اقتربت الذكرى السنوية الأكثر إيلاما بالنسبة لي،،،
انها ذكرى هزيمة 5 يونيو 1967،،،
إنها واحدة من أقسى الهزائم التي هزمها جيش في التاريخ،،،
لم تهزم إسرائيل الجيش المصري،،،
ولكن هزمه رئيسه وقياداته ونظامه،،،
الذي شغل نفسه بكل صغيرة وكبيرة عدا بناء جيش قوي
يمكن أن يكون ندا للجيش الإسرائيلي،،،
لذلك لم تكن معركة 5 يونيو أكثر من نزهة سريعة للجيش
الاسرائيلي الذي بسط سيطرته على سيناء في سويعات قليلة،،،
وأصبحت القاهرة بل ومصر بطولها وعرضها تحت رحمة
المدافع اليهودية،،،
واكتفى اليهود بسيناء، مع أنهم كان من الممكن أن
يدكوا أبواب القاهرة في غضون أيام قليلة بعد أن انهار الجيش المصري تماما،،،
فقد صدرت الاوامر للجيش بأسوأ انسحاب، انسحاب بأي
شكل وتحت أي صورة،،،
هرب الجنود المساكين نحو الضفة الأخرى من
القناة بعد أن تعرضوا لأهوال الجوع والعطش بعد الهزيمة، ومنهم
من تنازل عن سلاحه في مقابل شربة ماء.
عشنا في مصر أياما سوداء عقب ما أطلق عليه النكسة،،،
وفي مدينتنا الساحلية كنا نعيش ليلا في ظلام دامس،،،
شيدت المتاريس أمام البيوت،،،
ولم تعد تضاء أنوار الشوارع،،،
حتى زجاج الشبابيك كان يطلب منا أن نطليه بخليط
من الماء وزهرة الملابس الزرقاء، وهي مادة زرقاء كانت تضاف في ذلك الوقت على
الملابس البيضاء عند غسيلها، وذلك حتى لا يخرج من البيوت أي ضوء ليلا،،،
واضطرت مدن مصر أن تستوعب السكان المهاجرين من
منطقة القناة بالكامل،،،
وتحولت مدرستي الابتدائية من دار للتعليم الى
دار للإيواء وأغلقت المدرسة أبوابها في وجه التلاميذ،،،
وتحولت الفصول الى غرف لاستيعاب الأسر
المهاجرة،،،
وتكدست الفصول في المدارس،،، وانحدر مستوى
التعليم بعد أن تم تحويل كل شيء نحو الاستعداد للمعركة القادمة،،،
وأصبحنا نعيش تحت شعار "لا صوت يعلو فوق
صوت المعركة"،،،
وفرضت ضريبة تسمى ضريبة المجهود الحربي، كنا ندفعها على أي شيء وفي مقابل
كل شيء نشتريه، حتى تذكرة السينما، تذكرة حديقة الحيوان الخ،،،
وبدأت البنية التحتية في مصر تنهار،،،
الكهرباء، خطوط المياه، المجاري، الطرق، وسائل المواصلات
والاتصالات،،،
عشنا أياما سوداء حتى قدر الله لنفس الجيش، وفي كثير من الأحيان لنفس
الجنود الذين هزموا أن يحققوا أول نصر على اسرائيل منذ 1948.
إنها حرب اكتوبر المجيدة التي قادها الرئيس الراحل محمد أنور السادات
رحمه الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق