الثلاثاء، يونيو ٠٣، ٢٠٠٨

زيادة العمالة الوافدة تؤدي إلى المزيد من الطلب على العمالة الوافدة

أدى صغر حجم السكان الوطنيين، وعدم كفاية المعروض من قوة العمل الوطنية، سواء من حيث الكم أو الكيف، للوفاء بالاحتياجات المتزايدة لعملية التنمية، إلى تزايد أعداد العمال الوافدين بمعدلات فاقت مثيلاتها بالنسبة للمواطنين، وقد ترتب على ذلك اختلال هيكل السكان، حيث يسيطر السكان الوافدون على هيكل السكان في الدولة، وكذلك اختلال هيكل سوق العمل، حيث يسيطر العمال الوافدون على سوق العمل المحلي، بصفة خاصة سوق العمل المحلي الخاص، على الرغم من التحسن الواضح في معدلات مساهمة المواطنين في النشاط الاقتصادي وارتفاع المستوى التعليمي لقوة العمل الوطنية، ولا سيما من الإناث.

وعلى الرغم من محاولات الحد من العمالة الوافدة وجهود إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبية، إلا أن أعداد العمالة الوافدة تميل إلى الزيادة بشكل عام. وتؤدي زيادة الطلب على العمالة الوافدة إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات المختلفة الأمر الذي يخلق الحاجة إلى المزيد من الطلب على العمالة، وبسبب قيود العرض من العمالة المحلية فان هذه الزيادة في الطلب يتم الوفاء بها بشكل أساسي من خلال المزيد من العمالة الوافدة، أي أن زيادة أعداد العمالة الوافدة تؤدي إلى تزايد الطلب عليها، وهكذا في "حلقة مفرغة" بين الطلب على العمالة الوافدة والمزيد من الطلب على السلع والخدمات ومن ثم المزيد من الطلب على العمالة الوافدة. وفي ظل هذا الوضع من المتوقع أن تتزايد معدلات البطالة بين العمالة الوطنية. ويمكن التعبير عن الدائرة المفرغة للطلب على العمالة الوافدة في الشكل التالي:


لقد أدى الاعتماد المفرط على العمالة الوافدة إلى تعقيد ظاهرة تجزئة سوق العمل Segmentation (وجود سوقين للعمل، هما سوقي العمل العام والخاص، يعملان جنبا إلى جنب ومع ذلك تختلف مستويات الأجور والمزايا الأخرى، وساعات العمل والإنتاجية .. الخ بينهما بشكل واضح)، حيث أدى ذلك إلى موقف ساد فيه العمال الوافدون الأنشطة في القطاع الخاص، بينما تركزت العمالة الوطنية في القطاع الحكومي. ومع بلوغ قيود الميزانية العامة حدودها القصوى، أصبح من الصعب الاستمرار في توظيف العمالة الوطنية، وازدادت بالتالي معدلات البطالة بين المواطنين. الأمر الذي وضع الكويت أمام خيارين حرجين: إما تقييد دخول العمالة الوافدة وفرض توظيف العمالة الوطنية، بما قد يحمله من آثار سلبية على القدرة التنافسية للقطاع الخاص، على الأقل في الأجل القصير، أخذا في الاعتبار فروق الأجور بين المواطنين والأجانب، أو الاستمرار في الحفاظ على سياسة منفتحة نحو العمالة الوافدة ومواجهة الأعباء الاجتماعية لارتفاع معدلات البطالة بين المواطنين. وقد اختارت الكويت حلا وسطا من خلال محاولة التقليل من العمالة الوافدة عن طريق فرض نسب للعمالة الوطنية بمؤسسات القطاع الخاص، واستخدام نظم الحوافز لتشجيع القطاع الخاص على توظيف العمالة الوطنية. ويمكن القول بأنه إذا لم يتم القضاء على ظاهرة تجزئة سوق العمل، فان جهود عملية الإحلال لن تحقق الأهداف المرجوة منها، على الأقل في الأجلين القصير والمتوسط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق