الجمعة، يونيو ٠٦، ٢٠٠٨

تفعيل برامج التخصيص لضمان دور أكبر للقطاع الخاص في دولة الكويت

يكمن الخلل الأساسي في الهيكل الاقتصادي في دولة الكويت، في هيمنة الدولة على مقدرات الاقتصاد الوطني، ومن المعلوم أن الدولة بشكل عام مدير سيئ للموارد. ومن ثم فان وجود قطاع حكومي ضخم يضر باعتبارات الكفاءة الاقتصادية في استغلال الموارد الوطنية ويؤثر بشكل سلبي على معدلات النمو الكامنة. ومما لا شك فيه أن استمرار اضطلاع الدولة بدورها الحالي يتناقض مع فلسفة النظام الاقتصادي لدولة الكويت، وان دفع عملية النمو وزيادة كفاءة استغلال الموارد الوطنية يقتضي إعادة صياغة ذلك الدور، بحيث يتم إفساح المجال بشكل اكبر للقطاع الخاص، وهذا الأمر يقتضي ضرورة أخذ الخطوات الآتية لتهيئة البيئة الاقتصادية والتشريعية لضمان مساهمة أكبر للقطاع الخاص بحيث يصبح المنتج ال في الدولة. الأساسي، والموظف الرئيسي لقوة العمل والمولد الأكبر للدخل في الدولة.

تهيئة البيئة التشريعية المناسبة لعمليات التخصيص
وذلك بسرعة إصدار قانون التخصيص، وذلك لتنظيم عمليات تحويل الأصول العامة للقطاع الخاص على نحو يضمن الشفافية اللازمة لجذب رأس المال الخاص المحلي والأجنبي، مع التأكيد على ضرورة منح القطاع الخاص مزايا تكفل تعزيز المنافسة في جميع الأنشطة المستهدف تخصيصها، وبما يضمن حقوق العمال، وتوسعة قاعدة المشاركة في الملكية في تلك الأصول بما في ذلك الملكية الأجنبية.

توسيع نصيب القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي
من خلال توسيع قاعدة الملكية للجهاز الإنتاجي لصالح القطاع الخاص، واستكمال برامج نقل ملكية حصص الدولة في الشركات المساهمة العامة إلى القطاع الخاص، مع الأخذ بعين الاعتبار اختيار التوقيت المناسب لطرح تلك الحصص في سوق الأوراق المالية بحيث لا تتأثر القيم السوقية لتلك الأصول المحولة، ومراجعة المشروعات العامة المرشحة للتخصيص، وتحديد الأسلوب المناسب لبيع جزء أو كامل حصة الدولة في هذه المشروعات، ودراسة المبادرات التي يقدمها القطاع الخاص في هذا الصدد. ويساعد هذا الامر على تحويل جانب كبير من الأعباء الخاصة بخلق فرص عمل جديدة للمواطنين إلى القطاع الخاص، فضلا عن التحويل التدريجي للعمالة الحالية من خلال عمليات التخصيص، وفتح مجالات استثمار القطاع الخاص في المشروعات التي تسهم في تعزيز الروابط الأمامية والخلفية لكافة لقطاعات الإنتاج المحلية، ومن ثم دفع مستويات النمو في الناتج المحلي الإجمالي.

إعادة هيكلة وتأهيل المشروعات العامة
وذلك لكي تكون قادرة على التعامل مع آليات السوق الحر، قبل بدء عملية التخصيص لضمان عدم تعثر هذه المؤسسات بعد عملية التخصيص، خصوصا بعد أن ظلت لفترة طويلة مدعومة من قبل الدولة وتدار على أسس غير تجارية، والتخلص من العمالة الزائدة بتلك المؤسسات من خلال منح تلك العمالة عدة خيارات مثل التقاعد المبكر، أو حزمة مادية، أو إعادة التأهيل، أو غيرها من الحزم، وذلك بالاستعانة بالتجارب الدولية في هذا المجال. ومما لا شك فيه أن إعادة تأهيل المشروعات العامة سوف تضمن حصول الدولة على سعر عادل لأصول تلك المشروعات.

الحرص على ضمان كفاءة عمليات تسعير الأصول العامة
وذلك للتأكد من أن عملية التسعير تتم بشكل يعكس القيمة الحقيقية لتلك الأصول، وبما يضمن حصول الدولة على المقابل العادل لتلك الأصول، حتى لا يترتب على عملية التخصيص فقدان جانب كبير من المقابل المادي لتلك الأصول. وهي خسارة للميزانية العامة للدولة، يمكن أن تساعد الدولة في تعزيز برامج الإنفاق على البنى التحتية المعززة لفرص النمو والتنافسية الدولية.

توسيع نطاق الملكية للأصول العامة التي يتم تحويلها للقطاع الخاص
وذلك من خلال تخصيص الجانب الأكبر من أسهم الشركات التي يتم تحويلها على المواطنين لضمان العدالة في استفادة أفراد الشعب من تلك الأصول الوطنية، ولضمان حشد التأييد الشعبي والبرلماني لعمليات التخصيص.

التأكد من استمرار احتفاظ الدولة بقدر من النفوذ
أي في المؤسسات التي يتم تحويلها إلى القطاع الخاص، بصفة خاصة المؤسسات التي تقدم سلعا أو خدمات حيوية للجمهور، مثل تلك التي تقدم خدمات توفير الكهرباء والماء والاتصالات، على الأقل في المراحل الأولى لعملية التخصيص، ويمكن أن يتم ذلك من خلال تملك الحكومة لسهم ذهبي Golden Share في تلك الشركات، وذلك لضمان استمرار تلك المؤسسات في تقديم الخدمات بكميات وأسعار مناسبة، وبما لا يؤدي إلى الإضرار بالمستهلك نتيجة عملية التخصيص.

تقديم تسهيلات للقطاع الخاص للاستثمار في مجال المشاريع الإستراتيجية
على سبيل المثال توسيع نطاق القطاعات التي يمكن تحويلها إلى القطاع الخاص لتشمل الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء، أو تحويل تسهيلات إنتاج أو توزيع هاتين السلعتين إلى القطاع الخاص، لضمان رفع كفاءة عمليات الإنتاج والتوزيع ومن ثم تقليل الهدر في إنتاج وتوزيع هاتين السلعتين، وكذلك خفض تكاليف الإنتاج، على أن تتولى الحكومة شراء إنتاج المحطات من الكهرباء والماء من القطاع الخاص، ودفع الفرق بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع للمستهلك، وذلك في المراحل الأولى لعمليات تحويل تلك التسهيلات إلى القطاع الخاص، لحين الانتهاء من عمليات تعديل أسعار هاتين السلعتين بحيث يصبح تقديم هذه السلع بشكل كامل من قبل القطاع الخاص مجديا من الناحية الاقتصادية.

إزالة تشوهات الأسعار
بحيث تعكس المستويات السوقية لتكلفة للسلع والخدمات، حيث يترتب على المستويات الحالية للأسعار ضعف الجدوى الاقتصادية للمشروعات التي تقدم سلعا عامة، وبحيث تصبح تلك الأنشطة جذابة للقطاع الخاص لضمان قدرة قطاع الأعمال الخاص على تحقيق عائد معقول يبرر مشاركته بصورة فعالة في تقديم السلع والخدمات العامة، وهو ما يساعد على توسيع مشاركة القطاع الخاص في تقديم كافة السلع والخدمات، بما فيها تلك التي يقتصر تقديمها حاليا على الدولة.

حل مشكلة تفاوت الأجور بين القطاعين العام والخاص
وذلك بهدف تصحيح الاختلال الهيكلي في سوق العمل، وتقليل الفروق بين تكلفة العمالة الوطنية في القطاعين العام والخاص، من خلال وقف نمو مرتبات العمالة بالقطاع الحكومي، والحد من المزايا الأخرى لخلق مناخ طارد للعمالة الوطنية في القطاعين الحكومي والعام، وفي ذات الوقت العمل على رفع كلفة العمالة الأجنبية في القطاع الخاص من خلال الرسوم والضرائب المختلفة، فضلا عن توسيع مخصصات صندوق دعم العمالة الوطنية وإعادة النظر في أسلوب عمل الصندوق بحيث يتجه إلى دفع إعانات لمؤسسات القطاع الخاص في مقابل كل فرصة عمل حقيقية جديدة يتم خلفها للعمالة الوطنية، ومنح مزايا تفضيلية حقيقية لتلك المؤسسات التي ترتفع بها نسبة العمالة الوطنية.

خلق بيئة أعمال أفضل لقطاع الأعمال الخاص
بما في ذلك مناخ الأعمال للاستثمار الأجنبي المباشر من خلال القضاء على القيود والعوائق الإدارية في مجال الأعمال، والقضاء على الإجراءات البيروقراطية المطولة عند التعامل مع الإدارات الحكومية، وخفض تلك القيود إلى حدها الأدنى إجرائيا وزمنيا.

ضمان حقوق العمالة الوطنية المتبقية في المشروعات التي يتم تخصيصها
وذلك بالاستعانة بالخبرة الدولية في هذا المجال، لخلق مناخ أكثر استقرارا لقوة العمل بتلك المشروعات، ولتخفيف المقاومة لبرامج الخصخصة من قبل العمال. من ناحية أخرى يمكن تعميق انتماء العمال لتلك المشروعات من خلال تخصيص نسبة من أسهم المشروعات التي يتم تحويلها نحو القطاع الخاص للعاملين، أو بأسعار مخفضة مع تسهيلات في السداد، أو منحها لهم دون مقابل.

إنشاء مكتب رقابة لكل قطاع يتم تخصيص مؤسساته
وذلك لضمان عدم تأثر رفاهية المستهلكين لسلع وخدمات المشروعات التي يتم تحويلها إلى القطاع الخاص بصورة سلبية نتيجة عملية التخصيص، بحيث تتولى تلك المكاتب مهمة التحقيق في شكاوى المستهلكين والعمال، والعمل على حلها مع مجالس إدارات تلك المشروعات، مثل مكاتب الاتصالات Offtel والمياه Offwater التي أنشأتها الحكومة البريطانية لمراقبة أنشطة شركات الاتصالات والمياه بعد تحويلها إلى القطاع الخاص.

إنشاء مؤسسة وطنية لإعادة التدريب والتأهيل
تتولى مهمة إعادة تأهيل العمالة الوطنية التي يتم الاستغناء عنها نتيجة عملية التخصيص، وتدريبها لرفع مستويات إنتاجيتها لكي تتوافق مع احتياجات سوق العمل الخاص، بصفة خاصة العمالة التي هي في حالة بطالة مقنعة، وذلك لخفض معدلات البطالة المتوقعة نتيجة عمليات التخصيص والعمل على إحلالها محل العمالة الوافدة بالقطاع الخاص.

تطوير سوق المال
فقد أثبتت تجارب التخصيص الناجحة الأهمية الحيوية التي يلعبها سوق المال الكفء، في تسهيل عمليات تحويل المشروعات العامة، خصوصا المشروعات الكبرى، إلى القطاع الخاص. ومما لاشك فيه أن الأداء الجيد لأسواق الأسهم سوف يستفيد من المشاركة الأوسع للمشروعات المحلية وكذلك المستثمرين الأجانب. غير انه من المهم تطوير الأطر القانونية التي تكفل التقليل من عمليات المضاربة على الأسهم في الأسواق والمحافظة على ثقة القطاع الخاص وتهيئة المناخ لتوطين الاستثمارات الوطنية العاملة بالخارج. من ناحية أخرى فان إنشاء هيئة مستقلة لسوق المال للمساعدة على حماية المستثمرين وتطوير سوق رأس المال وضمان عمليات الإفصاح والشفافية والنزاهة من خلال إلزام المتعاملين في السوق بتطبيق التشريعات التي تضمن حسن أداء السوق، ومنحها سلطة الإحالة للقضاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق