اليوم الخميس 13/11/2008، تم إغلاق سوق الكويت للاوراق المالية بحكم قضائي، في سابقة تعد من أخطر الأحكام التي صدرت في دولة الكويت، حيث صدر حكما بإغلاق سوق الكويت للاوراق المالية في قضية رفعها أحد المتعاملين في السوق. سوق الأوراق المالية ليس سوقا عاديا، يمكن لمحكمة أن تصدر حكما بإغلاقة، أو إيقاف العمل به، إنه قلب النظام المالي في البلد، وهو المؤشر الحراري لأداء الاقتصاد ومؤسساته، وهو أكثر جوانب الاقتصاد الوطني حساسية، لذلك فقد عملت كافة دول العالم على أن تعهد بمهمة إغلاق هذا السوق لجهة واحدة في الغالب، وهي إدارة السوق. لأنها الجهة التي تملك، من الناحية الفنية، إمكانية الحكم على أن أوضاع السوق قد بلغت مستوى الكارثة التي يقتضي الامر معها إيقاف التعامل. ومع تقديرنا للدوافع التي دفعت لإصدرا هذا الحكم، واحترامنا الكامل للقضاء الكويتي وأحكامه، وايماننا الكامل بنزاهة الدوافع التي دفعت بالقاضي الى أصدار هذا الحكم، فإن هذا الحكم الفريد يثير عدد من الأمور التي يحسن التوقف عندها:
الأمر الاول: هو أن النظرة الشائعة للبورصة هي أنها سبيل للثراء فقط، ومن ثم فإن الإتجاه الوحيد الذي يجب أن تسلكه البورصة هو أن تواصل الارتفاع، والارتفاع السريع. وعلى الرغم من أن هذا الاتجاه يعد أيضا خطير، ويحمل نفس القدر من المخاطر المصاحبة للانخفاض، إلا أنه أمر مقبول من قبل المتعاملين. ومن ثم فانه عندما ترتفع البورصة لمستويات فلكية تهدد بالانهيار فان أحدا لا يقلق حيال ذلك الأمر، بل ويصفق المتعاملين في البورصة لهذا الاتجاه. غير مسموح إذن للبورصة ان ينخفض مؤشرها، أو أن تصحح نفسها، أو أن تعكس الظروف السائدة محليا أو عالميا... الخ، وهذا سوء فهم خطير لطبيعة البورصة وآليات عمل أي سوق للأوراق المالية.
الأمر الثاني: هو أنه مع كافة تقديرنا واحترامنا للقضاء وأحكامه، فإن أعمال البورصة واتجاهاتها وتطور أداء المؤشر، وما إذا كان بالفعل قد بلغ مستويات كارثية توجب وقف التعامل، هي جميعا أمور فنية يجب أن تترك أساسا لادارة السوق والتي بها من المحليين الذين هم على وعي بطبيعة التطورات المحلية والعالمية واتجاهات تلك التطورات والآثار المتوقعة لها على أداء البورصة. ومن ثم فان الجهة الوحيدة التي يوكل إليها مهمة الإغلاق في بورصات العالم هي إدارة البورصة، لأنها ادارة ذات خلفية فنية ومن ثم يفترض أن قادرة على أن تتولى هذه المهمة وقت اللزوم. أما أن تغلق البورصة بحكم قضائي فهو اتجاه خطير، ولم يسبق أن حدث في أي دولة من دول العالم، على حد علمي، ومن ثم فان هذا الحكم يفتح الباب في المستقبل لكل من هب ودب في أن يرفع قضية لوقف التعامل في البورصة إذا تعرضت محفظته لخسائر نتيجة تدهور أداء البورصة، كل ما عليه فعله هو أن يقوم بتوكيل محام لرفع تلك القضية أمام القضاء الاداري، استنادا الى سابقة هذا الحكم، وفي غضون اسبوعين يمكنه أن يحصل على حكم بإغلاق السوق.
الأمر الثالث: هو كيف يمكن لإدارة السوق أن تسمح لنفسها بأن تغلق أبواب السوق بمجرد إبلاغها بصدور حكم قضائي بإغلاق السوق دون التفكير في مجرد رد الحكم او استشكال ذلك الحكم، وهي الجهة الوحيدة في الدولة التي من حقها تقرير هذا الامر، فتسحب ابواب البورصة هكذا بكل سهولة.
الأمر الرابع: وهو الأهم أنه لا يستطيع مليون حكم قضائي بإغلاق أو فتح البورصة أن يوقف نزيف المؤشر بنقطة واحدة، أو يرفع من قيمة هذا المؤشر بنقطة واحدة، فالسوق يعكس طبيعة التوقعات والأوضاع الاقتصادية السائدة محليا وعالميا، ومن ثم فانه إذا كان السوق يصحح نفسه، أو يواجهة أزمة ثقة نتيجة عوامل داخلية أو خارجية فان علاج تلك الازمة لا يمكن ان يكون بحكم قضائي، وانما بالمعالجة الفنية لأسباب الانهيار وبتحسين الاوضاع على الأرض، بالشكل الذي يعيد الثقة في اوضاع السوق ويخلق مناخا مناسبا لاستقراره.
الأمر الخامس، اذا كانت الكويت تفكر في أن تتحول الى مركز مالي عالمي أو اقليمي، فكيف يمكن أن يسمح النظام القانوني فيها لمتعامل بإغلاق البورصة، قلب هذا المركز المالي، من خلال حكم محكمة من جملتين، وهو مجرد سؤال.
هذا الإغلاق الأول بسبب حكم قانوني والثاني قسرياً وذلك بسبب الغزو العراقي.
ردحذفبالأمس أو بعد عشرون سنة هذا حكم كان سيصدر لهذا السبب أو لأخر على الأقل في سبب قوي .
يجب ازالة ديوانية البورصة أمام للمتعاملين من المتقاعدين والبطالية ويجب فتح صالات عبر مكاتب الوسطاء الماليون،تغيير ثقافة المتاجر من ثقافة المتقاعدين والبطالية إلى ثقافة المتاجرين الذين يعوا الربح والخسارة.
لا ضير من الإغلاق ولا حاجة لتضخيم خسائر الإغلاق.
ضرورة ووجوب حصول المتداولين على شهادة تداول أولآً من قبل معاهد متخصصة في تجارة الأسهم