهم العمال المحبطون، وقد كان الكونجرس قد أقر وقف إعانات البطالة عن العاملين الذين يصنفون على أنهم في حالة بطالة لفترة زمنية طويلة كأحد إجراءات تجنب الهاوية المالية الأمريكية، الأمر الذي ترتب عليه فقدان نحو 1.4 مليون عامل إعانات البطالة، وبالتأكيد لم يجد الكثير من هؤلاء بعد ذلك سببا للاستمرار في البحث عن عمل، وهو ما قد يفسر خروج هذا العدد الكبير من قوة العمل.

أكثر من ذلك يرى المراقبون أنه على الرغم من انخفاض معدل البطالة على هذا النحو الكبير، إلا أن مؤشرات سوق العمل لا تشير إلى هذا التحول الجوهري، فمعدلات الأجور لم تنم مع تراجع معدلات البطالة، ولم يرتفع متوسط عدد ساعات العمل الأسبوعي للعامل، وهذه مؤشرات تشير إلى أن الضغط الحقيقي في سوق العمل لم يتراجع كما توحي هذه الأرقام التي نشرت في التقرير.

اليوم بعد أن انخفض معدل البطالة عن المستوى الذي اشترطته لجنة السوق المفتوح لوقف الاتجاه التوسعي في عرض الدولار وهو 6.5 في المائة، هل سيسارع الاحتياطي الفيدرالي بالمبادرة نحو وقف عمليات التيسير الكمي؟ في خطابها أمام اللجنة الاقتصادية المشتركة في الكونجرس، الذي نشر وقت كتابة هذا المقال، أشارت جانيت يلين رئيس الاحتياطي الفيدرالي إلى أن أوضاع سوق العمل تتحسن على نحو واضح، غير أنها أكدت أيضا أن هذه التطورات أبعد من أن تكون تطورات مرضية بالنسبة لصانع السياسة النقدية في أمريكا، وذلك أخذا في الاعتبار أعداد العاطلين الذين هم في حالة بطالة طويلة الأجل، وأعداد العاملين لبعض الوقت الذين يرغبون في العمل طوال الوقت، والتي تعد مرتفعة للغاية بالمقاييس التاريخية، وكذلك معدلات نمو الأجور، وأشارت يلين إلى أنه في ظل الأوضاع الحالية لسوق العمل ستستمر السياسة النقدية التوسعية للاحتياطي الفيدرالي كما هي، وأن برنامج شراء السندات سيستمر حتى يتأكد الاحتياطي الفيدرالي من أن سوق العمل أصبحت في وضع قوي، وأن الاحتياطي الفيدرالي سيستمر في شراء السندات طويلة الأجل لخفض معدلات الفائدة طويلة الأجل لمساعدة سوق المساكن، التي تدهورت أوضاعها هذا العام، وكذلك أسواق المال.

وعلى الرغم من هذه التطورات فإن يلين تختتم خطابها بأنها تتوقع أن يستمر تحسن وضع سوق العمل وأن ينتعش الاقتصاد الأمريكي على نحو أكبر هذا العام مقارنة بالعام الماضي. باختصار من الواضح أن سوق العمل الأمريكي ما زالت تواجه ضغوطا تتزامن في الوقت الحالي مع ضغوط تراجع معدلات النمو، غير أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي تتوقع أن يخرج الاقتصاد الأمريكي من أزمته في القريب العاجل.

الأربعاء، مايو ٠٧، ٢٠١٤

Very interesting article from VOX

The mainstream economics curriculum needs an overhaul

Diane Coyle, 4 May 2014
One of the delayed consequences of the financial crisis is a widespread and apparently growing desire to change how economics is taught. Students in a number of countries, including vocal groups in Chile and the UK, have recently intensified the demand for reform. One recent example is a report from the Post-Crash Economics Society at the University of Manchester (Post-Crash Economics Society 2014).
Professor Wendy Carlin of University College London is leading an international group of academics in developing a new open-source course for introductory economics (funded by the Institute for New Economic Thinking). It contrasts with conventional courses in:
  • Emphasising dynamics, instability, institutions, and environmental questions; and
  • Integrating new results and empirical evidence.
The question of curriculum reform was also the subject of a special session at the recent Royal Economic Society conference.
Some of the issues were first raised by contributors to a VoxEU debate in 2012 entitled “What’s the use of economics?” (see also Coyle 2012). The debate noted a widespread belief that the profession’s credibility was at stake. If the core economics courses did not respond to the challenges that the Global Crisis posed, economics as a whole would suffer a significant loss of credibility.

Common reform themes

Common themes in the debate at that earlier stage were the need for students to have:
  • More exposure to economic history and the history of thought;
  • More practical hands-on experience with data;
  • Better teaching of communication skills; and
  • Some exposure to new developments in economic research.
Overall the thrust was for a less narrow and reductive approach to economics than has become the norm in undergraduate courses. Both academics and employers of graduate economists agreed on these needs.
In the UK, a working group set out such principles in a statement of principles (Coyle 2013). It concluded that undergraduate courses should become more pluralistic and should include:
  • Some economic history, which could be integrated into existing courses, especially macroeconomics;
  • An introduction to other disciplinary approaches;
  • Possibly ‘tasters’ of the frontiers of academic economic research with potential policy application, such as behavioural economics, institutional economics, and post-crisis developments in financial economics;
  • Awareness of some of the methodological debates in economics;
  • Confronting all theoretical frameworks with evidence and encouraging a healthy scepticism towards all assertion from whatever source.

What do these general principles mean in practice?

Even a relatively minimal interpretation implies a substantial amount of change in many undergraduate economics programmes. In many universities, the core curriculum settled into a predictable rut. This interacted with two factors: (i) incentives for academic research to focus on technical increments to knowledge – contributions aimed solely at professional peers, and (ii) rising teaching loads and student numbers stemming from pressures on university finances.
Despite the great interest in reform among economists teaching undergraduate courses, change will take some time as these various barriers are overcome.
There is probably the widest agreement about changes such as:
  • Re-introducing elements of economic history into core modules;
  • Incorporating some issues on the frontiers of research into undergraduate teaching;
  • Encouraging inter-disciplinary interest; and
  • Ensuring students are taught key skills such as data handling and good communication.
A number of economists have commented on the desirability of updating the curriculum to reflect interesting areas of research and ‘real world’ examples (see e.g. Seabright 2013).
More disagreement exists when it comes to the question of the character of economics itself, and the extent to which the experience of the past six years calls the mainstream of the subject into question. Andrew Haldane, newly appointed as chief economist of the Bank of England, argues: “It is time to rethink some of the basic building blocks of economics.” (Post-Crash Economics Society 2014: 4.) Student groups campaigning for reform would clearly agree on the need for a radical reinterpretation of what should be in the core courses or modules.
There is some overlap between their views and those of the mainstream. For example, the UK working group cited above also recommended greater pluralism in economics: “Hostility towards other approaches is the antithesis of a dynamic self-critical discipline that is genuinely seeking to discover new and better ways of understanding the world.”
But it added: “That said, students should not be left unnecessarily confused or with the impression that all schools of thought have an equal standing, or that ‘anything goes’. There should be a balance between a) providing a coherent ‘workhorse’ framework for intellectual development and building analytical skills, and b) the candid highlighting of uncertainty, the limits of economic knowledge and the existence of serious alternative views and approaches.”
In a recent blog post, Roger Farmer of UCLA made a similar point: “My advice to students is this. […] [T]ake the time to absorb those ideas that are in the mainstream. The very best mainstream economists were the radical students who questioned authority when they were undergraduates. It is those economists who you must engage if you are to make meaningful changes that will advance our understanding.” (Farmer 2014.)

Shortcomings of the critiques

However, it is clear that the campaigning students have an incorrectly broad interpretation of the ‘neoclassical mainstream’ and a narrow interpretation of ‘pluralism’. For example, the recent report from the Post-Crash Economics Society fails to recognise the breadth of the courses available in its economics department (which it describes unfairly as a ‘monoculture’); and is itself narrow-minded in dismissing the value for economics students of courses that happen to be taught in the other social sciences and the business school.
The report also mistakenly equates pluralism with the specific views of heterodox economics, rather than the open-minded willingness to analyse economic issues from a range of alternative perspectives (including heterodox ones). There is an obvious logical fallacy in the labelling – and dismissing – of any non-heterodox views as the ‘neoclassical mainstream’.
Simon Wren-Lewis of Oxford University has expressed sympathy with the instincts of the student group but describes their conclusions as “fundamentally misguided”:
“I think it is true that economics as a discipline has tried too hard to emphasise that it is an objective, politically neutral discipline, thereby underplaying value judgements when it makes them. Worse still, sometimes heavily value laden ideas like the importance of Pareto optimality are portrayed as being value neutral, which is clearly nonsense. […] Yet the idea that it should be possible to build a science of human behaviour which is independent of ideology or politics is a noble ideal, and one which has been partly achieved. We may need (and are getting) more political economy, in the sense of recognising that economics works alongside and interacts with social and political forces, but I do not think we need more partisan economics.” (Wren-Lewis 2014.)
Indeed, the ‘science of human behaviour’ in the economic domain has made huge strides during the past 20 years or so, in the advances in applied microeconomics. More data, advances in econometric techniques, new methodologies such as randomised control trials and field experiments, interdisciplinary work with psychology in particular, the revival of economic history, and urban economics, have all contributed to scientific advance (for a survey, see Coyle 2007). This progress is certainly ‘mainstream’; it should be celebrated, and students should be agitating to be taught more about it.

Concluding remarks

Finally, it should be added that – not least because of such advances in much recent research in economics – there is by no means universal agreement among academic economists that substantial curriculum reform is needed. This reflects their view – in contrast to Andrew Haldane’s – that the basic building blocks of the subject remain solid.
This is therefore a debate with some distance to go, and not least because of the international character of the academic discipline. It seems highly unlikely, though, that undergraduate economics courses will not have changed considerably in character five or ten years from now.

References

Coyle, Diane (2007), The Soulful Science, Princeton University Press.
Coyle, Diane (2013), “Teaching Economics After the Crisis: Report from the Steering Group”, Royal Economic Society Newsletter, 161, April.
Coyle, Diane (ed.) (2012b), What’s the Use of Economics? Teaching the Dismal Science after the Crisis, London Publishing Partnership, September.
Farmer, Roger (2014), “Teaching Economics”, My Economic Window, 23 April.
Seabright, Paul (2013), “Microeconomics for All”, Project Syndicate, 5 December.
Wren-Lewis, Simon (2014), “When economics students rebel”, Mainly Macro, 24 April.
 
Source: this article is published in:

الجمعة، مايو ٠٢، ٢٠١٤

السعودية أكبر الخاسرين من إصلاح صندوق النقد الدولي


اتفقت الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي في عام 2010 على عملية إصلاح أساسية لنظام الصندوق، شملت تعديل حصص الأعضاء في الصندوق وقوتهم التصويتية، فضلا عن إجراء بعض الإصلاحات فيما يتعلق بمسار الحوكمة فيه، الأمر الذي ينظر إليه على أنه أحد الخطوات الإصلاحية الكبرى للنظام العام للصندوق.

تهدف الاتفاقية إلى مضاعفة حصص الدول الأعضاء في الصندوق بنسبة 100 في المائة، وبحيث ترتفع القيمة الإجمالية لحصص الأعضاء من 238.4 مليار وحدة حقوق سحب خاصة "نحو 370 مليار دولار"، إلى 476.8 مليار وحدة حقوق سحب خاصة "نحو 740 مليار دولار"، وحيث يتم تعديل حصص الدول الأعضاء لكي تعكس بشكل أكبر التمثيل الحقيقي للأهمية الاقتصادية التي تمثلها على المستوى الدولي، بصفة خاصة بالنسبة للدول الناشئة في العالم.

فمنذ إنشائه وحتى اليوم يدار الصندوق بصورة شبه كاملة من خلال مجموعة الدول الصناعية المتقدمة صاحبة أكبر الحصص ومن ثم القوة التصويتية فيه، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة. وعلى الرغم من عقد عدة اتفاقيات لإصلاح نظام الحصص وإعادة توزيع الأصوات، إلا إن هذه العملية سارت على نحو بطيء للغاية مما أدى إلى عدم التمثيل الصحيح للمجموعات الاقتصادية المختلفة في العالم من الناحية الحقيقية، فهناك دول ممثلة بصورة لا تعكس القوة الاقتصادية لها، ودول ممثلة بصورة أعلى مما يجب.

ووفقا لمنشورات الصندوق تعد هذه هي الزيادة التاسعة لرأسمال الصندوق، كان أولها في نيسان (أبريل) 1959، غير أن الزيادة الحالية تمثل أكبر زيادة في تاريخ الصندوق حتى الآن، ومنذ تم إنشاء الصندوق تمت زيادة حصص الدول الأعضاء بنسبة 350 في المائة تقريبا، وبهذه الزيادة تنمو حصص الدول الأعضاء بنسبة 450 في المائة.

