الجمعة، مايو ١٦، ٢٠١٤

هل تواجه سوق لندن فضيحة أخرى للتلاعب في الذهب؟

بعد فضيحة التلاعب بمعدل الفائدة الدولي لليورو التي هزت السوق المالية في لندن العام قبل الماضي، يبدو أن سوق لندن بصدد التعرض لفضيحة أخرى للاشتباه هذه المرة في التلاعب بسعر الذهب. كأحد المتابعين لسعر الذهب أجد في الكثير من الأحيان سعر الذهب يسلك سلوكا شاذا على عكس التوقعات، خصوصا في أعقاب بعض الأحداث المهمة التي أتوقع معها ارتفاع سعر الذهب أو انخفاضه، فتأتي المعلومات من السوق في الاتجاه المعاكس.

يتزايد هذه الأيام الحديث عن أن هناك من يتلاعب بسوق الذهب العالمية في لندن، وبأن سعر الذهب لا يتحدد بقوى العرض والطلب، إنما يتم توجيه هذه الأسعار كي تأخذ اتجاها محددا لتحقيق مصالح فئة من الوسطاء أو المتعاملين في سوق الذهب.

حتى أوائل هذا العام كانت عملية تحديد سعر الذهب في لندن تتم بواسطة خمسة مصارف هي: باركليز، دويتش بنك، بنك أوف نوفا سكوتا، إتش إس بي سي، وسوسيتيه جنرال، لكن دويتش بنك انسحب مع عملية تحديد سعر الذهب بعد تعرض العاملين فيه لتحقيقات قانونية في ألمانيا على خلفية التلاعب بسعر الذهب، ووفقا لموقع Goldfixing يتم تحديد السعر في جلستين، الصباحية (10.30 صباحا) وبعد الظهر (الساعة 3)، وفي بداية الجلسة لا بد أن يعلن كل مصرف نيته في البيع أو الشراء أو عدم التعامل، فإذا كانت نية الجميع عدم التعامل على الذهب فإن السعر المحدد يكون هو سعر الافتتاح، أما إذا كانت المصارف ذات دافع واحد (شراء أو بيع) فإن رئيس الجلسة قد يثبت سعر الافتتاح إذا كانت كمية التعامل 50 سبيكة (620 كيلو جراما) أو أقل، أما إذا كانت دوافع المصارف في الشراء والبيع فإنه يعدل سعر الافتتاح وفقا للفرق بين العرض والطلب، وفي البداية يطلب رئيس الجلسة من البنوك طلبات البيع (العرض) ثم طلبات الشراء (الطلب) وفي ضوء ذلك يتم رفع أو خفض السعر، فإذا كانت الكميات المطلوبة أكبر من الكميات المعروضة بأكثر من 50 سبيكة يرفع السعر، والعكس إن كانت الكميات المطلوبة أقل من الكميات المعروضة، ثم يتم تثبيت السعر بناء على ذلك، على أنه يكون من حق أي بنك أن يراجع موقفه أثناء الجلسة ويعدل الكميات المشتراة أو المبيعة، وعندما يتم تحديد السعر يتم إعلانه بالعملات الرئيسة في العالم.

جاءت ادعاءات التلاعب في سعر الذهب بعد بحث قامت به روزا ميتز الأستاذ في جامعة نيويورك وألبرت ميتز في شركة موديز، حيث قاما بمراجعة المعاملات التي تتم خلال اليوم وتتبع التحركات غير المبررة في سعر الذهب التي ربما تشير إلى سلوك غير قانوني في تحديد السعر خلال الفترة من 2001 حتى 2013، ووفقا لروزا لوحظ أنه بدءا من 2004 حدثت ارتفاعات متكررة في جلسات تحديد سعر الذهب بعد الظهر، على الرغم من أن هذه الارتفاعات لم تحدث في جلسة الصباح، مثل هذا السلوك للأسعار لم يلاحظ ما قبل 2004، كما أن التغيرات الكبيرة في سعر الذهب بعد الظهر تتم غالبا في الاتجاه نفسه، بصفة خاصة نحو خفض السعر، وأنه ليس هناك سبب واضح لهذه الاتجاهات للأسعار. على موقعها تؤكد روزا أن هذه الاتجاهات لسعر الذهب تشير إلى أن هناك سلوكا تواطئيا للتلاعب بالسعر وأن هناك شبه تعاون بين كبار المتعاملين في الذهب، وأنه لا بد للمنظمين في لندن من التأكد من هذه الاتجاهات المثيرة للجدل، بصفة خاصة وأن البنوك لديها الدافع وأيضا القدرة على التلاعب بالسعر.

كذلك في شباط (فبراير) الماضي قامت "فاينانشيال تايمز" بنشر مقال لماديسون ماريج بعنوان Gold price rigging fears put investors on alert، الذي ادعى فيه أن سعر الذهب تم التلاعب فيه في 50 في المائة من الحالات بين 2010 و 2013، وذلك وفقا لتحليل قامت به Fideres، (جهاز يعمل لمصلحة هيئة الرقابة المالية البريطانية)، وأشار الكاتب إلى أن فيدرز لاحظت أن سعر الذهب يرتفع أو ينخفض بشكل متكرر في اللقاءات اليومية للبنوك الخمسة وأنه بمجرد أن تنتهي الجلسة، يحدث تحول حاد في السعر في الاتجاه المعاكس، وهو ما قد يوحي بوجود سلوك تواطئي حول السعر، وأن المصارف ترفع السعر لأعلى وفقا لاستراتيجية غالبا ما تكون محددة قبل بدء الجلسة وذلك من أجل الاستفادة من مواقفهم الحالية الخاصة بالمعدن أو طلبات عملائهم. غير أن فيدرز نفت بأن يكون ذلك سلوكا متكررا في كل الحالات وأن ما لاحظته كان يخص سلوكا شاذا في يوم واحد بعينه، وهو ما دعا الصحيفة إلى حذف المقال بعد يومين من نشره، غير أن المقال أحدث صدى واسعا بين المهتمين حيث تزايدت الشكوك بأن الذهب يتم التلاعب في سعره. بعض المراقبين يدعي أنه البنوك ليست هي التي تتلاعب في سعر الذهب، إنما الاحتياطي الفيدرالي ذاته هو الذي يقوم بذلك، فبعد أن قارب سعر الذهب ألفي دولار في 2011، يعمد الاحتياطي الفيدرالي إلى خلق عرض زائف للذهب من خلال تأجير الذهب Gold leasing، كي يتم استيعاب الطلب المتزايد على الذهب خشية أن يؤدي ارتفاع سعر الذهب إلى التخلص من الدولار والتوجه نحو المعدن، شخصيا أشك في صحة هذه الادعاءات.

في مقال له بعنوان Is the London Fix Fixed، في شباط (فبراير) الماضي يحاول Ross Norman الإجابة عن بعض الأسئلة المرتبطة بالشكوك حول التلاعب في سعر الذهب، حيث يشير إلى أنه من الطبيعي أن تحدث ارتفاعات كبيرة في سعر الذهب بعد الظهر وليس في الصباح لأن سوقي لندن ونيويورك تكونان مفتوحتين في ذلك الوقت، بعكس الحال في الصباح حيث تفتح سوق لندن فقط، وبالتالي تتوافر كمية أكبر من السيولة للذهب. أما عن أسباب تغير سعر الذهب بصورة كبيرة في أثناء الجلسة، يشير إلى أنه بما أن السعر يتحدد في الجلسة فإنه من المتوقع أن تتم عمليات اتجار كبيرة في المعدن بيعا وشراء، الأمر الذي يشير إلى سلامة عملية التحديد للسعر من وجهة نظره.

وأيا كان الوضع فإن هيئة الرقابة المالية البريطانية ما زالت تحقق في صحة الادعاءات بوجود تلاعب في سعر الذهب، وما زلنا في انتظار ما ستسفر عنه هذه التحقيقات، وإن كنت أشك في أنها ستصدر تقريرا في هذا الاتجاه، لأنه لو حدث وكشفت التحقيقات عن صحة التلاعب في سعر الذهب ستقام آلاف الدعاوى القانونية على البنوك الخمسة من صناديق الاتجار في المعدن وكبار المتعاملين فيه حول العالم للمطالبة باسترداد الخسائر التي يمكن أن يكونوا قد تعرضوا لها من جراء عمليات التلاعب في سعر الذهب، بل إنه إذا ثبت التلاعب في الذهب فإن ذلك سيقود إلى الحديث عن التلاعب أيضا في سعر الفضة، باعتبار أن الذهب والفضة يتم الاتجار فيهما معا.

هناك تعليق واحد:

  1. the manipulation been on looooooooooooooooong time ago but still they CANNOT control it much longer things will go out of control so gold owners should bring popcorn with them

    ردحذف