السبت، يونيو ٢١، ٢٠٠٨

تقنين عملية إنتاج وتصدير النفط الكويتي

أعلن نواب كتلة العمل الشعبي احمد السعدون ومسلم البراك ومرزوق الحبيني فضلا عن د. حسن جوهر إعادة تقديم اقتراح بقانون في شأن المحافظة على الثروة النفطية وحسن استغلالها. وينص القانون على تحديد إنتاج النفط الخام المصرح به سنويا اعتبارا من أول السنة المالية التالية لتاريخ العمل بالقانون من جميع الحقول النفطية في الكويت، شاملة نصيب الكويت في الحقول النفطية في المنطقة المقسومة، بنسبة مئوية لا تجاوز متوسط الإنتاج السنوي الفعلي من النفط الخام للسنتين الماليتين 2004-2005 و2005-2006 مقسوما على إجمالي الاحتياطي النفطي المؤكد في جميع هذه الحقول. ودعا القانون المقترح الحكومة إلى كشف النقاب عن حقيقة الاحتياطيات النفطية لدولة الكويت.

وكان موضوع الحجم الحقيقي للاحتياطيات الكويتية من النفط الخام قد أثار كثيرا من الجدل حول الحجم الحقيقي لتلك الاحتياطيات في عام 2006، وذلك عندما نشرت مجلة Petroleum Intelligence Weekly تقريرا يشير إلى انخفاض الاحتياطيات النفطية الكويتية إلى النصف. فوفقا للأرقام الرسمية فان احتياطيات دولة الكويت من النفط الخام تصل إلى حوالي 99 مليار برميل، أي حوالي 10% من الاحتياطي العالمي للنفط الخام. بينما تشير الـ Petroleum Intelligence Weekly إلى أن هناك تقارير تشير إلى أن الحجم الحقيقي للاحتياطيات من النفط الخام ربما يكون اقل من نصف الرقم المعلن، حيث تضع تلك المصادر احتياطيات النفط الخام لدولة الكويت بحوالي 48 مليار برميل من النفط، وفقا لرويترز ونقلا عن الـ Petroleum Intelligence Weekly.

وقد أشارت تلك المصادر إلى أن البيانات الرسمية لا تفرق بين الاحتياطيات المؤكدة، والمحتملة والممكنة للنفط، وأنه من بين الـ 48 مليار برميل المؤكدة والغير مؤكدة، هناك حوالي 24 مليار برميل فقط تمثل احتياطيات مؤكدة. من ناحية أخرى قال مدير عام معهد الكويت للأبحاث العلمية بالوكالة الدكتور نادر العوضي أن أكثر من نصف احتياطيات الكويت من النفط غير قابلة للإنتاج بالطرق التقليدية، أي أن هناك حوالي 50 مليار برميل غير قابلة للإنتاج بالأساليب التقليدية الرخيصة التكلفة.

مما لا شك فيه أن الموضوع في غاية الحساسية والخطورة في ذات الوقت. فإذا صدقت تلك التقارير عن الحجم الحقيقي للاحتياطيات، وأن هناك 24 مليار برميل فقط من تلك الاحتياطيات قابلة للاستخراج، فإنه بمعدلات الاستخراج الحالية، والتي تقترب من حوالي مليار برميل سنويا (بافتراض أن مستوى الانتاج الحالي 2.6 مليون برميل يوميا)، فإن احتياطي الكويت من النفط القابل للاستخراج سوف يكفي الكويت لمدة 25 عاما تقريبا فقط، مقارنة بالأرقام الرسمية التي تصل بهذا المدى إلى حوالي تسع وتسعون عاما. في ظل هذا التناقض في الأرقام حول احتياطيات دولة الكويت من النفط جاءت الدعوة إلى تقنيين عملية استخراج النفط الخام من آبار الكويت.

الدعوة إلى تقنين عملية إنتاج النفط الخام قد تبدو في ظاهرها دعوة رشيدة لضمان استدامة الإيرادات النفطية لأطول فترة ممكنة، وحفظا لحقوق الأجيال القادمة في تلك الثروة. إلا أن تلك الدعوة تؤدي إلى عدد من المشكلات في غاية الخطورة لدولة الكويت، وهذه المشكلات هي:

الأولى هي أن تقنين الإنتاج النفطي الكويتي في ضوء الاحتياطيات المؤكدة يعني تخفيض الإنتاج النفطي إلى أقل من نصف مستوياته حاليا، وهو ما سيؤدي إلى حرمان السوق العالمي للنفط الخام من أكثر من واحد وربع مليون برميل يوميا، وهي كمية ضخمة يمكن أن تدفع بأسعار النفط نحو الارتفاع بشكل كبير في ضوء النقص الحاد في عرض النفط الحالي في مقابل الطلب عليه، ومن ثم ستخلق اضطرابا حادا في السوق، وهو ما يمكن ان يخلق سخطا عالميا من قبل المستهلكين على دولة الكويت.

الثانية أنها ستمثل مشكلة لمنظمةالأوبك، خصوصا في وقت يطالب فيه العالم الأوبك بزيادة إنتاجها من النفط الخام لوقف الضغوط على الأسعار نحو الارتفاع.

أما ثالثة الأثافي فهي أن تقنين الإنتاج النفطي يصطدم بعقبة أكبر وأخطر، وهي أن الإيرادات المتوقعة لهذه الكمية المقترحة من الإنتاج سوف تؤدي إلى الحصول على إيرادات لا تكفي لتمويل احتياجات الإنفاق العام الحالي في الميزانية العامة للدولة، خصوصا في ظل النمو المتزايد لبنود الإنفاق الجاري في الميزانية بصورة كبيرة، وتنامي المطالب الشعبية على الأموال العامة لزيادة الرواتب وإلغاء القروض..الخ، ومن ثم فإن الدعوة إلى تقنين انتاج النفط الخام ستؤدي الى خلق عجز حاد ومستمر في الميزانية العامة لدولة الكويت.

فهل أدرك القارئ خطورة الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الكويتي حاليا، ومدى الحاجة الحقيقية الى إصلاح اقتصادي يفك الاقتصاد الكويتي من الاعتماد على النفط الخام وينوع مصادر ايرادات الدولة ويقلل من اعتماد الميزانية العامة للدولة على صادرات النفط، والتي تم التأكيد عليها مرارا وتكرارا في هذه المدونة. مرة أخرى، إذا كانت تلك التقديرات حقيقية، فإن أمامنا 25 عاما فقط لنتج ونصدر فيها النفط. ندعو الله أن تكون تلك التقديرات غير حقيقية.

http://today.reuters.com/news/articlebusiness.aspx?type=tnBusinessNews&storyID=nL20548125&from=business
http://www.moo.gov.kw/Default.aspx?nid=2630&pageId=64

هناك تعليقان (٢):

  1. الدكتور محمد السقا

    اشكرك في البداية على هذا التحليل الواقعي للحالة الاقتصادية النفطية في الكويت .

    والخلل في التركيبة الاقتصادية في الكويت أصلها شيئين في نظري:
    الأول: أن الاقتصاد الكويتي نهض بشكل هائل ومخيف منذ الستينات لا بتدرج لنمو مصادر دخل محلية بشرية ولا ببناء اقتصاد متوازن ، بل كان بظهور مصدر طاقة طبيعي بشكل مفاجيء فجاءت التركيبة الاقتصادية الحالية نتاج لايدارات النفط و استثمارات الايرادات الغير مستهلكة ، لذلك من الطبيعي - بفرض اعتراف لاعبي الاقتصاد الكويتي ومحاولتهم لايجاد بدائل اخرى لتركيبة الاقتصاد الكويتي عن النفط - ان اما ان يجد الاقتصاديون الكويتيون صعوبة بالغة جدا في محاولة حل الخلخلة في التركيبة الاقتصادية الحالية او ان يفشلوا في ذلك .

    الثاني: واضح جدا ان المجتمع الاقتصادي الكويتي - ناهيك عن باقي المجتمع الكويتي بشكل عام - يحاول ان يتناسى هذه الحقائق وهذا الخلل في التركيبة الاقتصادية و يحاول ان يتناسى خوفا من المجهول ان يدرك صورة المستقبل المرعب للاقتصاد الكويتي في مرحلة ما بعد النفط اما لنفاذ الاحتياط المحلي للنفط او لايجاد بدائل اخرى للطاقة في العالم ، وهذا لانه يعلم انه لم يحقق شيء جدير بأن يتطور به الاقتصاد الكويتي الى مستوى اعلى من مستواه في مرحلة ما قبل ظهور النفط ، باستثناء فائض الاموال والاستثمارات الخارجية التي لا تقارن بعوائد انتاج وتصدير النفط في الوضع الحالي .

    واعتقد ان القاعدة الاقتصادية التي تقول ان المال الذي يأتي بسرعة يزول بسرعة تطبيقها واضح في الاقتصاد الكويتي ، لان كل اقتصادي يدرك ان اي اقتصاد متوازن متماسك ليستمر لعمر طويل يجب ان يبنى بأكثر من عنصر كالتعليم والصناعة والموارد الطبيعية والموارد البشرية .. الخ


    أشكرك مرة اخرى دكتور وآسف على الإطالة .


    ...
    شاب كويتي

    ردحذف
  2. أعجبني جدا تعليقك، بصفة خاصة العبارة التي استخدمتها عن "صورة المستقبل المرعب للاقتصاد الكويتي في مرحلة ما بعد النفط، اما لنفاذ النفط، او لإيجاد بدائل أخرى للطاقة في العالم". أتفق معك أن الأمر جد خطير، وكل ثانية تمر، تقربنا من هذا اليوم المرعب كما تصفه. نعم سوف يأتي يوم ينفد فيه النفط، أو يصبح بلا قيمة، هذا أمر مؤكد. ولكن ماذا سنفعل عندما يأتينا هذا اليوم، ونحن غير مستعدين له. إن صندوق الأجيال القادمة لن يكفي لتمويل ميزانية الدولة أكثر من ست سنوات، بمستويات الإنفاق الحالية، وماذا بعد؟ الأمر في رأيي يحتاج إلى خطة طوارئ، كتلك التي تواجه بها الدول أعظم المخاطر التي تهددها. وهل هناك خطر أعظم من ذلك. هناك بصيص من الأمل في إدراك جيل المستقبل مثلك لطبيعة ذلك التحدي وعظمه، وكلي أمل في أن ينهض ذلك الجيل للقيام بما عجز عنه الجيل الحالي. شكرا على تعليقك.

    ردحذف