الأحد، نوفمبر ٢٨، ٢٠١٠

مؤشرات متناقضة 10: لجنة السوق المفتوح تراجع تقديراتها للنمو بالانخفاض

في اجتماعها الأخير هذا الأسبوع قامت لجنة السوق المفتوح بالاحتياطي الفدرالي للولايات المتحدة بمراجعة تقديراها حول معدلات النمو والبطالة والتضخم خلال الفترة من 2010-2013 وفي المدى الطويل. الأمر اللافت للانتباه هو ان تعديلات التوقعات التي نشرتها اللجنة تخفض التوقعات حول معدلات النمو مقارنة بتوقعاتها السابقة. الجدول التالي يلخص هذه التوقعات. ولكن لماذا تقتصر توقعات اللجنة على النمو والتضخم والبطالة؟

لجنة السوق المفتوح هي اللجنة التي تصيغ وتنفذ السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية، والسياسة النقدية هي استخدام الاحتياطي الفدرالي لأدوات السياسة النقدية (بصفة خاصة عمليات السوق المفتوح) بهدف الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، ويقصد بالاستقرار الاقتصادي تحقيق التوازن بين 3 أهداف متعارضة، الأول هو تعظيم معدلات النمو في الناتج المحلي الحقيقي لرفع مستويات الدخول وزيادة مستويات الرفاهية، والثاني هو تدنية معدلات البطالة للحفاظ على معدلات التوظف عند مستويات مرتفعة، والثالث هو تثبيت معدلات التضخم عن مستويات منخفضة للحفاظ على القوة الشرائية للنقود ومنعها من التدهور وتثبيت معدل صرف العملة والحفاظ على القوة الشرائية لدخول الأفراد في المجتمع. ولا شك ان رفع معدل النمو سوف يؤدي إلى تخفيض معدل البطالة، إلا أنه سوف يرفع من درجة سخونة الاقتصاد نتيجة زيادة مستويات الطلب الكلي الأمر الذي يرفع معدل التضخم، كما أن محاولة السيطرة على معدل التضخم من خلال تخفيض مستويات الطلب الكلي سوف يترتب عليها تراجع معدلات النمو ومن ثم ارتفاع معدلات البطالة. العلاقة بين التضخم والبطالة علاقة عكسية، وبين النمو والبطالة علاقة عكسية أيضا، وبين النمو والتضخم علاقة طردية. لهذا السبب نجد ان مهمة البنك المركزي دائما هي مهمة صعبة، وتبدو صعوبتها في كيفية إحداث التوازن المناسب بين النمو والبطالة والتضخم.

ويتم الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي من خلال التحكم في معدل الفائدة المستهدف بواسطة الاحتياطي الفدرالي، وهذا المعدل هو الأموال الفدرالية Federal Funds Rate، ويقصد بمعدل الأموال الفدرالية، معدل الفائدة على قروض ما بين البنوك الأمريكية لمدة ليلة واحدة Overnight rate، حيث تتبادل البنوك الاحتياطيات الزائدة فيما بينها لمدة ليلة. فإذا أراد الاحتياطي الفدرالي ان يرفع من مستويات الطلب الكلي (يخفض معدل البطالة ويرفع معدل التضخم)، فإنه يلجأ إلى عمليات شراء مفتوح (شراء السندات من سوق السندات) وضخ المزيد من الاحتياطيات الدولارية لدى البنوك، فيزداد عرض الاحتياطيات في البنوك، وينخفض معدل الأموال الفدرالية وبالتالي تنخفض باقي أشكال معدل الفائدة الأمر الذي يرفع من الطلب الاستهلاكي والاستثماري كما يزيد صافي الصادرات. أما إذا أراد الاحتياطي الفدرالي ان يخفض من مستويات الطلب الكلي (يخفض من معدل التضخم ويرفع من معدل البطالة)، فإنه يلجأ على عمليات البيع المفتوح (بيع السندات في سوق السندات) وسحب المزيد من الاحتياطيات الدولارية من البنوك، فيقل عرض الاحتياطيات في البنوك ويرتفع معدل الأموال الفدرالية وبالتالي ترتفع باقي أشكال معدلات الفائدة، الأمر الذي يخفض من مستويات الطلب الكلي بأشكاله المختلفة.


ويوضح الجدول التالي توقعات لجنة السوق المفتوح خلال الفترة من 2010-2013 بعد المراجعة، وكما هو موضح بالجدول التالي يتوقع ان تصل معدلات النمو في الناتج في 2010 ما بين 2.4-2.5%، وهي معدلات تقل عن التوقعات السابقة للجنة في يونيو الماضي والتي كان تدور حول 3-3.5%. وفقا للجنة يتوقع ان تستمر معدلات النمو في التصاعد ببطء حتى تصل إلى 3.5-4.6% في 2013، بينما يتوقع ان يبلغ معدل النمو على المدى الطويل 2.5-2.8%. في مقابل هذه المعدلات المتزايدة للنمو تتوقع لجنة السوق المفتوح ان تخف الضغوط في سوق العمل نتيجة ميل معدلات البطالة نحو التراجع من 9.5% إلى 6.9-7.4% في عام 2013. لاحظ ان اللجنة وفقا لهذه التقديرات تصبح أكثر تشاؤما حول مستقبل معدلات البطالة في الولايات المتحدة، خلال الأعوام 2010-2013، قبل أن تعود معدلات البطالة إلى مستوياتها الطبيعية على المدى الطويل بين 5-6%.


المصدر: Minutes of the Federal Open Market Committee November 2–3, 2010

 
بالنسبة لمعدلات التضخم، فإن اللجنة قامت بتعديل تلك المعدلات بصورة هامشية نحو الأعلى، ربما بسبب توقعاتها لآثار سياسات التيسير الكمي 2، ولكن اللافت للنظر هو أن معدلات التضخم المتوقعة مازالت منخفضة للغاية وأقل من معدلات التضخم المستهدف بواسطة الاحتياطي الفدرالي والتي تدول حول معدل 2% سواء في الأجل القصير أو في الأجل الطويل. ماذا تعني تقديرات لجنة السوق المفتوح حول معدل التضخم التي تدور في 2013 أو في الأجل الطويل حول معدل 2.0%، إن ذلك يمثل رسالة إلى المراقبين بأن الاحتياطي الفدرالي يمسك بزمام الأمور، وان معدل التضخم في الولايات المتحدة سوف يكون دائما تحت سيطرة الاحتياطي الفدرالي ويتوافق مع مستهدفاته المعلنة حول معدل التضخم والتي هي 2%. الاحتياطي الفدرالي بهذا الشكل ينظر إلى الادعاءات التي يتفوه بها البعض عن دخول الولايات المتحدة في مرحلة تضخم مرتفع على أنها نوع من الهراء.

ماذا تعني هذه التوقعات؟ إذا كانت توقعات لجنة السوق المفتوح حول مستقبل معدلات النمو والتضخم دقيقة، فلا خوف إذن على مركز الدولار الدولي في المستقبل.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق