ارتكزت الأهداف الأساسية للسياسة الاقتصادية لدولة الكويت منذ استقلالها على إتباع ما يسمى بسياسات الرفاه، والتي ترتكز على "مبدأ تقسيم الثروة" والذي هدف إلى رفع مستويات الرفاهية لكافة أفراد الشعب من خلال تبني نظام مكثف للدعم والإعانات والالتزام بتقديم معظم السلع والخدمات الأساسية إما مجانا أو بأسعار منخفضة لا تعكس تكاليفها الحقيقية، وأشكالا أخرى للتدخل. وقد اقتضى القيام بهذا الدور أن تتملك الدولة الجانب الأكبر من الأصول الإنتاجية، الأمر الذي مكنها من أن تلعب دور الموظف الرئيسي للداخلين الجدد إلى سوق العمل من المواطنين، فضلا عن ذلك أصبح الجانب الأكبر من الإنفاق العام يوجه بشكل أساسي لأغراض الإنفاق الجاري، بينما تنخفض نسبة الإنفاق الرأسمالي إلى الناتج المحلي الإجمالي بشكل واضح مقارنة بالدول المثيلة. وقد ترتب على انخفاض مستويات الإنفاق الاستثماري عدم النجاح في إرساء أساس متين لتنويع هيكل الدخل والناتج، مما أدى إلى تعميق الطبيعة الريعية للاقتصاد المحلي وزيادة اعتماده على مصدر شبه وحيد للناتج والدخل، بحيث أصبح جل النشاط الاقتصادي المحلي يعتمد بشكل واضح على تطورات أوضاع السوق العالمي للنفط. ويشكل الدور الحيوي الذي يلعبه القطاع النفطي تحديا كبيرا لدولة الكويت، حيث يقف عائقا أمام تحقيق معدلات مستقرة للنمو.
غير أن اخطر إفرازات سياسات الرفاه المرتكزة على مبدأ تقسيم الثروة هي أنها أدت إلى "إهدار لتلك الثروة"، ولعل أخطر ما ترتب على تلك السياسات هو نشر ثقافة الهدر على كافة الأصعدة، وأصبح هناك تسابق حميم للمطالبة بحرق ثروة الكويت، من خلال المطالبات الشعبية المختلفة، وقد قدرت صحيفة القبس تكلفة تلك مطالب النواب حاليا بحوالي 17 مليار دينار (أي حوالي 60 مليار دولار)، وللأسف كلما مال سعر النفط نحو الارتفاع، كلما شحذ هؤلاء ألسنتهم للمطالبة بالمزيد، فالشعب الكويتي يستاهل.
نعم شعب الكويت يستاهل، ولكن من خلال المزيد من تسهيلات إنتاج حقيقية، من خلال المزيد من الإنتاجية، من خلال المزيد من الموارد التي تنمي الثروة، من خلال أساس اقتصادي قوي يوفر استدامة النمو على المدى الطويل، وليس من خلال ثقافة توزيع الكنز ونشر أنماط استهلاك ترفي ضار. المطالبون بحرق ثروة الكويت هم أعداء الكويت الحقيقيون، ومشكلتهم الأساسية أنهم أعداء من الداخل، لهم أصوات وأقلام وصحف ومتحدثين، والمشكلة الأخطر أن البعض ينظر إليهم على أنهم أبطال قوميين، أنصار الشعب والساهرين على خدمته، والساعين لرفع مستوى معيشته... الخ. ولكن بأي الثمن؟ الثمن الحقيقي، هو مستقبل الكويت ومستقبل أجيالها، الثمن الحقيقي لكل العبث الذي يحدث تدفعه أجيال الدولة في المستقبل. فهل لهذا العبث من نهاية.
بالأمس تم إقرار زيادة الـ 50 دينار كزيادة ليست الأخيرة في الرواتب، كما أعلن البعض، وتم كذلك إقرار صندوق المعسرين، والبقية تأتي. إلى أين تأخذون الكويت، بحرق ثروتها وهدر إمكانياتها، إلى أين تأخذون الكويت بنشر ثقافة الهدر والاستهلاك، إلى أين تأخذون الكويت بتنمية شبه مشلولة، إلى أين تأخذون الكويت بمشاريع تراوح مكانها، إلى أين تأخذون الكويت باقتصادها الريعي، إلى أين تأخذون الكويت؟.
لا نملك إلا أن ندعو الله أن يحمي ثروة الكويت من أعداءها الحقيقيين.
غير أن اخطر إفرازات سياسات الرفاه المرتكزة على مبدأ تقسيم الثروة هي أنها أدت إلى "إهدار لتلك الثروة"، ولعل أخطر ما ترتب على تلك السياسات هو نشر ثقافة الهدر على كافة الأصعدة، وأصبح هناك تسابق حميم للمطالبة بحرق ثروة الكويت، من خلال المطالبات الشعبية المختلفة، وقد قدرت صحيفة القبس تكلفة تلك مطالب النواب حاليا بحوالي 17 مليار دينار (أي حوالي 60 مليار دولار)، وللأسف كلما مال سعر النفط نحو الارتفاع، كلما شحذ هؤلاء ألسنتهم للمطالبة بالمزيد، فالشعب الكويتي يستاهل.
نعم شعب الكويت يستاهل، ولكن من خلال المزيد من تسهيلات إنتاج حقيقية، من خلال المزيد من الإنتاجية، من خلال المزيد من الموارد التي تنمي الثروة، من خلال أساس اقتصادي قوي يوفر استدامة النمو على المدى الطويل، وليس من خلال ثقافة توزيع الكنز ونشر أنماط استهلاك ترفي ضار. المطالبون بحرق ثروة الكويت هم أعداء الكويت الحقيقيون، ومشكلتهم الأساسية أنهم أعداء من الداخل، لهم أصوات وأقلام وصحف ومتحدثين، والمشكلة الأخطر أن البعض ينظر إليهم على أنهم أبطال قوميين، أنصار الشعب والساهرين على خدمته، والساعين لرفع مستوى معيشته... الخ. ولكن بأي الثمن؟ الثمن الحقيقي، هو مستقبل الكويت ومستقبل أجيالها، الثمن الحقيقي لكل العبث الذي يحدث تدفعه أجيال الدولة في المستقبل. فهل لهذا العبث من نهاية.
بالأمس تم إقرار زيادة الـ 50 دينار كزيادة ليست الأخيرة في الرواتب، كما أعلن البعض، وتم كذلك إقرار صندوق المعسرين، والبقية تأتي. إلى أين تأخذون الكويت، بحرق ثروتها وهدر إمكانياتها، إلى أين تأخذون الكويت بنشر ثقافة الهدر والاستهلاك، إلى أين تأخذون الكويت بتنمية شبه مشلولة، إلى أين تأخذون الكويت بمشاريع تراوح مكانها، إلى أين تأخذون الكويت باقتصادها الريعي، إلى أين تأخذون الكويت؟.
لا نملك إلا أن ندعو الله أن يحمي ثروة الكويت من أعداءها الحقيقيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق