الجمعة، فبراير ٢٦، ٢٠١٠

المساعدات كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي

العقد الثاني للتنمية في السبعينيات من القرن الماضي وضع مستهدفات للمساعدات الدولية للدول الفقيرة عند نسبة 0.7% من الناتج المحلي الإجمالي للدول الغنية. للأسف معظم الدول الغنية لم تستطع ان توفي بالتزاماتها نحو الدول الفقيرة،عدا عدد قليل جدا من الدول. في عام 2004 قدمت الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حوالي 0.35% من الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول، أي حوالي نصف مستهدفات الأمم المتحدة حول تلك المساعدات. في عام 2010 تتوقع المنظمة أن تقدم الدول الأعضاء (21 دولة) ما نسبته 0.51% من ناتجها المحلي الإجمالي. أكثر الدول الأعضاء المانحين للمعونات هم السويد والنرويج ولوكسمبورج والدانمرك وهولندا وبلجيكا، هذه الدول تستوفي التزاماتها الدولية حسب مستهدفات الأمم المتحدة للمساعدات. لحسن الحظ أيضا أن هذه الدولة زادت من التزاماتها حول نسبة المساعدات للناتج المحلي الإجمالي. للأسف جانب كبير من الدول قامت بتخفيض مستهدفاتها حول نسبة المساعدات للناتج المحلي الإجمالي في عام 2010 مقارنة بعام 2004، مثل بريطانيا وفنلندا وأيرلندا واسبانيا وفرنسا وألمانيا واستراليا والبرتغال واليونان وايطاليا. من المتوقع ان يصل حجم المساعدات التي تقدمها الدول الغنية إلى الدول الفقيرة في هذا العام إلى 107.4 مليار دولارا، وهو يشكل زيادة بحوالي 35% عن مستوى المساعدات في عام 2004.


كم يقضي العاملون من العمر في فترة التقاعد

هناك اتجاه عام في كافة أنحاء العالم، وخصوصا العالم الغني، لمتوسط العمر المتوقع (العمر المتوقع عند الولادة) نحو التزايد، وهو ما أصبح يوصف بشيخوخة السكان. شيخوخة السكان مشكلة ذات أبعاد متعددة، سياسية واقتصادية واجتماعية وصحية، وأصبح هناك بالتالي فروع جديدة من العلوم خاصة بالشيوخ. ظاهرة ارتفاع متوسط العمر المتوقع للسكان دفعت بالحكومات في الكثير من الدول نحو تأجيل سن التقاعد وذلك لتخفيض تكلفة تقاعد العمال على صناديق التأمين الاجتماعي والمعاشات، بحيث أصبح سن التقاعد المتوسط حاليا هو 65 عاما في معظم الدول النامية. المشاكل المالية التي تعرضت لها أسبانيا أخيرا بسبب ارتفاع عجز الميزانية ومن ثم ميل الدين العام نحو الارتفاع دفعت الحكومة إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات التقشفية للحد من نمو الإنفاق العام، ومن هذه الإجراءات كان رفع سن التقاعد إلى 67 عاما، الأمر الذي أثار سخط العمال ودفعهم إلى السير في مسيرات احتجاج على تلك الإجراءات. الشكل التالي يوضح المدة التي يقضيها العمال في المتوسط في فترة التقاعد قبل الوفاة في عدد من دول العام المتقدم في فترتين الأولى هي من تقاعدوا في الفترة من 1965-1970 ومن تقاعدوا في الفترة من 2002-2007. ومن الشكل يتضح الزيادة الكبيرة في الفترة التي يقضيها المتقاعدون بعد التقاعد قبل الوفاة. على سبيل المثال في فرنسا كان العام المتقاعد في الفترة من 1965-1970 يقضي حوالي عشر سنوات بعد التقاعد قبل الوفاة، اليوم العامل الذي يتقاعد في فرنسا يقضي حوالي 25 عاما بعد التقاعد قبل الوفاة. أقل الدول التي حدث فيها تحسن في الفترة التي يقضيها العامل بعد التقاعد قبل الوفاة هي كوريا الجنوبية، حيث مازال العامل يقضي حوالي عشر سنوات في المتوسط بعد التقاعد قبل الوفاة. أكبر الدول التي حدث فيها تحسن في الفترة التي يقضيها العامل بعد التقاعد حتى الوفاة هي تركيا، حيث كان العامل الذي يحال إلى التقاعد في 1965-1970 يقضي حوالي سنتين بعد التقاعد قبل الوفاة، العامل الذي يحال إلى التقاعد الآن يقضي حوالي 13 عاما بعد التقاعد قبل الوفاة.


مكافآت العاملين في القطاع المالي

على الرغم من أن العام الماضي شهد استمرار آثار الأزمة المالية العالمية، والتي كان أحد مسبباتها سعي العاملين في المؤسسات المالية لتعظيم مكافآتهم الإضافية Bonuses، من خلال السعي نحو تضخيم أصول المؤسسات المالية، حتى ولو كانت تلك الأصول مرتفعة المخاطر. وقد كان الحد من المكافآت الممنوحة للعاملين في القطاع المالي أحد جوانب الإصلاح المقترحة للسيطرة على نمو القطاع المالي وضبط حركة أصوله، ومع ذلك فإن العام الماضي شهد استمرار دفع مكافآت سخية للعاملين في هذا القطاع. الشكل التالي يوضح تطور المكافآت الإضافية للعاملين في القطاع المالي في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة من 1989 إلى 2009. والشكل يوضح بصورة جلية كيف ارتفع متوسط المكافآت الإضافية المدفوعة للعاملين في القطاع المالي، من 1900 دولارا في السنة فقط عام 1989 إلى الرقم القياسي 184.3 ألف دولارا عام 2006، وهي السنة التي شهدت غليان القطاع المالي ليتجه نحو الانفجار في 2007، ومن ثم اندلاع الأزمة في 2008. على الرغم من استمرار آثار الأزمة في العام الماضي إلا ان المكافآت الإضافية للعاملين في القطاع المالي استمرت مرتفعة، حيث حصل كل عامل في المتوسط على 120.3 ألف دولار، الأمر الذي يثير سخط دافعي الضرائب على أساس أن أموال دافعي الضرائب قد استخدمت في عمليات إنقاذ القطاع المالي.


الخميس، فبراير ٢٥، ٢٠١٠

اليورو تحت الضغط المالي

الاتحاد النقدي الأوروبي ليس متحدا كما يبدو، أو على الأقل ليس على ما يرام، فما إن بدأ جليد الأزمة المالية العالمية في الذوبان، حتى أخذ يلوح في الأفق الأوروبي خطر قادم يكشر عن أنيابه بشدة مهددا العالم بالوقوع مرة أخرى في هاوية أزمة جديدة ولكن من نوع مختلف، وهي أزمة الديون السيادية والتي تعد حاليا بمثابة قنبلة مالية موقوتة مرشحة للانفجار في أي لحظة، ولقد أظهرت أزمة دبي مدى حجم المخاطر التي يمكن أن تنشأ عن الإعلان عن التوقف عن سداد دين سيادي حتى وان تعلق الأمر بإمارة صغيرة كدبي، ولكن الأمر هذه المرة لا ينصرف إلى بضعة مليارات تعثرت في سدادها دبي وورلد، إننا نتحدث عن مئات المليارات من الديون الحكومية التي ربما تهوي بأسواق المال في العالم بل وتضع اليورو في مهب الريح تحت ضغوط المخاطر المالية المحتملة للدول الأعضاء فيه. باختصار يتعرض اليورو اليوم، على أعتاب العقد الثاني من عمره، لأعنف أزمة في تاريخه حتى الآن.

الوضع المالي المتأزم لليونان وأسبانيا والبرتغال وأيرلندا يثير إشكالية فنية مهمة حول الآليات التي ينبغي أن تعمل الدول الأعضاء في اتحاد نقدي على أساسها. من حيث المبدأ يفترض أن تلتزم الدول الأعضاء في الاتحاد النقدي بإتباع سياسة نقدية موحدة، بينما ليس لديها نفس الالتزام فيما يتعلق بسياساتها المالية، ففي الواقع يمكن أن تتبع الدول الأعضاء سياسات مالية متباعدة بشكل بين، وهو ما يلقي بظلال الشك حول مدى مناسبة معايير التقارب التي يفترض ان تتوافر في الدول الأعضاء قبل وبعد الانضمام إلى الاتحاد النقدي، بصفة خاصة معايير التقارب المالي، والتي تنص على ألا يتجاوز عجز الميزانية نسبة 3% من الناتج المحلي للعضو وألا يزيد الدين العام عن نسبة 60% من الناتج المحلي كذلك.

كانت الأوضاع المالية للدول الأربع متوافقة مع هذه المعايير عند الانضمام، غير أن التجربة الحالية تثبت أن استيفاء معايير التقارب المالي عند الدخول في الاتحاد النقدي لا يضمن استدامة هذه المعايير في الأجل الطويل، ولذلك نرى البعض ينادي بضرورة تبني معايير للتقارب الحقيقي (وليس المالي والنقدي) قبل الدخول في الاتحاد النقدي لضمان استدامة التقارب وعدم تعرض العملة الموحدة لضغوط مستقبلية في حال اختلت معايير التقارب المالي أو النقدي التي دخلت على أساسها تلك الدول للاتحاد. بوادر الأزمة الحالية تثير إذن وبقوة ضرورة تعديل شروط الاتحادات النقدية من مجرد تبني سياسات نقدية موحدة إلى تبني سياسات مالية موحدة أيضا، لتلافي الضغوط إلي يمكن ان تترتب على السياسات المالية التوسعية أو غير المنضبطة على الاتحاد النقدي.

لقد استغل الأعضاء الأربعة ميزة عضويتهم في اليورو وقاموا بالاقتراض بمعدلات فائدة منخفضة، وفي ظل انفلات أوضاعهم المالية تجاوزت معدلات عجز ميزانياتهم وديونهم العامة إلى الناتج المحلي تلك المعدلات الآمنة المحددة في الاتفاقية، ونتيجة لذلك يتصاعد قلق المستثمرين الدوليين يوما بعد يوم من المستويات المرتفعة لعجز الميزانية لهذه الدول. ولقد جاءت بيانات النمو في الربع الرابع من العام الماضي لتزيد الطين بله، حيث انخفض معدل النمو في منطقة اليورو (16 دولة) إلى 0.1% فقط (أي 0.4% على أساس سنوي)، وذلك مقارنة بمعدل نمو 0.3% في الربع الثالث (1.2% سنويا)، وإذا ما استثنينا فرنسا حيث بلغ معدل النمو فيها في الربع الرابع 0.6%، فإن معدل النمو لمنطقة اليورو سيصبح سالبا. على سبيل المثال انخفض معدل النمو في ايطاليا بـ 0.2%، واليونان بـ 0.8%، بينما كان معدل النمو في اسبانيا سالبا، ولم يحدث أي تحسن في معدل نمو البرتغال وألمانيا، أما في الشرق فقد انخفض معدل النمو في جمهورية التشيك والمجر ورومانيا. كذلك لامست البطالة معدل الـ 10% في منطقة اليورو لأول مرة في ديسمبر الماضي، ومعدل البطالة في اسبانيا حوالي 20% وفي ايرلندا 13.5%.

استجابة لهذه الضغوط أعلنت الدول الأربع عن برامج لخفض مستويات العجز المالي ودفعه إلى الحدود المنصوص عليها في الاتفاقية. فقد أعلنت اسبانيا أن سيناريو العجز إلى الناتج الأسباني في حدود 9.8% في 2010، ينخفض إلى %7.5 في 2011 ثم إلى %5.4 في 2012 ليعود إلى مستوى %3 في 2013. غير أنه في 29 يناير الماضي أظهرت التقارير بأن العجز الحقيقي للميزانية في اسبانيا هو 11.4%. كذلك أعلنت البرتغال أن العجز المتوقع في ميزانية 2009 كان أكبر من المتوقع حيث بلغ 9.3% من الناتج المحلي، ويتوقع ان يصل إلى 8.3% في 2010، وقد أعطى الاتحاد الأوروبي البرتغال مهلة حتى 2013 لكي تخفض العجز مرة أخرى إلى أقل من 3% من الناتج المحلي، وقد أعلنت الحكومة البرتغالية أنها سوف تحاول الحد من نمو الإنفاق من خلال تجميد أجور العاملين في القطاع العام، كذلك سوف تقوم البرتغال بإدخال ضريبة بمعدل 50% على العلاوات الإضافية التي تدفع في 2010 لكبار الموظفين في المؤسسات المالية وسوف تعيد إطلاق برنامج للتخصيص والذي كان قد تعطل بسبب الأوضاع السيئة للأسواق الناجمة عن الأزمة المالية. وفي 2 فبراير جهزت الحكومة اليونانية خطة لخفض الإنفاق بما في ذلك تجميد أجور العاملين وزيادة ضرائب الوقود وإدخال إجراءات لزيادة الإيرادات الضريبة بهدف العودة بالعجز إلى مستوى 3% من الناتج المحلي الإجمالي في 2012 مقارنة بـ 13% في 2009. من ناحية أخرى فإن العجز المالي الحالي في ايرلندا يبلغ 12.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي تأتي في المرتبة الثانية بعد اليونان. المشكلة الأساسية وراء كل هذه الإجراءات التقشفية هي في آثارها السلبية على النمو الأوروبي الذي يواجه متاعب حادة أصلا على النحو الذي تمت الإشارة إليه أعلاه. ولا ينبغي ان ننسى ان الإعلان عن اتخاذ إجراءات مالية قاسية ربما قد يبدو سهلا من حيث التسطير على الورق، ولكن عملية وضعها موضع التنفيذ تواجه الكثير من العقبات الكامنة، فخفض الإنفاق الجوهري لا يخلو أيضا من مخاطر سياسية حساسة. على سبيل المثال يتوقع وزير المالية اليوناني زيادة معدلات النمو في منتصف هذا العام مدفوعا بالنمو في نشاط النقل البحري والسياحة، ولكن معدلات النمو المتوقعة في أوروبا وفقا لأفضل السيناريوهات المتاحة تتراوح ما بين نصف إلى 1 في المائة على أفضل الأحوال، وتتسم كافة أسواق العمل بالضعف مما يجعل استعادة النشاط السياحي لمستوياته السابقة على الأزمة، كما يفترض الوزير، أمرا مستبعدا، وكذلك الحال بالنسبة لنشاط للنقل البحري.

مشكلة اليونان الملحة هي في حاجتها إلى توفير كمية كافية من التمويل الذي يمكنها من مواجهة الديون المستحقة عليها في أبريل ومايو القادمين، وفي ذات الوقت توفير كمية كافية من السيولة التي تمكنها من الاستمرار في تمويل نفقاتها. وتدور التقديرات حاليا حول أنه من المحتمل ان تحتاج اليونان لحوالي 30 مليار يورو في مايو القادم، وعلى الرغم من تركز عمليات استحقاق الديون بصورة مكثفة في أبريل ومايو القادمين، فان احتياجات السيولة في السنوات القادمة ستظل مرتفعة حيث يبلغ إجمالي الدين اليوناني 303 مليار يورو (حوالي 430 مليار دولار)، وسوف يتطلب الأمر من اليونان أن تحاول أن ترفع من معدلات نمو ناتجها المحلي وترفع من مستويات الادخار بها وتقلل في ذات الوقت من الاقتراض الحكومي، وهي معادلة تبدو مستحيلة الحل. اليونان تقف الآن في المربع الذي وقف فيه بنك ليمان براذرز قبل الأزمة المالية العالمية في 2008، ولكن إذا كانت الولايات المتحدة قد سمحت بسقوط البنك، فكانت النتائج مدوية على الاقتصاد الأمريكي وعلى النظام المالي في العالم، فإن الاتحاد الأوروبي لن يسمح بسقوط اليونان، على الرغم من أنها مارست عملية غش للاتحاد الأوروبي عندما دخلت في الاتحاد النقدي بإعلان مؤشرات مزيفة عن نسبة عجزها المالي إلى الناتج المحلي الإجمالي، وعدم التزامها فيما بعد بقواعد اللعبة.

القطاع المصرفي الأوروبي بالطبع هو الأكثر تهديدا الآن في هذه الأزمة حيث أن البنوك الأوروبية مستثمرة وبصورة كبيرة في السندات الحكومية الأوروبية، على سبيل المثال البنوك الفرنسية منكشفة على الديون اليونانية بحوالي 75 مليار دولار، والبنوك الألمانية منكشفة على الديون اليونانية، بحوالي 43 مليار دولار ولذلك يرى المراقبون أن سيناريو الأزمة إذا اندلعت ربما يكون أسوأ مما هو متوقع، خصوصا عندما تلجأ حكومات تلك الدول إلى اتخاذ إجراءات تقشفية للتعامل مع الوضع مما يؤثر بصورة سلبية على النمو الاقتصادي بها، وربما يعكس اتجاهات استعادة النشاط الاقتصادي العالمي.

بدأت العلامات الأولى للأزمة في صورة تراجع واضح للمؤشرات العامة للبورصات العالمية، بصفة خاصة البورصات الأوروبية، وأخذ معدل صرف اليورو في التراجع بصورة حادة بالنسبة للدولار ليبلغ أدنى مستوى له منذ شهور. ومثلما حدث مع دبي، أخذت تكلفة التأمين ضد مخاطر التوقف عن السداد لديون الدول الأعضاء في اليورو في التصاعد بصورة كبيرة، بصفة خاصة بالنسبة لديون اليونان، المعرضة، وفقا لمعظم الآراء، لمخاطر الإفلاس والتوقف رسميا عن سداد ديونها السيادية، حيث ارتفعت تكلفة التأمين على السندات الأوروبية جميعها، وبصفة خاصة بلغت 429 ألف دولار سنويا لكل 10 ملاين دولار من الدين اليوناني، والقائمة تتصاعد. صندوق النقد الدولي أعلن انه يقف على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم اللازم للحفاظ على استمرار استقرار النمو في الاقتصاد العالمي، إلا أن أي من تلك الدول وخصوصا اليونان لم تتقدم حتى الآن لطلب المساعدة، لأن المساعدة التي سيقدمها صندوق النقد الدولي لن تكون بدون مقابل إذ لا بد وأن تدخل تلك الدول في تجربة قاسية من برامج التكيف المالي التي ربما تؤثر على قدرتها على الاستمرار كأعضاء في اليورو. ولكن إذا أرادت الدول المضطربة ماليا عدم اللجوء للصندوق، فلا بد وأن يكون لدى الاتحاد الأوروبي مؤسسة مثيلة على نفس النمط لتتمكن تلك الدول من تجنب اللجوء إلى صندوق النقد الدولي.

منذ البوادر الأولى للأزمة كانت الأخبار تأتينا بأن الاتحاد الأوروبي لن يقدم المساعدات لليونان للخروج من عثرتها، وانه على اليونان اتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط إيقاع أداءها المالي. حيث يفترض، حسب النظام الأساسي للاتحاد النقدي، ان البنك المركزي الأوروبي أو البنوك المركزية المحلية لا تستطيع تقديم حزم إنقاذ لأي دولة عضو، كما لا يمكن إجبار الدول الأخرى على أن تتحمل أعباء ديون الدول الأعضاء. ولكن مما لا شك فيه أن الحكومات المركزية تستطيع القيام بذلك بمفردها، أو أن تتطوع لمساعدة الدول الأخرى، ومع اشتداد حدة الأزمة بدأت تظهر على السطح مخاطر هذا الخيار. حيث أصبح من الواضح أنه لا يمكن ترك اليونان بمفردها تواجه مشكلة ديونها الحادة بدون أي تدخل أوروبي، لان إعلان عدم التدخل معناه التخلي عن التضامن المفترض بين دول الاتحاد للحفاظ على قيمة اليورو من التدهور، وهو ما فطنت إليه الدول الأعضاء في اليورو مؤخرا، خصوصا وأن انضمام دول أخرى إلى اليونان لا يمكن ان يقلل من التأثير المدوي الذي سوف يترتب على تعثرها على الاتحاد الأوروبي وعلى اليورو.

لقد أعلنت ألمانيا أنها تعد خطة مع شركاءها الأوروبيين بصفة خاصة فرنسا بتقديم ضمانات على ديون اليونان وكذلك باقي الدول الأعضاء في اليورو لكي تهدئ من المخاوف التي تنتشر عن مخاطر تعرض الدول المضطربة ماليا للتوقف عن السداد. ولكن يبدو أن خطة الإنقاذ لن تكون مالية بالدرجة الأولى حيث لا يتوقع ان يتم تمرير مثل هذه الخطط بهذه السهولة، فمن المؤكد أنها سوف تجد معارضة من قبل دافعي الضرائب في الدول الأخرى في أوروبا، حيث سيتم استخدام أموالهم في إنقاذ دولة أخرى لا يستفيدون منها بأي خدمة. وفي رأيي أنه قد لا يوجد بديل آخر متاح حاليا لإنقاذ الدول المضطربة ماليا من تقديم الدعم المالي المباشر لكبح مخاطر انتشار أزمة ديون سيادية. وعلى الرغم من عدم تقديم أي التزام مالي محدد حتى الآن إلا أن الاتحاد الأوروبي في رأيي لن يقف مكتوف الأيدي عن مساعدة اليونان في حال اندلعت الأزمة، حيث يمكن للاتحاد احتواء مخاطر أزمة مثل أزمة اليونان بسهولة نظرا لصغر حجمها بالنسبة للاتحاد (3% من إجمالي الناتج المحلي في الاتحاد)، أما إذا تطورت الامور وانفجرت الأزمة فإن التعامل مع المشكلات الكامنة للدول الأخرى في القائمة مثل أسبانيا سوف يكون مستحيلا.

على أي حال الوضع مازال حرجا لأن عملية الإنقاذ المقترحة حتى الآن هي في صورة تقديم ضمانات للدين بدلا من تقديم مساعدات مالية مباشرة أو قروض مالية، الأمر الذي يجعل من الصعب حساب تكلفة عملية الإنقاذ، فقد تكون عملية الإنقاذ ناجحة ومن ثم لا يتم استخدام إلا قدر بسيط من الضمانات المقدمة للدولة مثلما حدث في أثناء أزمة المكسيك، في منتصف التسعينيات حيث لم يتم استخدام سوى قدر بسيط من حزمة الدعم المقدمة من الولايات المتحدة البالغة 50 مليار دولار، وربما تسير الأمور على نحو سيئ بحيث تكون تكلفة عملية الإنقاذ ضخمة، خصوصا إذا خرجت الأمور عن السيطرة ولم تستطع تلك الدول الوفاء بالتزاماتها.

للأسف الاقتصاد العالمي ليس مستعدا حاليا لكي يواجه تبعات النكسة المحتملة لجهود استعادة النشاط الاقتصادي إذا أعلنت أي من الدول الأوروبية الأعضاء في اليورو التي تواجه ضغوطا مالية عجزها عن سداد الديون المستحقة في مواعيدها. ونتيجة لذلك أخذت الثقة تتصاعد في الدولار، على الرغم من الضجة التي أثيرت حول مدى اعتماديته كعملة احتياط للعالم على الأجل الطويل، إلى الحد الذي وصف فيه الدولار بأنه عملة رديئة يجب الابتعاد عنها، بل وقد بلغ الأمر بالصين إلى أنها حثت العالم إلى السعي نحو إيجاد بديل لعملة عدوها اللدود. ونتيجة لهذا الاعتقاد أخذت بعض البنوك المركزية في البدء في عملية تنويع واسع النطاق لاحتياطياتها التي تتركز أساسا في الدولار، وذلك من خلال الاحتفاظ بالمزيد من اليورو الذي كان سيد الموقف في ظل تراجع الثقة في الدولار نتيجة الأزمة المالية الحادة التي تعرض لها الاقتصاد الأمريكي.

اليوم بدأ اليورو يواجه ضغوطا كبيرة، بعد أن كان العملة العالمية الأولى التي تحظى بالمزيد من الثقة من كافة المستثمرين في العالم بسبب المزايا التي تجمعت له خلال العقد الأول من إطلاقه، واليوم يثبت أيضا أن مزايا اليورو لم تكن بالكامل مزايا ذاتيه، ذلك أن جانبا كبيرا من تلك المزايا كان راجعا لضعف الدولار، عملة العالم الأولى. يقف اليورو اليوم على حافة التراجع بمعدلات حادة، والنتيجة الحتمية لذلك هي تعرض الاحتياطيات النقدية الضخمة لهذا البنوك المركزية للخسارة. محافظي هذه البنوك يعضون أصبع الندم اليوم بسبب شكوكهم حول مستقبل الدولار كعملة الاحتياط العالم الأساسية، وللأسف أصبحت الخيارات المتاحة أمام هذه البنوك المركزية محدودة جدا لأن أي محاولة لعكس عملية التنويع التي اتبعوها سوف يترتب عليها ضغوط متزايدة على اليورو ومن ثم المزيد من الخسائر، ولسوء الحظ كل ما تستطيع أن تفعله هذه البنوك المركزية الآن هو الانتظار ومتابعة الموقف عن بعد بخيارات محدودة جدا للتعامل مع الواقع الذي وضعت نفسها فيه.

المستفيد الأول من الأحداث بالطبع هو الدولار الأمريكي الذي خفت الضغوط عليه وقفز معدل صرفة بشكل كبير في مقابل اليورو والعملات الدولية الأخرى ليفوق مستوياته القياسية في يوليو من العام الماضي، وعاد الحديث مرة أخرى عن الدولار كحصن الأمان الوحيد للعالم، بعد ان كان يوصف بالعملة الرديئة. ومازالت الورقة الخضراء بالفعل، باعتبارها تمثل عملة دولة عظمى موحدة رغم كل ما حدث، تشكل سلة الأمان للعالم، أما اليورو فقد بدأت معاول الشك تنقض على هشاشة وضعه على الرغم من النمو الكبير الذي حققه منذ إطلاقه على حساب الدولار الأمريكي، لأن اليورو مع الأسف يقع تحت رحمة الضغوط المالية للحكومات غير المنضبطة ماليا، وثبت أنه من الممكن أن يكون ضحية للسياسات غير الموائمة التي يمكن أن تتبعها 16 دولة، بعكس الدولار الذي يخضع لسياسات إدارة حكومية واحدة.

بعض المراقبين يرون أن ردة فعل السوق بالنسبة لليورو مبالغ فيها، باعتبار أن ما يحدث في اليونان لا يختلف عن الأوضاع في باقي دول العالم، ولكن هؤلاء يتناسون المخاطر الكامنة نتيجة الأوضاع المالية السيئة للدول الأخرى الأعضاء في اليورو. المشكلة الأساسية ليست في مجرد إجراء التعديل اللازم لماليات الدول المضطربة، فبعض الدول الأعضاء في اليورو يواجه مشكلات مرتبطة بالنمو، ومن ثم فان تعديل الأوضاع المالية هو مجرد بداية لبرامج إصلاح مطلوبة بشدة على المستوى الكلي. باختصار خطة إنقاذ اليونان إذن لن تكون الأخيرة حيث يتوقع أن نجد طابورا من الدول الأوروبية المضطربة ماليا تطالب بنفس المعاملة، ولذلك نجد أسواق السندات قلقة من أوضاع اسبانيا وأيرلندا والبرتغال.

وأخيرا ما الدرس الذي يجب أن نستوعبه هنا في الخليج ونحن مقدمون على اتحاد نقدي ومن ثم عملة خليجية موحدة؟ في رأيي أن الدرس الأساسي هو أن طريق العملة الخليجية الموحدة لن يكون مفروشا بالورود كما يظن البعض، أو كما يروج أنصار العملة الموحدة، وأن الحديث عن المزايا التي يمكن ان تتحقق من العملة الخليجية الموحدة، على الرغم من ضآلتها من وجهة نظري، لا يجب ان ينسينا المخاطر الكامنة لاستبدال عملات مستقرة وقوية حاليا مثل الريال السعودي أو الدينار الكويتي بعملة سوف تتأثر بشكل كبير بالضغوط التي تأتيها من كافة الدول الأعضاء. إن المشكلة الحالية لليورو تثير المخاوف التي طالما نبهت إليها عندما كنت أناقش موضوع العملة الخليجية الموحدة، وحذرت من المخاطر الكامنة لهذه العملة حيث ستكون أكثر تذبذبا من العملات الحالية للدول الأعضاء فيها، نظرا لتأثرها بأي تطورات تحدث على الصعيد الداخلي للدول المشاركة في الاتحاد النقدي، ناهيك عن التطورات الخارجية. التجربة الحالية لليورو تعطي درسا هاما آخر في الاتحاد النقدي، إذ لا يمكن ان يتم انتهاج سياسة نقدية موحدة، بينما تدير كل دولة في الاتحاد أمورها المالية بشكل مستقل، حيث يفترض أن كل دولة من الدول الأعضاء تحافظ على حدود معينة لإنفاقها العام أخذا في الاعتبار إيراداتها العامة.

الأربعاء، فبراير ٢٤، ٢٠١٠

المسئولية المجتمعية لرجال الاعمال العرب

الدور الاجتماعي لرجال الأعمال يعتمد أساسا على درجة كثافة دور الدولة في المجتمع، فكلما اتسع دور الدولة انحسر الدور الاجتماعي لرجال الأعمال والعكس، فعندما ينحسر دور الدولة في الاقتصاد فإنها تفسح المجال بصورة أكبر أمام رجال الأعمال لتحمل مسئوليتهم تجاه المجتمع بوسائل عدة منها تقديم التسهيلات اللازمة لذلك ومنحهم الإعفاءات المناسبة التي تشجعهم على الاضطلاع بهذه المسئولية، بصفة خاصة الإعفاءات الضريبية للأموال التي يتم توجيهها لهذا الغرض، ولأن دور الدولة في الغرب يعد محدودا فأنها تفسح المجال أمام رجال الاعمال لممارسة أدوارهم الاجتماعية بوسائل عديدة. ومن المهم الإشارة إلى أن المؤسسات الاجتماعية الخاصة في الغرب تمارس أدوارا هامة للغاية، سواء على الصعيد المحلي أو الصعيد العالمي، وفي صور مختلفة سواء أكانت مؤسسات أو دور أو صناديق ... الخ، وتتسم هذه الصور من المشاركة بالكفاءة والفاعلية نظرا لأنها تدار بصورة خاصة، ومن ثم لا تخضع للبيروقراطية الحكومية المعروفة وضعف الإدارة الذي يعد سمة مشتركة في المؤسسات التي تديرها الحكومات.

الملاحظ في الدول العربية بشكل عام أن دور الدولة يتسم بالكثافة لأسباب عديدة ليس هذا مجال الحديث عنها، ولذلك ينحسر الدور الاجتماعي لرجال الأعمال بشكل عام. وتنبغي الإشارة إلى أنه لا يمكن التعميم بأن كافة رجال الأعمال العرب ليس لديهم شعور بالمسئولية الاجتماعية نحو مجتمعهم واقتصادهم الذي يعملون فيه، فمن المؤكد أن الكثير من رجال الأعمال العرب لا ينظر إلى المجتمع على انه ”بقرة تحلب دون أن ينالها شيء من إيراد هذا الحليب"، ففي الدول العربية الكثير من مؤسسات العمل الاجتماعي التي تمول أساسا من قبل رجال الأعمال، بصفة خاصة خارج الدول الخليجية. أما في دول الخليج، حيث تشيع ثقافة أن الدولة غنية، وأن الدولة لديها مسئولية أساسية نحو الأفراد، وأن الدولة تملك من الموارد المالية ما يمكنها من أن تطرق كافة مجالات العمل الاجتماعي، وأن ممارسة قطاع الأعمال لمسئولياته المفترضة في هذا المجال ربما يمثل تداخلا مع دور الدولة، فضلا عن ضعف الحوافز التي تقدمها الدولة لرجال الأعمال لممارسة هذه المسئولية، ينحسر الدور الاجتماعي لرجال الأعمال بصورة ملحوظة، تجعلهم موضع سخط الكثير من المواطنين لأنهم، من وجهة نظرهم، أنانيون لا ينصرف خيرهم إلى غيرهم. هذا بالطبع لا يعني أن كافة رجال الأعمال في الخليج على هذا النحو، ولكنهم من وجهة نظري مطالبون بأن يردوا إلى المجتمع جانب من أرباحهم في مختلف صور العمل الاجتماعي، حتى وان تقاطر ذلك مع ما تقوم به الدولة من دور.


الثلاثاء، فبراير ٢٣، ٢٠١٠

أحدث التقديرات عن استثمارات صناديق الثروة السيادية

تمثل الصناديق السيادية حاليا قنوات ضخمة للاستثمار في كافة أنحاء العالم، حيث تمتلك ما يزيد عن 3.8 تريليون دولار تمثل أموالا مملوكة للدول في صورة صناديق استثمار عامة، هذه الأموال تدار بعناية من قبل المؤسسات الرسمية القائمة على هذه الصناديق مثل الهيئة العامة للاستثمار في الكويت التي تدير ما يزيد عن 200 مليار دولار من الاستثمارات في إطار صندوق الثروة السيادي للكويت. أكبر الصناديق السيادية على الإطلاق هو صندوق الثروة السيادي للصين والذي يدير حوالي 780 مليار دولار من الاستثمارات يليه صندوق أبو ظبي السيادي، والذي يدير ما يقارب 655 مليار دولار، والصندوق السيادي للنرويج والذي يدير حوالي 450 مليار دولار، وكذلك الصندوق السيادي للمملكة العربية السعودية والذي يدير حوالي 430 مليار دولار. أتوقع في المستقبل القريب ان ينمو حجم الصندوق السيادي السعودي ليصبح أكبر الصناديق السيادية في العالم، وربما يصل إلى أكثر من تريليون دولار بحلول عام 2015. الجدول التالي يوضح آخر التقديرات لرأس مال الصناديق السيادية للثروة التي أصدرها المعهد الدولي للصناديق السيادية حتى ديسمبر 2009.

Country

Fund Name

Assets $Billion

UAE - Abu Dhabi

Abu Dhabi Investment Authority

$627

Norway

Government Pension Fund – Global

$445

Saudi Arabia

SAMA Foreign Holdings

$431

China

SAFE Investment Company

$347.1**

China

China Investment Corporation

$288.80

Singapore

Government of Singapore Investment Corporation

$247.50

Kuwait

Kuwait Investment Authority

$202.80

Russia

National Welfare Fund

$168.0*

China

National Social Security Fund

$146.50

China - Hong Kong

Hong Kong Monetary Authority Investment Portfolio

$139.70

Singapore

Temasek Holdings

$122

Libya

Libyan Investment Authority

$70

Qatar

Qatar Investment Authority

$65

Australia

Australian Future Fund

$49.30

Algeria

Revenue Regulation Fund

$47

Kazakhstan

Kazakhstan National Fund

$38

Ireland

National Pensions Reserve Fund

$30.60

Brunei

Brunei Investment Agency

$30

France

Strategic Investment Fund

$28

South Korea

Korea Investment Corporation

$27

US - Alaska

Alaska Permanent Fund

$26.70

Malaysia

Khazanah Nasional

$25

Iran

Oil Stabilisation Fund

$23.00

Chile

Social and Economic Stabilization Fund

$21.80

UAE - Dubai

Investment Corporation of Dubai

$19.60

UAE - Abu Dhabi

Mubadala Development Company

$14.70

Bahrain

Mumtalakat Holding Company

$14

UAE - Abu Dhabi

International Petroleum Investment Company

$14

Canada

Alberta's Heritage Fund

$13.80

Azerbaijan

State Oil Fund

$13.40

US - New Mexico

New Mexico State Investment Office Trust

$12.90

New Zealand

New Zealand Superannuation Fund

$11.00

Nigeria

Excess Crude Account

$9.40

Brazil

Sovereign Fund of Brazil

$8.60

Oman

State General Reserve Fund

$8.20

Botswana

Pula Fund

$6.90

Saudi Arabia

Public Investment Fund

$5.30

China

China-Africa Development Fund

$5.00

East Timor

Timor-Leste Petroleum Fund

$5.00

US - Wyoming

Permanent Wyoming Mineral Trust Fund

$3.60

Trinidad & Tobago

Heritage and Stabilization Fund

$2.90

UAE - Ras Al Khaimah

RAK Investment Authority

$1.20

Venezuela

FEM

$0.80

Vietnam

State Capital Investment Corporation

$0.50

Kiribati

Revenue Equalization Reserve Fund

$0.40

Indonesia

Government Investment Unit

$0.30

Mauritania

National Fund for Hydrocarbon Reserves

$0.30

UAE - Federal

Emirates Investment Authority

X

Oman

Oman Investment Fund

X

  

  

  

  

Total Oil & Gas Related

$2,296.10

  

Total Other

$1,522.50

  

TOTAL

$3,818.60

*This includes the oil stabilization fund of Russia.
**This number is a best guess estimation.
***All figures quoted are from official sources, or, where the institutions concerned do not issue statistics of their assets, from other publicly available sources. Some of these figures are best estimates as market values change day to day.
Updated December 2009

المصدر: http://www.swfinstitute.org/funds.php

الأحد، فبراير ٢١، ٢٠١٠

هل يمكن استخدام العملة الخليجية الموحدة في تسعير النفط الخام

بافتراض ما سوف يحدث وعلى أفضل الأحوال تم بالفعل إصدار العملة الخليجية الموحدة كعملة رسمية لدول مجلس التعاون، وأصبحت واقعا قائما بين أيدينا، فهل يمكن استخدام العملة الخليجية الموحدة في تسعير النفط الخام بدلا من الدولار الأمريكي؟

الإجابة على هذا السؤال هي ببساطة لا، ليس هناك أي فرصة لأن يتم استخدام العملة الخليجية الموحدة في تسعير النفط الخام. فالنفط الخام يعد من السلع التجارية الدولية مثل الذهب والحديد والألمنيوم والقمح والقطن.... الخ، ومثل هذه السلع التجارية الدولية يتم التعامل فيها من خلال أسواق دولية أيضا، يتحدد فيها حجم الطلب والعرض ومن ثم السعر العالمي لهذه السلع التجارية الدولية. السلع التجارية الدولية التي يتم التعامل فيها في الأسواق الدولية لا بدو وأن يتم تحديد أسعارها وسداد أثمانها على أساس عملة دولية أيضا، والعملة الدولية هي العملة التي تلاقي قبولا عالميا وتتوافر بسهولة لكل الدول في العالم، أي يتوافر منها كميات كافية لتمويل الصفقات التي تتم على هذه السلع، ويسهل أيضا التخلص منها، أي بيع الكميات الزائدة عن الحاجة منها. هذه الخصائص لا تتوافر فقط إلا في الدولار، وحتى اليورو باعتباره عملة دولية، لم يصل بعد إلى المرحلة التي تمكنه من امتلاك كل هذه الخصائص، ولذلك فهو لا يصلح حاليا لاستخدامه في تسعير السلعة التجارية الدولية مثل النفط الخام.

إذا كان الوضع كذلك فإن العملة الخليجية الموحدة لا تصلح لأن يتم استخدامها في تسعير سلعة دولية مثل النفط الخام، لأنه حتى لو افترضنا قبول العالم بأن يتم تسعير النفط الخام على أساس العملة الخليجية الموحدة، وأنه قبل استخدام العملة الخليجية الموحدة في تمويل هذه التجارة، فإن العملة الخليجية الموحدة سوف تظل غير قادرة على القيام بهذا الدور، بسبب نقص الكميات التي ستصدر منها عن الحد الأدنى اللازمة لتمويل المعاملات، أي لدفع قيمة الصفقات، التي تتم في السوق العالمي للنفط الخام. وإذا ما حاولت دول مجلس التعاون ان تصدر كميات كافية من هذه العملة لتمويل احتياجات التجارة في النفط، فإن ذلك سوف يؤدي إلى تضخم جامح في هذه الدول وانهيار قيمة هذه العملة الموحدة. إذن سوف يظل الدولار حتى بعد إصدار العملة الخليجية الموحدة هو عملة تسعير وتمويل تجارة النفط الخام، بسبب أن الدولار عملة مقبولة من كافة دول العالم، المنتجة والمستهلكة للنفط، وأن الكميات المصدرة من الدولار ضخمة جدا ومتوافر بصورة كافية لتوفير احتياجات كل دول العالم.

تويوتا الكويت: العيب التصنيعي يخص الدول الباردة فقط

سررت كثيرا بالتوضيح الذي نشر اليوم في جريدة القبس حول عيوب التصنيع في بعض موديلات تويوتا، وأن هذا العيب يخص فقط السيارات التي تصنع في المناطق الباردة، ومن ثم فإنه ليس هناك خوف على مستخدمي هذه السيارات هنا في الكويت. وفيما يلي نص الخبر:
"وجهت شركة مؤسسة محمد ناصر الساير وأولاده خطاباً الى عملائها قالت فيه انه اشيع في الفترة الاخيرة عن طريق الرسائل النصية وجود دعوى قضائية مرفوعة ضد الشركة من قبل احد الاساتذة المحامين عما يتردد بوجود عيوب خفية ظهرت في بعض سيارات تويوتا، وتكتم الشركة والوكيل في الكويت عن هذه العيوب.

وايمانا من الشركة بالشفافية المطلقة والحرص التام على سلامة مستخدمي سياراتها والحرص كذلك على سمعتها فاننا نؤكد على التالي:

اولا: ان حق التقاضي مكفول للجميع واحكام الدستور والقانون اللذين كفلا حق التقاضي كفلت ايضا حق التعويض ضد من يسيء استخدامهما او من يستخدمهما كيديا.

ثانيا: ان الشركة كانت وما زالت وستظل حريصة كل الحرص على سلامة مستخدمي سياراتها وهذا الامر مشهور عنها لدى الكل، ولن ترضى باي عبث بمثل هذه الحقائق ركضا وراء تحقيق الشهرة على حساب سمعتها.

ثالثا: ستتخذ الشركة جميع الاجراءات القانونية، سواء كانت جزائية او مدنية، بطلب معاقبة او طلب التعويض ضد كل من يثبت انه اشاع عنها اخبارا خاطئة اما بقصد الاضرار بها او بقصد التكسب الاعلامي او الشهرة، وهي تناشد الجميع عدم جعل سلامة البشر محل تحقيق مصالح اعلامية على حساب الحقيقة وقيمة الانسان».

كما أكدت الشركة في بيانها عدم صحة ما أشيع جملة وتفصيلا، ولقد قامت شركتنا بنشر بيانها الرسمي الذي تطرق لموضوع الاستدعاء في الصحف المحلية بتاريخ 10 فبراير الجاري، موضحة مصداقيتها التي تعود عليها عملاؤنا، وموضحة الأمور التالية بهذا الصدد:

ــــ المشكلة تحدث فقط في الدول ذات الطقس البارد ودرجة الحرارة المنخفضة.

ــــ أجرت شركة تويوتا موتور كوربوريشن دراسة تحليلية تاريخية لجميع المواضيع ذات الصلة في منطقة الشرق الأوسط وقد وُجد أنه لم تُسجل أي حالة في هذه المنطقة تتعلق بموضوع دواسة البنزين. وهو أمر طبيعي طالما لا يوجد عندنا طقس بارد.

ــــ هذه القطعة تُصنع في أميركا الشمالية لبعض موديلات تويوتا ولموديلات أخرى غير تويوتا من الشركات المُصنعة الأخرى للسيارات لتستخدم في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والصين.

ــــ في جميع موديلات إنتاج سيارات تويوتا للشرق الأوسط، فإن هذه القطعة بالذات تستخدم فقط في موديلي أفالون وسيكويا اللذين يتم تصنيعهما في الولايات المتحدة الأميركية. ولا تستخدم في باقي موديلات تويوتا المُصنعة لمنطقة الشرق الأوسط.

ــــ تؤمن شركة تويوتا موتور كوربوريشن بأنه ليس من الضروري معالجة هذه القطعة في سيارات أفالون وسيكويا في هذه المنطقة، ولكنها قررت بأن تقوم بذلك كحملة لإرضاء العملاء وكخطوة احترازية ضمن معايير جودة تويوتا الصارمة.

ــــ طلبت شركة مؤسسة محمد ناصر الساير وأولاده القطعة المعنية وسيتم التركيب ابتداءً من أوائل شهر مارس المقبل.

ــــ ستقوم شركة مؤسسة محمد ناصر الساير وأولاده بإجراء الاتصالات مع جميع المالكين الحاليين لسيارات أفالون وسيكويا لأخذ مواعيد لتركيب القطعة مجاناً.

ــــ شركة مؤسسة محمد ناصر الساير وأولاده وشركة تويوتا موتور كوربوريشن تؤكدان أن أفالون وسيكويا آمنتان تماماً للقيادة ولا داعي أبداً للقلق.

ــــ جميع الموديلات الأخرى من سيارات تويوتا ولكزس تعتبر خارج المعالجة الاحترازية، حيث لا تستخدم نفس القطعة المعنية.

وتجدد شركة مؤسسة محمد ناصر الساير وأولاده وشركة تويوتا موتور كوربوريشن التأكيد للجميع على الالتزام التام بأن تبقى الشركة الأفضل للسيارات في مجال الجودة والاعتمادية. كما يؤكد رئيس وأعضاء مجلس الإدارة لشركة مؤسسة محمد ناصر الساير وأولاده لجميع العملاء الكرام بأن سلامتهم تأتي في المقام الأول، ولهذا ستواصل الشركة تقديم الخدمة الأفضل لما بعد البيع في الكويت مع الحرص الشديد على ألا يُقدم للعملاء الكرام إلا الحقيقة الصحيحة بغض النظر عن أي تكاليف ستتحملها الشركة مع شركة تويوتا موتور كوربوريشن، متمنين لجميع سائقي سيارات تويوتا ولكزس قيادة آمنة بإذن الله والسلامة للجميع."

السبت، فبراير ٢٠، ٢٠١٠

أربعة بنوك أمريكية تفلس هذا الأسبوع

أعلنت اللجنة الفدرالية للتأمين على الودائع إفلاس أربعة بنوك أمريكية هذا الأسبوع ليصل عدد البنوك التي أفلست منذ بداية هذا العام حتى أمس إلى 20 بنكا. البنوك الأربعة التي أفلست هي بنك Marco Community Bank, Marco Island, Florida، في 31 ديسمبر الماضي بلغت أصوله 119.6 مليون دولار والمودعات لديه 117.1 مليون دولار، وسوف تكلف عملية إفلاس البنك الصندوق الفدرالي للتأمين على الودائع حوالي 38 مليون دولارا. البنك الثاني هو بنك La Coste National Bank, La Coste, Texas، والذي بلغت أصوله 53.9 مليون دولارا والمودعات لديه 49.3 مليون دولارا، وسوف يكلف إفلاس هذه البنك الصندوق الفدرالي للتأمين على الودائع 3.7 مليون دولارا، ويعد أصغر البنوك التي أفلست هذا الأسبوع من حيث الحجم. البنك الثالث هو بنك George Washington Savings Bank, Orland Park, Illinois,، والذي بلغت أصوله 412.8 مليون دولارا، والودائع لديه 397 مليون دولارا، وسوف تكلف عملية إفلاسه 141.4 مليون دولارا. أما أكبر البنوك التي أفلست هذا الأسبوع فهو بنك La Jolla Bank, FSB, La Jolla, California, والذي بلغت أصوله 3.6 مليار دولارا، بينما بلغت المودعات لديه 2.8 مليار دولارا على التوالي، أما تكلفة إفلاس هذا البنك على الصندوق الفدرالي للتأمين على الودائع فتصل إلى 882.3 مليون دولارا.


بداية النهاية لمرحلة الدولار الضعيف

معدل الخصم هو المعدل الذي يفرضه الاحتياطي الفدرالي على البنوك عندما تقترض احتياطيات من الاحتياطي الفدرالي، وهذا المعدل يختلف عن معدل الأموال الفدرالية، وهو المعدل الذي يتم على أساسه تبادل الاحتياطيات (السيولة) بين البنوك التجارية على أساس مدة استحقاق لمدة يوم. وقد كان رد فعل الاحتياطي الفدرالي الأول للازمة هو تسهيل الحصول على الائتمان من خلال نافذة الخصم. فبدءا من 17 أغسطس 2007 قام بتخفيض معدل الخصم المستهدف إلى 0.5% من 1%، وتم تمديد مدة القروض المخصومة إلى 30 يوما، وفي 14 يناير 2010 تم تخفيض مدة استحقاق القروض المخصومة إلى 28 يوما.



الخطوة التي اتخذها الاحتياطي الفدرالي تمثل امتدادا للخطوات التي اتخذها الاحتياطي الفدرالي هذا الشهر بإغلاق برامج الائتمان غير العادية لتطبيع تسهيلات الإقراض التي يقدمها الاحتياطي الفدرالي. الاحتياطي الفدرالي يؤكد أن الخطوة ليست تقييدا للسياسة النقدية بقدر ما هي عملية تطبيع للسياسة النقدية. ووفقا للاحتياطي الفدرالي فان هذه التغييرات لا يتوقع ان يترتب عليها تضييق الشروط المالية للقطاعين العائلي والأعمال، ولا يجب أن ينظر إليه على أنه علامة على أي تغير في الاتجاه العام للاقتصاد أو السياسة النقدية، حيث لم يحدث أي تغيير في هذه السياسة، فمازال معدل الأموال الفدرالية المستهدف ما بين 0% إلى 0.25% لفترة ممتدة (ملاحظة معدل الأموال الفدرالية هو أهم مستهدفات الاحتياطي الفدرالي على الإطلاق والتي يقوم من خلالها بالتحكم في عرض الاحتياطيات في سوق النقد) كذلك أعلن مجلس الاحتياطي الفدرالي بأنه بدءا من 18 مارس القادم سوف يتم تخفيض الحد الأقصى للقروض المخصومة إلى يوم واحد فقط.



سبق أن تحدثت عن خطط الاحتياطي الفدرالي للخروج من سياساته التوسعية الحالية التي ترتب عليها تراجع الدولار بشكل حاد وبلغ أدنى مستوى له، وحسب الإستراتيجية التي تناولها بالتفصيل بن برنانكي والتي تتضمن أدوات كثيرة منها رفع سعر الخصم ومنح فوائد على مودعات البنوك لدى الاحتياطي الفدرالي للتأثير على سوق ما بين البنوك ... الخ، الخطوة التي اتخذها الاحتياطي الفدرالي اليوم بالنسبة لي هذه هي أول علامة على بدء الاحتياطي الفدرالي مرحلة إعادة الأمور إلى نصابها والتوقف عن سياسات التوسع النقدي التي اتبعها منذ اندلاع الأزمة. قد يرى بعض المراقبين الخطوة على أنها خطوة متعجلة حيث مازالت الأوضاع في الاقتصاد الأمريكي هشة بالشكل الذي يمكن ان يترتب على أي خطوات غير محسوبة نتائج وخيمة على عمليات استعادة النشاط الاقتصادي. لكن وفقا لبن برنانكي، فان الاحتياطي الفدرالي سوف يقف دائما على أهبة الاستعداد لتقييم الأوضاع الاقتصادي للاقتصاد الأمريكي بشكل دقيق والتدخل في الوقت المناسب لاستعادة الأمور لنصابها، من المؤكد ان التحرك قد تم بعد أن تأكد الاحتياطي الفدرالي من أن الوقت الحالي هو الوقت المناسب لبدء رحلة العودة مرة أخرى. بالطبع الخطوة الأمريكية لا بد وأن تنعكس على الدولار الأمريكي بالارتفاع في قيمته، وهو ما حدث بالفعل حيث أخذت معدلات صرف الدولار بالنسبة لكافة العملات تقريبا في التحسن. نحن في انتظار ما سوف يتخذه الاحتياطي الفدرالي من قرارات متعلقة باتجاه سياساته النقدية في المستقبل.

الجمعة، فبراير ١٩، ٢٠١٠

مرة أخرى: الريال السعودي بديل أمثل للعملة الخليجية الموحدة

نشر في الجريدة الاقتصادية السعودية بتاريخ الجمعة 19/2/2010

تشترك دول مجلس التعاون في كثير من الخصائص مثل اللغة والدين والثقافة والتاريخ المشترك والموقع الجغرافي ... إلخ، ويفترض أن تساعد هذه العوامل على التسريع بإنشاء ونجاح العملة الموحدة، غير أن نظرية منطقة العملة المثلى تشير إلى أهمية وجود شروط ينبغي أن تتوافر في الدول المرشحة لكي تكون أعضاء في الاتحاد النقدي، وهي أنها دول:

1. تشترك في دورات اقتصادية متناغمة أو متشابهة بحيث تكون تكلفة التكيف في مواجهة الصدمات أقل عندما تواجه الدول الأعضاء صدمات متماثلة عما سيكون عليه الحال في حالة مواجهة تلك الدول صدمات لا متماثلة، خاصة أن الدول الأعضاء في الاتحاد النقدي لن يكون لديها استقلالية في إدارة سياساتها الاقتصادية، وبصفة خاصة السياسة النقدية.

2. تتسم بحرية انتقال عناصر الإنتاج، بصفة خاصة العمل ورأس المال، حيث تساعد حرية الانتقال على تسهيل عملية التكيف مع الصدمات الاقتصادية الكلية التي تواجهها دول الاتحاد. على سبيل المثال، تساعد حرية انتقال عنصر العمل على معالجة مشكلة ارتفاع مستويات البطالة في دولة ما من دول الاتحاد، حيث تؤدي حرية انتقال العمال من الدولة التي ترتفع فيها مستويات البطالة إلى الدول الأخرى في الاتحاد إلى التخفيف من حدة مشكلة البطالة على مستوى الاتحاد، كذلك الحال في حالة وجود فائض أو عجز في رأس المال في بعض دول الاتحاد، حيث تعمل حرية انتقال رأس المال على التغلب على مشكلات سوق رأس المال، وهكذا.

3. تتسم بالتنويع الاقتصادي المناسب وليس بتركز هياكلها الإنتاجية، حيث يؤدي تركز هياكل الإنتاج إلى جعل دول الاتحاد أكثر عرضة للصدمات الخارجية، وبشكل عام كلما تنوعت اقتصاديات دول الاتحاد ازدادت قدرتها على امتصاص الصدمات اللا متماثلة.

4. تتسم بمرونة عالية في عملية تحديد الأجور والأسعار، بما يسمح بسهولة التعامل مع الآثار المعاكسة للصدمات المختلفة على أسواق السلع وأسواق العمل، وترتفع درجة تكامل أسواقها بما يرفع من مستويات التجارة البينية ومن ثم تعظيم الاستفادة من الاتحاد النقدي.

مع الأسف فإن الجانب الأكبر من هذه المتطلبات غير متوافر حاليا لدول مجلس التعاون كتكتل، الأمر الذي يحد من فرصة إطلاق العملة الموحدة على نحو آمن، ومنذ البداية وأنا أحذر من مشروع العملة الخليجية الموحدة، نظرا لما قد يحمله من مخاطر لمجلس التعاون ربما تهدد، في حال اشتدادها، مسيرة التعاون بين دول المجلس نفسها. لقد خطا مجلس التعاون خطوات عملاقة في العقد الماضي حيث تم إطلاق ثلاثة مشاريع رئيسية للتكامل هي الاتحاد الجمركي، والسوق الخليجية المشتركة، وأخيرا الموافقة على الاتحاد النقدي وذلك في أقل من سبع سنوات، وهو ما يمثل اختصارا هائلا للمدى الزمني اللازم لإطلاق مثل هذه المشاريع الضخمة، على نحو قد يوحي للمراقب بأن المجلس يطلق مشاريع التكامل واحدا تلو الآخر في صورة أقرب إلى سد الخانات منها إلى إرساء قواعد متينة لمشاريع تكامل تتسم بالقوة والواقعية والاستدامة.

على سبيل المثال، أين السوق الخليجية المشتركة التي تم إطلاقها منذ ثلاث سنوات؟ ما أثرها في دول المجلس؟ كيف استفادت منها الدول الأعضاء؟ بل هل يشعر بها المواطن في دول المجلس؟ ماذا استفاد منها المستهلك الخليجي؟ وماذا استفاد منها التاجر الخليجي؟ وماذا قدمت للتجارة البينية بين الدول الأعضاء؟ وهل أدت إلى اتساع نطاق الشركات الخليجية عبر دول المجلس ومن ثم اتساع حجم المبادلات عبر الخليج من خلالها؟ إذا كانت الإجابة هي لا ندري، فكيف يمكن أن نمضي قدما في مشروع في غاية الخطورة مثل العملة الخليجية الموحدة، والذي يمس بشكل مباشر دخول ومدخرات وثروات والقوى الشرائية للمواطنين في دول المجلس دون أن نتأكد أولا من متانة مؤسسات التكامل بالشكل الذي يضمن الحفاظ على استقرار هذه العملة. أنا لست ضد إطلاق عملة خليجية موحدة، على العكس لقد عددت مزاياها في مقالين هنا في «الاقتصادية»، ولكني مع الإطلاق الآمن للعملة الموحدة والتي تتطلب بشكل رئيس تجانس السياسات وتناغمها في دول المجلس كافة لكي نضمن استقرار الأوضاع التي تؤثر في مسار تلك العملة، وهو ما أراه حاليا بعيدا عن الواقع المطلوب.

لقد أثارت الأزمة الأخيرة التي تعرض لها اليورو لدي مرة أخرى المخاوف حول المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها العملة الخليجية الموحدة، وما زلت عند رأيي بأن الأوضاع الحالية في دول المجلس غير مهيأة لإصدار عملة خليجية موحدة، حيث لم يصل مستوى التكامل بين هذه الدول إلى الحد الذي يمكنها من أن تطلق عملة موحدة تسير بصورة آمنة، كما أن اقتصادات دول المجلس لا تتمتع بالديناميكية الكافية التي تمكنها من التعامل بنجاح مع أي مخاطر يمكن أن تتعرض لها العملة الموحدة، وأن المخاطر الكامنة التي تنتظر هذه العملة أكبر بكثير مما يتوقع المؤيدون لإطلاقها.

شخصيا، لا أرى أي مبرر حاليا لإلغاء عملات الدول الأعضاء في الاتحاد النقدي واستبدالها بعملة أخرى حيث لا يرجى أن يترتب على ذلك فوائد ملموسة في ظل تضاؤل حجم التجارة البينية وحركة انتقال رؤوس الأموال والأشخاص بين دول المجلس. ومن وجهة نظري، إذا كانت دول المجلس تبحث بالفعل عن عملة موحدة فإن تبني الريال السعودي ربما يكون هو البديل الأمثل للعملة الموحدة، ذلك أن استعمال الريال السعودي كعملة موحدة لدول المجلس يعد أفضل من إنشاء عملة جديدة، وذلك للأسباب الآتية:

1. أن السعودية هي الدولة صاحبة النفوذ الأقوى داخل المجلس، سواء من الناحية الاقتصادية أو من الناحية السياسية، وهو نفوذ يفوق تأثير ألمانيا في الاتحاد الأوروبي.

2. أن الاقتصاد السعودي هو أقوى اقتصادات المنطقة حيث يتم فيه إنتاج أكثر من 50 في المائة من الناتج المحلي لدول مجلس التعاون في المتوسط، وهو ما يضفي قوة استقرار أكبر للريال، بدلا من إنشاء عملة جديدة يحيط بها كثير من عوامل عدم التأكد، وتتأثر بما يدور في اقتصاديات كل دولة من دول الاتحاد النقدي كل على حدة.

3. أن الريال السعودي يسانده رصيد كبير من الاحتياطيات الدولية، خصوصا هذه الأيام، والتي تمكن المملكة من التدخل في الوقت المناسب لحماية الريال ضد مخاطر تقلب معدلات صرفه أمام العملات الرئيسية في العالم.

4. أن الريال السعودي يتمتع بشكل عام بدرجة عالية من الاستقرار في أسواق الصرف الأجنبي، وهو ما يجنب دول المجلس مخاطر عدم الاستقرار الذي يمكن أن تتعرض له العملة الخليجية الموحدة في أسواق النقد الأجنبي بها.

5. أن العملة الخليجية الموحدة المزمع إصدارها يحيط بها كثير من عوامل عدم التأكد، ومن ثم يمكن أن تمثل مصدرا كامنا لعدم الاستقرار النقدي في دول المجلس، خصوصا أن دول المجلس سوف تقوم باستبدال عملات قوية ومستقرة بعملة جديدة يحيط بها عديد من المخاطر الكامنة.

6. أن تبني الريال السعودي سيلغي الحاجة إلى إنشاء بنك مركزي خليجي، ومن ثم إزالة أسباب الخلاف حول الموقع والتي أدت إلى انسحاب الإمارات من مشروع الاتحاد النقدي، كما أنه لا يزال يمثل مصدرا كامنا للخلاف المستقبلي حول من سيرأسه، وما حصة كل دولة في موظفيه، وكيف تدار عملياته وغيرها من القضايا الأخرى، في الوقت الذي نجد فيه أن مؤسسة النقد السعودي هي مؤسسة قائمة تدير شؤون السياسة النقدية للمملكة منذ زمن طويل، وتتمتع بخبرة طويلة في إصدار وإدارة الريال السعودي.

من وجهة نظري، فإن الأسباب السابقة تدعم مقترح إمكان تبني الريال السعودي كعملة خليجية موحدة بسهولة، هذا إذا كان الهدف الأساسي من تكوين الاتحاد النقدي هو إطلاق عملة موحدة للاستفادة من المزايا التي تقدمها تلك العملة لدول المجلس. أنا أقدر أن عملية الاتفاق على تبني الريال السعودي كعملة موحدة لن تكون مسألة سهلة، بل وتتطلب من دول مجلس التعاون الاتفاق على مجموعة من القضايا ذات الحساسية وأهم تلك القضايا:

1. الاتفاق على آلية لاقتسام إيرادات عملية إصدار الريال السعودي بين السعودية والدول الأخرى الأعضاء المجلس، وهو إجراء تتبعه الدول الأعضاء في أي اتحاد نقدي تتفق على استخدام عملة إحدى الدول كعملة موحدة لها. على سبيل المثال يقتسم البنك المركزي في جنوب إفريقيا إيرادات عمليات الإصدار مع الدول التي تستخدم الراند الجنوب إفريقي، أي مع ليسوتو وسوازيلاند وناميبيا أعضاء المنطقة النقدية المشتركة في إفريقيا.

2. إضافة وظائف أخرى لمؤسسة النقد السعودي منها أن تصبح الملجأ الأخير للدول الأعضاء لتوفير احتياجات الائتمان المطلوبة في أوقات نقص السيولة لدى أجهزتها المصرفية، وأن تتولى رسم سياسة نقدية تتناسب مع الظروف الاقتصادية السائدة في دول المجلس، وليس في السعودية فقط.

3. إعادة هيكلة إدارة المؤسسة بحيث تتكون من لجنة إدارة تضم الدول الأعضاء، وفق نظام محدد للتصويت وآلية متفق عليها لإقرار السياسات النقدية المناسبة قبل تبنيها.

4. إعادة تصميم الريال بحيث لا يحمل أية صور منعا للحساسية التي يمكن أن تتولد عن ذلك داخل الدول الأخرى الأعضاء في المجلس والتي يمكن أن تنشأ عن استخدام الريال بتصميمه الحالي.

5. إعادة صياغة نظام معدل صرف الريال من خلال سلة عملات تتوافق أوزان المبادلات مع شركاء التجارة في دول مجلس التعاون، بدلا من النظام الحالي القائم على الربط مع الدولار، لإحداث قدر أكبر من الاستقرار في القيمة الحقيقية للريال.

ومن المؤكد أن المواطن الخليجي المقيم خارج المملكة قد ينظر إلى تبني الريال السعودي على أنه انتقاص من السيادة القومية وتبعيته للسلطات النقدية السعودية، وهو ادعاء في غير محله، ذلك أن تبني العملة الخليجية الموحدة المزمع إنشاؤها يحمل أيضا انتقاصا للسيادة القومية في عملية إصدار العملة الوطنية لمصلحة البنك المركزي الخليجي. ولا ينبغي أن ننسى أن الهدف الأساسي من هذا المقترح هو تدنية المخاطر المحتملة للعملة الموحدة على الاقتصادات الوطنية لدول المجلس.