الأربعاء، أبريل ٠٨، ٢٠٠٩

أزمة الكهرباء في الكويت: 1 - الأسعار

يتزايد الطلب على الكهرباء في دولة الكويت بصورة كبيرة إلى الحد الذي تجاوز فيه الاستهلاك المحلي القدرات الإنتاجية لمحطات توليد الكهرباء في دولة الكويت والمصممة أساسا لخدمة عدد محدود من السكان، ومع ضعف خطط التوسع في الإنتاج وبطء القرارات المرتبطة بإنشاء محطات توليد جديدة، فإن هذا القطاع يقف حاليا على حافة الكارثة، بصفة خاصة في أوقات ذروة الاستهلاك، ومن المعلوم أن عملية إنشاء محطات جديدة، فضلا عن تكلفتها العالية، فإنها تأخذ وقتا طويلا. المشكلة الأساسية هي أنه لا توجد خطط جاهزة حاليا لمواجهة احتياجات الطلب، سواء الآن أو في المستقبل البعيد، وذلك في ضوء البطء الشديد لعملية تنفيذ مشروعات إنشاء المحطات الجديدة للكهرباء في الكويت.

وقد ترتب على الضغط على خدمات إمدادات الكهرباء حدوث أزمة حادة في إمدادات الكهرباء خلال صيف 2006 ترتب عليها قطع مبرمج لإمدادات الكهرباء عن جميع المناطق في الدولة في أوقات الذروة لتخفيف الأحمال بما يتوافق مع كميات الطاقة الكهربائية المولدة، كذلك تكررت الأزمة وإن كان بصورة اقل في صيفي 2007 و 2008، وقد ساعدت الجهود الإعلامية لوزارة الطاقة تحت مشروع "ترشيد" الإعلامي على الحد من الاستهلاك بشكل نسبي، إلا أن تأخر تنفيذ مشروعات أساسية لتوليد الطاقة مثل مشروع محطة "الزور الشمالية" ينبئ باحتمال حدوث أزمة في المستقبل، حتى في ظل خطط الطوارئ التي تعدها الوزارة، والتي تشمل تشغيل عدد من المولدات التوربينية الغازية في بعض المحطات. وبشكل عام تزايد استهلاك الكهرباء على المستوى الكلي حسب آخر البيانات المتاحة من 7965 مليون كيلو وات/ساعة عام 1980 إلى 41570 مليون كيلو وات/ساعة عام 2006، وهي زيادة هائلة، حيث بلغ معدل النمو المتوسط للاستهلاك 7.8% خلال هذه الفترة، ومن الواضح ان نمو استهلاك الكهرباء يفوق متوسط معدلات النمو السنوي في السكان أو في الدخل الحقيقي في دولة الكويت. ونتيجة لذلك تزايد متوسط نصيب الفرد من استهلاك الكهرباء بصورة واضحة، فوفقا للشكل رقم (2) تزايد متوسط نصيب الفرد السنوي من استهلاك الكهرباء في دولة الكويت من 5686 كيلو وات/ساعة عام 1980 إلى 12875 كيلو وات/ساعة عام 2006.

الشكل رقم 1. إجمالي استهلاك الكهرباء في الكويت (بالمليون كيلو وات/ساعة 1980-2006)


المصدر: وزارة الطاقة
الشكل رقم 2. متوسط استهلاك الفرد السنوي من الكهرباء في الكويت (كيلو واط/ساعة 1980-2006)


المصدر: وزارة الطاقة

وبعقد بعض المقارنات في هذا المجال بين دولة الكويت ودول أخرى ذات هياكل اقتصادية ودخلية متشابهة أو غير متشابهة، وكذلك عقد مقارنة بين مستويات أسعار الكهرباء في الكويت وفي دول أخرى من العالم يلاحظ الآتي:


1.إن متوسط نصيب الفرد من استهلاك الكهرباء في دولة الكويت يفوق مستواه في الغالبية العظمى من دول العالم سواء المتقدم أو النامي، ويتجاوز تلك المستويات في الكثير من دول العالم التي تفوقها من حيث مستويات الدخل والناتج.

2.بمقارنة متوسط الاستهلاك الفردي من الكهرباء في دولة الكويت مع دول تحمل نفس الخصائص من حيث الدخل ومستويات المعيشة وطبيعة الجو وهيكل الإنتاج، نجد أن هناك فروقا كبيرة بين المتوسط العام لاستهلاك الفرد في هذه الدول ومتوسط استهلاك الفرد من الكهرباء بدولة الكويت، حيث يفوق استهلاك الفرد المتوسط في الكويت متوسط استهلاك الفرد في تلك الدول بصورة واضحة، وبما أن هذه المستويات من الاستهلاك تعكس متوسط نصيب الفرد، فانه من الواضح إن هناك إسرافا كبيرا في استخدام الكهرباء في دولة الكويت، وان هذا الإسراف يكلف الكثير من الموارد بالنسبة للدولة.

3.أن سعر الكهرباء في دولة الكويت هو الأقل في العالم. ولا شك أن هذا السعر المنخفض للكهرباء يؤدي إلى الإسراف في الاستهلاك لان المستهلك يدفع تكلفة زهيدة جدا للكهرباء. فإذا ما استثنينا قطر التي تقدم تلك الخدمة لبعض المستهلكين مجانا، فإن سعر الكهرباء في الكويت أقل بكثير من سعره في أفقر دول العالم، وهو ما يعني أن المستهلك في دولة الكويت يدفع أرخص سعر للكهرباء في العالم، ويوضح الجدول رقم (1) متوسط أسعار الكيلو/وات ساعة في بعض دول العالم.

4.أن السعر الحالي للكيلو وات/ساعة لا يتم تغييره إطلاقا ليعكس تطورات تكلفة إنتاج الكهرباء، على الرغم من الارتفاع الكبير في تلك التكاليف وتراجع القوة الشرائية لإيرادات الكهرباء بفعل ارتفاع معدل التضخم.

5.إن ثبات السعر الحالي للكهرباء في ضوء تصاعد معدلات التضخم، قد أدى إلى تراجع السعر الحقيقي للكهرباء بشكل واضح بحيث أصبح السعر الحقيقي للكيلو وات/ساعة حاليا حوالي نصف فلس، وذلك بأخذ سنة 1970 كسنة أساس كما هو موضح في الشكل رقم (3)، الأمر الذي يدفع إلى الإفراط في استهلاك الكهرباء بسبب تراجع تكلفتها الحقيقية على المستهلك بمرور الوقت.

جدول رقم 1. سعر الكيلو/وات ساعة في بعض دول العالم بالدولار الأمريكي

المصدر: وكالة الطاقة الدولية
http://www.eia.doe.gov/emeu/international/elecprih.html

الشكل رقم 3. السعر الحقيقي للكهرباء في الكويت (بالفلس 1970-2007)


المصدر: وزارة الطاقة

الخلاصة أن هناك إفراطا واضحا في استهلاك الكهرباء في دولة الكويت بالنظر إلى ارتفاع متوسط نصيب الفرد من استهلاك الكهرباء، وأن الأسعار الزهيدة للكهرباء التي يدفعها المستهلك في دولة الكويت، بصفة خاصة من الناحية الحقيقية، قد تكون المسئول الأول عن أزمة الكهرباء في دولة الكويت.

هناك ٦ تعليقات:

  1. هل تعتقد ان قطر "اكثر اسرافا" للكهرباء؟ حيث ان تخصص الكهرباء والماء بالمجان لجميع السكان؟

    هل تراها مثالا ايجابيا؟

    شكرا جزيلا..

    ردحذف
  2. شكرا استاذ حمام

    نعم، حسب البيانات المتاحة، فان متوسط نصيب الفرد من استهلاك الكهرباء في دول مجلس التعاون هو الأعلى في قطر. وبالمناسبة فان الكهرباء لا تقدم مجانا في كل الاحوال، اذ تقدم لمستهلك قطري واحد في مسكن واحد من المساكن التي يملكها، أما باقي المساكن فلا تقدم كذلك، كذلك فان المساكن المؤجرة من قبل القطريين للأجانب لا تخضع للاعفاء.

    طبعا لا أرى حالة قطر مثالا ايجابيا، وانما يمثل حالة من عدم الرشد الاقتصادي في استخدام الموارد.

    ردحذف
  3. علي جابر العليالسبت, أبريل ١١, ٢٠٠٩

    أحتياجات الانسان للطاقة ستبقى في نمو. ولكن يجب ان يحد من الهدر.
    يجب ان تراعى احتياجات ذوي الدخول الضعيفة.
    يجب ان تكون هناك القوانين التي توجب إستعمال الاجهزة ذات الاستهلاك الاقل للطاقة. و على سبيل المثال لمبات النيون و ال Star Rating. كما هو الحال في اوربا.
    يجب ان يثقف الناس حول استعمالهم للطاقة.
    يجب ان تكون تكاليف الإنشاء و التشغيل شفافة، لا يشوبها الفساد و الرشاوي، حتى يقتنع الناس بالمشاركة بالتكاليف.
    و بعد ذلك ننظر بالتسعير.

    ردحذف
  4. شكرا بو سالم

    ملاحظاتك قيمة جدا، سوف آتي الى هذه الجزئية عندما اتناول موضوع الترشيد في استخدام الكهرباء بما في ذلك التسعير.
    شكرا مرة أخرى

    ردحذف
  5. اعتقد ان هناك عدة اسباب تضافرت لتعجّل من تفاقم ازمة الكهرباء في دولة الكويت، فاضافة الى ما تفضلت بذكره من تقاعس الخكومة في تنفيذ المشاريع واضافة الى طبيعة النمط الاستهلاكي- للمواطن الكويتي- المتسم بالتبذير في جميع النواحي المعيشية ، نجد انه ليست هناك سياسة فعالة لتحصيل فواتير الكهرباء على المواطنين والمؤسسات، فمن واقع التجربة الشخصية قارنت بين نظام التحصيل في المملكة العربية السعودية والكويت، وخيث اني املك عقارات ومزارع في مناطق صحراوية نائية بعيدة كل البعد عن اي مدينة مركزية في المملكة،الا ان المحصّل لا يتوانى عن الحضور كل شهر لتحصيل المبلغ المستحق، فلو كانت عندنا نفس الجدية في تحصيل الفواتير -ولو كانت ضئيلة القيمة- لما تدهور الوضع ووصل الى ما هو عليه الان.

    اشكرك يا استاذي الفاضل محمد السقا، ولن انسى ما حييت محاضراتك الشيقة والمفيدة. تحياتي لك وللاهل والاصحاب.

    ردحذف
  6. شكرا أبو راكان
    سأتناول هذه القضية في الجزء الخاص بالترشيد، إن شاء الله. ولكن معك حق، اذا لم يشعر المواطن بعبئ تكلفة فاتورة الكهرباء، فانه قد لا ينظر الى ترشيد استهلاكه. أضف الى ذلك ان التقاعس في عمليات التحصيل يترتب عليه هدر للمال العام والمتمثل في العوائدالتي يمكن الحصول عليها من هذه الاموال لو تم تحصيلها في مواعيدها المستحقة. سوف أذكر ذلك كله أن شاء الله.

    شكرا على تعليقك.

    ردحذف