نشر في صحيفة الاقتصادية السعودية بتاريخ الجمعة 22/10/2010.
منذ أن انطلقت الأزمة المالية العالمية وشبح حرب العملات يخيم في سماء العلاقات التجارية الدولية، ولحسن الحظ مضت السنتان الأوليان من الأزمة دون أن تنجر دول العالم إلى حرب تجارية، فقد اتفقت الدول الكبرى في الاجتماعات المتتالية لمجموعة العشرين على ضرورة تجنب الممارسات الحمائية للتجارة، لمساعدة العالم على الخروج بشكل أسرع من الأزمة، ولتجنب التعقيدات التي يمكن ان تنشأ عن ذلك، بصفة خاصة تأخير عملية استعادة النشاط الاقتصادي على المستوى العالمي، غير أنه مع طول فترة الأزمة تتزايد الضغوط نحو حرب العملات، والتي قد تؤدي بالدول إلى تبني سياسات فرض الرسوم الجمركية وفرض قيود كمية والقيام بإجراءات انتقامية يمكن ان تؤدي إلى اضطراب النظام التجاري العالمي مثلما حدث في الثلاثينيات من القرن الماضي.
حرب العملات هي تسابق مختلف دول العالم نحو تخفيض قيمة عملاتها بهدف تخفيض أسعار صادراتها في الأسواق العالمية (عندما يتم تحويلها إلى عملات الدول المستوردة)، وهو ما يعطي صادرات الدول صاحبة التخفيض ميزة نسبية في مقابل صادرات باقي الدول الأخرى في العالم، الأمر الذي يشجع صادرات هذه الدولة إلى الدول المستوردة منها (شركاءها في التجارة). من ناحية أخرى فإن تخفيض عملة الدولة يجعل وارداتها من شركاءها في التجارة أكثر تكلفة نسبيا (عندما يتم تحويل أسعار الواردات إلى العملة الوطنية)، وهو ما يقلل من واردات هذه الدولة من شركاءها في التجارة، وبالتالي يرتفع صافي الصادرات (الفرق بين الصادرات والواردات)، ويعد صافي الصادرات احد مكونات الطلب المحلي، وعندما يرتفع هذا الصافي ترتفع مستويات الطلب الكلي ومن ثم معدلات النمو.
سياسة تخفيض قيمة العملة سوف تكون مفيدة إذن للدولة صاحبة العملة المنخفضة، ولكن هذه السياسة لا يمكن أن تستمر في الأجل الطويل، ففي ظل عالم ترتفع فيه درجة الاعتماد المتبادل بين الدول، فان الفائدة التي تحققها دولة ما لابد وأن تكون على حساب دولة أو دول أخرى من شركاءها في التجارة والدول المنافسة لها في الأسواق العالمية، والتي تتحول نتيجة هذه السياسة إلى دول تعاني من ضعف في المزايا النسبية لها مقارنة بالدولة صاحبة التخفيض.
معنى ذلك ان محاولة دولة ما القيام برفع مستويات الطلب الكلي لديها بزيادة صادراتها إلى غيرها من الدول وتقليل وارداتها منها من خلال تخفيض العملة سوف يكون على حساب الطلب الكلي في الدول الأخرى، الأمر الذي يخفض من مستويات الدخل والنمو في هذه الدول، ولذلك يطلق على سباق تخفيض العملات بسياسة إفقار الجار (أو إفقار الغير) beggar-thy-neighbor policy، وعلى المدى الطويل فانه هذه السياسات سوف تنعكس سلبا مرة أخرى على الدول التي تقوم بتخفيض عملاتها وذلك نتيجة تأثر مستويات النمو في الدول الأخرى، بما يقلل من طلبها على صادرات الدولة صاحبة العملة المنخفضة، وبمعنى آخر فإن استدامة زيادة الطلب على الصادرات لدولة ما يقتضى استدامة ارتفاع معدلات النمو في الدول الأخرى (شركاءها في التجارة)، وهو ما لا يمكن ان يتحقق بمقتضى سياسات إفقار الغير. الأمر الأخطر هو أن تراجع مستويات الطلب الكلي للدول المستوردة نتيجة الميزة النسبية التي تتمتع بها الدولة صاحبة العملة المنخفضة سوف يغري هذه الدول على تبني نفس السياسة، وهو ما يؤدي إلى نشوب حرب للعملات يخسر فيها الجميع.
من المؤكد أذن أن الدول التي تضار من حرب العملات لن تقف مكتوفة الأيدي، ولابد أنها ستقدم في النهاية على اتخاذ إجراءات انتقامية إما من خلال تخفيض مماثل أو من خلال فرض ضرائب لمواجهة مثل هذه الممارسات الضارة تجاريا بالنسبة لها، وهكذا شيئا فشيئا تزداد العوائق أمام التدفق التجاري الحر للسلع والخدمات عبر دول العالم، ويحدث اضطراب تجاري عظيم، تكون نتيجته ضعف استفادة دول العالم من التبادل التجاري الحر، سواء تلك التي خفضت عملاتها أو التي ردت على هذا التخفيض بتخفيض مماثل أو بتقييد التجارة مع شركاءها، ومن ثم في ظل هذه الأوضاع تفقد دول العالم فرص الاستفادة من المزايا النسبية التي تمتلكها وكذلك العوائد التي يمكن ان تنشأ عن التبادل التجاري الحر للسلع والخدمات عبر دول العالم.
الأمر الذي تنبغي الإشارة إليه هو أن الحوافز نحو الاحتفاظ بقيمة العملة الوطنية منخفضة تعد مرتفعة بشكل خاص لدى الدول الناشئة، وذلك من خلال ربط عملاتها بإحدى العملات الدولية مثل الدولار، مع الاحتفاظ بمعدل صرف يجعل قيمة العملة اقل من قيمتها السوقية، ويسمح مثل هذا الربط باستقرار اكبر للاقتصاد، فضلا عن أنه يشجع الصادرات، ومن ثم النمو الاقتصادي مدفوعا بالصادرات كمحرك لهذا النمو، ويحقق للدولة فوائض في الاحتياطيات، والتي يمكن استخدامها من جانب البنك المركزي في الدفاع عن العملة الوطنية ضد ضغوط الارتفاع أمام العملات الأجنبية أو حمايتها من هجمات المضاربين.
يقترب العالم حاليا من المرور بنفس تجربه ما بين الحربين في الثلاثينيات من القرن الماضي، عندما اشتعلت حرب العملات بين مختلف دول العالم الصناعي، عندما قامت دولة تلو الأخرى بتخفيض قيمة عملتها في محاولة يائسة للخروج من الركود، غير أن كل عملية تخفيض لم تكن تساعد الدولة بقدر ما كانت تعمق من المشكلات التي تواجهها شركاءها في التجارة، والتي كانت ترى ان ركودها يزداد مع كل عملية خفض في قيمة عملات شركاءها التجاريين، الأمر الذي دفع كافة الدول بما في ذلك تلك التي كان تحرص دائما على استقرار عملاتها إلى سلوك نفس الاتجاه، وبالتالي لم يستفيد احد في النهاية من المنافسة على تخفيض قيمة العملات، وانحصرت الآثار الأساسية من حرب العملات في رفع مستويات الضغط السياسي في كافة دول العالم، ورفع درجات عدم التأكد حول عدم استقرار معدلات الصرف، وتقييد النظام التجاري الدولي. ما حدث بعد ذلك هو تفضيل عدد كبير من الدول بأن تقوم بإرخاء سياساتها النقدية نظرا لعدم قلقها على حماية معدل صرف عملاتها، ومن ثم انتشر مثل هذا التحفيز النقدي في كافة أنحاء العالم، وهو أهم العوامل التي ساعدت على استعادة النشاط الاقتصادي بعد الركود العظيم.
في ظل الإحباط الذي يصيب العالم حاليا نتيجة أنه وبعد سنة من الخروج من الكساد تقريبا، مازلت معظم الدول المتقدمة تخشى أن تواجه كسادا آخر، في الوقت الذي ترى فيه الدول الناشئة تحقق معدلات نمو استثنائية بقيادة الصين، بينما لا يتوقع أن تحقق الدول المتقدمة نموا يتجاوز نسبة الـ 1.5% هذا العام. فقد اعتادت الولايات المتحدة، ومازالت، أن تعيش خارج نطاق إمكانياتها، وهو ما تسبب في عجز تجاري ضخم، ومما لا شك فيه أن هذا العجز قد ساعد الاقتصاديات الناشئة في العالم، وبصفة خاصة الصين، حيث مثل هذا العجز هدية بالنسبة لها. غير أنه في مقابل هذا العجز كان هناك تدفق صاف لرؤوس الأموال من الاقتصاديات الناشئة إلى الولايات المتحدة، بصفة خاصة الصين مرة أخرى. في ظل هذه الأوضاع فإن احتمال لجوء العالم إلى وسائل غير تقليدية للتعامل مع الأزمة يتزايد، ومن أخطر هذه الوسائل محاولة رفع مستويات الطلب الكلي من خلال تشجيع صافي الصادرات، لتسريع عملية الخروج من الكساد الأمر الذي ينذر بنشوء حرب للعملات.
مؤخرا فاجئ وزير المالية البرازيلي غويدو مانتيجا العالم عندما صرح أن حرب العملات العالمية قد انطلقت مع قيام الحكومات بتخفيض معدلات صرف عملاتها لتشجيع تنافسيتها، وقد جاء تعليق وزير المالية البرازيلي في أعقاب سلسلة من التدخلات من جانب البنوك المركزية في العالم، فقد قام البنك المركزي الياباني ببيع الين بهدف تخفيض معدل صرفه بالنسبة لباقي العملات الدولية، بعد ان ارتفع بصورة كبيرة في الأشهر الأخيرة، وهو ما أثر على الصادرات اليابانية وخفض من سرعة استعادة النشاط، كذلك تتدخل البنوك المركزية لكوريا الجنوبية وتايوان بهدف تخفيض قيم عملات هاتين الدولتين للسبب نفسه، وفي الأسبوع الماضي أعلن البنك المركزي البريطاني (بنك أوف انجلاند) انه سوف يبدأ خطة طوارئ لشراء سندات حكومية، ومن ثم مع التيسير الكمي الذي سيقوم به من المتوقع ان ينخفض الجنيه الإسترليني المنخفض في القيمة أصلا. كذلك ينتظر العالم هذه الأيام الإعلان المرتقب للجنة السوق المفتوح في الولايات المتحدة عن الحجم المقترح للتيسير الكمي الذي ستقوم به في الربع الأخير من هذا العام، وبالتالي يقبع اليوم الدولار تحت ضغوط التيسير الكمي المتوقع، في الوقت الذي استمرت فيه الصين في الحفاظ على خفض قيمة عملتها. الوزير البرازيلي قلق بالطبع على تنافسية بلاده نتيجة تخفيض قيمة هذه العملات، إلا أن القلق من حرب العملات أصبح يشمل اليوم الدول المتقدمة والناشئة على السواء.
في ظل هذه الأوضاع من انخفاض العملات الرئيسية الدولار والإسترليني والين الياباني، هل ستظل الدول الأخرى في العالم التي ترى عملاتها ترتفع في القيمة بالنسبة لهذه العملات مكتوفة الأيدي، وهي ترى قدراتها التنافسية تتراجع إلى الوراء نتيجة لذلك. من المؤكد أنها أيضا ستنضم إلى القائمة على الأقل كوسيلة دفاع عن نفسها ضد الحرب المفروضة عليها.
اليوم أخذ التيسير الكمي ينتشر بشكل واسع بين العديد من الدول المتقدمة، حيث تقوم البنوك المركزية بطباعة كميات ضخمة من النقود الجديدة لضخها في الاقتصاد المحلي بهدف تشجيع الإنفاق، بصفة خاصة الاستثمار. غير أن التيسير الكمي يؤدي إلى آثار مباشرة تنعكس في انخفاض قيمة العملة، بفعل انخفاض معدلات الفائدة أو تزايد التوقعات بانخفاض قيمة العملة مستقبلا، وعلى ذلك فإذا كان الهدف من تخفيض العملات هو تشجيع الطلب الكلي من خلال زيادة صافي الصادرات، فإن التيسير الكمي يحدث نفس الأثر على الطلب الكلي، ولذلك ينظر إلى التيسير الكمي حاليا بأنه أيضا نوع من حرب العملات.
لفترة طويلة من الزمن اتبعت الصين تكتيكا يساعد على الحفاظ على الرينمنبي منخفضا من خلال التلاعب بقيمة العملة وعدم الرضوخ لأي ضغوط سياسية في هذا الاتجاه. المشكلة في استمرار التكتيك الصيني هي في احتمال تبني باقي دول العالم لنفس التكتيك باعتباره كان ناجحا في الحالة الصينية، وبالتالي فإن التخوف الأساسي في العالم اليوم هو ان الخلاف حول العملة الصينية ربما يطلق موجة جديدة من الحماية والتي يمكن ان تهدد استعادة النشاط أو تجعله اضعف مما يجب، بناءا على ذلك فإن إصرار الصين على الاحتفاظ بالرينمنبي مقوما بأقل من قيمته الحقيقية، يضع العالم في حجز زاوية يصعب الفكاك منه بدون انصياع الصين لمطالبات العالم لها بتقييم عملتها عند مستوياتها الحقيقية، فالرينمنبي منخفض القيمة يؤثر سلبا على الدول الأخرى التي تملك نفس المزايا التنافسية التي تتمتع بها الصين، وهي رخص تكاليف العمالة، فضلا عن أنه متهم بأنه المسبب الرئيس للعجز التجاري الأمريكي مع الصين.
الضغوط اليوم تتزايد على الصين لرفع قيمة عملتها، فالعالم ينظر إلى الصين حاليا على أنها الدولة التي يجب ان تسمح لوارداتها بالنمو وتجعل عملتها ترتفع في القيمة، وأن الصين قد تحقق ميزة من رفع قيمة اليوان بالسيطرة على التضخم المرتفع لديها، ولكن الصين لا ترى أن عملتها مرتفعة القيمة، وهي غير راغبة في إعادة تقييم الرينمنبي، وتقاوم كافة الضغوط نحو ذلك الاتجاه بشدة، حيث أن التكلفة بلا شك ستكون على حساب تنافسيتها وفوائضها التجارية.
وزير الخزانة الأمريكي تيموثي جايثنر يعتقد ان الموضوع في غاية الخطورة، وأن مطالب الدول الناشئة بدور أكبر في صندوق النقد الدولي لا بد وأن يصاحبها التزام هذه الدول بتبني نظم لمعدلات الصرف أكثر مرونة، كما أشار إلى أن الدول صاحبة الفوائض التجارية الضخمة لا بد وأن تسمح لعملاتها بأن ترتفع، أو أن تواجه نتائج عدم قيامها بذلك، حيث أن عدم قيام مثل هذه الدول بتعديل قيمة عملاتها سوف يشجع باقي الدول على القيام بذلك. غير أن تيموثي جايثنر يحاول أن يطمئن العالم بقوله "بأننا لن نذهب إلى حرب تجارية، كما أن العالم لن يشهد حربا للعملات، وأن الأمر متروك لكل دولة لتحدد مقدار التخفيض اللازم في عملتها كاستجابة طبيعية لقوى السوق في أوقات الأزمة"، كما أن هناك دلائل على أن بعض أعضاء الحكومة الصينية أصبح يتفهم اليوم الحاجة إلى السماح للرينمنبي بالارتفاع في القيمة.
الاتهامات المتبادلة بين المعسكرين أخذت تتكثف مؤخرا، ففي الوقت الذي تتهم فيه الولايات المتحدة الصين بتخفيض قيمة عملتها، فإن الصين تتهم الولايات المتحدة بأن فشل سياساتها الاقتصادية هو سبب الاختلال العظيم الذي يعيشه العالم حاليا، ولكي نكون منصفين علينا أيضا أن ندرك ان الصين ليست بمفردها التي تقوم بالتلاعب بعملتها اليوم، فمما لا شك فيه ان تبني خطط للتيسير الكمي يحدث نفس الأثر على الدولار، وان كان هذا الخط ليس منهجيا في الولايات المتحدة، مثلما هو الحال في الصين، إلا أنه وعلى الأقل في الوقت الحاضر، يجعل الولايات المتحدة تقف على نفس الخط مع الصين، أو بمعنى آخر لا ينبغي ان نضع الصين وحدها في قفص الاتهام.
مما لا شك فيه أن مجموعة العشرين لا بد وأن تتناول الموضوع بالجدية المناسبة في اجتماعها القادم، ويبدو أن موضوع معدلات الصرف سوف يكون من القضايا الساخنة في الاجتماع القادم لمجموعة العشرين في سيول في نوفمبر القادم، والذي يهدف إلى الانتهاء من خطط إصلاح النظام المالي والاقتصادي العالمي. الجدير بالذكر أنه قبل الاجتماع السابق في تورنتو في يونيو الماضي أعلنت الصين أنها مستعدة لكي تسمح لليوان بان يرتفع في القيمة بصورة محدودة، ولكنها على أرض الواقع لم تفعل شيئا سوى السماح برفع قيمة اليوان بأقل من 2% خشية الانتقام الأمريكي، اليوم هناك ادعاءات بأن اليوان مقوم بأقل من قيمته بنسبة 40%، وبما أن الدول المجتمعة في تورنتو قد وعدت بالعمل على الحد من الاختلالات التجارية الدولية، فإن الوقت الآن هو الأنسب للوفاء بتلك الوعود.
إذا كان جايثنر يحاول ان يطمئن العالم بأنه لن يكون هناك حربا تجارية أو حربا للعملات، فإن ساركوزي رئيس مجموعة العشرين حاليا يقترح تبني نظاما جديدا للتنسيق بين العملات العالمية، بالطبع بهدف إحداث قدر أكبر من الاستقرار في تلك العملات. في عام 1985 اجتمع وزراء مالية الولايات المتحدة وألمانيا (الغربية في ذلك الوقت)، وفرنسا واليابان والمملكة المتحدة في فندق بلازا في نيويورك حيث تم توقيع ما يسمى بـ "اتفاق بلازا"، والذي تم بمقتضاه تخفيض قيمة الدولار بالنسبة للين الياباني والمارك الألماني، لتخفيض العجز في ميزان المدفوعات الأمريكي. اليوم يعيش العالم ظروفا مشابهة لتلك التي أحاطت بالاتفاق، ولكن مع الصين هذه المرة. ربما يكون العالم اليوم أحوج إلى اتفاق مثل اتفاق بلازا لوقف مخاطر نشوب حرب للعملات بين المجموعات التجارية الرئيسية في العالم، ولكن ذلك لن يتم قبل أن تنثني الصين عن إصرارها على الحفاظ على قيمة الرينمنبي منخفضا.
والآن دعنا نعود إلى سؤالنا الأساسي هل ستنشب حرب العملات، أميل إلى الاعتقاد بأنه على الرغم من أن مخاطر نشوب حرب العملات اليوم تعد حقيقية، إلا أن احتمالات نشوب مثل هذه الحرب تعد في رأيي ضعيفة جدا، فمن المؤكد أن الأوضاع العالمية لن تصل إلى الصورة التي كانت عليها في الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث أن مساحة التعاون الاقتصادي الدولي حاليا أعمق بكثير مما كان سائدا في ذلك الوقت، فضلا عن الدور الفعال الذي تلعبه المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي ومؤتمرات مجموعة العشرين سيحول دول نشوب مثل هذه الحرب، وهو ما كان يفتقده العالم في الثلاثينيات من القرن الماضي، كما أن مثل هذه الحرب هي بالتأكيد آخر ما ينتظره العالم اليوم للخروج من الأزمة، وأن مثل هذه الحرب قد ثبت تاريخيا انه لا يخرج منها أحد منتصرا.