الاثنين، يناير ٢٨، ٢٠٠٨

من يدفع تكلفة اسقاط القروض؟

أعجبني الطرح الذي قدمه الأخ العزيز الشيخ علي جابر العلي السالم الصباح في مدونته المهمة "الرأي الحر" http://raihur.com/?p=120. والذي تناول فيه قضية المستفيدين من اسقاط القروض.

لكن المشكلة في وجهة نظري ليست من هو المستفيد من إسقاط القروض؟، المشكلة هي من هو المتضرر من إسقاط القروض؟. بمعنى آخر من سيدفع التكلفة؟، إنهم للأسف أطفال الحاضر وأسر المستقبل، أي الأجيال القادمة. سوف يدفعون ثمنا باهظا لتلك الهرطقات التي لا تهدف إلا لدغدغة الشارع، وتدعيم المراكز الانتخابية، وضمان أصوات تمكن من احتلال كرسي في البرلمان القادم، أما الكويت ومصلحتها، والأجيال القادمة ورفاهيتها، والتنمية ومستقبلها، فحدث ولا حرج، تلك أمور لا تعنينا، لأنها سوف تحدث في المستقبل، والشر بعيد عنا الآن، لماذا كل هذا؟ لأن البعض للأسف ينظر فقط تحت أقدامه.

أعجبني توظيف الشيخ علي لفكرة المرض الهولندي في هذه القضية، لكن المرض الهولندي هو مرض يترتب عليه تدهور القدرات التنافسية للدولة في القطاعات غير الطبيعية (مثل قطاعات الصناعة أو الخدمات) نتيجة اكتشاف مورد طبيعي مهم مثل الغاز والنفط، وبالفعل فقدت الكويت قدراتها التنافسية الدولية نتيجة اكتشاف النفط في مجالات عدة، مثل صناعة اللؤلؤ وقدراتها في التجارة والخدمات، وضعفت أهمية الكويت كمركز حيوي إقليميا، وضعف اهتمام الكويت بتأمين سبل العيش المستقبلية لسكانها في الفترة التي تلي زوال النفط، واكتفت الكويت بتكوين صندوق للأجيال القادمة، اعتقادا بأن هذا الصندوق سوف يؤمن سبل العيش الكريم للأجيال القادمة، ويكفيهم شر الحاجة.

ولكن وبعد ما يقرب من أربعين سنة من الادخار في هذا الصندوق، فان هذا الصندوق لم يعد يكفي الآن لسداد احتياجات ميزانية الدولة لمدة خمس سنوات، خمس سنوات فقط، هذا هو كل ما تم تأمينه للأجيال القادمة، ميزانية خمس سنوات بحسابات اليوم. ومما لا شك فيه أنه بعد انتهاء عصر النفط فان الصندوق لن يكفي لتغطية احتياجات الميزانية لخمس سنوات، وإنما لفترة أقل.

مستقبل الأجيال القادمة لا يصنع بصندوق يستثمر هنا وهناك، مستقبل الأجيال القادمة نصنعه هنا على هذه الأرض الطيبة، نصنعه بالاستثمار في المصانع والمصارف والمؤسسات الضخمة والمدارس والجامعات ومراكز البحوث والبنية التحتية التي تهيئ لنا سبل الميزة التنافسية التي تمكننا من أن نضرب أعماق أسواق العالم لنجني دخولا تمكننا من العيش في رفاه وتؤمن لنا مخاطر الاعتماد شبه الكامل على النفط. وليس من خلال صناديق تستثمر في كافة أنحاء الأرض لتخلق فرص عمل في كوريا واليابان وألمانيا وغيرها، بينما لا يجد الشباب هنا فرص عمل منتج، توفر دخولا لتلك الدول، بينما نجني من تلك الدخول القلة القليلة، تصنع أصولا وثروات حقيقية في تلك الدول، وتعطينا صكوك ملكية (أوراق) يمكن أن تنتزع منا أو تجمد في أي وقت من الأوقات، تتعرض للعديد من المخاطر مثل مخاطر التضخم في تلك الدول او تدهور معدلات صرف عملاتها، مثلما هو الحال الآن بالنسبة للدولار الأمريكي.

مستقبل الأجيال القادمة لا تخدمه دعوات مثل إسقاط القروض، استنادا إلى أن الثروة التي أنعم الله علينا بها هي ملكنا نحن، ونحن فقط، الذين يعيشون على هذه الأرض الطيبة الآن. أما أجيال المستقبل فليبحثوا هم عن سبل العيش التي تليق بهم. أعجبني تعليق الأخ بو صالح على القضية عندما قال "بسكم تفكير وتصرف أن الكويت دولة مؤقتة" لقد ضرب كبد الحقيقة، نعم نحن نتصرف على أن الكويت دولة مؤقتة، أو كما يقول المصريون "نسكنها مفروشة"، بينما حقائبنا جاهزة لنطير في الوقت المناسب. ولكن من يملك القدرة على الطيران، لا شك أنهم قلة.

إسقاط القروض، لو تم، فانه سيكون بمثابة أكبر تبرع انتخابي في التاريخ تقدمه حكومة لنائب أو مجموعة من النواب من أجل تأمين مقعد انتخابي. وتلك في وجهة نظري جريمة في حق الأجيال القادمة.

الثلاثاء، يناير ٢٢، ٢٠٠٨

لماذا تأخر توزيع العوائد على المودعات في بنوك دولة الكويت

اليوم هو 23 يناير 2008، وحتى هذه اللحظة لم يعلن أي بنك من البنوك في دولة الكويت سواء أكان بنكا تقليديا أو بنكا يعمل وفقا لاحكام الشريعة الإسلامية نسب التوزيعات على المودعات بتلك البنوك أو نسب أرباح المساهمين عن العام المنصرم 2007. ومن الملاحظ ان عملية توزيع العوائد على المودعات وارباح المساهمين بدأت تتأخر عدة ايام سنة عن أخرى.

لماذا تأخذ العملية كل هذا الوقت؟

هل لان البنوك تخشى من بعضها البعض، وان الجميع ينتظر من يأخذ زمام المبادرة ليلحق به باقي البنوك في إعلان نسب التوزيع؟.
هل، مازالت ميزانيات البنوك تراجع في البنك المركزي لاقرار نسب التوزيع، اذا كانت نسب التوزيع تخضع لقيود ما من قبل البنك المركزي؟.
هل لان البنوك لا تملك القوة البشرية أو الامكانيات التقنية التي تمكنها من حساب نسب التوزيع في الوقت المناسب.
هل لان عملية حساب الأرباح ونسب التوزيع للمودعين وأصحاب الأسهم تحتاج إلى كل هذا الوقت الطويل لكي تقرر؟.
هل لان اوضاع البورصة غير مناسبة وأن اعلان نسب التوزيع او الارباح يؤثر على اداءها، خاصة وان القطاع المصرفي من اهم قطاعات البورصة.

الواقع أن أي من هذه الأسباب او أية أسباب أخرى ليست مبررا ذا قيمة، ولا تعطي أي حق لأي بنك في أن يؤخر عملية توزيع الفوائد والأرباح إلى هذا الوقت الطويل جدا. وهل يعقل أن يحدث ذلك في نظام مالي يعلن انه يرغب في التحول إلى مركز مالي عالمي او إقليمي. ان النظام المالي في أي مركز مالي يتسم بالسرعة والديناميكية والحرص على خدمة العميل بأقصى درجة من المهنية.

ما ذا يعني تأخر البنوك في توزيع عوائد المودعات وأرباح المساهمين إلى هذا الحد؟

انه ببساطة يعني انخفاض كفاءة النظام المالي الحالي وقصوره عن حماية حقوق المودعين والمساهمين.
من ناحية اخرى فانه يعني ضعف قوى المنافسة السوقية بين البنوك، وارتفاع درجة التركز السوقي نتيجة لذلك، ودليل على ان السوق لا يعمل بكفاءة في الضغط على اللاعبين الرئيسيين للتحرك بالسرعة المطلوبة وفي الوقت المناسب.
ان تلك المثالب تنعكس سلبا على المودع والمساهم، اذ يعني ذلك ان المودع سوف يفقد عوائد مودعاته، على الأقل لمدة شهر أو شهرين، اذا ما قرر نقل مودعاته إلى بنك آخر، وقد تبدو هذه الخسارة محدودة اذا ما نظرنا اليها من الناحية الجزئية، أي على مستوى المودع، اما اذا نظرنا اليها من الناحية الكلية، أي على مستوى كافة المودعين فان الخسارة تكون هائلة.
وماذا عن بعض المودعين الذين يعيشون على عوائد مودعاتهم، وينتظرون طوال سنة كاملة للحصول على فوائد او عوائد تلك المودعات.
كذلك فان هذا الأمر يحرم المودع من فرصة اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب حول طبيعة المودعات التي يرغب في اقتنائها من جانب والبنك الافضل من وجهة نظره من جانب اخر، وذلك في ضوء تقييم المودع لنسب العوائد الموزعة من بنكه مقارنة بالبنوك الاخرى.
وأخيرا فان هذا السلوك يعكس عدم اهتمام البنوك بعملاءها، وارضائهم بالصورة المناسبة وفي الوقت المناسب.

فهل تعي البنوك نتائج تأخرها في توزيع عوائد مودعاتها وارباحها على مساهميها.