الجمعة، مايو ٠٢، ٢٠١٤

السعودية أكبر الخاسرين من إصلاح صندوق النقد الدولي


اتفقت الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي في عام 2010 على عملية إصلاح أساسية لنظام الصندوق، شملت تعديل حصص الأعضاء في الصندوق وقوتهم التصويتية، فضلا عن إجراء بعض الإصلاحات فيما يتعلق بمسار الحوكمة فيه، الأمر الذي ينظر إليه على أنه أحد الخطوات الإصلاحية الكبرى للنظام العام للصندوق.

تهدف الاتفاقية إلى مضاعفة حصص الدول الأعضاء في الصندوق بنسبة 100 في المائة، وبحيث ترتفع القيمة الإجمالية لحصص الأعضاء من 238.4 مليار وحدة حقوق سحب خاصة "نحو 370 مليار دولار"، إلى 476.8 مليار وحدة حقوق سحب خاصة "نحو 740 مليار دولار"، وحيث يتم تعديل حصص الدول الأعضاء لكي تعكس بشكل أكبر التمثيل الحقيقي للأهمية الاقتصادية التي تمثلها على المستوى الدولي، بصفة خاصة بالنسبة للدول الناشئة في العالم.

فمنذ إنشائه وحتى اليوم يدار الصندوق بصورة شبه كاملة من خلال مجموعة الدول الصناعية المتقدمة صاحبة أكبر الحصص ومن ثم القوة التصويتية فيه، وعلى وجه الخصوص الولايات المتحدة. وعلى الرغم من عقد عدة اتفاقيات لإصلاح نظام الحصص وإعادة توزيع الأصوات، إلا إن هذه العملية سارت على نحو بطيء للغاية مما أدى إلى عدم التمثيل الصحيح للمجموعات الاقتصادية المختلفة في العالم من الناحية الحقيقية، فهناك دول ممثلة بصورة لا تعكس القوة الاقتصادية لها، ودول ممثلة بصورة أعلى مما يجب.

ووفقا لمنشورات الصندوق تعد هذه هي الزيادة التاسعة لرأسمال الصندوق، كان أولها في نيسان (أبريل) 1959، غير أن الزيادة الحالية تمثل أكبر زيادة في تاريخ الصندوق حتى الآن، ومنذ تم إنشاء الصندوق تمت زيادة حصص الدول الأعضاء بنسبة 350 في المائة تقريبا، وبهذه الزيادة تنمو حصص الدول الأعضاء بنسبة 450 في المائة.

ووفقا للصندوق فإن النظام الجديد لتحديد حصة العضو في الصندوق سيأخذ في الاعتبار أهمية العضو في الاقتصاد العالمي، الأمر الذي يعطي لنظام الحصص المقترح قدرا أكبر من الديناميكية في تحديد مساهمات الأعضاء في رأسمال الصندوق، وبحسب الآلية المقترحة لحساب الحصص تكون حصة العضو عبارة عن متوسط موزون لأربعة عناصر أساسية تشمل وزنا قدره 50 في المائة للناتج المحلي الإجمالي للعضو، و30 في المائة للمتوسط السنوي للمدفوعات والمتحصلات الجارية "ممثلة في السلع والخدمات والدخول والتحويلات" في ميزان مدفوعات العضو، ووزن 15 في المائة للتقلبات في المتحصلات الجارية وصافي تدفقات رؤوس الأموال للعضو، ووزن 5 في المائة لمتوسط احتياطيات الدولة خلال 12 شهرا "وتشمل احتياطيات العضو من النقد الأجنبي، وحقوق السحب الخاصة، والذهب"، وأخيرا يتم ضرب النتيجة في معامل ضغط Compression factor بنسبة 95 في المائة لتخفيض درجة التشتت في الحصص المحسوبة بين الدول الأعضاء. ومن المعلوم أن حصة العضو في الصندوق تحدد ثلاثة عناصر في غاية الأهمية، الأول هو القوة التصويتية للعضو حول قرارات الصندوق، والثاني قدرته على الاقتراض من الصندوق، والثالث حصته في أي إصدار يتم لحقوق السحب الخاصة.

وفقا للاتفاق الجديد ستتم عملية إعادة توزيع القوة التصويتية للأعضاء، حيث يتم تحويل أكثر من 6 في المائة من حصص الدول زائدة التمثيل في الصندوق لمصلحة الدول ناقصة التمثيل من الاقتصادات النامية والدول الناشئة. ويوضح الجدول التالي أكبر عشر دول في الصندوق ستستفيد من الزيادة في حصتها في الصندوق وكذلك نسبة التصويت التي تملكها، وأكبر عشر دول ستخسر في حصتها وقوتها التصويتية.

ووفقا للجدول فإن أكبر الدول الخاسرة من الإصلاح المقترح هي السعودية، والتي ستخسر 1.115 في المائة من رأسمال الصندوق، وبالتبعية ستخسر 1.145 في المائة من إجمالي القوة التصويتية في الصندوق، وهي خسارة كبيرة جدا بالقياس إلى إجمالي عدد الدول الأعضاء في الصندوق والقوة التصويتية التي يمتلكونها.

أما أكثر الدول المستفيدة من النظام الجديد فهي الصين، والتي ستزداد حصتها بنسبة 2.672 في المائة من رأسمال الصندوق، وقوتها التصويتية بنسبة 2.417 في المائة من إجمالي عدد الأصوات في الصندوق. لاحظ أيضا أن أكثر الدول المستفيدة هي الدول الناشئة والتي تزداد أهميتها في الاقتصاد العالمي بشكل واضح في السنوات الأخيرة.

ورغبة في زيادة درجة حوكمة الصندوق فقد تم الاتفاق على الخطوط العامة لتشكيل المجلس التنفيذي للصندوق بحيث يكون أكثر تمثيلا للدول الأعضاء في الصندوق، وحيث يتم انتخابهم جميعا بدلا من النظام الحالي الذي يتكون فيه المجلس من 24 عضوا، منهم خمسة أعضاء يتم تعيينهم من جانب أكبر خمسة أعضاء في الصندوق من حيث الحصص، وباقي الأعضاء يتم اختيارهم بالانتخاب، ولكن وفقا للنظام المقترح سيكون كل المديرين التنفيذيين الـ 24 منتخبين، وبحيث يقل عدد أعضاء المديرين التنفيذيين للدول الأوروبية المتقدمة بعضوين.

لقد كان من المفترض أن يبدأ سريان الاتفاق في تشرين الأول (أكتوبر) 2012، غير أن عدم قيام بعض الدول بالموافقة على الاتفاقية حتى الآن تسبب في تعطيل عملية التنفيذ، ووفقا لبيانات الصندوق فقد وافق حتى الآن 159 دولة على الاتفاقية مجموع حصصها في الصندوق 78.88 في المائة من إجمالي الحصص، وبالنسبة لأكبر عشر دول خاسرة في إعادة توزيع الحصص فلم توافق الولايات المتحدة وفنزويلا، حيث لم يقر الكونجرس الأمريكي الاتفاقية حتى الآن على الرغم من أن التعديل يخفض نسبة ضئيلة من القوة التصويتية لها من 16.7 إلى 16.5 في المائة، وتبلغ حصة الولايات المتحدة في رأسمال الصندوق 17.1 في المائة، وبموافقتها سترتفع نسبة حصص الدول التي أقرت الاتفاقية إلى نحو 95 في المائة من إجمالي الحصص، ويبدو أن الصندوق ينتظر موافقة الولايات المتحدة صاحبة أكبر وزن في هذه الدول لبدء تنفيذ الاتفاق، والذي يواجه، وفقا لـ "وول ستريت جورنال"، معارضة من الكونجرس الأمريكي في إقرار الاتفاقية على الرغم من مناداة الصندوق المستمرة بإقرارها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق