مرة أخرى في مؤتمر كلية العلوم الإدارية "اتجاهات 2 الذي عقد في ديسمبر 2006" فمت بدراسة القدرة التنافسية للبنوك الكويتية في مقابل البنوك الخليجية من خلال تقدير مستويات الكفاءة النسبية لتلك البنوك، وذلك لتقييم قدرة الهيكل الحالي للمؤسسات المصرفية في الكويت على التحول إلى مركز مالي، وقد أشارت النتائج أن البنوك الكويتية لا تتمتع بالكفاءة مقارنة ببنوك دول مجلس التعاون، ومن ثم فانه في حال تحول الكويت إلى مركز مالي إقليمي وفتح أبواب المنافسة مع البنوك الخليجية، فان البنوك الكويتية ستخسر المعركة. ومرة أخرى أصل إلى خلاصة مفادها أن الكويت لا تصلح لأن تتحول إلى مركز مالي تقليدي.
وكنت من قبل قد اشتركت في دراسة ضخمة عن البنوك والخدمات المالية الإسلامية لمعهد الدراسات المصرفية (2004-2005) مكونة من ثماني أجزاء، وكنا كلما انتهينا من جزء نصل إلى نتيجة مؤداها أن قطاع الخدمات المالية الأسلامية في السوق المالي الكويتي يشهد نموا هائلا ويجد إقبالا كبيرا عليه. ولذلك كانت حجتي الأساسية في ندوة "الكويت: كيف تكون مركزا ماليا"، هي أن الكويت لا تصلح لأن تكون مركزا ماليا تقليديا، ولكنها ربما تمتلك بعض المزايا النسبية التي تؤهلها لأن تصبح مركزا ماليا إسلاميا، حيث:
- تنموا أعداد المؤسسات المالية الإسلامية (عدا البنوك) بمعدلات واضحة.
- تنمو الحصة السوقية للمؤسسات المالية الإسلامية في السوق المالي الكويتي بمعدلات كبيرة.
- تنمو أصول تلك المؤسسات من قروض واستثمارات بصورة واضحة.
- تنمو أرباح تلك المؤسسات بشكل لافت للنظر.
- أن بعض هذه المؤسسات أصبحت تمارس نشاطها على المستوى الدولي، لدرجة أنها وصفت بهارفارد المؤسسات المالية الإسلامية.
- تتراكم خبرات تلك المؤسسات بمرور الوقت في مجال يعد شبه بكر في مجال الخدمات المالية.
مثل هذه العوامل تشكل زخما كافيا لأن تعلن الكويت استعدادها لأن تكون المركز المالي الإسلامي للعالم، خصوصا وانه حتى الآن لا يوجد لدينا في العالم ما يسمى بالمركز المالي الإسلامي.
يعمل الآن في الكويت 3 بنوك إسلامية هي بيت التمويل وبنك بوبيان والبنك التجاري الدولي (البنك العقاري سابقا)، وهناك بنك جابر الإسلامي في الطريق، كما تعمل 36 شركة استثمار وفقا لأحكام الشريعة من اصل 82 شركة استثمار في الكويت، كذلك يوجد هناك 48 صندوق استثمار وفقا لأحكام الشريعة معظمها تديره مؤسسات مالية تقليدية، كذلك أخذ نشاط التأمين التكافلي في النمو بشكل حثيث، ويوجد حاليا 4 شركات تأمين تكافلي في دولة الكويت. ومن المؤكد أنه لو كانت عملية إصدار تراخيص لبنوك جديدة أكثر انفتاحا في دولة الكويت لرأينا الكثير من البنوك الإسلامية الآن تعمل في الدولة.
ومن الأمور المبشرة أنه بالأمس الأول أعلن البنك التجاري أنه مصمم على التحول إلى بنك إسلامي (القبس 5/3)، واليوم أعلن بنك الكويت الشرق الأوسط إلى رغبته في التحول إلى بنك إسلامي، أو على الأقل في تأسيس وحدة تتعامل وفقا للشريعة (الوطن 7/3)، وبالأمس تقدم مجموعة من أعضاء مجلس الأمة باقتراح بقانون للسماح للبنوك بتأسيس شركات لمزاولة نشاطها وفق أحكام الشريعة (الوطن 7/3)، كما أقر مجلس الأمة في شهر يونيو الماضي إنشاء بنك جابر الإسلامي الذي اقترح أن يتم الاكتتاب فيه 76% للمواطنين توزع كمنحة، وهكذا نرى أن الأحداث تتسارع لتصب في هذا الاتجاه. مثل هذه المجموعة من المؤسسات يمكن أن تمثل قاعدة بناء المركز المالي الإسلامي، خصوصا وأن:
1- الكويت أصبح لديها الآن خبرة في الشريحة السوقية للخدمات المالية الإسلامية، حيث تتزايد تلك الشريحة من سوق دولة الكويت بشكل واضح.
2- الكويت أصبح لديها الان قاعدة لا بأس بها من المؤسسات المالية الاسلامية يمكن ان تشكل نقطة انطلاق هذا المركز
3- المنافسة التي ستواجهها الكويت عند التحول إلى مركز مالي إسلامي تبدو اقل حدة من تلك التي ستواجهها عند التحول إلى مركز مالي تقليدي. فعندما تتحول الكويت إلى مركز مالي تقليدي ستواجه منافسة عولمية مع مراكز مالية أخرى، إقليمية أو دولية لا تملك المؤسسات المالية التقليدية حاليا في الكويت سبل مواجهتها.
ما هو المطلوب إذن لتتحول الكويت إلى المركز المالي الإسلامي للعالم:
1- تحتاج دولة الكويت إلى مراجعة قانون البنوك الإسلامية بصفة خاصة بالنسبة للحد الأدنى لرأس المال اللازم لإنشاء بنك إسلامي وشركة استثمار إسلامية بدولة الكويت، حيث أن هذا الحد الأدنى يعد حاليا كبيرا، وقد يقف عائقا أمام عمليات جذب المؤسسات المالية الإسلامية إلى دولة الكويت.
2- تحتاج الكويت إلى تغيير موقف البنك المركزي من منح تراخيص للبنوك الإسلامية، حيث أن:
– السياسة المعلنة للبنك المركزي في هذا المجال هي التدرج في منح تراخيص للبنوك الإسلامية على أساس التطبيق التدريجي لفتح البنوك الإسلامية ثم تقييم التجربة بشكل أكثر شمولا قبل التوسع في منح تراخيص في هذا المجال.
– يرفض البنك المركزي حاليا مبدأ فتح فروع لبنوك تقليدية تعمل وفقا للشريعة الإسلامية، وذلك استنادا إلى احتمال اختلاط الأموال بين الفرع الذي يعمل وفقا للشريعة، والبنك الأصل الذي يمارس أشكال التمويل التقليدي، وهو أمر يمكن تلافيه بسهولة في إطار نظام محاسبي جيد للبنوك التقليدية.
3- تحتاج دولة الكويت إلى تطوير الأدوات المالية الإسلامية وعقود تلك الأدوات على نطاق أكبر وذلك بهدف:
– توفير تشكيلة واسعة ومتنوعة من الأدوات والعقود المالية الإسلامية التي تناسب كافة الأذواق
– تمكين مؤسسات المركز من النمو والمنافسة مع المؤسسات المالية التقليدية في السوق المالي
4- تحتاج دولة الكويت إلى توفير العمالة الماهرة والمتخصصة في مجال الأعمال المصرفية والمالية الإسلامية، ولعل أهم القيود على هذا الجانب هو غياب مؤسسات التعليم والتدريب المتخصصة في تقديم تلك التخصصات في دولة الكويت، ومن يجب أن تحظى تلك المؤسسات بأولوية في عملية إنشاء وتطوير المؤسسات التعليمية بالدولة.
5- تحتاج الكويت إلى العمل على تطوير سوق إسلامي بين البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، وتطوير قواعد وأسس العمل بهذا السوق، وذلك لمواجهة احتياجات الإقراض والاقتراض قصير الأجل لتلك المؤسسات، ولتعظيم الاستفادة من السيولة المتاحة لديها.
6- تحتاج دولة الكويت إلى تطوير أساليب الرقابة المصرفية والمالية التي تأخذ في الاعتبار طبيعة عمل المؤسسات المالية الإسلامية وخصوصية الأدوات المختلفة التي تستخدمها، خاصة فيما يتعلق بالحد الأدنى للسيولة والحد الأدنى لرأس المال، ونسب توزيعات الأرباح .. الخ.
لو سارعت دولة الكويت بتركيز كل جهودها في هذا الجانب، فإنها من الممكن أن تحقق السبق في هذا المجال ويكون لها ميزة نسبية في مقابل المراكز المالية الأخرى في هذا المجال، لتتحقق رؤية صاحب السمو أمير البلاد في أي يرى الكويت مركزا ماليا.
مصطلحات: المركز المالي
تتمثل الوظيفة الأساسية للمركز المالي في ممارسة مختلف عمليات الوساطة المالية على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي . ولهذا السبب فان المركز المالي دائما ما يضم عددا كبيرا من مؤسسات الوساطة المالية من بنوك وشركات استثمار وشركات تأمين وغيرها من مؤسسات الوساطة المالية. أما أهم المركز المالية الدولية فهو مركز المدينة في لندن يليه مركز نيويورك وأخيرا طوكيو، أما أهم المراكز الاقليمية في العالم فهي مراكز هونج كونج وسنغافورة ولوكسمبورج. ويوجد نوع من المراكز المتخصصة يطلق عليها مراكز الاوفشور، أهمها جزيرة كايمان، والبهاما.
ان هذا التوجه منذ أن بدأ يكتب له النجاح و تحقيق الأرباح قد لفت اليه أنظار العديدن. في رأي أنه احد أسباب نجاح هذا التوجه في الكويت تحديدا هو سببين ذكرنا أحدهما و الآخر هو استهداف هذا التوجه للشريحة السوقية المسلمة على وجه الخصوص من خلال ما نراه من اعلانات (نعمل وفقا لأحكام الشريعة )مما جعل الناس تعي حقيقة المعاملات الربوية و غيرها مما ساند قرارها بالابتعاد عن البنوك التقليدية( الربوية). و هذا السبب اعتقد أنه يدعم انطلاق هذا التوجه بشكل كبير على أقل تقدير في المناطق التي بها أعدادا كبيرة من المسلمين.
ردحذفلكن يعاب على أصحاب هذا التوجه أنهم لايبتكرون أساليب استثمارية متنوعة جديدة. فنرى أن النسبة الأكبر لعمل هذه المسؤسسات يأتي من خلال الاجارة و المرابحه.
ملاحظات:
1-هل تحليل نقاط القوة و الضعف و التهديدات و الفرص يشار اليه ب SWOT أم SWAT؟
2-بالنسبة للبنك العقاري سابقا أظن أن مسماه تحول الى البنك الدولي و ليس البنك التجاري الدولي.
3-ما المقصود بالمرابحة؟
و شكرا
جزاك الله خير يا دكتور والله كلامك عدل يجب إنشاء مركز مالي إسلامي لان نحن نعيش في دولة إسلامية ولكي يبارك لنا الله عز وجل في اموالناويبعدنا عن الربا واضراره
ردحذفجزاك الله خير يادكتور المفروض كل معاملاتنا المالية تكون وفق الشريعة الاسلامية كونا مسلمين والبعد عن الربا لحرمتة الشدبدة في الاسلام
ردحذفتحية وبعد ،،
ردحذفالمقالة تطرح فكرة المركز المالي الاسلامي وليس النظام المالي الاسلامي ...
أي تحليل لقوى السوق من خلال طلب المستثمرين / المستهليكن لمنتجات مالية شرعية ...
انطلاقا من تحليل قوى السوق ( وليس انطلاقا من مشروع اقتصاد اسلامي ) ...
أقول أن قواعد اللعبة اكتملت في الكويت ولكن ليس هناك رجال في الدولة او نظرة في الدولة لتسويق الكويت كمركز مالي اسلامي ...
واذا اردنا ان نصبح في هذا المركز استاذنا الكريم يجب تعديل قانون البنوك الاسلامية ليتعامل بشكل اوسع وكبير مع السوق المالي الاسلامي من خلال ايجاد نظام اشراف بنكي مركزي موازي للبنك المركزي ليراقب هذا القطاع ويوجد لهذا النظام مرجعيته الشرعية الواضحة!..
هذا رأيي باختصار ولا مكان للتفصيل :)
شكرا أستاذنا السقا ...
المرابحة هي عملية بيع السلعة بنفس الثمن الذي تم شراؤها به مع إضافة ربح معلوم سواء بنسبة محددة من الثمن أو بمبلغ محدد. والمرابحة لغةً هي الزيادة والنماء في التجارة، أو الزيادة على رأس المال. ويتم تسديد القيمة في المرابحة إما بالتقسيط أو دفعة واحدة، ويجوز للبنك أن يطلب ضمانا شخصيا أو عقاريا لتأمين السداد، ويقوم البائع بكافة الأعمال اللازمة للشراء وكذلك يتحمل المخاطرة عن السلع حتى يتم تسليمها للمشتري حقيقة أو حكماً. وقد توسعت البنوك الإسلامية في ممارسة هذه الأداة بشكل كبير. وتنقسم هذه الأداة إلى نوعين: بيع المرابحة العادية، وهي بيع السلعة بمثل الثمن الذي تم شراؤها به مع زيادة ربح معلوم متفق عليه بنسبة من الثمن، أو بزيادة مقطوعة، دون أن يكون هناك وعد سابق من العميل بالشراء، وبيع المرابحة للآمر بالشراء، وهو بيع السلعة إلى العميل الآمر بالشراء، بزيادة محددة عن تكلفتها الأصلية، بعد تحديد تلك الزيادة في الوعد الذي يقطعه العميل على نفسه بشراء السلعة من البنك، وعادة ما تقترن المرابحة للآمر بالشراء بتأجيل الثمن، وان كان ذلك ليس من لوازم بيع المرابحة للآمر بالشراء.
ردحذفأدوات التمويل والاستثمار الاسلامي ليست موحهة أساسا للمسلمين، إنها موجهة لكافة العملاء بغض النظر عن دينهم. ومن الامور المبشرة أن تلك الادوات تجد أيضا قبولا لدى غير المسلمين. على سبيل المثال تشير الدراسات عن أدوات التمويل والاستثمار الاسلامي في ماليزيا، أن 70% ممن تعاملوا في تلك الأدوات كانوا من غير المسلمين. كذلك تشير المؤشرات المحدودة المتاحة حاليا الى أن التمويل والاستثمار الاسلامي هو أكثر شرائح سوق المال العالمي نموا. اذ يقدر النمو المتوسط سنويا لتلك المعاملات بحوالي 15%، وهو معدل نمو هائل بكافة المقاييس.
ردحذفالتحدي الأساسي الآن في رأيي هو تطوير مجموعة كاملة من الادوات التي تتوافق مع كافة أذواق المتعاملين، وتطوير عقود تلك الادوات بما لا يخالف المبادئ الاساسية للشريعة، لكي ينطلق سوق التمويل الاسلامي على المستوى الدولي، وانشاء وسوق دولي لمعاملات ما بين المؤسسات المالية الاسلامية، والذي ارشح الكويت لأن تتصدى له، وكذلك هيكل لمعدلات العوائد للادوات المختلفة للتمويل والاستثمار الاسلامي على المستوى الدولي ليكون معيارا للمقارنة تستخدمه تلك المؤسسات للاسترشاد في العقود التي تبرمها والاستثمارات التي تمولها، بدلا من استخدام هياكل معدلات الفائدة الدولية.
من بوأك لباب السماء آمين
ردحذفمحرض مشجع ومستثمر بقووووووووة ذات عنف (: