الخميس، فبراير ٢٨، ٢٠٠٨

الاحتفال بالعيد الوطني خارج الوطن

بمناسبة الأعياد الوطنية للبلاد أشارت جريدة الوطن إلى أن حوالي 141 ألفا قد غادروا البلاد خلال الأيام الثلاث السابقة على العيد الوطني (الوطن الاثنين 25/2/2008)، كذلك تشير القبس في ذات اليوم إلى أن حوالي 60 ألف مواطن غادروا البلاد برا عبر منفذي النويصيب والسالمي (القبس الاثنين 25/2/2008). كما نشرت الوطن أن ما يفوق الـ 178 ألفا قد غادروا الكويت بمناسبة الاعياد (الوطن يوم الخميس 28/2/2008). هذه الأعداد الهائلة التي خرجت في غضون هذه الفترة الزمنية القصيرة، تثير سؤالا مهما، لماذا يحتفل المواطن بالعيد الوطني خارج الوطن؟

ربما تكون الإجابة أن هؤلاء خرجوا هربا من الازدحام المروري على الطرق الرئيسية يومي العيد حيث تصطف الأسر بسياراتها على الطرق لتعبر عن فرحتها بالمناسبة، أو لأداء العمرة في الأراضي المقدسة، أو لكسر الروتين اليومي وقضاء وقت الفراغ خارج البلاد، حيث تتوافر إمكانيات أفضل للنزهة والسياحة والتمتع بوقت الفراغ. أيا كان التفسير فإن هذه الإحصاءات الضخمة تشير إلى وجود نقص واضح في فرص قضاء أوقات الفراغ في دولة الكويت.

هؤلاء الذين غادروا البلاد في هذه المناسبة يختلفون عن الذين بقوا، من حيث أذواقهم وربما من حيث إمكانياتهم المادية. ومن المؤكد أيضا أن لهؤلاء نمط طلب وأذواق مختلف دفعهم إلى مغادرة البلاد بحثا عن العرض المناسب من الخدمة التي تتوافق مع أذواقهم خارج البلاد. ما الذي نقصده من هذه الملاحظات؟ إن تحليل تلك الملاحظات يكشف لنا قصورا واضحا ونقصا خطيرا في فرص قضاء وقت الفراغ والتسلية في دولة الكويت. وأن هناك حاجة ماسة إلى القيام بسلسلة من المشروعات الضخمة في مجال فرص التنزه وقضاء وقت الفراغ والسياحة لوقف هذا السيل الجارف من المغادرين سعيا وراء تلك الخدمة في الخارج.

ومما لا شك فيه أن هناك خطأ واضحا في استراتيجية شركة المشروعات السياحية بدولة الكويت، حيث أنها لا تعرض مزيج الخدمات المناسب الذي يتوافق مع كافة الأذواق، وأن نطاق تفكير ورؤية الشركة لا يتناسب مع متطلبات قطاع عريض يتمتع بقوة شرائية عالية، يمكن أن تستفيد منها الشركة لضمان تحقيق معدلات عالية من العائد في حال نجحت في تقديم المزيج المناسب من السلع والخدمات التي تتوافق مع حاجة هؤلاء، وكذلك القطاع الخاص المبادر في مجال مشروعات السياحة وقضاء أوقات الفراغ. من المؤكد أن شركة المشروعات السياحية والمبادرين في مجال صناعة السياحة يحتاجون إلى إجراء مسوحات مكثفة على المغادرين للتعرف على ميول وأذواق وطلب هؤلاء من الخدمات المختلفة، وأوجه النقص في فرص قضاء وقت الفراغ التي تدفعهم إلى مغادرة الوطن سعيا وراء تحقيقها في الخارج.

هل هناك طلبا حقيقيا على المشروعات السياحية بدولة الكويت

تشير البيانات المتاحة من بنك الكويت المركزي أن نفقات السياحة والسفر في ميزان مدفوعات دولة الكويت قد تزايدت من 671 مليون دينار كويتي عام 1995، أي حوالي 2.5 مليار دولارا أمريكيا (بأسعار صرف اليوم)، إلى 1650 مليون دينارا عام 2006، أي حوالي 6 مليار دولارا، أنفقها الكويتيون على السياحة والسفر عام 2006. ويعني ذلك أن الإنفاق على السياحة والسفر من جانب الكويتيين يتزايد بمعدل نمو متوسط يبلغ حوالي 10% سنويا. وعلى أساس البيانات المتاحة يمكن التنبؤ بأن الإنفاق على هذا البند من جانب الكويتيين سوف يصل عام 2015 إلى أكثر من 3 مليار دينارا كويتيا، أو ما يفوق الـ 11 مليار دولارا أمريكيا، من المتوقع أن ينفقها الكويتيون لأغراض السفر والسياحة وقضاء أوقات الفراغ خارج الوطن. هذه الأرقام تفوق إجمالي دخل قطاع السياحة في دولة مثل جمهورية مصر العربية.

مما لا شك فيه أن هذه المؤشرات توفر أساسا متينا وجدوى اقتصادية مؤكدة لمشروعات مضمونة العائد المرتفع في مجال السياحة في دولة الكويت، تتولى مهمة توفير خدمات قضاء أوقات الفراغ للمواطنين في الداخل، فضلا عن الزائرين من الدول الأخرى. ومن ثم فانه لو أنفقت تلك الأموال هنا في الكويت فإنها ستمثل مصدر دخل إضافي للدولة، الأمر الذي يرفع من الناتج المحلي الإجمالي بأضعاف هذا الرقم يعتمد ذلك على ما يعرف بمضاعف الإنفاق السياحي، أي الزيادة المضاعفة في الدخل الناجمة عن زيادة الإنفاق السياحي في الداخل. فهل تعي شركة المشروعات السياحية والمبادرين في مجال السياحة وصناعة قضاء وقت الفراغ مغزى تلك الأرقام.

هناك ٣ تعليقات:

  1. اوجه لومي للقطاع الخاص و الذي من المفترض أنه يشتعر الفرص المحتملة و يستغلها. فما بالك و الفرصه سانحه و لا أحد يستغلها.
    أما بالنسبة للقطاع الحكومي فهو يعيش في دائرة كبيره من البيروقراطية التي تحد من أدائه و تقوضه. صحيح أنه من باب أولى أن يتم استغلال هذه العوائد من قبل القطاع الحكومي و الممثل بالمشروعات السياحية. لكن المشروعات السياحية نجد أنها تستهدف شريحة عمرية معينه و تقف عندها و لا تلتفت الى باقي الشرائح الموجودة في السوق و هذا برأي هو أحد الأسباب.و سبب آخر أعتقد هو قلة توافر الأماكن الترفيهية المغلقة نظرا للظروف المناخية التي تتمتع بها الدولة.و الغريب في الأمر أنني لا أجد من يهتم بعمل الاماكن السياحية ذات الطابع الثراثي البحت و الذي يعكس جزء من ماضي الكويت و الذي دائما ما تجد أن من يأتي من خارج الكويت يبحث دائما عن تلك الأماكن .

    ردحذف
  2. أتفق تماما مع وجهة نظرك، القطاع الخاص هو القطاع الرائد في مثل هذا النوع من الاستثمار لأنه الاكثر ديناميكية في التعامل مع معطيات الصناعة والأكثر قدرة على الابتكار في أداء وتحسين الخدمة. ولكن القطاع الخاص في الكويت مقيد بقدر هائل من البيروقراطية والتدخل في مجال الاعمال.

    على سبيل المثال تحتاج المشروعات السياحية الى مساحات واسعة من الاراضي، والأراضي يتم توزيعها أساسا من قبل الحكومة، ومن ثم على اصحاب المبادرات الخاصة أن يمروا بسلسلة طويلة من الاجراءات والعقود لتخصيص الاراضي، وهي رحلة ربما تجهض أية مبادرة فردية في هذا المجال. أنظر على سبيل المثال لتجربة شوبيز.

    وبالمناسبة لم تكن طبيعة الجو عائقا نحو انشاء المشروعات السياحية. لكن تنمية الاماكن ذات الطابع التراثي هي فكرة ممتازة.

    ردحذف
  3. بالنسبة للظروف المناخية نستطيع أن نرى تجربة دبي في انشاء مرافق سياحية عدة مغلقه. و اتفق تماما مع الحلقة المغلقة للبيروقراطية السلبية.

    ردحذف