تشترك دول مجلس التعاون في الكثير من الخصائص من حيث اللغة والدين والجغرافيا والتاريخ والثقافة. ووفقا لنموذج الجاذبية Gravity، يفترض أن تساعد هذه العوامل على التسريع بإنشاء ونجاح العملة الموحدة. غير أن نظرية منطقة العملة المثلى تشير إلى وجود شروط ينبغي أن تتوافر في الدول المرشحة لكي تكون منطقة عملة مثلى، وهي أنها دول:
1. تشترك في دورات اقتصادية متناغمة أو متشابهة بحيث يمكن أن تطبق هذه الدول سياسات نقدية واحدة وبحيث يقل الاختلاف حول اثر السياسة النقدية الموحدة على الدول الأعضاء.
2. تتعرض لصدمات اقتصادية خارجية متشابهة.
3. تتسم بمرونة في عملية تحديد الأجور والأسعار.
4. ترتفع درجة تكاملها بشكل كبير بالنسبة لتدفقات التجارة البينية وتدفقات عناصر الإنتاج، بصفة خاصة حرية انتقال عنصر العمل بين الدول الأعضاء، معبرا عنها اما بمعدلات الهجرة للأشخاص إلى الدول الأخرى، أو بتكاليف الانتقال والاستقرار بين الدول الأعضاء في التكتل النقدي.
5. تتسم بهياكل اقتصادية متشابهة. غير أن المقصود في النظرية هو تشابه الهياكل الصناعية (للسلع والخدمات) الذي يمكن من دفع مستويات التجارة البينية، حيث ستميل هذه الدول إلى مواجهة صدمات متشابهة.
6. تتسم هياكل الإنتاج فيها بالتنوع.
1. تشترك في دورات اقتصادية متناغمة أو متشابهة بحيث يمكن أن تطبق هذه الدول سياسات نقدية واحدة وبحيث يقل الاختلاف حول اثر السياسة النقدية الموحدة على الدول الأعضاء.
2. تتعرض لصدمات اقتصادية خارجية متشابهة.
3. تتسم بمرونة في عملية تحديد الأجور والأسعار.
4. ترتفع درجة تكاملها بشكل كبير بالنسبة لتدفقات التجارة البينية وتدفقات عناصر الإنتاج، بصفة خاصة حرية انتقال عنصر العمل بين الدول الأعضاء، معبرا عنها اما بمعدلات الهجرة للأشخاص إلى الدول الأخرى، أو بتكاليف الانتقال والاستقرار بين الدول الأعضاء في التكتل النقدي.
5. تتسم بهياكل اقتصادية متشابهة. غير أن المقصود في النظرية هو تشابه الهياكل الصناعية (للسلع والخدمات) الذي يمكن من دفع مستويات التجارة البينية، حيث ستميل هذه الدول إلى مواجهة صدمات متشابهة.
6. تتسم هياكل الإنتاج فيها بالتنوع.
وللأسف فإن الجانب الاكبر من هذه المتطلبات غير متوفر حاليا لدول مجلس التعاون كتكتل الامر الذي يحد من فرصة اطلاق العملة الخليجية الموحدة.
العوائد التي تحققها الدول الأعضاء من العملة الموحدة
1. تخفيض تكاليف المعاملات ومخاطر عدم التأكد (متابعة معدلات الصرف والتنبؤ بتقلباتها، تكاليف تحويل العملات، وتكاليف إدارة الاحتياطيات لأغراض التجارة البينية) وهو ما يؤدي إلى خلق مناخ أعمال أكثر استقرارا وزيادة التجارة البينية والاستثمارات البينية. ذلك أن عمليات التغطية ضد مخاطر تقلبات معدل الصرف الأجنبي مكلفة، بصفة خاصة بالنسبة للشركات الصغيرة.
2. تسهيل المعاملات في أسواق السلع ورأس المال، حيث ينظر حاليا إلى تقلبات معدلات الصرف وارتفاع مخاطرها على أنها احد عوائق تدفقات التجارة ورؤوس الأموال. إذ تشير الدراسات التطبيقية إلى أن الدول التي تدخل كأعضاء في عملة موحدة يمكن أن تزيد حجم تجارتها البينية إلى 3 أضعاف أو أكثر. حيث ستكون فواتير التجارة بنفس العملة الموحدة. كما ترفع درجة شفافية الأسعار للسلع والخدمات. وكلما ارتفعت مستويات التجارة البينية كلما ازداد احتمال أن تكون أن ترتفع درجة الارتباط بين تقلبات مستويات الناتج في الدول الأعضاء في العملة.
3. رفع كفاءة الخدمات المالية حيث تزداد درجة تكامل أسواق رؤوس الأموال وتتعمق هذه الأسواق. إذ يصبح سوق رأس المال اكبر وأكثر سيولة عما هو الحال بالنسبة للأسواق الفردية. ويؤدي تعميق أسواق رؤوس الأموال إلى جعل تلك الدول أكثر جاذبية للأموال ليس فقط من دول الإقليم ، ولكن أيضا من الدول خارج الإقليم. كذلك ستميل البنوك إلى أن تكون لديها محافظ عبر دول الإقليم، دون أن تأخذ في الاعتبار تقلبات معدلات الصرف بين عملات الدول الأعضاء. وان كان ارتفاع حجم أسواق المال سوف يتطلب مؤسسات مالية ذات كفاءة أعلى،
4. تسهيل قرارات الاستثمار وتشجيع عملية تخصيص الموارد عبر الإقليم، وزيادة فرص النمو نتيجة تكامل أسواق السلع والخدمات ورأس المال.
5. زيادة إمكانيات التعاون السياسي بين الدول الأعضاء. تم إنشاء اليورو بعد حوالي 50 عاما من تنسيق السياسات وإنشاء مؤسسات فوق قومية (supranational). منظمة دول مجلس التعاون ليس لديها أية مؤسسات فوق قومية.
6. ربما تزيد العملة الموحدة من فعالية إدارة السياسة النقدية التي يمكن أن تكون ضعيفة في ظل البنوك المركزية الفردية للدول الأعضاء، حيث سيعهد بشئون إدارة هذه العملة إلى مؤسسة فوق قومية تتولى عملية الإصدار وتحديد معدلات الخصم (ومن ثم معدلات الفائدة) تحديد نسب الاحتياطي... الخ،.
عثرات في طريق العملة الموحدة
أصبح في حكم المؤكد أن العملة الخليجية الموحدة لن يتم إطلاقها في 2010 كما كان مخططا منذ بدأت الفكرة، وذلك لعدة أسباب أهمها:
1. قرار عمان بعدم المشاركة في إطلاق العملة الموحدة في 2010.
2. قرار الكويت بتعديل نظام معدل صرف الدينار والخروج من اتفاق المثبت المشترك.
3. حاليا تفكر الإمارات بأن تحذو حذو الكويت.
وتشير الدراسات المتاحة، خصوصا الحديث منها، إلى ان دول مجلس التعاون لا تستوفي كثير من الشروط الأساسية لإطلاق عملة الموحدة وفقا لنظرية منطقة العملة المثلى. حيث تحتاج دول المجلس إلى تنويع الهياكل الاقتصادية لدول المجلس، وتوسيع نطاق التجارة البينية، حيث أن دول مجلس التعاون تتاجر مع الدول الأخرى أكثر من تجارتها مع بعضها البعض. كذلك تحتاج إلى إزالة كافة القيود التي تحول دون التدفق الحر للتجارة والاستثمار الأجنبي، وإنشاء مؤسسات فوق قومية تتولى مهمة عملية التوزيع المالي لأغراض الاستقرار الاقتصادي، وتعزيز وتوحيد وتنميط وتسريع عمليات جمع ونشر البيانات والإحصاءات، وهذا يتطلب إنشاء الـ Gulfstat، وتنسيق السياسات الاقتصادية، بحيث يؤخذ في الاعتبار المصالح فوق القومية لتحتل أولوية أولى. على سبيل المثال قرار الإمارات بإلغاء الرسوم الجمركية على حديد التسليح والاسمنت لم يأخذ في الاعتبار التزامات الإمارات قبل دول المجلس. كما تحتاج العملة الموحدة إلى سياسات مالية متناسقة وضبط المالية العامة للدول الأعضاء، بصفة خاصة الاتفاق على سياسات للتحويلات المالية Fiscal transfers لأغراض عمليات الاستقرار الاقتصادي داخل دول المجلس، وهو ما يتطلب وجود ميزانية اتحادية لمعالجة المشكلات الخاصة برفع مستويات الطلب الكلي والتخفيف من آثار التقلبات الاقتصادية بين دول المجلس.
ومما لا شك فيه أن استيفاء هذه المتطلبات يتطلب تغيرات هيكلية في اقتصاديات دول مجلس التعاون وتغير في هيكل مؤسسات المجلس، وهي متطلبات سوف تستغرق للأسف ، من وجهة نظري، عشرات السنوات قبل أن نرى العملة الموحدة على ارض الواقع. اذا كان التحليل الفني (غير السياسي) يشير إلى عدم إمكانية تحقق الحلم في الموعد المحدد، وأنه اذا أصرت دول المجلس على إطلاق العملة في موعدها المحدد، ربما تكون الآثار كارثية على دول المجلس، حيث سيتم استبدال عملات وطنية قوية تتمتع بثبات كبير بعملة تحيط بها الكثير من المحاذير والمخاطر التي ربما تهدد مسيرة التعاون ذاتها، فلماذا لا نبحث عن حل وسط يحقق حلم دول مجلس التعاون في أن يكون لها عملة موحدة وفي ذات الوقت تتجنب الآثار السلبية لإطلاق عملة موحدة قبل تهيئة الأرضية اللازمة لعملية الإطلاق، من وجهة نظري هذا الحل الوسط هو تبني دول مجلس التعاون الريال السعودي كعملة خليجية موحدة.
الريال السعودي كعملة خليجية موحدة
من وجهة نظري فان استعمال الريال السعودي كعملة موحدة لدول المجلس أفضل من إنشاء عملة موحدة جديدة للأسباب الآتية:
1. يتفق الكثير من الدراسات التي أجريت على العملة الخليجية الموحدة على أن إصدار العملة تدور حوله عدة محاذير، وتواجهه العديد من التحديات، بصفة خاصة عدم تحقق متطلبات إنشاء منطقة عملة مثلى.
2. أن الاقتصاد السعودي هو أقوى اقتصاديات المنطقة حيث يتم فيه إنتاج أكثر من 50% من الناتج المحلي لدول مجلس التعاون في المتوسط. وهو ما يضفي قوة استقرار لهذه العملة، بدلا من إنشاء عملة جديدة يحيط بها الكثير من عوامل عدم التأكد، وتتأثر بما يدور في اقتصاديات كل دولة على حده.
3. إلغاء الحاجة إلى إنشاء بنك مركزي خليجي، حيث يمثل مصدرا محتملا للخلاف بين الدول الأعضاء، أين ينشأ، من يرأسه، ما هي حصة كل دولة في موظفيه، كيف تدار عملياته ... الخ. بينما مؤسسة النقد السعودي مؤسسة قائمة تدير شئون السياسة النقدية للمملكة منذ زمن طويل، وتتمتع بخبرة طويلة في إصدار وإدارة أحوال هذه العملة.
4. أن الريال السعودي يحميه رصيد كبير من الاحتياطيات الدولية، خصوصا هذه الأيام، تمكن المملكة من التدخل في الوقت المناسب لحماية الريال ضد مخاطر تقلب معدلات صرفها أمام العملات الرئيسية في العالم، وبما يحقق أهداف الأعضاء بأن يكون لديهم عملة موحدة تتمتع بالاستقرار.
5. أن العملة الموحدة يحيط بها الكثير من عوامل عدم التأكد، الأمر الذي يمثل مصدرا كامنا لعدم الاستقرار النقدي في دول المجلس، خصوصا وأن تلك الدول سوف تستبدل عملات قوية ومستقرة بعملة يحيط بها العديد من المخاطر.
6. أن المملكة العربية السعودية هي الدولة صاحبة النفوذ الأقوى سياسيا داخل المنطقة، وهو نفوذ يفوق تأثير ألمانيا في الاتحاد الأوروبي.
متطلبات استخدام الريال السعودي كعملة موحدة
1. الاتفاق على آلية لاقتسام إيرادات عملية إصدار الريال السعودي بين السعودية ودول المجلس. وهو إجراء تتبعه الدول التي تتفق على استخدام عملة احد الدول كعملة موحدة لها. على سبيل المثال يقتسم البنك المركزي في جنوب إفريقيا إيرادات عمليات الإصدار مع الدول التي تستخدم الراند الجنوب إفريقي، أي مع ليسوتو وسوازيلاند وناميبيا أعضاء المنطقة النقدية المشتركة في إفريقيا.
2. إعادة صياغة نظام معدل صرف الريال من خلال سلة عملات تتوافق مع شركاء التجارة في دول مجلس التعاون، بدلا من النظام الحالي القائم على الربط مع الدولار، لإحداث قدر اكبر من الاستقرار في القيمة الاسمية للريال.
3. إضافة وظائف أخرى لمؤسسة النقد السعودي منها أن تصبح الملجأ الأخير للدول الأعضاء لتوفير احتياجات الائتمان المطلوبة، وأن تتولى رسم سياسة نقدية تتناسب مع الظروف الاقتصادية السائدة في دول المجلس.
4. إعادة هيكلة إدارة المؤسسة بحيث تتكون من لجنة إدارة تضم الدول الست الأعضاء.
5. إعادة تصميم الريال بحيث لا يحمل أية صور منعا للحساسية التي يمكن أن تنشأ عن ذلك.
6. النظر بقدر كبير من النضوج السياسي والاقتصادي للفكرة، وأن ذلك لا يعني انتقاص من السيادة الوطنية للدول الاعضاء لصالح المملكة، فالعملة الخليجية الموحدة تحمل أيضا انتقاص من السيادة لكافة الدول الأعضاء.
6. النظر بقدر كبير من النضوج السياسي والاقتصادي للفكرة، وأن ذلك لا يعني انتقاص من السيادة الوطنية للدول الاعضاء لصالح المملكة، فالعملة الخليجية الموحدة تحمل أيضا انتقاص من السيادة لكافة الدول الأعضاء.
أن عملية تبني الريال السعودي كعملة موحدة لدول المجلس يستند إلى تحليل للعوائد/التكاليف والتي تبدو من وجهة نظري في صالح الريال السعودي، أكثر من العملة المنتظرة والتي ربما لن ترى النور.
شكرا دكتور على هذا المقال الثري الذي عودتمونا عليه ، بداية أود أن أشير إلى ضرورة وأهمية فصل القرار الاقتصادي عن القرار السياسي في الدول الأعضاء ، بمعنى آخر هيمنة القرار الاقتصادي على القرار السياسي في هذا السياق وفق القيم والثقافات المتفق عليها وليس العكس ، لأننا نلاحظ في بعض الدول الأعضاء تبعية القرار الاقتصادي للقرار السياسي وهنا تكمن المشكلة ، كما يتبادر سؤال مهم حول نظرية منطقة العملة المثلى وهو هل تتطلب كذلك توحيد أو تنسيق طريقة اتخاذ القرار السياسي بين الدول الأعضاء لوجود تباين في هيكلة الانظمة السياسية.
ردحذفشكرا زيد
ردحذفأتفقع معك تماما في ضرورة فصل القرار الاقتصادي عن القرار السياسي، وأن تكون الاولوية للقرار الاقتصادي، أو على الإقل استقلالية هذا القرار. أما بالنسبة لتوحيد أو تنسيق طريقة اتخاذ القرار فهي ليست فقط من متطلبات منطقة العملة المثلى، وانما من المتطلبات الاساسية لعملية التكامل الاقتصادي أصلا. حيث يعد تشابه النظم السياسية، وانتشار الديمقراطية متطلبات أساسية لنجاح عملية التكامل وتسريع خطاها.
طلب خاص وكلي رجاء أن يقوم الدكتور محمد بالتعليق على الميزانية الحكومية(الكويت) الأخيرة 2007 التي يلاحظ تضخمها بشكل كبير وكذلك ماهو الحل الأمثل برأيه لإحلال العمالة الوطنية في القطاع الخاص بعد ان رأينا ان باب الأجور و الرواتب هو الأعلى في ميزانية الكويت
ردحذفلب خاص : أطلب من الدكتور التعليق على الميزانية الكويتية الأخيرة 2007 و التي يلاحظ تضخمها بشكل خطير وما هو الحل الأمثل لأحلال العمالة الوطنية في القطاع الخاص و ذلك لتخفيض باب الجور و الرواتب في الميزانية وشكرا على هذه المدونة الأكثر من رائعة
ردحذف