ووفقا للصندوق فإن النظام الجديد لتحديد حصة العضو في الصندوق سيأخذ في الاعتبار أهمية العضو في الاقتصاد العالمي، الأمر الذي يعطي لنظام الحصص المقترح قدرا أكبر من الديناميكية في تحديد مساهمات الأعضاء في رأسمال الصندوق، وبحسب الآلية المقترحة لحساب الحصص تكون حصة العضو عبارة عن متوسط موزون لأربعة عناصر أساسية تشمل وزنا قدره 50 في المائة للناتج المحلي الإجمالي للعضو، و30 في المائة للمتوسط السنوي للمدفوعات والمتحصلات الجارية "ممثلة في السلع والخدمات والدخول والتحويلات" في ميزان مدفوعات العضو، ووزن 15 في المائة للتقلبات في المتحصلات الجارية وصافي تدفقات رؤوس الأموال للعضو، ووزن 5 في المائة لمتوسط احتياطيات الدولة خلال 12 شهرا "وتشمل احتياطيات العضو من النقد الأجنبي، وحقوق السحب الخاصة، والذهب"، وأخيرا يتم ضرب النتيجة في معامل ضغط Compression factor بنسبة 95 في المائة لتخفيض درجة التشتت في الحصص المحسوبة بين الدول الأعضاء. ومن المعلوم أن حصة العضو في الصندوق تحدد ثلاثة عناصر في غاية الأهمية، الأول هو القوة التصويتية للعضو حول قرارات الصندوق، والثاني قدرته على الاقتراض من الصندوق، والثالث حصته في أي إصدار يتم لحقوق السحب الخاصة.

وفقا للاتفاق الجديد ستتم عملية إعادة توزيع القوة التصويتية للأعضاء، حيث يتم تحويل أكثر من 6 في المائة من حصص الدول زائدة التمثيل في الصندوق لمصلحة الدول ناقصة التمثيل من الاقتصادات النامية والدول الناشئة. ويوضح الجدول التالي أكبر عشر دول في الصندوق ستستفيد من الزيادة في حصتها في الصندوق وكذلك نسبة التصويت التي تملكها، وأكبر عشر دول ستخسر في حصتها وقوتها التصويتية.

ووفقا للجدول فإن أكبر الدول الخاسرة من الإصلاح المقترح هي السعودية، والتي ستخسر 1.115 في المائة من رأسمال الصندوق، وبالتبعية ستخسر 1.145 في المائة من إجمالي القوة التصويتية في الصندوق، وهي خسارة كبيرة جدا بالقياس إلى إجمالي عدد الدول الأعضاء في الصندوق والقوة التصويتية التي يمتلكونها.

أما أكثر الدول المستفيدة من النظام الجديد فهي الصين، والتي ستزداد حصتها بنسبة 2.672 في المائة من رأسمال الصندوق، وقوتها التصويتية بنسبة 2.417 في المائة من إجمالي عدد الأصوات في الصندوق. لاحظ أيضا أن أكثر الدول المستفيدة هي الدول الناشئة والتي تزداد أهميتها في الاقتصاد العالمي بشكل واضح في السنوات الأخيرة.

ورغبة في زيادة درجة حوكمة الصندوق فقد تم الاتفاق على الخطوط العامة لتشكيل المجلس التنفيذي للصندوق بحيث يكون أكثر تمثيلا للدول الأعضاء في الصندوق، وحيث يتم انتخابهم جميعا بدلا من النظام الحالي الذي يتكون فيه المجلس من 24 عضوا، منهم خمسة أعضاء يتم تعيينهم من جانب أكبر خمسة أعضاء في الصندوق من حيث الحصص، وباقي الأعضاء يتم اختيارهم بالانتخاب، ولكن وفقا للنظام المقترح سيكون كل المديرين التنفيذيين الـ 24 منتخبين، وبحيث يقل عدد أعضاء المديرين التنفيذيين للدول الأوروبية المتقدمة بعضوين.

لقد كان من المفترض أن يبدأ سريان الاتفاق في تشرين الأول (أكتوبر) 2012، غير أن عدم قيام بعض الدول بالموافقة على الاتفاقية حتى الآن تسبب في تعطيل عملية التنفيذ، ووفقا لبيانات الصندوق فقد وافق حتى الآن 159 دولة على الاتفاقية مجموع حصصها في الصندوق 78.88 في المائة من إجمالي الحصص، وبالنسبة لأكبر عشر دول خاسرة في إعادة توزيع الحصص فلم توافق الولايات المتحدة وفنزويلا، حيث لم يقر الكونجرس الأمريكي الاتفاقية حتى الآن على الرغم من أن التعديل يخفض نسبة ضئيلة من القوة التصويتية لها من 16.7 إلى 16.5 في المائة، وتبلغ حصة الولايات المتحدة في رأسمال الصندوق 17.1 في المائة، وبموافقتها سترتفع نسبة حصص الدول التي أقرت الاتفاقية إلى نحو 95 في المائة من إجمالي الحصص، ويبدو أن الصندوق ينتظر موافقة الولايات المتحدة صاحبة أكبر وزن في هذه الدول لبدء تنفيذ الاتفاق، والذي يواجه، وفقا لـ "وول ستريت جورنال"، معارضة من الكونجرس الأمريكي في إقرار الاتفاقية على الرغم من مناداة الصندوق المستمرة بإقرارها.