منذ فترة طويلة وهناك جدل كبير بين مؤيد ومعارض لصفقة الداو، والتي تعد أحد المشاريع الإستراتيجية التي عقدتها دولة الكويت مع شركة داو كيميكال في مجال الصناعة النفطية. والمشروع في حد ذاته، بغض النظر عن ما دار حوله من ملاحظات، كان خطوة هامة في سبيل تطوير الصناعة النفطية في دولة الكويت، لو تم عقد الصفقة بصورة تعظم عوائد الكويت وتدني أعباءها من المشروع، ولو تم دراسة المشروع من قبل فريق فني وطني متمرس.
بعد إلغاء مشروع المصفاة الرابعة تلغى الكويت اليوم صفقة مشروع الداو، تحت ضغط نيابي كبير ودفاع مستميت من الوزير المعني، حيث اختارت الحكومة الطريق الأسهل متبعة في ذلك المثل الشعبي الذي يقول "الباب اللي يجي لك من الريح سده واستريح". وهكذا يتهاوى ما سبق أن أعلنت عنه الحكومة من مشروعات كبرى واحدا بعد الآخر. ولكن إذا كان مشروعا ما مثل المصفاة الرابعة أو الداو به عيوبا قانونية، أو يحمل غبنا على الكويت، أو به عيوب فنية فادحة فهل الحل يكون بإلغاء الصفقة؟.
الإجابة هي بالطبع لا، فلن يخلو أي مشروع من المشروعات الضخمة من عيوب، ولا يوجد في العالم ذلك المشروع الكامل المتكامل، حتى في أعتى الدول الصناعية، الذي يخلو من العيوب. وإذا كان التعامل مع الأمور يتم بهذه الصورة، فلن يتم إقرار أي مشروع تنموي في دولة الكويت، لأن أي مشروع لن يخلو من عيوب يستند إليها أي طرف للمطالبة بإلغاء المشروع، بل وستتأثر سمعة الكويت الدولية في مجال الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث ستحجم الشركات الدولية عن الدخول في اتفاقيات مع الكويت لعقد مثل تلك المشروعات المشتركة، طالما انه ليس هناك ضمانة في أن يتم إقرار تلك المشروعات، أو يسهل إلغاءها بجرة قلم، بل وسيحرص كل من يتفاوض مع الدولة أن يضع شرطا جزائيا كبيرا ليضمن بذلك أن جهوده في التفاوض لن تذهب سدى.
الإجراء الطبيعي الذي كان يجب على الحكومة القيام به هو تجميع كافة الملاحظات على المشروع، وتشكيل فريق فني لدراسة تلك الملاحظات في ضوء العقد المبرم مع الشركة وفي ظل التزامات الكويت في العقد، وإعداد الرد الفني المناسب عليها، فإذا ما ثبت صحة تلك الملاحظات يتم إعادة التفاوض مع الشركة المعنية في ضوء التقرير الفني، وإذا ما ثبت عدم صحة تلك الملاحظات يتم السير في إجراءات تنفيذ المشروع، مع إطلاع كافة الإطراف بشفافية تامة على نتيجة التقارير الفنية، أما أن يلغى المشروع بجرة قلم فانه بلا شك هدر للجهود التي بذلت في سبيل دراسته والتفاوض عليه، وإضاعة فرصة هامة لتنفيذ احد المشروعات العملاقة، فضلا عن إساءته الشديدة لسمعة الكويت في مجال الاستثمار الأجنبي المباشر.
ما هو الحل إذن؟ من المؤكد أن الحل لا يكون بإلغاء المشروعات أو الصفقات الكبرى، وإنما بتطوير فريق وطني متمرس يتسم بأعلى درجات المهنية في التفاوض لديه القدرة على عقد الصفقات ودراستها من كافة جوانبها الفنية والقانونية والإدارية والاقتصادية والتسويقية والبيئية وبحيث يمكن تحقيق أعلى المكاسب لدولة الكويت من أي مشروع تموله أو تساهم فيه، وتتدنى تكاليف وأعباء تلك المشروعات على الدولة إلى أدنى حد، ووضع بدائل للتعامل مع أوجه العيب أو النقص في تلك المشروعات.
إذا استمر الوضع بهذا الشكل وأصبح كل مشروع استراتيجي عرضة للإلغاء بسبب عيوبه، فلن تقيم الدولة مشروعا واحدا، لأنه لا يوجد مشروع بدون عيوب، وعلينا أن نتعامل بدرجة عالية من الرشد الاقتصادي في الحكم على المشروعات وان نقبل بقدر ما من التكلفة في سبيل أن تدور العجلة. أما أن تلغى المشروعات بهذا الشكل فان التنمية لا محالة في سبيلها إلى الشلل.
بعد إلغاء مشروع المصفاة الرابعة تلغى الكويت اليوم صفقة مشروع الداو، تحت ضغط نيابي كبير ودفاع مستميت من الوزير المعني، حيث اختارت الحكومة الطريق الأسهل متبعة في ذلك المثل الشعبي الذي يقول "الباب اللي يجي لك من الريح سده واستريح". وهكذا يتهاوى ما سبق أن أعلنت عنه الحكومة من مشروعات كبرى واحدا بعد الآخر. ولكن إذا كان مشروعا ما مثل المصفاة الرابعة أو الداو به عيوبا قانونية، أو يحمل غبنا على الكويت، أو به عيوب فنية فادحة فهل الحل يكون بإلغاء الصفقة؟.
الإجابة هي بالطبع لا، فلن يخلو أي مشروع من المشروعات الضخمة من عيوب، ولا يوجد في العالم ذلك المشروع الكامل المتكامل، حتى في أعتى الدول الصناعية، الذي يخلو من العيوب. وإذا كان التعامل مع الأمور يتم بهذه الصورة، فلن يتم إقرار أي مشروع تنموي في دولة الكويت، لأن أي مشروع لن يخلو من عيوب يستند إليها أي طرف للمطالبة بإلغاء المشروع، بل وستتأثر سمعة الكويت الدولية في مجال الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث ستحجم الشركات الدولية عن الدخول في اتفاقيات مع الكويت لعقد مثل تلك المشروعات المشتركة، طالما انه ليس هناك ضمانة في أن يتم إقرار تلك المشروعات، أو يسهل إلغاءها بجرة قلم، بل وسيحرص كل من يتفاوض مع الدولة أن يضع شرطا جزائيا كبيرا ليضمن بذلك أن جهوده في التفاوض لن تذهب سدى.
الإجراء الطبيعي الذي كان يجب على الحكومة القيام به هو تجميع كافة الملاحظات على المشروع، وتشكيل فريق فني لدراسة تلك الملاحظات في ضوء العقد المبرم مع الشركة وفي ظل التزامات الكويت في العقد، وإعداد الرد الفني المناسب عليها، فإذا ما ثبت صحة تلك الملاحظات يتم إعادة التفاوض مع الشركة المعنية في ضوء التقرير الفني، وإذا ما ثبت عدم صحة تلك الملاحظات يتم السير في إجراءات تنفيذ المشروع، مع إطلاع كافة الإطراف بشفافية تامة على نتيجة التقارير الفنية، أما أن يلغى المشروع بجرة قلم فانه بلا شك هدر للجهود التي بذلت في سبيل دراسته والتفاوض عليه، وإضاعة فرصة هامة لتنفيذ احد المشروعات العملاقة، فضلا عن إساءته الشديدة لسمعة الكويت في مجال الاستثمار الأجنبي المباشر.
ما هو الحل إذن؟ من المؤكد أن الحل لا يكون بإلغاء المشروعات أو الصفقات الكبرى، وإنما بتطوير فريق وطني متمرس يتسم بأعلى درجات المهنية في التفاوض لديه القدرة على عقد الصفقات ودراستها من كافة جوانبها الفنية والقانونية والإدارية والاقتصادية والتسويقية والبيئية وبحيث يمكن تحقيق أعلى المكاسب لدولة الكويت من أي مشروع تموله أو تساهم فيه، وتتدنى تكاليف وأعباء تلك المشروعات على الدولة إلى أدنى حد، ووضع بدائل للتعامل مع أوجه العيب أو النقص في تلك المشروعات.
إذا استمر الوضع بهذا الشكل وأصبح كل مشروع استراتيجي عرضة للإلغاء بسبب عيوبه، فلن تقيم الدولة مشروعا واحدا، لأنه لا يوجد مشروع بدون عيوب، وعلينا أن نتعامل بدرجة عالية من الرشد الاقتصادي في الحكم على المشروعات وان نقبل بقدر ما من التكلفة في سبيل أن تدور العجلة. أما أن تلغى المشروعات بهذا الشكل فان التنمية لا محالة في سبيلها إلى الشلل.
طرحك نابع من قلب محب للكويت. شكرا.
ردحذفأختلف معك بالنسبة للفريق الوطني. لسنا بحاجة الى شريحة بيروقراطية اخرى.
ما نحن بحاجة له هو الثقة بمهنية و الذمة المالية للقائمين على هذه المشاريع.
للأسف هذه الثقة مفقودة بالكثير من القطاعات بالكويت. و سوف تؤخر التنمية.
شكرا أبو سالم على تعليقك الهام، لا يهمني الصيغة، بقدر ما يهمني سرعة سير العجلة، الوقت كما ترى يضيع من بين ايدينا، لدينا فترة قصيرة جدا حتى ينفذ النفط، وعلينا الاستعداد لهذه الفترة بكل ما اوتينا من موارد، للأسف أوضاعنا لا تتحمل ما ترى، وأتفق معك في أن ما يحدث سوف يؤخر التنمية، للأسف نحن لا نشعر بخطر ما يحدث فأوضاع الجيل الحالي بخير ونعمة والحمد لله، ولكن الأجيال القادمة هي من سيدفع ثمنا غاليا لما تراه.
ردحذفشكرا على هذا المقال الرائع ، ويبقى لدينا سؤال عقب القاء مثل هذه المشاريع الضخمة تحت وطأة الوضع السياسي المضطرب ، هل سيكون هنالك ثقة للشركات العالمية مستقبلا ان تقدم على الشراكة لاقامة مشاريع اخرى كبرى مشابهة للمشاريع الملغية ، وهل نضمن ايضا مرة اخرى المتربصين لاعاقة مثل هذه المشاريع باختلاف اجنداتهم السياسية والشخصية ، وهل ستعود الثقة للقطاع النفطي الذي طعن بمصداقيته ومهنيته ؟؟؟
ردحذفشكرا.
ردحذفأتفق معك تماما فيما ذهبت اليه، في أن سمعة الكويت الدولية الآن على المحك. يحضرني في هذا المقام التقرير العالمي للتنافسية الذي ينشره المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا. فقد بدأ التقرير ينشر بيانات عن تنافسية الكويت منذ حوالي 4 سنوات، آخرها في اكتوبر الماضي. وللسنة الرابعة على التوالي تحتل الكويت ذيل قائمة دول العالم المدرجة في التقرير فيما يتعلق بتشجيع الملكية الأجنبية وتأثير القوانين والبيروقراطية على تدفقات الاستثمار الاجنبي الى الداخل.
نحن بلا شك مطالبون بانفتاح أكبر في التعامل مع الاستثمار الاجنبي المباشر وان نهيئ بيئة الاعمال بشكل افضل لضمان تدفقات أعلى للاستثمار الاجنبي المباشر. المسألة بالطبع ليست مسألة تدفق اموال، فلدينا حاليا قدر كبير من الاحتياطيات المالية، ولكن تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر تجلب معها التكنولوجبا والمعرفة وطرق الانتاج والتسويق الحديثة، وسهولة الوصول الى الاسواق العالمية.. الخ. وهو أشد ما تحتاجه الكويت حاليا.