بوادر الأزمة المصرفية التي بدأت تنتشر في دولة الكويت بعد الإعلان عن تعرض بنك الخليج بدولة الكويت لخسائر نتيجة عدم قدرة أحد العملاء على إعادة سداد التزاماته قبل البنك والتي تم استخدامها في تمويل عقود للمشتقات، انتشرت بشكل سريع وفي غضون فترة زمنية قصيرة جدا. الذي حدث هو أن بعض عملاء بنك الخليج قد أسرعوا إلى سحب بعض أو كل مودعاتهم في البنك، كذلك تأثر بعض عملاء البنوك الأخرى، حيث أخذت عدوى الذعر المالي تنتشر بينهم، بحيث ارتفع الطلب على السيولة بشكل كبير خوفا من أن تكون باقي بنوك دولة الكويت تواجه نفس المشكلة. الملاحظ أيضا انه قد تم فرض حدود قصوى على قدرة المودع على السحب من حسابه في اليوم الواحد، وذلك لتقنين عمليات السحب النقدي بالشكل الذي يمكن البنوك من توفير حد أدنى من السيولة لكافة المودعين في حدود هذا الحد الأقصى.
الإجراء الذي تم اتخاذه بوضع حد أقصى لعمليات السحب اليومي من المودعات هو إجراء سليم من الناحية الاقتصادية لترشيد عملية السحب وإعطاء القدرة للسلطات النقدية على توفير السيولة اللازمة للبنوك في مواجهة زيادة الطلب على السيولة من قبل العملاء.
حالة الذعر المالي التي سادت بين بعض المودعين ترجع أساسا إلى انه ليس هناك ضمان حكومي حاليا لكافة المودعات في بنوك دولة الكويت، والذي كان قد تم إلغاؤه منذ سنوات قليلة مضت مع تلاشي المخاطر التي كان النظام المالي قد تعرض لها بعد أزمة المناخ وما تلاها من أزمات أخرى. فضلا عن اعتقاد بعض العملاء بأن الأوضاع المالية السيئة التي تمر بالعالم وبالمنطقة على وجه الخصوص قد بدأت تلقي بظلالها على قطاع البنوك في دولة الكويت.
والواقع أن ما يحدث من تأثيرات سلبية على القطاع المالي في الدولة لا تبرره معطيات الواقع الاقتصاد الكلي في الدولة بشكل عام. فالموقف المالي الحالي لدولة الكويت متين جدا، والأداء الاقتصادي على المستوى الكلي جيد جدا. معطيات الواقع إذن لا تبرر الاضطرابات التي يعاني منها القطاع المالي في الدولة.
من الواضح أن هناك أزمة ثقة محلية تدعمها الأوضاع العالمية الطاحنة والتي يمكن أن تحمل في طياتها أخبارا سيئة للجميع. المتعاملين في القطاع المالي في حاجة إلى الهدوء، وهو ما يحتاج إلى اتخاذ خطوات سريعة من جانب الحكومة لبث الثقة في القطاع المالي ووقف التدهور ونزيف الخسائر. التحرك الحكومي الحالي لمواجهة الأزمة يتسم بالبطء بشكل عام.
قبيل أزمة بنك الخليج كان بنوك دولة الكويت مدعوة للمساهمة في إنقاذ الشركات المتعثرة وإنعاش بورصة الأوراق المالية ومواجهة الخسائر المتزايدة للمحافظ المالية. ومن المعلوم أن مساهمة البنوك في حل الأزمة يمكن أن تأخذ اتجاهين:
الأول: هو أن يتم استخدام البنوك لالتزاماتها من مودعات للقطاعات المختلفة في عملية إنقاذ الشركات من خلال إقراضها ومساعدتها على الخروج من أزمة السيولة التي تواجهها، بصفة خاصة الشركات المتعثرة، وكذلك المساعدة في زيادة مستويات السيولة في بورصة الأوراق المالية لوقف نزيف مؤشر البورصة والحد من الاتجاه النزولي للأسعار.
الثاني: هو أن تقوم البنوك بمهمة إنقاذ القطاع المالي ولكن من خلال مودعات حكومية للبنوك تتوافق مع حجم التمويل المطلوب من قبل هذا القطاع بحيث تكون هذه المودعات الحكومية هي الضامن لقروض تلك البنوك، ومن ثم تتحمل الحكومة في النهاية المخاطر المصاحبة لحالة عدم الاستقرار المالي بعيدا عن مودعات القطاعات المختلفة في البنوك، وذلك ضمانا لحماية البنوك ضد أي مخاطر يمكن إن تتعرض لها والتي يمكن أن تنشأ عن تعثر بعض الشركات أو إفلاسها في خضم الأزمة.
غير أن الاختيار الأول قد يحمل كارثة للمودعين لدى البنوك في حال استمرار سوء أوضاع البورصة وتدهور قدرات الشركات على الوفاء بالتزاماتها المالية، خصوصا الشركات المتعثرة أو التي ترتفع درجة المخاطرة في محافظها الاستثمارية، إذ أن أسوأ نتائج هذا الوضع أن تنتقل عدوى المخاطر المالية إلى البنوك، وهي عصب الحياة المالية في الدولة.
الاختيار الثاني قد يحمل أخبارا سيئة للحكومة، في حال استمرار أوضاع القطاع المالي في التدهور، وفي هذه الحالة سوف تنصب الخسائر على الاحتياطي العام للدولة والذي قد يضيع جانب منه لمواجهة الأزمة. هذا هو بالضبط ما تفعله بلاد العالم الأخرى في سعيها لتجنب الآثار المدمرة للازمة المالية العالمية، من خلال رفع درجة سيولة القطاع المالي بحيث تضمن توفير حجم الائتمان اللازم لضمان حد أدنى من الطلب على الأصول المالية لوقف التدهور في الأسعار وبث الثقة لدى المتعاملين في أوضاع قطاعاتها المالية.
المطلوب حاليا أن تتم معالجة أوضاع القطاع المالي على أساس انتقائي، ومن خلال دراسة دقيقة لأوضاع الشركات، بحيث يمكن للبنوك أن تتولى مهمة مساعدة الشركات التي تضررت من الأزمة المالية، ولكن ما زال موقفها المالي سليم ومن ثم ليس من المتوقع أن يكون هناك تأثيرا جوهريا للأزمة عليها، وأن المسألة هي مسألة وقت حتى تتعافي تلك الشركات من آثار الأزمة.
أما بالنسبة لباقي الشركات والتي تضررت بشكل كبير والتي بلغت خسائرها والتزاماتها المالية قدرا كبيرا من أصول تلك الشركات إلى الحد الذي قد يهدد قدرتها على الاستمرار أو التي ترتفع مستويات المخاطر المصاحبة لتعديل أوضاع تلك الشركات، أو أن هذه الشركات تحتاج إلى تعديل هيكلي بالشكل الذي يسمح باستمرار أعمالها في المستقبل بأمان، فان أمر تمويل هذه الشركات يمكن أن يترك للحكومة في إطار خطتها التي تقضي بضخ كمية كافية من السيولة لبث الثقة في القطاع المالي.
في جميع الأحوال فان اقتراح عودة الضمان الحكومي للودائع في البنوك في الوقت الحالي هو اقتراح ممتاز من الممكن أن يعطي البنوك الكويتية دفعة ثقة أكبر تقوي من المركز المالي لتلك البنوك وتقلل احتمال تعرض أي من تلك البنوك للإفلاس، وهو ما سيساعد على التقليل من أي احتمال حدوث عمليات سحب جماعي للأموال من البنوك، ومن ثم تجنب آثار حالة الذعر المالي في حال عدم قدرة أي من تلك البنوك على مواجهة طلبات السحب بسبب نقص السيولة، أو تعرض أحد تلك البنوك لخسارة جوهرية قد تهدد سلامته في ظل ظروف الأزمة.
الإجراء الذي تم اتخاذه بوضع حد أقصى لعمليات السحب اليومي من المودعات هو إجراء سليم من الناحية الاقتصادية لترشيد عملية السحب وإعطاء القدرة للسلطات النقدية على توفير السيولة اللازمة للبنوك في مواجهة زيادة الطلب على السيولة من قبل العملاء.
حالة الذعر المالي التي سادت بين بعض المودعين ترجع أساسا إلى انه ليس هناك ضمان حكومي حاليا لكافة المودعات في بنوك دولة الكويت، والذي كان قد تم إلغاؤه منذ سنوات قليلة مضت مع تلاشي المخاطر التي كان النظام المالي قد تعرض لها بعد أزمة المناخ وما تلاها من أزمات أخرى. فضلا عن اعتقاد بعض العملاء بأن الأوضاع المالية السيئة التي تمر بالعالم وبالمنطقة على وجه الخصوص قد بدأت تلقي بظلالها على قطاع البنوك في دولة الكويت.
والواقع أن ما يحدث من تأثيرات سلبية على القطاع المالي في الدولة لا تبرره معطيات الواقع الاقتصاد الكلي في الدولة بشكل عام. فالموقف المالي الحالي لدولة الكويت متين جدا، والأداء الاقتصادي على المستوى الكلي جيد جدا. معطيات الواقع إذن لا تبرر الاضطرابات التي يعاني منها القطاع المالي في الدولة.
من الواضح أن هناك أزمة ثقة محلية تدعمها الأوضاع العالمية الطاحنة والتي يمكن أن تحمل في طياتها أخبارا سيئة للجميع. المتعاملين في القطاع المالي في حاجة إلى الهدوء، وهو ما يحتاج إلى اتخاذ خطوات سريعة من جانب الحكومة لبث الثقة في القطاع المالي ووقف التدهور ونزيف الخسائر. التحرك الحكومي الحالي لمواجهة الأزمة يتسم بالبطء بشكل عام.
قبيل أزمة بنك الخليج كان بنوك دولة الكويت مدعوة للمساهمة في إنقاذ الشركات المتعثرة وإنعاش بورصة الأوراق المالية ومواجهة الخسائر المتزايدة للمحافظ المالية. ومن المعلوم أن مساهمة البنوك في حل الأزمة يمكن أن تأخذ اتجاهين:
الأول: هو أن يتم استخدام البنوك لالتزاماتها من مودعات للقطاعات المختلفة في عملية إنقاذ الشركات من خلال إقراضها ومساعدتها على الخروج من أزمة السيولة التي تواجهها، بصفة خاصة الشركات المتعثرة، وكذلك المساعدة في زيادة مستويات السيولة في بورصة الأوراق المالية لوقف نزيف مؤشر البورصة والحد من الاتجاه النزولي للأسعار.
الثاني: هو أن تقوم البنوك بمهمة إنقاذ القطاع المالي ولكن من خلال مودعات حكومية للبنوك تتوافق مع حجم التمويل المطلوب من قبل هذا القطاع بحيث تكون هذه المودعات الحكومية هي الضامن لقروض تلك البنوك، ومن ثم تتحمل الحكومة في النهاية المخاطر المصاحبة لحالة عدم الاستقرار المالي بعيدا عن مودعات القطاعات المختلفة في البنوك، وذلك ضمانا لحماية البنوك ضد أي مخاطر يمكن إن تتعرض لها والتي يمكن أن تنشأ عن تعثر بعض الشركات أو إفلاسها في خضم الأزمة.
غير أن الاختيار الأول قد يحمل كارثة للمودعين لدى البنوك في حال استمرار سوء أوضاع البورصة وتدهور قدرات الشركات على الوفاء بالتزاماتها المالية، خصوصا الشركات المتعثرة أو التي ترتفع درجة المخاطرة في محافظها الاستثمارية، إذ أن أسوأ نتائج هذا الوضع أن تنتقل عدوى المخاطر المالية إلى البنوك، وهي عصب الحياة المالية في الدولة.
الاختيار الثاني قد يحمل أخبارا سيئة للحكومة، في حال استمرار أوضاع القطاع المالي في التدهور، وفي هذه الحالة سوف تنصب الخسائر على الاحتياطي العام للدولة والذي قد يضيع جانب منه لمواجهة الأزمة. هذا هو بالضبط ما تفعله بلاد العالم الأخرى في سعيها لتجنب الآثار المدمرة للازمة المالية العالمية، من خلال رفع درجة سيولة القطاع المالي بحيث تضمن توفير حجم الائتمان اللازم لضمان حد أدنى من الطلب على الأصول المالية لوقف التدهور في الأسعار وبث الثقة لدى المتعاملين في أوضاع قطاعاتها المالية.
المطلوب حاليا أن تتم معالجة أوضاع القطاع المالي على أساس انتقائي، ومن خلال دراسة دقيقة لأوضاع الشركات، بحيث يمكن للبنوك أن تتولى مهمة مساعدة الشركات التي تضررت من الأزمة المالية، ولكن ما زال موقفها المالي سليم ومن ثم ليس من المتوقع أن يكون هناك تأثيرا جوهريا للأزمة عليها، وأن المسألة هي مسألة وقت حتى تتعافي تلك الشركات من آثار الأزمة.
أما بالنسبة لباقي الشركات والتي تضررت بشكل كبير والتي بلغت خسائرها والتزاماتها المالية قدرا كبيرا من أصول تلك الشركات إلى الحد الذي قد يهدد قدرتها على الاستمرار أو التي ترتفع مستويات المخاطر المصاحبة لتعديل أوضاع تلك الشركات، أو أن هذه الشركات تحتاج إلى تعديل هيكلي بالشكل الذي يسمح باستمرار أعمالها في المستقبل بأمان، فان أمر تمويل هذه الشركات يمكن أن يترك للحكومة في إطار خطتها التي تقضي بضخ كمية كافية من السيولة لبث الثقة في القطاع المالي.
في جميع الأحوال فان اقتراح عودة الضمان الحكومي للودائع في البنوك في الوقت الحالي هو اقتراح ممتاز من الممكن أن يعطي البنوك الكويتية دفعة ثقة أكبر تقوي من المركز المالي لتلك البنوك وتقلل احتمال تعرض أي من تلك البنوك للإفلاس، وهو ما سيساعد على التقليل من أي احتمال حدوث عمليات سحب جماعي للأموال من البنوك، ومن ثم تجنب آثار حالة الذعر المالي في حال عدم قدرة أي من تلك البنوك على مواجهة طلبات السحب بسبب نقص السيولة، أو تعرض أحد تلك البنوك لخسارة جوهرية قد تهدد سلامته في ظل ظروف الأزمة.
لك جزيل الشكر دكتور
ردحذفانها زيارتي الاولى لمدونة حضرتك دكتور و لكنها قطعا لن تكون الاخيرة ..
ردحذفانها المرة الاولى التي أجد فيها نفسي افهم ما يدور اقتصاديا .. فقد ظلت الاوضاع الاقتصادية بالنسبة لي دوما شيئا مبهما غير مفهوم ..
شكرا جزيلا دكتوري ..
شكرا هنادي على زيارتك وتعليقك الرقيق، وأهلا بك في مدونة اقتصاديات الكويت ودول مجلس التعاون، يمكنك أيضا متابعة بعض الموضوعات الاقتصادية العامة في مدونتي الأخرى بعنوان مذكرات اقتصادية
ردحذفhttp://economicnotes.maktoobblog.com/