الاثنين، أكتوبر ٠٦، ٢٠٠٨

الأثر المتوقع للأزمة المالية العالمية على التضخم العالمي

يعزى التضخم الحالي الذي يمر بالعالم إلى عدة أسباب، منها ارتفاع أسعار النفط الخام، وارتفاع أسعار الغذاء نتيجة لعوامل عدة، منها المستوى الحالي لأسعار النفط، وارتفاع أسعار السلع الصينية المصدرة للعالم، وهناك من يعزو التضخم أساسا إلى النظام المالي الدولي الحالي، الذي يتسم بدرجة كبيرة من التسيب وعدم المراقبة وقلة الشفافية والمسئولية. حيث حرص النظام المالي في كل دول العالم تقريبا على الإفراط في الإقراض الأمر الذي أدى إلى تغذية مستويات الطلب الكلي عالميا، مما تسبب في تصاعد معدلات التضخم.

وبشكل عام يعتمد أثر الأزمة المالية العالمية على مستويات الأسعار للسلع والخدمات على مسار الأزمة المالية العالمية في المستقبل. وبشكل عام فان الآثار المتوقعة للازمة المالية العالمية على الأسعار تدخل في نطاق الآثار المباشرة وغير المباشرة. وبالنسبة لمسار الأزمة فان هناك سيناريوهان لاتجاهات الأزمة في المستقبل:

السيناريو الأول: هو أن تفشل الجهود المبذولة حاليا من قبل الولايات المتحدة والدول المتقدمة الأخرى في معالجة نتائج الأزمة والحد من الانهيار المستمر في النظام المالي العالمي. ووفقا لهذا السيناريو من المتوقع أن تسود حالة ركود اقتصادي حاد في الولايات المتحدة تمتد آثاره لباقي دول العالم، بصفة خاصة تلك التي ترتبط بعلاقات تجارية قوية مع الولايات المتحدة. ومن الآثار المتوقعة لهذا الركود ارتفاع معدلات البطالة وميل معدلات التضخم في العالم نحو الانخفاض.

من المتوقع أيضا وفقا لهذا السيناريو أن ينخفض الطلب العالمي على النفط والسلع التجارية الرئيسية ومن ثم ميل أسعار النفط نحو الانخفاض. الامر الذي سيؤدي الى انخفاض تكاليف الطاقة، ومن ثم انخفاض المستويات العامة للاسعار.

ويترتب على انخفاض اسعار النفط وأسعار السلع التجارية الرئيسية ذلك ميل الإيرادات الحكومية، بصفة خاصة بالنسبة للدول النفطية نحو الانخفاض، وهو ما قد سيدفع بحكومات تلك الدول نحو تخفيض خطط الإنفاق، الآمر الذي يقلل من ضغوط الطلب الكلي المحلي، وبالتالي يتوقع أن يؤدي إلى تخفيض الضغوط التضخمية.

أما بالنسبة للدول التي تمتلك صناديق استثمار سيادية مثل غالبية الدول النفطية فيتوقع أن تميل معدلات العوائد على أصول الصناديق الاستثمارية السيادية نحو الانخفاض، وقد تتعرض قيمة بعض أصول تلك الصناديق إلى الانخفاض بفعل الأزمة، في كافة الظروف سوف تميل الإيرادات الرأسمالية لتلك الدول نحو الانخفاض، ومن ثم انخفاض الإيرادات العامة للدولة وهو ما يؤدي الى نفس الاثر السابق.

من ناحية أخرى فانه من المتوقع وفقا لهذا السيناريو أن تستمر الضغوط على الدولار الأمريكي نحو الانخفاض، ومن ثم يتوقع بالنسبة للدول التي تربط عملتها بالدولار الأمريكي، أو التي يلعب الدولار الأمريكي دورا هاما في تحديد قيمة عملاتها، أن تزداد الضغوط التضخمية المستوردة، وذلك بالنسبة للسلع والخدمات التي يتم استيرادها من خارج الولايات المتحدة، مثل أوروبا وآسيا.

السيناريو الثاني هو أن تنجح الجهود الدولية في معالجة الأزمة المالية الحالية، وتتعافي النظم المالية العالمية من آثار تلك الأزمة بعودة الثقة في تلك النظم مرة أخرى، وفي ظل هذا السيناريو يتوقع أن تستمر الضغوط التضخمية الحالية التي يعاني منها العالم، بصفة خاصة في ظل استمرار أثار أزمة الغذاء وميل معظم أسعار السلع الغذائية نحو الارتفاع.

غير أنه من المتوقع حتى مع نجاح الجهود الدولية لمعالجة الازمة المالية العالمية ان تنخفض معدلات النمو في الاقراض على المستوى العالمي، بسبب القيود التنظيمية الجديدة التي ستفرضها دول العالم لضبط ايقاع اسواق المال وللحيلولة دون حدوث أزمة مالية أخرى مشابهة، الامر الذي سيؤدي الى تراجع مستويات الطلب الكلي ومن ثم معدلات التضخم على المستوى العالمي.

الخلاصة هي أن الأثر المتوقع للازمة المالية العالمية على مستويات التضخم في دول العالم سوف يعتمد على مسار الأزمة واتجاهاتها المستقبلية، غير ان الجانب الاكبر من التحليل يشير الى احتمال تراجع الضغوط التضخمية وميل معدلات النمو في الاسعار نحو الانخفاض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق