أدت أزمة الغذاء العالمية الأخيرة إلى تأثير كبير على فقراء العالم الذين ينفقون معظم دخولهم على الغذاء، وأدت إلى وضع ضغوط شديدة على الحكومات لمحاولة إيجاد حل لوقف الزيادة الكبيرة في أسعار الغذاء اما بالدعم المباشر، او من خلال خطط لزيادة الإنتاج والإنتاجية في المستقبل، أو من خلال زيادة الدخول.
اذا استمرت أسعار الغذاء في الارتفاع في المستقبل فان هدف أوائل القرن الذي وضعته الأمم المتحدة بتخفيض مستويات الفقر نحو النصف بحلول عام 2015 لن يتحقق، بسبب تعمق مستويات الفقر نتيجة ارتفاع تكلفة الغذاء على ميزانيات الأسر الفقيرة. على سبيل المثال فإنه في آسيا يتم إنفاق حوالي 60% من الدخل الطبقات الفقيرة على الغذاء، وإذا ما أضفنا الإنفاق على الطاقة فإن النسبة ترتفع إلى 75%. يتبقى بعد ذلك نسبة 25% لتنفق على الكساء والتعليم والصحة ... الخ. وهي نسبة منخفضة للغاية. ويقدر أن هناك 1.2 مليار آسيوي مهددون بسبب الإرتفاعات الأخيرة في أسعار الغذاء.
ما هي أسباب ارتفاع أسعار الغذاء
يرجع ارتفاع أسعار الغذاء يرجع لعوامل دورية Cyclical، و لعوامل هيكلية Structural.
العوامل الدورية
وهي عوامل ذات تأثير مؤقت سرعان ما يزول بزوال هذه الأسباب مثل:
1. العوامل المناخية غير المواتية، كالفيضانات والأعاصير والجفاف.. الخ. على سبيل المثال انخفض إنتاج استراليا في عام 2006 من القمح بنسبة 60% بسبب الجفاف الذي ضرب القارة، او الفيضانات، او انتشار الآفات الزراعية، او الطقس البارد.
2. أدت أزمات الائتمان إلى نقص الأموال الموجهة نحو الزراعة.
3. أدى انخفاض قيمة الدولار إلى رفع قيمة الواردات الغذائية.
4. لجوء بعض الدول إلى منع تصدير السلع الزراعية لمواجهة احتياجات الاستهلاك المحلي، مثل منع تصدير الأرز.
العوامل الهيكلية
وهي عوامل ترجع إلى تغير في أنماط الإنتاج أو الاستهلاك أو السياسات وتتمثل في.
1. ارتفاع أسعار الطاقة، وزيادة كثافة الطاقة المستخدمة في الإنتاج الزراعي، وهو ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الطاقة والأسمدة والمبيدات المستخدمة في الزراعة، ومن ثم ارتفاع أسعار السلع الغذائية.
2. تحويل استخدام الحبوب الزراعية من تقديمها كغذاء للإنسان والحيوان إلى توليد الوقود الحيوي بشكل متزايد. ففي الوقت الذي تزايد توجيه الحبوب نحو الغذاء منذ عام 2000 بحوالي 4-7%، تزايد توجيه الحبوب نحو الوقود الحيوي بنسبة 25%. كما تزايد دعم الحكومات للوقود الحيوي وهو ما أدى إلى تزايد تحويل الحبوب نحو إنتاج الوقود الحيوي، على سبيل المثال أدى دعم الولايات المتحدة للإيثانول إلى زيادة تحويل الذرة نحو الايثانول من حوالي 6% إلى حوالي 23% من إجمالي محصول الذرة خلال الأعوام الثلاث الماضية.
3. زيادة عمليات تحويل الأراضي الزراعية بعيدا عن إنتاج الغذاء، على سبيل المثال فان جانبا متزايد من الرقعة الزراعية يتم تحويلها تدريجيا نحو الإنتاج لأغراض تصنيع الوقود الحيوي. وزيادة تحويل الأراضي الزراعية إلى الأغراض الصناعية ولأغراض التوسع الحضري.
4. انخفاض معدلات نمو الإنتاجية للسلع الزراعية بسبب نقص الموارد الموجهة نحو البحث والتطوير في المجال الزراعي.
5. تحول في سياسات الإنتاج للدول النامية بشكل عام، والتي قللت من الاهتمام بقطاع الزراعة والتسويق الزراعي وغيرها من القضايا المرتبطة بإنتاج الغذاء.
6. زيادة مستويات الدخول في الدول الناشئة في آسيا، بصفة خاصة الصين والهند وهو ما أدى إلى تزايد الطلب على الغذاء. بصفة أساسية من جانب القطاعات الفقيرة من السكان. كذلك زيادة الطلب على اللحوم والحليب والبيض، والذي يؤدي إلى تخفيض الحبوب الموجهة نحو غذاء الإنسان إلى الحيوان.
لماذا الدعم
دعم الأسعار يكون مهما في حالة ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل المواد الغذائية لان ارتفاع الأسعار سوف يكون مصحوبا بانخفاض الدخل الحقيقي وتراجع مستويات الرفاهية وازدياد معدلات الفقر. وفي ظل هذه الظروف تكون الدول ملزمة بالتدخل لدعم السلع الأساسية وتشديد الرقابة على الأسواق لمواجهة التلاعب من قبل التجار، ولتخفيف الأعباء المعيشية عن كاهل الأسر، وتخفيض مخاطر عدم الاستقرار السياسي المصاحبة لذلك في اغلب الحالات. وبشكل عام يعد الدعم مهما لتوجيه قوى السوق التي يمكن أن تحرم فئات معينة من الحصول على احتياجاتها الأساسية من سلع أو خدمات معينة، مثل التعليم الصحة التطعيم والأمن الغذائي، غير انه يجب أن يتم وزن العوائد الاقتصادية والاجتماعية مع تكلفة الدعم.
أشكال الدعم
الدعم المباشر
وذلك في صورة مدفوعات نقدية تدفع للسكان المستحقين من محدودي الدخل. ويظهر في صورة ارتفاع في النفقات في الموازنة العامة للدولة لأغراض تمويل الدعم.
الدعم غير المباشر للأسعار
· دعم مستلزمات الإنتاج
· دعم أسعار الفائدة ويؤدي إلى خسائر للنظام المصرفي بسبب دعم أسعار الفائدة
· تثبيت الإيجارات، ويؤدي إلى خسارة تلحق بالملاك
· الإعفاء الضريبي أو خفض الضرائب وخفض الرسوم الجمركية والإعفاء من بعض الرسوم مثل رسوم تنمية الدخل .. الخ. ويؤدي إلى خسارة في الإيرادات العامة للدولة
· فرض معدلات صرف تفضيلية ويؤدي إلى الضغط على موارد النقد الأجنبي للدولة
· فرض أسعار اقل من التكلفة بصفة خاصة للسلع التي تنتجها المؤسسات العامة، وهو ما يؤدي إلى خسائر للمؤسسات العامة بسبب فرض أسعار اقل من التكلفة.
· فرض تمييز سعري للمستهلكين المختلفين، على سبيل المثال رفع أسعار الاستهلاك للكهرباء لبعض المستهلكين وخفضها بالنسبة للباقي.
· .
· الخ
الآثار الاقتصادية المترتبة على الدعم
تعتمد الآثار الاقتصادية للدعم على أسلوب دعم الأسعار. الدعم غير المباشر، أي التدخل في الأسواق أسلوب سيئ للدعم، لأن الجميع يستفيد من الدعم، بصفة خاصة اذا كانت آليات السوق لا تعمل بشكل صحيح، كما أنه في بعض الأحيان يذهب أغلب الدعم لجيوب التجار، ويحقق أرباب السوق السوداء أرباحا نتيجة لسياسات التدخل في قوى السوق.
ويفضل في مثل هذه الأحوال الإبقاء على الأسعار كما هي مرتفعة، وتعويض أصحاب الدخول المحدودة في صورة رفع مستويات الدخول لتلك الفئات او توزيع كوبونات لضمان ذهاب الدعم إلى مستحقيه.
وبشكل عام هناك عدة آثار اقتصادية لدعم الأسعار:
1. ارتفاع مخصصات الدعم يؤدي إلى زيادة الإنفاق الجاري في الموازنة العامة للدولة، ومن المعلوم أن الإنفاق الجاري غير مرن ويصعب تخفيضه في أوقات انخفاض الإيرادات العامة.
2. ارتفاع مخصصات الدعم يؤدي إلى عجز في الموازنة العامة للدولة. وتؤدي زيادة عجز الميزانية إلى التضخم، وهو ما يؤدي إلى مزيد من العجز من خلال انخفاض القوة الشرائية لإيرادات الدولة، وهكذا ندخل في حلقة مفرغة.
3. ارتفاع الدعم يؤدي إلى تشويه هيكل الأسعار وتخفيض الحوافز نحو الاستثمار، والحد من رغبة القطاع الخاص في الاستثمار في مجالات السلع المدعمة لتقديم تلك السلع، ومن ثم يقع العبء بالكامل على الحكومة وموازنتها.
4. عادة ما يصاحب الدعم السلعي انخفاض في المعروض من السلع المدعمة مما يؤدي إلى انتشار ظواهر الطوابير وضياع الوقت وانخفاض الإنتاجية تبعا لذلك. وكذلك انتشار السوق السوداء، حيث يترتب على فرض أسعار اقل من الأسعار التوازنية للأسواق
5. الدعم السلعي يؤدي إلى زيادة غير مبررة في الطلب بسبب انخفاض الأسعار وإتاحة السلعة للجميع، وذهاب جانب من الدعم لغير مستحقيه لان الأسواق لا تفرق بين من يستحق ومن لا يستحق.
6. المخاطر السياسية المستقبلية التي يمكن أن تصاحب الرغبة في إصلاح نظام الأسعار، حيث يترتب على إصلاح نظام الدعم غالبا مخاطر اجتماعية وسياسية عديدة. إذ يصاحب إصلاح نظام الدعم خفض مفاجئ في مستويات المعيشة والرفاهية، بصفة خاصة بالنسبة للفئات الفقيرة مما يؤدي إلى اضطرابات داخلية. وعلى ذلك فانه مثلما يفرض الدعم أساسا لتجنب المخاطر السياسية لارتفاع الأسعار، فان إزالة الدعم يصاحبها نفس المستوى من المخاطر.
7. هناك آثار أخرى فنية تتعلق بالكفاءة والعدالة، حيث تنخفض كفاءة تخصيص الموارد في حال الدعم، وتتأثر اعتبارات العدالة بين جموع الناس.
كيف يمكن تمويل الدعم
عندما تستجيب الدولة لضغط المواطن بخفض الأسعار (أي زيادة الدعم) او زيادة الرواتب، ترتفع نفقات الدولة عن إيراداتها ويحدث عجز في الموازنة العامة للدولة. هذا العجز لا بد وان يمول. وتنقسم طرق تمويل العجز إلى قسمين:
التمويل غير التضخمي:
من خلال استخدام طرق تمويل غير تضخمية، أي لا تؤدي إلى تضخم، على سبيل المثال:
1. الاقتراض من الجمهور، بصفة خاصة القروض طويلة الأجل، لان هناك من يرى انه حتى الاقتراض قصير الأجل يعد تضخميا، حيث يحسب الاقتراض قصير الأجل ضمن رصيد السيولة المتاحة في المجتمع، والذي يزيد عندما يزيد الاقتراض قصير الأجل، ومن ثم يمارس ضغوطا تضخمية. ويؤدي الاقتراض من الأفراد إلى سحب السيولة من يد الأفراد ومن ثم يقلل الضغوط التضخمية الناجمة عن زيادة الطلب من قبل الأفراد. لكن الاقتراض من الجمهور له شروط، أهمها
· أن يكون العجز في الموازنة العامة للدولة مؤقتا، حتى لا تستمر الدولة في الاقتراض من الجمهور إلى ما لا نهاية.
· أن يتوقع أن تحقق الدولة فائضا في المستقبل يمكن استخدامه لإعادة سداد الدين المحلي، بدلا من لجوءها إلى التمويل التضخمي لسداد الدين. فإذا لم يكن ذلك ممكنا فان الاقتراض من الجمهور يؤدي إلى مشكلتين:
· المشكلة الأولى هي أن الدين العام وخدمته ستشكل مشكلة كبيرة للدولة سواء الآن، وللأجيال القادمة في المستقبل، وهو ما يضر بمبدأ أساسي في الانفاق وهو بين الأجيال. حيث تشير الدراسات إلى أن نصف تكاليف العجز المالي الآن تدفعها أجيال قادمة، لم تستفد أساسا من مسببات العجز، وهو ما يضر بمبدأ المحاسبة بين الأجيال، أي عوائد وتكاليف الجيل الحالي وعوائد وتكاليف الأجيال القادمة.
· المشكلة الثانية انه يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفائدة في سوق الائتمان، ومن ثم يقلل الحافز نحو الاستثمار الخاص، الأمر الذي يطلق عليه في الاقتصاد مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص.
2. الاقتراض من الخارج، ومشكلته الأساسية انه يعطي الأجانب حق على الأصول الوطنية من خلال مبادلة الدين بالأصول في حالة عدم قدرة الدولة على السداد في المستقبل، او خدمة دينها العام.
3. زيادة الضرائب على الدخول للطبقات ذات الدخول المرتفعة
4. زيادة الرسوم على السلع والخدمات غير الأساسية. بصفة خاصة تلك التي تتسم بانخفاض مرونة الطلب الدخلية لها مثل السجائر.
5. بيع أصول عامة من خلال خصخصتها واستخدام إيرادات البيع في تمويل العجز.
التمويل التضخمي
ويتم ذلك أساسا من خلال:
· أن تقوم الحكومة بتمويل الزيادة في نفقاتها من خلال طبع النقود، أي التمويل التضخمي، او ضريبة التضخم.
· أو أن تلجا الدولة في بعض الأحيان إلى رفع أسعار مستلزمات أساسية في عملية الإنتاج مثل الوقود لوفرة الحصيلة.
مرة أخرى سنجد أن الدولة النامية او ضعيفة الموارد لن يكون أمامها خيار سوى اللجوء إلى التمويل التضخمي.
اللجوء إلى ترشيد الإنفاق
وأخيرا هناك خيار ثالث يمكن أن تلجأ الدولة إليه من خلال:
· ضغط نفقاتها، على قطاعات او خدمات معينة، أو إلغاء بعض المزايا، .. الخ. وربما خفض إنفاقها الاستثماري.
· رفع كفاءة الإنفاق والرقابة عليه بصورة أفضل للتخلص من الهدر في الإنفاق العام.
وهو خيار ربما يكون محدود الفائدة في أغلب الدول النامية.
اذا استمرت أسعار الغذاء في الارتفاع في المستقبل فان هدف أوائل القرن الذي وضعته الأمم المتحدة بتخفيض مستويات الفقر نحو النصف بحلول عام 2015 لن يتحقق، بسبب تعمق مستويات الفقر نتيجة ارتفاع تكلفة الغذاء على ميزانيات الأسر الفقيرة. على سبيل المثال فإنه في آسيا يتم إنفاق حوالي 60% من الدخل الطبقات الفقيرة على الغذاء، وإذا ما أضفنا الإنفاق على الطاقة فإن النسبة ترتفع إلى 75%. يتبقى بعد ذلك نسبة 25% لتنفق على الكساء والتعليم والصحة ... الخ. وهي نسبة منخفضة للغاية. ويقدر أن هناك 1.2 مليار آسيوي مهددون بسبب الإرتفاعات الأخيرة في أسعار الغذاء.
ما هي أسباب ارتفاع أسعار الغذاء
يرجع ارتفاع أسعار الغذاء يرجع لعوامل دورية Cyclical، و لعوامل هيكلية Structural.
العوامل الدورية
وهي عوامل ذات تأثير مؤقت سرعان ما يزول بزوال هذه الأسباب مثل:
1. العوامل المناخية غير المواتية، كالفيضانات والأعاصير والجفاف.. الخ. على سبيل المثال انخفض إنتاج استراليا في عام 2006 من القمح بنسبة 60% بسبب الجفاف الذي ضرب القارة، او الفيضانات، او انتشار الآفات الزراعية، او الطقس البارد.
2. أدت أزمات الائتمان إلى نقص الأموال الموجهة نحو الزراعة.
3. أدى انخفاض قيمة الدولار إلى رفع قيمة الواردات الغذائية.
4. لجوء بعض الدول إلى منع تصدير السلع الزراعية لمواجهة احتياجات الاستهلاك المحلي، مثل منع تصدير الأرز.
العوامل الهيكلية
وهي عوامل ترجع إلى تغير في أنماط الإنتاج أو الاستهلاك أو السياسات وتتمثل في.
1. ارتفاع أسعار الطاقة، وزيادة كثافة الطاقة المستخدمة في الإنتاج الزراعي، وهو ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الطاقة والأسمدة والمبيدات المستخدمة في الزراعة، ومن ثم ارتفاع أسعار السلع الغذائية.
2. تحويل استخدام الحبوب الزراعية من تقديمها كغذاء للإنسان والحيوان إلى توليد الوقود الحيوي بشكل متزايد. ففي الوقت الذي تزايد توجيه الحبوب نحو الغذاء منذ عام 2000 بحوالي 4-7%، تزايد توجيه الحبوب نحو الوقود الحيوي بنسبة 25%. كما تزايد دعم الحكومات للوقود الحيوي وهو ما أدى إلى تزايد تحويل الحبوب نحو إنتاج الوقود الحيوي، على سبيل المثال أدى دعم الولايات المتحدة للإيثانول إلى زيادة تحويل الذرة نحو الايثانول من حوالي 6% إلى حوالي 23% من إجمالي محصول الذرة خلال الأعوام الثلاث الماضية.
3. زيادة عمليات تحويل الأراضي الزراعية بعيدا عن إنتاج الغذاء، على سبيل المثال فان جانبا متزايد من الرقعة الزراعية يتم تحويلها تدريجيا نحو الإنتاج لأغراض تصنيع الوقود الحيوي. وزيادة تحويل الأراضي الزراعية إلى الأغراض الصناعية ولأغراض التوسع الحضري.
4. انخفاض معدلات نمو الإنتاجية للسلع الزراعية بسبب نقص الموارد الموجهة نحو البحث والتطوير في المجال الزراعي.
5. تحول في سياسات الإنتاج للدول النامية بشكل عام، والتي قللت من الاهتمام بقطاع الزراعة والتسويق الزراعي وغيرها من القضايا المرتبطة بإنتاج الغذاء.
6. زيادة مستويات الدخول في الدول الناشئة في آسيا، بصفة خاصة الصين والهند وهو ما أدى إلى تزايد الطلب على الغذاء. بصفة أساسية من جانب القطاعات الفقيرة من السكان. كذلك زيادة الطلب على اللحوم والحليب والبيض، والذي يؤدي إلى تخفيض الحبوب الموجهة نحو غذاء الإنسان إلى الحيوان.
لماذا الدعم
دعم الأسعار يكون مهما في حالة ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل المواد الغذائية لان ارتفاع الأسعار سوف يكون مصحوبا بانخفاض الدخل الحقيقي وتراجع مستويات الرفاهية وازدياد معدلات الفقر. وفي ظل هذه الظروف تكون الدول ملزمة بالتدخل لدعم السلع الأساسية وتشديد الرقابة على الأسواق لمواجهة التلاعب من قبل التجار، ولتخفيف الأعباء المعيشية عن كاهل الأسر، وتخفيض مخاطر عدم الاستقرار السياسي المصاحبة لذلك في اغلب الحالات. وبشكل عام يعد الدعم مهما لتوجيه قوى السوق التي يمكن أن تحرم فئات معينة من الحصول على احتياجاتها الأساسية من سلع أو خدمات معينة، مثل التعليم الصحة التطعيم والأمن الغذائي، غير انه يجب أن يتم وزن العوائد الاقتصادية والاجتماعية مع تكلفة الدعم.
أشكال الدعم
الدعم المباشر
وذلك في صورة مدفوعات نقدية تدفع للسكان المستحقين من محدودي الدخل. ويظهر في صورة ارتفاع في النفقات في الموازنة العامة للدولة لأغراض تمويل الدعم.
الدعم غير المباشر للأسعار
· دعم مستلزمات الإنتاج
· دعم أسعار الفائدة ويؤدي إلى خسائر للنظام المصرفي بسبب دعم أسعار الفائدة
· تثبيت الإيجارات، ويؤدي إلى خسارة تلحق بالملاك
· الإعفاء الضريبي أو خفض الضرائب وخفض الرسوم الجمركية والإعفاء من بعض الرسوم مثل رسوم تنمية الدخل .. الخ. ويؤدي إلى خسارة في الإيرادات العامة للدولة
· فرض معدلات صرف تفضيلية ويؤدي إلى الضغط على موارد النقد الأجنبي للدولة
· فرض أسعار اقل من التكلفة بصفة خاصة للسلع التي تنتجها المؤسسات العامة، وهو ما يؤدي إلى خسائر للمؤسسات العامة بسبب فرض أسعار اقل من التكلفة.
· فرض تمييز سعري للمستهلكين المختلفين، على سبيل المثال رفع أسعار الاستهلاك للكهرباء لبعض المستهلكين وخفضها بالنسبة للباقي.
· .
· الخ
الآثار الاقتصادية المترتبة على الدعم
تعتمد الآثار الاقتصادية للدعم على أسلوب دعم الأسعار. الدعم غير المباشر، أي التدخل في الأسواق أسلوب سيئ للدعم، لأن الجميع يستفيد من الدعم، بصفة خاصة اذا كانت آليات السوق لا تعمل بشكل صحيح، كما أنه في بعض الأحيان يذهب أغلب الدعم لجيوب التجار، ويحقق أرباب السوق السوداء أرباحا نتيجة لسياسات التدخل في قوى السوق.
ويفضل في مثل هذه الأحوال الإبقاء على الأسعار كما هي مرتفعة، وتعويض أصحاب الدخول المحدودة في صورة رفع مستويات الدخول لتلك الفئات او توزيع كوبونات لضمان ذهاب الدعم إلى مستحقيه.
وبشكل عام هناك عدة آثار اقتصادية لدعم الأسعار:
1. ارتفاع مخصصات الدعم يؤدي إلى زيادة الإنفاق الجاري في الموازنة العامة للدولة، ومن المعلوم أن الإنفاق الجاري غير مرن ويصعب تخفيضه في أوقات انخفاض الإيرادات العامة.
2. ارتفاع مخصصات الدعم يؤدي إلى عجز في الموازنة العامة للدولة. وتؤدي زيادة عجز الميزانية إلى التضخم، وهو ما يؤدي إلى مزيد من العجز من خلال انخفاض القوة الشرائية لإيرادات الدولة، وهكذا ندخل في حلقة مفرغة.
3. ارتفاع الدعم يؤدي إلى تشويه هيكل الأسعار وتخفيض الحوافز نحو الاستثمار، والحد من رغبة القطاع الخاص في الاستثمار في مجالات السلع المدعمة لتقديم تلك السلع، ومن ثم يقع العبء بالكامل على الحكومة وموازنتها.
4. عادة ما يصاحب الدعم السلعي انخفاض في المعروض من السلع المدعمة مما يؤدي إلى انتشار ظواهر الطوابير وضياع الوقت وانخفاض الإنتاجية تبعا لذلك. وكذلك انتشار السوق السوداء، حيث يترتب على فرض أسعار اقل من الأسعار التوازنية للأسواق
5. الدعم السلعي يؤدي إلى زيادة غير مبررة في الطلب بسبب انخفاض الأسعار وإتاحة السلعة للجميع، وذهاب جانب من الدعم لغير مستحقيه لان الأسواق لا تفرق بين من يستحق ومن لا يستحق.
6. المخاطر السياسية المستقبلية التي يمكن أن تصاحب الرغبة في إصلاح نظام الأسعار، حيث يترتب على إصلاح نظام الدعم غالبا مخاطر اجتماعية وسياسية عديدة. إذ يصاحب إصلاح نظام الدعم خفض مفاجئ في مستويات المعيشة والرفاهية، بصفة خاصة بالنسبة للفئات الفقيرة مما يؤدي إلى اضطرابات داخلية. وعلى ذلك فانه مثلما يفرض الدعم أساسا لتجنب المخاطر السياسية لارتفاع الأسعار، فان إزالة الدعم يصاحبها نفس المستوى من المخاطر.
7. هناك آثار أخرى فنية تتعلق بالكفاءة والعدالة، حيث تنخفض كفاءة تخصيص الموارد في حال الدعم، وتتأثر اعتبارات العدالة بين جموع الناس.
كيف يمكن تمويل الدعم
عندما تستجيب الدولة لضغط المواطن بخفض الأسعار (أي زيادة الدعم) او زيادة الرواتب، ترتفع نفقات الدولة عن إيراداتها ويحدث عجز في الموازنة العامة للدولة. هذا العجز لا بد وان يمول. وتنقسم طرق تمويل العجز إلى قسمين:
التمويل غير التضخمي:
من خلال استخدام طرق تمويل غير تضخمية، أي لا تؤدي إلى تضخم، على سبيل المثال:
1. الاقتراض من الجمهور، بصفة خاصة القروض طويلة الأجل، لان هناك من يرى انه حتى الاقتراض قصير الأجل يعد تضخميا، حيث يحسب الاقتراض قصير الأجل ضمن رصيد السيولة المتاحة في المجتمع، والذي يزيد عندما يزيد الاقتراض قصير الأجل، ومن ثم يمارس ضغوطا تضخمية. ويؤدي الاقتراض من الأفراد إلى سحب السيولة من يد الأفراد ومن ثم يقلل الضغوط التضخمية الناجمة عن زيادة الطلب من قبل الأفراد. لكن الاقتراض من الجمهور له شروط، أهمها
· أن يكون العجز في الموازنة العامة للدولة مؤقتا، حتى لا تستمر الدولة في الاقتراض من الجمهور إلى ما لا نهاية.
· أن يتوقع أن تحقق الدولة فائضا في المستقبل يمكن استخدامه لإعادة سداد الدين المحلي، بدلا من لجوءها إلى التمويل التضخمي لسداد الدين. فإذا لم يكن ذلك ممكنا فان الاقتراض من الجمهور يؤدي إلى مشكلتين:
· المشكلة الأولى هي أن الدين العام وخدمته ستشكل مشكلة كبيرة للدولة سواء الآن، وللأجيال القادمة في المستقبل، وهو ما يضر بمبدأ أساسي في الانفاق وهو بين الأجيال. حيث تشير الدراسات إلى أن نصف تكاليف العجز المالي الآن تدفعها أجيال قادمة، لم تستفد أساسا من مسببات العجز، وهو ما يضر بمبدأ المحاسبة بين الأجيال، أي عوائد وتكاليف الجيل الحالي وعوائد وتكاليف الأجيال القادمة.
· المشكلة الثانية انه يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفائدة في سوق الائتمان، ومن ثم يقلل الحافز نحو الاستثمار الخاص، الأمر الذي يطلق عليه في الاقتصاد مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص.
2. الاقتراض من الخارج، ومشكلته الأساسية انه يعطي الأجانب حق على الأصول الوطنية من خلال مبادلة الدين بالأصول في حالة عدم قدرة الدولة على السداد في المستقبل، او خدمة دينها العام.
3. زيادة الضرائب على الدخول للطبقات ذات الدخول المرتفعة
4. زيادة الرسوم على السلع والخدمات غير الأساسية. بصفة خاصة تلك التي تتسم بانخفاض مرونة الطلب الدخلية لها مثل السجائر.
5. بيع أصول عامة من خلال خصخصتها واستخدام إيرادات البيع في تمويل العجز.
التمويل التضخمي
ويتم ذلك أساسا من خلال:
· أن تقوم الحكومة بتمويل الزيادة في نفقاتها من خلال طبع النقود، أي التمويل التضخمي، او ضريبة التضخم.
· أو أن تلجا الدولة في بعض الأحيان إلى رفع أسعار مستلزمات أساسية في عملية الإنتاج مثل الوقود لوفرة الحصيلة.
مرة أخرى سنجد أن الدولة النامية او ضعيفة الموارد لن يكون أمامها خيار سوى اللجوء إلى التمويل التضخمي.
اللجوء إلى ترشيد الإنفاق
وأخيرا هناك خيار ثالث يمكن أن تلجأ الدولة إليه من خلال:
· ضغط نفقاتها، على قطاعات او خدمات معينة، أو إلغاء بعض المزايا، .. الخ. وربما خفض إنفاقها الاستثماري.
· رفع كفاءة الإنفاق والرقابة عليه بصورة أفضل للتخلص من الهدر في الإنفاق العام.
وهو خيار ربما يكون محدود الفائدة في أغلب الدول النامية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق