نشرت القبس بتاريخ 29/12/2008 حديثا للوزير العماني المسئول عن الشئون الخارجية يوسف بن علوي والذي شكك بقوة في منفعة العملة الخليجية الموحدة، وأكد فيه أن سلطنة عمان التي سبق أن انسحبت من المشروع لن تنضم إلى العملة الموحدة أبدا، وأنها ليست طرفا في هذا المشروع المثير للجدل، استنادا إلى أن هذه العملة ليس لها مزايا أو مكاسب لكي تكون بديلا لعملات قائمة حاليا تتمتع بالقوة والاستقرار. وعلى الرغم من أن الصوت العماني هو الصوت الذي يغرد، على الأقل في العلن، خارج السرب في موضوع العملة الخليجية الموحدة، إلا أنه من الناحية العلمية الصوت العقلاني الوحيد الذي يقيم الأمور بموضوعية شديدة بعيدا عن العاطفة والشعارات الخاوية من المحتوى التي لا تجد له صدى على أرض واقع التعاون الاقتصادي بين دول المجلس.
الدراسات المتاحة، خصوصا الحديث منها، تشير إلى أن دول مجلس التعاون لا تستوفي كثير من الشروط الأساسية لإطلاق عملة الموحدة وفقا لنظرية منطقة العملة المثلى. إذ تحتاج دول المجلس إلى تنويع هياكلها الاقتصادية، وتوسيع نطاق التجارة البينية، حيث أن دول مجلس التعاون تتاجر مع الدول الأخرى أكثر من تجارتها مع بعضها البعض، وتنسيق السياسات الاقتصادية بحيث يؤخذ في الاعتبار المصالح فوق القومية لتحتل أولوية على المصالح القطرية للدول الأعضاء، فضلا عن ضرورة تبني سياسات مالية متناسقة وضبط المالية العامة للدول الأعضاء.
ويعني ذلك أن إعلان الاستمرار في خطط إطلاق العملة الموحدة في موعدها المحدد يعد بمثابة تبسيط شديد لمسألة في غاية التعقيد، وربما عدم إدراك لطبيعة المشكلات التي يمكن أن تترتب على إطلاق عملة موحدة بدون توافر أرضية ممهدة لإطلاقها، حيث أن أرضية التكامل الاقتصادي لدول مجلس التعاون والتي يستند إليها في إطلاق عملة موحدة ليست متينة بالشكل الذي يبدو للعيان، ذلك أن هناك الكثير من الخطوات التي لم تتخذ بعد في بناء التكامل الاقتصادي بين دول المجلس والتي ينبغي أن يوجه إليها اهتمام اكبر من مسألة إطلاق العملة الموحدة. فهل يعقل أن يتم إطلاق عملة موحدة بعد 3 سنوات فقط من إنشاء سوق خليجية مشتركة؟ وهل يعقل إنشاء سوق مشتركة قبل أن يتم اكتمال الاتحاد الجمركي وإرساء أوضاعه بشكل كامل؟ من الواضح أن دول المجلس تطلق مشاريع التعاون الواحد تلو الآخر دون أن تتأكد من اكتمال نجاحها أو توافر الشروط الأساسية اللازمة لإطلاقها، خصوصا من الناحية التشريعية. فهناك جهد تشريعي ضخم يجب أن يبذل من قبل دول المجلس في توحيد قوانين الشركات وقوانين العمل وقوانين التجارة وقوانين الضرائب وقوانين الاستثمار وقوانين التأمينات الاجتماعية وقوانين التأمين الصحي ... الخ، حتى يقال انه تم تهيئة الأرضية اللازمة للسوق المشتركة. إن خطورة مثل هذا الوضع تتمثل في انه مع إطلاق المزيد من المشروعات الناقصة في مجال التعاون، تتعقد طبيعة المشكلات التي تواجه كل مرحلة وتتضاعف، ربما بالشكل الذي قد يجعل عملية التغلب على العقبات المصاحبة لها مسألة معقدة وقد تؤثر بشكل سلبي على مسيرة التعاون برمته.
من ناحية أخرى تنخفض استفادة دول المجلس من إطلاق هذه العملة الموحدة، على سبيل المثال في دعم التجارة البينية فيما بينها بسبب عدم التنوع السلعي، والاعتماد المكثف على النفط الخام.حيث تشير بيانات كثافة التجارة بين دول المجلس أن هذه الدول أكثر ارتباط من الناحية التجارية مع العالم الخارجي، والذي يرجع إلى التشابه الكبير في طبيعة مستويات النشاط الاقتصادي بتلك الدول، واعتماده بشكل أساسي على تصدير النفط الخام، وانخفاض الجهد المبذول في مجال إنشاء المشروعات المشتركة التي تساعد على إحداث تكامل اكبر لأسواق تلك الدول فيما بينها. كذلك فان الأسعار العامة والأجور في القطاعين الحكومي والعام تتسم بالجمود النسبي، ومن ثم فان دول المجلس لا تستطيع استيعاب الصدمات اللا متماثلة في حالة تثبيت معدلات الصرف، ومن ثم سوف يظل الاعتماد المكثف على النفط ودرجة كثافة الواردات من خارج الإقليم أهم العوائق أمام إنشاء عملة خليجية موحدة. حيث ترتفع معها درجة اعتماد الاقتصاديات الخليجية على الخارج، ومن ثم تنخفض معها الحاجة إلى إنشاء عملة إقليمية موحدة.
وغني عن البيان أن جميع عملات دول مجلس التعاون تتمتع بالاستقرار الشديد، مقارنة بعملات الدول النامية الأخرى، يساعدها في ذلك توافر حجم لا بأس به من الاحتياطيات، والتزام تلك الدول، عدا الكويت، بالمثبت المشترك، وهو الدولار الأمريكي، وهو ما يجعل الفوائد المتوقعة من إصدار العملة الخليجية الموحدة على الاستقرار النقدي محدودة في ضوء هذه الظروف، خصوصا إذا كانت الاعتبارات الاقتصادية تفرض أن تكون العملة الجديدة مربوطة بالدولار، المثبت الحالي لعملات دول المجلس. أتفق مع وزير الشئون الخارجية العمان في أنه بما أن دول المجلس لا تستوفي شروط إنشاء الاتحاد النقدي يفضل عدم المضي في الوقت الحالي في إطلاق العملة الموحدة.
الدراسات المتاحة، خصوصا الحديث منها، تشير إلى أن دول مجلس التعاون لا تستوفي كثير من الشروط الأساسية لإطلاق عملة الموحدة وفقا لنظرية منطقة العملة المثلى. إذ تحتاج دول المجلس إلى تنويع هياكلها الاقتصادية، وتوسيع نطاق التجارة البينية، حيث أن دول مجلس التعاون تتاجر مع الدول الأخرى أكثر من تجارتها مع بعضها البعض، وتنسيق السياسات الاقتصادية بحيث يؤخذ في الاعتبار المصالح فوق القومية لتحتل أولوية على المصالح القطرية للدول الأعضاء، فضلا عن ضرورة تبني سياسات مالية متناسقة وضبط المالية العامة للدول الأعضاء.
ويعني ذلك أن إعلان الاستمرار في خطط إطلاق العملة الموحدة في موعدها المحدد يعد بمثابة تبسيط شديد لمسألة في غاية التعقيد، وربما عدم إدراك لطبيعة المشكلات التي يمكن أن تترتب على إطلاق عملة موحدة بدون توافر أرضية ممهدة لإطلاقها، حيث أن أرضية التكامل الاقتصادي لدول مجلس التعاون والتي يستند إليها في إطلاق عملة موحدة ليست متينة بالشكل الذي يبدو للعيان، ذلك أن هناك الكثير من الخطوات التي لم تتخذ بعد في بناء التكامل الاقتصادي بين دول المجلس والتي ينبغي أن يوجه إليها اهتمام اكبر من مسألة إطلاق العملة الموحدة. فهل يعقل أن يتم إطلاق عملة موحدة بعد 3 سنوات فقط من إنشاء سوق خليجية مشتركة؟ وهل يعقل إنشاء سوق مشتركة قبل أن يتم اكتمال الاتحاد الجمركي وإرساء أوضاعه بشكل كامل؟ من الواضح أن دول المجلس تطلق مشاريع التعاون الواحد تلو الآخر دون أن تتأكد من اكتمال نجاحها أو توافر الشروط الأساسية اللازمة لإطلاقها، خصوصا من الناحية التشريعية. فهناك جهد تشريعي ضخم يجب أن يبذل من قبل دول المجلس في توحيد قوانين الشركات وقوانين العمل وقوانين التجارة وقوانين الضرائب وقوانين الاستثمار وقوانين التأمينات الاجتماعية وقوانين التأمين الصحي ... الخ، حتى يقال انه تم تهيئة الأرضية اللازمة للسوق المشتركة. إن خطورة مثل هذا الوضع تتمثل في انه مع إطلاق المزيد من المشروعات الناقصة في مجال التعاون، تتعقد طبيعة المشكلات التي تواجه كل مرحلة وتتضاعف، ربما بالشكل الذي قد يجعل عملية التغلب على العقبات المصاحبة لها مسألة معقدة وقد تؤثر بشكل سلبي على مسيرة التعاون برمته.
من ناحية أخرى تنخفض استفادة دول المجلس من إطلاق هذه العملة الموحدة، على سبيل المثال في دعم التجارة البينية فيما بينها بسبب عدم التنوع السلعي، والاعتماد المكثف على النفط الخام.حيث تشير بيانات كثافة التجارة بين دول المجلس أن هذه الدول أكثر ارتباط من الناحية التجارية مع العالم الخارجي، والذي يرجع إلى التشابه الكبير في طبيعة مستويات النشاط الاقتصادي بتلك الدول، واعتماده بشكل أساسي على تصدير النفط الخام، وانخفاض الجهد المبذول في مجال إنشاء المشروعات المشتركة التي تساعد على إحداث تكامل اكبر لأسواق تلك الدول فيما بينها. كذلك فان الأسعار العامة والأجور في القطاعين الحكومي والعام تتسم بالجمود النسبي، ومن ثم فان دول المجلس لا تستطيع استيعاب الصدمات اللا متماثلة في حالة تثبيت معدلات الصرف، ومن ثم سوف يظل الاعتماد المكثف على النفط ودرجة كثافة الواردات من خارج الإقليم أهم العوائق أمام إنشاء عملة خليجية موحدة. حيث ترتفع معها درجة اعتماد الاقتصاديات الخليجية على الخارج، ومن ثم تنخفض معها الحاجة إلى إنشاء عملة إقليمية موحدة.
وغني عن البيان أن جميع عملات دول مجلس التعاون تتمتع بالاستقرار الشديد، مقارنة بعملات الدول النامية الأخرى، يساعدها في ذلك توافر حجم لا بأس به من الاحتياطيات، والتزام تلك الدول، عدا الكويت، بالمثبت المشترك، وهو الدولار الأمريكي، وهو ما يجعل الفوائد المتوقعة من إصدار العملة الخليجية الموحدة على الاستقرار النقدي محدودة في ضوء هذه الظروف، خصوصا إذا كانت الاعتبارات الاقتصادية تفرض أن تكون العملة الجديدة مربوطة بالدولار، المثبت الحالي لعملات دول المجلس. أتفق مع وزير الشئون الخارجية العمان في أنه بما أن دول المجلس لا تستوفي شروط إنشاء الاتحاد النقدي يفضل عدم المضي في الوقت الحالي في إطلاق العملة الموحدة.
دكتور محمد،
ردحذفوجهة نظرك و وجهة نظر الوزير العماني من الناحية الفنية الاقتصادية صحيحة.
ولكن لننظر خارج الصندوق الفني البحت. مواطني دول مجلس التعاون بحاجة لوسيلة تسهل تعاملهم المالي الاستهلاكي.
هناك الكثير منا يسافر مرات عديدة بالسنة الى دول المجلس. و عدم وجود عملة موحدة امر مزعج إلا لشركات الصرافة.
لذلك لتكن هناك عملة موحدة موازية للعملات المحلية. هذه العملة ستسهل الكثير من الامور للناس و تزيد التعامل التجاري بين هذه الدول. و يمكن هناك حاجة عربية لمثل هذه العملة.
حاليا بحقيبة يدي جنية مصري، ليرة لبنانية، و ريال سعودي. هل هذا صحيح من الناحية المالية؟
شكرا بو سالم على تعليقك القيم.
ردحذفمن الناحية الفنية والعملية كلامك صحيح تماما، وجود العملة الموحدة سيسهل كثيرا من الأمور على الأفراد، خصوصا الذين يسافرون بشكل مستمر بين تلك الدول، وهذه هي إحدى الحجج الأساسية لإنشاء عملة موحدة. ليس هذا فقط، بل هناك فوائد أعظم للعملة الموحدة أهمها زيادة تدفقات التجارة والاستثمار وزيادة مستويات النمو ورفع كفاءة أسواق المال ودعم الاستقرار النقدي والمالي وتخفيض تكاليف الإصدار النقدي وزيادة إمكانيات التعاون السياسي بين الدول الأعضاء.
بالنسبة للنقطة التي أثرتها، علينا أن نفرق بين الأمور من منظورها الجزئي ومنظورها الكلي، أي على مستوى المجلس. نحن نحتاج لعملة موحدة لكي نسهل معاملاتنا التجارية والمالية والسياحية.. الخ ومن ثم نقلل من تكاليف عمليات تحويل العملات لبعضها البعض عند إجراء المعاملات المختلفة، وبالنسبة للمتعاملين في صفقات ضخمة للتقليل من تكاليف عمليات التحوط ضد أي تقلبات متوقعة في معدلات صرف العملات الخليجية.
عندما تقرر أوروبا إلغاء عملاتها الوطنية واستبدالها بعملة موحدة لأنها تتبادل فيما بينها ما يزيد عن 60% من تجارتها، فان الفائدة تكون واضحة جدا من إطلاق اليورو، هذا فقط بالنسبة للسلع، الأمر طبعا اكبر بالنسبة للخدمات. بالنسبة لدول المجلس فان تجارتها البينية لا تتجاوز 6% على أفضل الأحوال، أي أن 94% من تجارتها تتم مع دول أخرى بعملات مختلفة. هنا يثور التساؤل هل حسابات التكاليف والعائد تبرر إلغاء عملات وطنية قوية ومستقرة لاستبدالها بعملة موحدة يحيط بها الكثير من عوامل المخاطرة وعدم الاستقرار الكامن والناجم عن تقلبات مستويات النشاط الاقتصادي في هذه الدول كل على حده واختلاف سياساتها المالية والنقدية بشكل بين، من اجل تسهيل عملية تمويل هذا الجز البسيط من التجارة البينية.
الأمر الثاني: إطلاق عملة موحدة يقتضي درجة كبيرة من التنويع الاقتصادي بحيث يمكن التعامل مع الصدمات الاقتصادية اللا متماثلة بسهولة. إن فحص هيكل الصادرات لدول المجلس يشير إلى انخفاض درجة التنويع الاقتصادي بشكل واضح، حيث ترتفع نسبية الصادرات النفطية إلى إجمالي الصادرات، بينما تنخفض نسبة الصادرات غير النفطية إلى إجمالي الصادرات بشكل ملفت للنظر. ويعنى التركز الشديد لصادرات دول المجلس أن هذه الدول أكثر عرضة للصدمات الخارجية، في ظل هذا الوضع لن تفيد العملة الموحدة التكتل لان السياسات النقدية سوف تكون بلا فاعلية. واستنادا إلى انخفاض درجة تنوع اقتصاديات دول المجلس فان دول المجلس لا تمثل حالة جيدة لإنشاء اتحاد نقدي.
الأمر الثالث: إطلاق عملة موحدة يقتضى ضرورة ارتفاع مرونة الأجور الحقيقية في الدول الأعضاء في التكتل لكي يسهل التعامل مع مشكلة البطالة على مستوى دول المجلس، ومن الواضح أن أسواق العمل في دول المجلس تتسم بالتجزئة الشديدة، في ظل وجود سوقين منفصلين إلى حد كبير للعمل. حيث نجد أن العمالة الوطنية، وبصفة خاصة العمالة مرتفعة التأهيل تفضل العمل في القطاعين الحكومي والعام، بسبب العديد من المزايا أهمها ارتفاع مستويات الأجور وعبئ العمل المنخفض وضمان الترقي بصورة شبه أوتوماتيكية .. الخ. أي أن أجور العمالة الوطنية لا تتحدد وفقا لقوى العرض والطلب في سوق العمل، وإنما تعد احد متغيرات السياسة الحكومية في توظيف قوة العمل، ومن ثم فان مستويات الأجور الحقيقية لقوة العمل تعتمد على القوة التفاوضية التي تملكها نقابات العمل الوطنية وجماعات الضغط على الحكومة في هذه الدول. وفي ظل هذه الأوضاع لا يتوقع أن تتغير مستويات الأجور للعمالة الوطنية وفقا لاتجاهات العرض والطلب في سوق العمل، حيث أن مرونة عرض العمل بالنسبة للأجور تعد محدودة جدا. من ناحية أخرى فان سوق العمل الخاص يعتمد بصفة أساسية على العمالة الوافدة، ذات الأجور الأقل. ويمكن القول بأن عرض العمالة الوافدة عرض لا نهائي المرونة بالنسبة لمستوى الأجر الحقيقي. وبصفة عامة تقل استجابة العمالة الوافدة لتغيرات مستويات الأجور الحقيقية بسبب العرض اللانهائي من تلك العمالة.
الأمر الرابع: إطلاق عملة موحدة يقتضي مرونة تامة في إدارة شئون السياسات النقدية من خلال مؤسسة فوق قومية تتولى هذه المهمة لكي تضمن استقرار تلك العملة مثل "البنك المركزي الأوروبي"، في أوروبا تعودوا أن تكون هناك مؤسسات فوق قومية تصدر قرارات ربما لا تفيد كافة الدول الأعضاء في التكتل، ولكنها هذه الأخيرة تتحمل تكلفة ذلك من اجل مصلحة التكتل بشكل عام، كما أن هناك آليات للتعامل مع العضو الذي لا يلتزم بقرارات المؤسسات فوق القومية، أي أن هناك ثقافة قبول الفوق قوميات. هل نحن في المجلس لدينا مثل هذه المؤسسات، والأمر الأكثر أهمية، هل لدينا استعداد للتخلي عن جانب من سيادتنا الوطنية لمصلحة المؤسسة فوق القومية الخليجية (لا يوجد حتى الآن مؤسسة فوق قومية في المجلس على سبيل المثال المحكمة الخليجية الموحدة).
الأمر الخامس: إطلاق عملة موحدة يقتضي ضرورة أن تكون السياسات والقوانين المختلفة في دول التكتل بينها درجة كبيرة من التشابه أو التناغم، مثل قوانين التجارة، قوانين الضرائب، قوانين العمل، قوانين المعاشات، قوانين الشركات... الخ. والأكثر من ذلك أن تتسم عملية تعديل تلك القوانين بالمرونة فهل هذا ممكن.
الأمر السادس: إطلاق عملة موحدة يقتضي ضرورة أن تكون أسواق العمل في الدول الأعضاء تتسم بالمرونة والديناميكية، بحيث يمكن التعامل مع مشكلات البطالة على المستوى الخليجي من خلال حرية تدفق العمال العاطلين بين أسواق دول المجلس، والأمر الأهم أن تكون هناك مرونة في الأجور بحيث تمكن من التعامل مع مشكلة البطالة، كما سبقت الإشارة، فهل هذا متاح.
الأمر السابع: إطلاق عملة موحدة يقتضي أن تتسم عملية تحديد الأسعار بالمرونة الكافية وفقا لقوى العرض والطلب بحيث يمكن التعامل بسهولة مع ما ينشأ من مشكلات مرتبطة بالتضخم، أو الانكماش، فهل الأسعار في دول المجلس حرة 100%.
الأمر الثامن أن دول مجلس التعاون الخليجي قد تبنت نفس معايير التقارب (معايير الالتزام بمتطلبات الدخول في الاتحاد النقدي) التي نصت عليها اتفاقية ماسترخت في عملية قص ولصق، وهي:
ألا تزيد نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي عن 60٪
ألا يزيد عجز الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي عن 3٪
إلا يزيد معدل التضخم عن المتوسط المرجح + 2٪
إلا يزيد سعر الفائدة في المتوسط عن متوسط أدنى ثلاث دول + 2٪
إلا تقل الاحتياطيات من النقد الأجنبي عن 4 اشهر من إجمالي الواردات
في أوروبا كل متغير من هذه المتغيرات يعني شيئا، وفي حال استيفاء احدى الدول لهذه المعايير عند الدخول فان احتمال استمرارها في الحفاظ على هذه المعايير يكون كبيرا، أما في دول المجلس فليس هناك أي ضمان من أن استيفاء تلك المتطلبات عند الدخول سوف يعني استمرارها هكذا، حيث انه من الممكن ان تتغير أسعار النفط بصورة تقلب الأمور في تلك الدول رأسا على عقب، مما يخلق عوامل عدم استقرار للعملة الموحدة. صحيح أن هذه المخاطرة موجودة حاليا، ولكن أثرها على العملات القومية ما زال محدودا، عندما تنشأ العملة الموحدة فإن آثار تلك الضغوط على العملة سوف تتضاعف.
الأمر الأخير: في حال وجود عملة موحدة لا بد من اتباع سياسة نقدية موحدة في كافة دول المجلس، وهو ما يقتضى ضرورة تماثل الصدمات الاقتصادية التي تتعرض لها تلك الدول لكي يتم تصميم وتنفيذ سياسة نقدية موحدة تصلح لجميع الدول. في حال تشابه هياكل الإنتاج (لا أقصد هنا النفط)، تسهل مهمة تصميم وتنفيذ سياسة نقدية موحدة تصلح للتطبيق على جميع الدول. غير أن ذلك يقتضي ضرورة أن يتوافر لدى صانع السياسة النقدية الخليجي إحصاءات دقيقة وحديثة تمكنه من التعرف على مجريات ما يحدث من أمور داخل دول المجلس ومن ثم اتخاذ الإجراءات المناسبة للتعامل مع ما يطرأ من مشكلات اقتصادية في الوقت المناسب، فهل تتوافر هذه الإحصاءات بهذه الصورة في دول المجلس، وإذا لم يكن ذلك صحيحا، فان الأمر المحتمل أن يتم تصميم السياسات وتنفيذها في التوقيت الخاطئ بسبب عدم تدفق المعلومات في الوقت الصحيح.
في ظل هذه القيود، فانه من المحتمل أن تتعرض العملة المقترحة لضغوط شديدة في حال المضي في إنشاءها، ومن ثم تكون الدول الأعضاء في المجلس قد تخلت عن عملاتها الوطنية التي تتسم حاليا بالثبات الشديد والقوة، بعملة تحيط بها العديد من مخاطر عدم الاستقرار. وهذا ما قصدته في هذه الرسالة. مع أطيب تحياتي وشكري على متابعتك.
امممم ..في رأيي المتواضع جدا.
ردحذفأعتقد بأن العملة الموحده ستصدر على أساس عاطفي بحت ..
" خليجنا واحد " .. و شعارات كهذه..
ثم اني لا أعتقد اننا في أزمة بسبب تعدد العملات بين دول الخليج .. كي نحتاج لأن نوحد عملتنا ..
و كما ذكرت حضرتك آنفا .. لا يوجد تعاملات " تجارية " غزيرة بين دول الخليج بشكل يستدعي توحيد العملة .
السؤال الذي يخطر ببالي دكتور هو ...
هل سيكون لهذه العملة الموحده أثر على الاسعار ؟؟؟
شكرا هنادي
ردحذفأثر العملة الموحدة، إذا انشئت، على الاسعار سوف يعتمد على مدى فعالية السياسة النقدية التي تدير تلك العملة، وقدرتها على التحكم في اتجاهات الطلب الكلي في دول المجلس. فإن كانت تلك السياسات متحفظة، كما هو الحال حاليا في دول المجلس، فان أثر اطلاق العملة الموحدة على الاسعار سيكون حميدا. أما اذا ما صاحب تلك العملة افراط في اصدارها، ونقص في فعالية السياسة النقدية الخليجية الموحدة، فمن الممكن ان يكون لها تأثيرا سلبيا في صورة ارتفاع معدلات التضخم في المنطقة.