إفريقيا، القارة السوداء، التي عاشت لقرون طويلة على الهامش في هذا العالم، تستقطب اهتمام العالم حاليا باعتبارها القارة الواعدة في المستقبل، وتتنافس فيها جميع القوى الصناعية الكبرى تقريبا، ما بين مدها بالاستثمارات المباشرة، حيث تتزايد الاستثمارات في إفريقيا سنويا بمعدلات غير مسبوقة لمساعدتها على تعزيز مستويات النمو والدخول وإيجاد فرص عمل للقوى العاملة فيها، أو تقديم المساعدات بأشكالها المختلفة لتدعيم وجود الدولة المانحة على الأرض.
تعتبر إفريقيا واحدة من أكثر المناطق في العالم نموا في الوقت الحالي، فعلى الرغم من ظروف الأزمة الاقتصادية العالمية، استمرت القارة في تحقيق معدل نمو سنوي بلغ 5 في المائة في المتوسط، في الوقت الذي يتجاوز فيه الناتج المحلي الإجمالي للقارة تريليوني دولار، أكثر من ذلك فإن فيها سبعة من أكبر عشرة اقتصادات نموا في العالم حاليا، لكن القارة تعاني انخفاض مستويات الدخل الفردي على النحو الذي لا يساعدها على تعبئة المدخرات اللازمة لتأمين التمويل المناسب لخطط الاستثمار السنوي اللازم لرفع معدلات النمو إلى مستوياته الكامنة، ما يتسبب في ضعف فرص العمل وانتشار الفقر، أكثر من ذلك فالقارة تعاني انخفاض جودة البنية التحتية الأساسية على نحو خطير.
كان الاهتمام الأساسي بالقارة في الماضي ينصب على تعزيز مستويات الاستثمار في مجالات إنتاج المواد الخام والموارد الطبيعية الأخرى التي توجه أساسا نحو التصدير، خصوصا في أوقات الاستعمار الغربي للقارة، الذي خلق نمطا محددا من التبادل التجاري بين القارة والعالم، وهو النمط الذي يطلق عليه نمط التجارة الاستعماري، حيث تنتج الدولة المستعمرة المواد الأولية التي تصدر إلى الخارج في مقابل تدبير احتياجاتها الأساسية من السلع المصنعة، ولذلك تتكثف عمليات الاستثمار في قطاعات الإنتاج الموجهة للتصدير، بينما تترك باقي القطاعات مهملة بدون تنمية، وهو ما يؤدي إلى انتشار ما يسمى ظاهرة الاقتصاد المزدوج، حيث تنقطع الروابط تقريبا بين قطاعات الإنتاج الموجهة نحو التصدير وباقي قطاعات الاقتصاد الوطني، الأمر الذي يعزز من فرص بقاء الاقتصادات المحلية متخلفة وعاجزة عن أن تنمو على النحو الذي يساعد على رفع مستويات الدخول وتدبير الاحتياجات الأساسية لعموم السكان.
في خضم نسيان القوى الصناعية للقارة، جاء التوسع الصيني في إفريقيا بعد أن تراجعت تدفقات الاستثمار والمعونة من المصادر التقليدية للقارة، بصفة خاصة من الولايات المتحدة وأوروبا، حيث ينصب اهتمام الولايات المتحدة في الوقت الحالي على ما يسمى الحرب على الإرهاب، في الوقت الذي غرقت فيه أوروبا في هموم ديونها السيادية واضطرت إلى ربط الأحزمة من خلال اتباع سياسات قاسية للتقشف بهدف تعزيز النمو والخروج من أزمتها، أخذت الصين تعزز من وجودها الاقتصادي والسياسي في القارة السوداء متبعة في ذلك سياسات عديدة جعلت منها أكثر القوى المؤثرة في النمو وأحد المحددات الأساسية لمستقبله في القارة. حيث تدرك الصين أن تعاونها مع إفريقيا يحمل فرصا ضخمة لكلا الطرفين، بحيث تتمكن إفريقيا من تعزيز جهود التنمية فيها، في الوقت الذي تستفيد فيه الصين في صور عديدة ذات الوقت.
أخيرا قررت الصين تكثيف جهودها في القارة لدفع معدلات نموها الاقتصادي إلى أعلى مستوى وتعزيز المبادلات التجارية بين الطرفين، على سبيل المثال فقد أعلن رئيس الوزراء الصيني في زيارته الأخيرة إلى إثيوبيا في أوائل هذا الشهر، أن الصين قررت ضخ 12 مليار دولار إضافية لصناديق مساعداتها الموجهة أساسا نحو القارة، وذلك بمد الدول الإفريقية بتسهيلات ائتمانية تبلغ عشرة مليارات دولار إضافية، ضمن نطاق الوعود التي كان الرئيس الصيني قد أطلقها لدول إفريقيا بإقراضها 20 مليار دولار خلال السنوات 2013-2015، ليصل بذلك حجم القروض التي تقدمها الصين لإفريقيا إلى 30 مليارا، وكذلك إضافة ملياري دولار أخرى لصندوق التنمية الإفريقي - الصيني لتبلغ قيمة رأسماله خمسة مليارات دولار.
أكثر من ذلك فقد وعدت بمد إفريقيا بالتكنولوجيا التي تملكها في مجال القطارات فائقة السرعة، وذلك من خلال مساعدة دول القارة في تطوير شبكة خطوط للسكك الحديدية لتحقيق الحلم بربط العواصم الإفريقية بقطارات فائقة السرعة، وذلك لرفع مستوى الاتصال والتنمية في القارة، ونتيجة لهذا التعاون فقد تغيرت خريطة إفريقيا التجارية، فبعد أن كانت أوروبا هي الشريك التجاري الأول للقارة، فإن الصين اليوم احتلت هذه المكانة في الوقت الذي تراجعت فيه نسبة التجارة مع أوروبا إلى نحو 20 في المائة من التجارة الخارجية لإفريقيا، وتشير أحدث الإحصاءات المتاحة عن التجارة الخارجية للصين مع إفريقيا إلى بلوغ حجم التجارة الصينية الإفريقية أكثر من 200 مليار دولار، وهو ما يضع الصين في وضع أكبر الشركاء التجاريين، فقد تعاقدت الصين مع زامبيا لاستغلال مواردها الطبيعية من النحاس والفحم والأحجار الكريمة، حيث تم استثمار أربعة مليارات دولار في العام الماضي من بينها 1.6 مليار دولار في صناعة التعدين، كذلك كشفت الحكومة الصينية عن خطط لاستثمار أكثر من 42 مليار دولار في قطاعات مختلفة من الاقتصاد النيجيري، كي تدعم النمو في نيجيريا، كذلك تتكثف المباحثات بين الصين وإثيوبيا للغرض نفسه، حيث أعلن رئيس الوزراء الصيني أن الصين جاهزة في الوقت الحالي لتقوية تعاونها مع إفريقيا من خلال توفير الخبرات، في مجالات توليد الطاقة والاتصالات وتطوير البنى التحتية، كذلك تعلن الصين أنها مهتمة بتنمية البنية التحتية الإفريقية في مجال النقل، فضلا عن تطوير شبكات الطرق وكذلك شبكات النقل الجوي في القارة، ويقدر بأن الصين أنفقت العقد الماضي نحو 100 مليار دولار في مشروعات في إفريقيا.
التحركات الصينية المكثفة في القارة تشعر القوى الغربية بعدم الارتياح، فالولايات المتحدة تشعر بالقلق، وربما بالحسد، نتيجة نجاح الاستثمارات الصينية في أنحاء القارة كافة، وكذلك من حجم المساعدات والقروض التي تمنحها الصين بشكل متكرر لدول إفريقيا، وانطلقت بعض الكتابات واصفة هذه التطورات في العلاقة الإفريقية - الصينية بأنها تمثل أحد أشكال الإمبريالية الجديدة، حيث تحصل الصين بمقتضى الاتفاقيات التي تبرمها على حق استغلال الموارد الطبيعية، مستخدمة في ذلك العمالة الصينية والمعدات الصينية، والتكنولوجيا الصينية، دون أن يصاحب ذلك أي نقل للمهارات أو للتكنولوجيا، بحيث يصبح نمط التدفقات التجارية تصدير المواد الأولية والموارد الطبيعية من إفريقيا للصين في مقابل قيام الصين بمد إفريقيا بالسلع المصنعة، وهذا هو نمط العلاقات التجارية التي سادت في فترات الاستعمار. بينما ترد الصين بأن هذه الادعاءات لا تستند إلى أساس، وأنها تساعد إفريقيا لكي ترفع من مستوى المعيشة داخل القارة، فمعظم الاستثمارات الصينية تنحصر في مجالات البنية التحتية الأساسية وفي القطاعات التي غالبا ما يتجاهلها المستثمرون الدوليون، وأن التعاون المتبادل بين الصين وإفريقيا كان مفيدا للطرفين حيث يذكر رئيس الوزراء الصيني بأن النمو في الصين كان أيضا مفيدا لنمو إفريقيا السريع، وأن آفاق النمو الضخم المتوقع في إفريقيا جذب انتباه الكثير من الشركات الصينية للاستثمار والعمل في القارة.
تعتبر إفريقيا واحدة من أكثر المناطق في العالم نموا في الوقت الحالي، فعلى الرغم من ظروف الأزمة الاقتصادية العالمية، استمرت القارة في تحقيق معدل نمو سنوي بلغ 5 في المائة في المتوسط، في الوقت الذي يتجاوز فيه الناتج المحلي الإجمالي للقارة تريليوني دولار، أكثر من ذلك فإن فيها سبعة من أكبر عشرة اقتصادات نموا في العالم حاليا، لكن القارة تعاني انخفاض مستويات الدخل الفردي على النحو الذي لا يساعدها على تعبئة المدخرات اللازمة لتأمين التمويل المناسب لخطط الاستثمار السنوي اللازم لرفع معدلات النمو إلى مستوياته الكامنة، ما يتسبب في ضعف فرص العمل وانتشار الفقر، أكثر من ذلك فالقارة تعاني انخفاض جودة البنية التحتية الأساسية على نحو خطير.
كان الاهتمام الأساسي بالقارة في الماضي ينصب على تعزيز مستويات الاستثمار في مجالات إنتاج المواد الخام والموارد الطبيعية الأخرى التي توجه أساسا نحو التصدير، خصوصا في أوقات الاستعمار الغربي للقارة، الذي خلق نمطا محددا من التبادل التجاري بين القارة والعالم، وهو النمط الذي يطلق عليه نمط التجارة الاستعماري، حيث تنتج الدولة المستعمرة المواد الأولية التي تصدر إلى الخارج في مقابل تدبير احتياجاتها الأساسية من السلع المصنعة، ولذلك تتكثف عمليات الاستثمار في قطاعات الإنتاج الموجهة للتصدير، بينما تترك باقي القطاعات مهملة بدون تنمية، وهو ما يؤدي إلى انتشار ما يسمى ظاهرة الاقتصاد المزدوج، حيث تنقطع الروابط تقريبا بين قطاعات الإنتاج الموجهة نحو التصدير وباقي قطاعات الاقتصاد الوطني، الأمر الذي يعزز من فرص بقاء الاقتصادات المحلية متخلفة وعاجزة عن أن تنمو على النحو الذي يساعد على رفع مستويات الدخول وتدبير الاحتياجات الأساسية لعموم السكان.
في خضم نسيان القوى الصناعية للقارة، جاء التوسع الصيني في إفريقيا بعد أن تراجعت تدفقات الاستثمار والمعونة من المصادر التقليدية للقارة، بصفة خاصة من الولايات المتحدة وأوروبا، حيث ينصب اهتمام الولايات المتحدة في الوقت الحالي على ما يسمى الحرب على الإرهاب، في الوقت الذي غرقت فيه أوروبا في هموم ديونها السيادية واضطرت إلى ربط الأحزمة من خلال اتباع سياسات قاسية للتقشف بهدف تعزيز النمو والخروج من أزمتها، أخذت الصين تعزز من وجودها الاقتصادي والسياسي في القارة السوداء متبعة في ذلك سياسات عديدة جعلت منها أكثر القوى المؤثرة في النمو وأحد المحددات الأساسية لمستقبله في القارة. حيث تدرك الصين أن تعاونها مع إفريقيا يحمل فرصا ضخمة لكلا الطرفين، بحيث تتمكن إفريقيا من تعزيز جهود التنمية فيها، في الوقت الذي تستفيد فيه الصين في صور عديدة ذات الوقت.
أخيرا قررت الصين تكثيف جهودها في القارة لدفع معدلات نموها الاقتصادي إلى أعلى مستوى وتعزيز المبادلات التجارية بين الطرفين، على سبيل المثال فقد أعلن رئيس الوزراء الصيني في زيارته الأخيرة إلى إثيوبيا في أوائل هذا الشهر، أن الصين قررت ضخ 12 مليار دولار إضافية لصناديق مساعداتها الموجهة أساسا نحو القارة، وذلك بمد الدول الإفريقية بتسهيلات ائتمانية تبلغ عشرة مليارات دولار إضافية، ضمن نطاق الوعود التي كان الرئيس الصيني قد أطلقها لدول إفريقيا بإقراضها 20 مليار دولار خلال السنوات 2013-2015، ليصل بذلك حجم القروض التي تقدمها الصين لإفريقيا إلى 30 مليارا، وكذلك إضافة ملياري دولار أخرى لصندوق التنمية الإفريقي - الصيني لتبلغ قيمة رأسماله خمسة مليارات دولار.
أكثر من ذلك فقد وعدت بمد إفريقيا بالتكنولوجيا التي تملكها في مجال القطارات فائقة السرعة، وذلك من خلال مساعدة دول القارة في تطوير شبكة خطوط للسكك الحديدية لتحقيق الحلم بربط العواصم الإفريقية بقطارات فائقة السرعة، وذلك لرفع مستوى الاتصال والتنمية في القارة، ونتيجة لهذا التعاون فقد تغيرت خريطة إفريقيا التجارية، فبعد أن كانت أوروبا هي الشريك التجاري الأول للقارة، فإن الصين اليوم احتلت هذه المكانة في الوقت الذي تراجعت فيه نسبة التجارة مع أوروبا إلى نحو 20 في المائة من التجارة الخارجية لإفريقيا، وتشير أحدث الإحصاءات المتاحة عن التجارة الخارجية للصين مع إفريقيا إلى بلوغ حجم التجارة الصينية الإفريقية أكثر من 200 مليار دولار، وهو ما يضع الصين في وضع أكبر الشركاء التجاريين، فقد تعاقدت الصين مع زامبيا لاستغلال مواردها الطبيعية من النحاس والفحم والأحجار الكريمة، حيث تم استثمار أربعة مليارات دولار في العام الماضي من بينها 1.6 مليار دولار في صناعة التعدين، كذلك كشفت الحكومة الصينية عن خطط لاستثمار أكثر من 42 مليار دولار في قطاعات مختلفة من الاقتصاد النيجيري، كي تدعم النمو في نيجيريا، كذلك تتكثف المباحثات بين الصين وإثيوبيا للغرض نفسه، حيث أعلن رئيس الوزراء الصيني أن الصين جاهزة في الوقت الحالي لتقوية تعاونها مع إفريقيا من خلال توفير الخبرات، في مجالات توليد الطاقة والاتصالات وتطوير البنى التحتية، كذلك تعلن الصين أنها مهتمة بتنمية البنية التحتية الإفريقية في مجال النقل، فضلا عن تطوير شبكات الطرق وكذلك شبكات النقل الجوي في القارة، ويقدر بأن الصين أنفقت العقد الماضي نحو 100 مليار دولار في مشروعات في إفريقيا.
التحركات الصينية المكثفة في القارة تشعر القوى الغربية بعدم الارتياح، فالولايات المتحدة تشعر بالقلق، وربما بالحسد، نتيجة نجاح الاستثمارات الصينية في أنحاء القارة كافة، وكذلك من حجم المساعدات والقروض التي تمنحها الصين بشكل متكرر لدول إفريقيا، وانطلقت بعض الكتابات واصفة هذه التطورات في العلاقة الإفريقية - الصينية بأنها تمثل أحد أشكال الإمبريالية الجديدة، حيث تحصل الصين بمقتضى الاتفاقيات التي تبرمها على حق استغلال الموارد الطبيعية، مستخدمة في ذلك العمالة الصينية والمعدات الصينية، والتكنولوجيا الصينية، دون أن يصاحب ذلك أي نقل للمهارات أو للتكنولوجيا، بحيث يصبح نمط التدفقات التجارية تصدير المواد الأولية والموارد الطبيعية من إفريقيا للصين في مقابل قيام الصين بمد إفريقيا بالسلع المصنعة، وهذا هو نمط العلاقات التجارية التي سادت في فترات الاستعمار. بينما ترد الصين بأن هذه الادعاءات لا تستند إلى أساس، وأنها تساعد إفريقيا لكي ترفع من مستوى المعيشة داخل القارة، فمعظم الاستثمارات الصينية تنحصر في مجالات البنية التحتية الأساسية وفي القطاعات التي غالبا ما يتجاهلها المستثمرون الدوليون، وأن التعاون المتبادل بين الصين وإفريقيا كان مفيدا للطرفين حيث يذكر رئيس الوزراء الصيني بأن النمو في الصين كان أيضا مفيدا لنمو إفريقيا السريع، وأن آفاق النمو الضخم المتوقع في إفريقيا جذب انتباه الكثير من الشركات الصينية للاستثمار والعمل في القارة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق