حَبَس العالم أنفاسه هذا الأسبوع حتى نَفّذ الجمهوريون وعدهم بإغلاق
أبواب الحكومة الأمريكية، حتى يستجيب الرئيس أوباما لمطالبهم بتأجيل برنامج
الرعاية الصحية، المعروف باسم ''أوباما كير''؛ وفشل الكونجرس في إقرار
الميزانية الأمريكية للعام المالي 2013 - 2014.
وأصبحت الحكومة الأمريكية، بدءاً من الساعة 12 صباح الأول من تشرين الأول (أكتوبر) دون تمويل، وأصبح نحو 800 ألف عامل في الحكومة الأمريكية، الذين يعملون في وظائف غير أساسية، في إجازة دون أجر بسبب عدم وجود اعتمادات لصرف أجورهم.
لم أكن أتوقع أن تصل الأمور إلى هذه النقطة، وكنت شبه متيقن أن الكونجرس سيتوصل إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة، مثلما عهدنا في أزمات رفع سقف الدَّين.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تغلق الحكومة الأمريكية أبوابها بسبب الخلاف حول القضايا المالية عند إقرار الميزانية، فعلى مدى الفترة من 30 أيلول (سبتمبر) 1986 حتى 6 كانون الثاني (يناير) 1996، تم إغلاق الحكومة الأمريكية 17 مرة، لفترات تراوحت بين يوم واحد إلى شهر تقريبا، وهذه هي المرة الـ 18 التي تغلق فيها الحكومة الأمريكية أبوابها.
أصابع الاتهام تتوجه حاليا نحو الحزب الجمهوري، بصفة خاصة الجناح الذي يُسمى حزب الشاي، الذي يُفضّل حجما أقل للحكومة وسيطرة أكبر على نمو الدَّين العام، ورقابة أفضل على الإنفاق الحكومي.
حزب الشاي يَتحمّل المخاطرة التي يمكن أن تنشأ عن الإغلاق، لكنه في الوقت ذاته يظهر للشعب الأمريكي أنه مُستعد للوقوف في وجه الرئيس حتى تتم السيطرة على عجز الميزانية، ونمو الدَّين الأمريكي، وحل مشكلة الانفلات المالي الذي تعانيه أمريكا منذ فترة.
بالتأكيد الإغلاق الحالي يحيط به العديد من المخاطر، وفي رأيي لا يجب التضخيم من آثاره المتوقعة، لسبب أساسي هو أن الإغلاق غالبا لا يستمر لفترات طويلة، وتأثير الإغلاق الحالي حتى الآن على الأسواق لم يكن عنيفا مثلما كان متوقعا، لأن هناك شبه اقتناع بأن الإغلاق سيكون مؤقتا كما تخبرنا التجربة الأمريكية مسبقا.
ومن المؤكد أن أبواب الحكومة ستفتح مرة أخرى عند اتفاق الحزبين، وحاليا يحاول كل حزب التمسك بأوراقه لتحقيق التقدم في المفاوضات على حساب الحزب الآخر، والعالم يقف موقف المتفرج ويجبر على أن يدفع الثمن، ثمن أن يكون في العالم قطب اقتصادي ضخم يعرضه من وقت لآخر إلى هزات عنيفة لا ناقة له فيها ولا جمل.
ما يُعقّد المخاطر التي يمكن أن يواجهها العالم، هو التوقيت الحرج لعملية الإغلاق، حيث يأتي في مرحلة حرجة للغاية للاقتصاد الأمريكي والاقتصاد العالمي في الوقت ذاته، فما زال وضع الديون الأوروبية هشّا، وما زال النمو في الاقتصاديات الناشئة ضعيفا، وما زالت حرب العملات في العالم تنتظر من يطلق الرصاصة الأولى فيها، إلى آخر هذه المخاطر التي تلف الاقتصاد العالمي حاليا، وحتى هذه اللحظة فإن تراجع ثقة المستثمرين وتراجع قيمة الدولار هما أهم ضحايا إغلاق الحكومة.
الخطورة الأساسية تنشأ إذا ما استمر الإغلاق لفترة طويلة، إذا حدث هذا فمن المتوقع أن تكون آثار الإغلاق على الولايات المتحدة والعالم أكثر عنفا.
وقد تَسبّب الإغلاق الحالي في خفض قيمة الدولار بنحو 0.5 في المائة تقريبا، الأمر الذي يضر باقتصاديات دول الخليج، فإذا ما أخذنا في الاعتبار إجمالي الإيرادات من النفط فإن ذلك يعني خسارة بمليارات الدولارات.
انخفاض قيمة الدولار لا يقتصر ضرره على الدول النفطية، لكنه أيضا يضر بالاقتصادات المنافسة للولايات المتحدة مثل الدول الصناعية في أوروبا واليابان، حيث يَتسبّب تراجع الدولار في ارتفاع قيمة عملات هذه الدول ومن ثم تراجع قدراتها التنافسية، رغم سعيها لإبقاء عملاتها ضعيفة حتى تستطيع المنافسة.
واستمرار انخفاض الدولار سيدفع بالتأكيد دولا مثل اليابان وبريطانيا نحو ضخ مزيد من النقود لإبقاء معدلات الفائدة منخفضة وإضعاف عملاتها بصورة أكبر، كما قد يؤخر خطط تقليص برامج التقشف في أوروبا، بما تحمله من انعكاسات سلبية على النمو في العالم وفي الدول الناشئة مثل الصين.
من ناحية أخرى، فإن ضعف الدولار، رغم أنه قد يعزز القدرات التنافسية لأمريكا، إلا أنه من الممكن أن يؤثر بشكل سلبي في الإقبال على السندات الأمريكية من جانب المستثمرين الكبار في العالم مثل الصين، وقد يُقلّل من تدفقات رؤوس الأموال إلى الولايات المتحدة من الخارج.
أكثر من هذا قد يؤدي طول مفاوضات التوصل إلى اتفاق لفتح أبواب الحكومة، إلى دفع مؤسسات التصنيف الائتماني مثل ''ستاندرد آند بور'' إلى تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة مرة أخرى، الأمر الذي يرفع من معدلات العائد المطلوب على السندات الأمريكية، وهو ما يُعقّد من مشكلة الميزانية وكذلك من وضع الدَّين العام الأمريكي. من أهم آثار الإغلاق أيضا، تأثيره على ثقة المستثمرين في الأسواق ورؤية قطاع الأعمال الخاص لآفاق النمو المستقبلي، ومن ثم قراراته الاستثمارية، فما زال الانتعاش الأمريكي هشا، وما زالت معدلات البطالة مرتفعة وتتحسن ببطء شديد، رغم جهود الإنعاش التي تبذلها الحكومة الأمريكية لتحفيز الاقتصاد على فتح المزيد من الوظائف.
كذلك من المتوقع إذا استمر الإغلاق أن يؤثر ذلك سلبا في معدلات نمو الاقتصاد الأمريكي كما حدث من قبل. فعلى سبيل المثال عندما تم إغلاق الحكومة الأمريكية نحو شهر في عهد الرئيس كلينتون انخفض النمو الاقتصادي بنحو 1.4 في المائة، الأمر الذي يعظم من تأثير المخاطر المحتملة لإغلاق الحكومة حاليا في هذه المرحلة الحرجة من عمر الاقتصاد الأمريكي.
يحمل تراجع النمو الأمريكي مخاطر للعالم أجمع، خاصة للدول النفطية، ومصدر هذا الخطر الأساسي يأتي من الآثار المعاكسة لتراجع النمو على الاقتصاد العالمي، ومن ثم الطلب على النفط، في وقت يحتاج العالم فيه إلى استقرار الاقتصاد الأمريكي، حتى تشيع الثقة في الأسواق ولدى المستثمرين في كافة أنحاء العالم.
فإلى متى يستمر الحزبان الأمريكيان يتلاعبان بالاستقرار المالي الأمريكي؟ ومتى يشعر هؤلاء بالمسؤولية تجاه العالم الذي يتأثر على نحو واضح بمعطيات الاقتصاد الأمريكي أكثر من أي شيء آخر؟
وأصبحت الحكومة الأمريكية، بدءاً من الساعة 12 صباح الأول من تشرين الأول (أكتوبر) دون تمويل، وأصبح نحو 800 ألف عامل في الحكومة الأمريكية، الذين يعملون في وظائف غير أساسية، في إجازة دون أجر بسبب عدم وجود اعتمادات لصرف أجورهم.
لم أكن أتوقع أن تصل الأمور إلى هذه النقطة، وكنت شبه متيقن أن الكونجرس سيتوصل إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة، مثلما عهدنا في أزمات رفع سقف الدَّين.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تغلق الحكومة الأمريكية أبوابها بسبب الخلاف حول القضايا المالية عند إقرار الميزانية، فعلى مدى الفترة من 30 أيلول (سبتمبر) 1986 حتى 6 كانون الثاني (يناير) 1996، تم إغلاق الحكومة الأمريكية 17 مرة، لفترات تراوحت بين يوم واحد إلى شهر تقريبا، وهذه هي المرة الـ 18 التي تغلق فيها الحكومة الأمريكية أبوابها.
أصابع الاتهام تتوجه حاليا نحو الحزب الجمهوري، بصفة خاصة الجناح الذي يُسمى حزب الشاي، الذي يُفضّل حجما أقل للحكومة وسيطرة أكبر على نمو الدَّين العام، ورقابة أفضل على الإنفاق الحكومي.
حزب الشاي يَتحمّل المخاطرة التي يمكن أن تنشأ عن الإغلاق، لكنه في الوقت ذاته يظهر للشعب الأمريكي أنه مُستعد للوقوف في وجه الرئيس حتى تتم السيطرة على عجز الميزانية، ونمو الدَّين الأمريكي، وحل مشكلة الانفلات المالي الذي تعانيه أمريكا منذ فترة.
بالتأكيد الإغلاق الحالي يحيط به العديد من المخاطر، وفي رأيي لا يجب التضخيم من آثاره المتوقعة، لسبب أساسي هو أن الإغلاق غالبا لا يستمر لفترات طويلة، وتأثير الإغلاق الحالي حتى الآن على الأسواق لم يكن عنيفا مثلما كان متوقعا، لأن هناك شبه اقتناع بأن الإغلاق سيكون مؤقتا كما تخبرنا التجربة الأمريكية مسبقا.
ومن المؤكد أن أبواب الحكومة ستفتح مرة أخرى عند اتفاق الحزبين، وحاليا يحاول كل حزب التمسك بأوراقه لتحقيق التقدم في المفاوضات على حساب الحزب الآخر، والعالم يقف موقف المتفرج ويجبر على أن يدفع الثمن، ثمن أن يكون في العالم قطب اقتصادي ضخم يعرضه من وقت لآخر إلى هزات عنيفة لا ناقة له فيها ولا جمل.
ما يُعقّد المخاطر التي يمكن أن يواجهها العالم، هو التوقيت الحرج لعملية الإغلاق، حيث يأتي في مرحلة حرجة للغاية للاقتصاد الأمريكي والاقتصاد العالمي في الوقت ذاته، فما زال وضع الديون الأوروبية هشّا، وما زال النمو في الاقتصاديات الناشئة ضعيفا، وما زالت حرب العملات في العالم تنتظر من يطلق الرصاصة الأولى فيها، إلى آخر هذه المخاطر التي تلف الاقتصاد العالمي حاليا، وحتى هذه اللحظة فإن تراجع ثقة المستثمرين وتراجع قيمة الدولار هما أهم ضحايا إغلاق الحكومة.
الخطورة الأساسية تنشأ إذا ما استمر الإغلاق لفترة طويلة، إذا حدث هذا فمن المتوقع أن تكون آثار الإغلاق على الولايات المتحدة والعالم أكثر عنفا.
وقد تَسبّب الإغلاق الحالي في خفض قيمة الدولار بنحو 0.5 في المائة تقريبا، الأمر الذي يضر باقتصاديات دول الخليج، فإذا ما أخذنا في الاعتبار إجمالي الإيرادات من النفط فإن ذلك يعني خسارة بمليارات الدولارات.
انخفاض قيمة الدولار لا يقتصر ضرره على الدول النفطية، لكنه أيضا يضر بالاقتصادات المنافسة للولايات المتحدة مثل الدول الصناعية في أوروبا واليابان، حيث يَتسبّب تراجع الدولار في ارتفاع قيمة عملات هذه الدول ومن ثم تراجع قدراتها التنافسية، رغم سعيها لإبقاء عملاتها ضعيفة حتى تستطيع المنافسة.
واستمرار انخفاض الدولار سيدفع بالتأكيد دولا مثل اليابان وبريطانيا نحو ضخ مزيد من النقود لإبقاء معدلات الفائدة منخفضة وإضعاف عملاتها بصورة أكبر، كما قد يؤخر خطط تقليص برامج التقشف في أوروبا، بما تحمله من انعكاسات سلبية على النمو في العالم وفي الدول الناشئة مثل الصين.
من ناحية أخرى، فإن ضعف الدولار، رغم أنه قد يعزز القدرات التنافسية لأمريكا، إلا أنه من الممكن أن يؤثر بشكل سلبي في الإقبال على السندات الأمريكية من جانب المستثمرين الكبار في العالم مثل الصين، وقد يُقلّل من تدفقات رؤوس الأموال إلى الولايات المتحدة من الخارج.
أكثر من هذا قد يؤدي طول مفاوضات التوصل إلى اتفاق لفتح أبواب الحكومة، إلى دفع مؤسسات التصنيف الائتماني مثل ''ستاندرد آند بور'' إلى تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة مرة أخرى، الأمر الذي يرفع من معدلات العائد المطلوب على السندات الأمريكية، وهو ما يُعقّد من مشكلة الميزانية وكذلك من وضع الدَّين العام الأمريكي. من أهم آثار الإغلاق أيضا، تأثيره على ثقة المستثمرين في الأسواق ورؤية قطاع الأعمال الخاص لآفاق النمو المستقبلي، ومن ثم قراراته الاستثمارية، فما زال الانتعاش الأمريكي هشا، وما زالت معدلات البطالة مرتفعة وتتحسن ببطء شديد، رغم جهود الإنعاش التي تبذلها الحكومة الأمريكية لتحفيز الاقتصاد على فتح المزيد من الوظائف.
كذلك من المتوقع إذا استمر الإغلاق أن يؤثر ذلك سلبا في معدلات نمو الاقتصاد الأمريكي كما حدث من قبل. فعلى سبيل المثال عندما تم إغلاق الحكومة الأمريكية نحو شهر في عهد الرئيس كلينتون انخفض النمو الاقتصادي بنحو 1.4 في المائة، الأمر الذي يعظم من تأثير المخاطر المحتملة لإغلاق الحكومة حاليا في هذه المرحلة الحرجة من عمر الاقتصاد الأمريكي.
يحمل تراجع النمو الأمريكي مخاطر للعالم أجمع، خاصة للدول النفطية، ومصدر هذا الخطر الأساسي يأتي من الآثار المعاكسة لتراجع النمو على الاقتصاد العالمي، ومن ثم الطلب على النفط، في وقت يحتاج العالم فيه إلى استقرار الاقتصاد الأمريكي، حتى تشيع الثقة في الأسواق ولدى المستثمرين في كافة أنحاء العالم.
فإلى متى يستمر الحزبان الأمريكيان يتلاعبان بالاستقرار المالي الأمريكي؟ ومتى يشعر هؤلاء بالمسؤولية تجاه العالم الذي يتأثر على نحو واضح بمعطيات الاقتصاد الأمريكي أكثر من أي شيء آخر؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق