الأحد، نوفمبر ٢٣، ٢٠٠٨

تداعيات الأزمة المالية العالمية

تتعدد تداعيات الإعصار المالي الذي يضرب العالم حاليا، وعلى الرغم من أن هناك بعض الآثار الحادة للأزمة نشعر بها حاليا، إلا أن الآثار الكلية للأزمة ما زالت في علم الله سبحانه وتعالي. ومن الواضح أن الأزمة سوف تكلف العالم الكثير، أما متى ستنتهي الأزمة فلا يوجد أحد مهما أوتي من أدوات تحليل اقتصادي ورياضي ونماذج اقتصادية عالمية، وقدرة على إجراءا المحاكاة في ظل السيناريوهات المختلفة يستطيع أن يتنبأ بوقت زوال الأزمة الآن، ويبدو أن الأزمة ستلازمنا لفترة طويلة في المستقبل. للأسف كانت الاستجابة للازمة بطيئة في الولايات المتحدة، كما هو الحال في أوروبا، فأدى ذلك إلى تأخر عملية المعالجة واتخاذ الخطوات اللازمة لتدنية الآثار المتوقعة لها. من ناحية أخرى عندما حدثت الأزمة جاء رد الفعل الدولي غير منسق، وعلى إطار فردي مما يتوقع معه تعمق تداعيات الأزمة. باختصار فان كل الخيارات مفتوحة أمام تداعيات الأزمة المالية العالمية. الإعصار المالي الحالي بدأ يفرز بعض التداعيات الأولية في دولة المركز، أي اصل نشوء الأزمة، والعالم اجمع، وعلى الدول الناشئة النامية بما فيها نحن باعتبارنا جزء منها. ونحاول فيما يلي اختصار تلك التداعيات.

تداعيات الأزمة على الولايات المتحدة الأمريكية

انخفاض الاستثمار العقاري

أدى انخفاض أسعار المنازل، إلى انخفاض واضح في الاستثمار العقاري في الولايات المتحدة، وهو ما يترتب عليه انخفاض انخفاض في مستوى الناتج المحلي، على سبيل المثال يقدر أن يترتب على تراجع الاستثمار العقاري انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 1% في عام 2007 وعام 2008، في الولايات المتحدة الأمريكية.

انخفاض الاستهلاك بفعل اثر الثروة

تشير النظرية الاقتصادية إلى أن الطلب الاستهلاكي يعتمد على مستوى الدخل المتاح، وكذلك على التوقعات حول الدخل والثروة في المستقبل. عندما يحدث ارتفاع في الثروة نتيجة ارتفاع قيمة المسكن، فان ذلك يرفع من الطلب الاستهلاك بشكل دائم، وقد تم تقدير اثر الثروة على الاستهلاك بأنه يتراوح بين 2 إلى 7 سنتات في مقابل كل زيادة في أسعار المنازل بدولار واحد. ربما يبدو هذا على انه شيء صغير. ولكن خلال الفترة من منتصف 1997 إلى منتصف 2006 أدى ارتفاع القيمة الحقيقية للمنازل إلى إضافة حوالي 6.5 تريليون دولار لثروة المستهلكين في الولايات المتحدة ومن ثم أدى ذلك إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي ما بين 1.4% إلى 5% سنويا.

من ناحية أخرى فان ارتفاع أسعار المساكن يمكن أصحابها من الحصول على قروض أعلى في مقابل القيمة الأعلى للمسكن، ويقدر ذلك بما يفوق 700 مليار دولار في 2006 و 500 مليار في 2007. ويقدر مكتب الميزانية في الكونجرس أن الانخفاض في سعر المساكن بنسبة 10% سوف يؤدي إلى انخفاض النمو الحقيقي للناتج من خلال انخفاض الطلب الاستهلاكي بين 0.4% إلى 1.4%. ومما لا شك فيه أن هذا الأثر سيكون أعلى إذا كان المستهلكين يركزون طلبهم الاستهلاكي على التوقعات التفاؤلية حول أسعار المساكن. ومن ثم فان الانخفاض الحاد في القروض العقارية سيكون له آثار سلبية على الاستهلاك.

الأسر الأمريكية إذن تعتمد في إنفاقها الاستهلاكي على ارتفاع أسعار المساكن ومن ثم زيادة القروض. والتي بلغت حاليا حوالي 14 تريليون دولار. وتشير التقارير إلى أن الأسر الامريكية تمر الآن بمأزق حاد مع تراجع أسعار المساكن، ومن ثم الاصل الرئيسي الذي يتم الاقتراض عليه لتمويل احتياجاتها الاستهلاكية.

انتشار الأزمة بين أسواق المال contagion

عندما حدثت الأزمة العقارية في الولايات المتحدة فان ذلك قد أدى إلى ركود في أسواق المال الأخرى بما في ذلك سوق الأوراق التجارية والقروض الاستهلاكية. ويرجع ذلك إلى اتجاه المؤسسات المالية إلى تشديد قيود الائتمان ورفع معدلات الفائدة على القروض، وتقييد معايير الإقراض. ويشير مسح للاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة إلى أن البنوك الأمريكية قد قامت بتشديد القروض ورفع معدلات الفائدة على القروض التجارية والصناعية وكذلك على القروض الممنوحة للمستهلكين. مثل هذه النتائج سوف يتبين آثارها على الاستثمار لاحقا، ربما في 2010.

وبما أن البنوك تعد وسطاء ماليين فان لهم دورا هاما في عملية التخصيص الكفء لرأس المال. وعندما تواجه البنوك مشكلة نقص في السيولة، فإنها لا تستطيع أن تمارس دورها كوسيط مالي حيث تزداد القيود التي تفرضها هذه المؤسسات المالية، وهو ما يؤثر بشكل سلبي على الاستثمار الكلي المربح ونمو الناتج والتوظف في الاقتصاد.

مثال آخر لأثر الانتقال هو سوق الأوراق التجارية, وهو احد وسائل التمويل للمؤسسات التجارية ذات الدين الجيد. وبسبب الأزمة فان صناديق الاستثمار في السوق النقدي وغيرها من المستثمرين كانوا اقل استعدادا لشراء الأوراق التجارية في سوق النقود في الولايات المتحدة، وهو ما أدى إلى حجم ديون انخفاض الأوراق التجارية القائمة، مثل هذا الانخفاض يعني أن المؤسسات المالية في سوق النقود لا تقوم بدورها المطلوب على أكمل وجه. في عام 2008 انخفض رصيد الأوراق التجارية بحوالي 95 مليار دولارا.

انهيار ثقة المستهلكين وقطاع الأعمال Erosion of Consumer and Business Confidence

من المعلوم أن الطلب الاستهلاكي يعتمد على توقعات المستهلكين والمستثمرين حول مستويات الدخل والثروة. يشكل الاستهلاك في الولايات المتحدة حوالي ثلثي الاقتصاد المحلي ككل. ويعني تراجع ثقة المستهلكين والمستثمرين أن الاقتصاد سيدخل قريبا في حالة تراجع. تشير المسوحات إلى تراجع الطلب الاستهلاك على السلع المعمرة باعتبارها أكثر أشكال الطلب الاستهلاكي تقلبا. تراجعت ثقة المستهلك الأمريكي بشكل واضح بدءا من أغسطس 2007، وهي حاليا في نفس مستوى الانكماش السابق.

بالنسبة لقطاع الأعمال فان الدلائل تشير إلى تراجع ثقة رجال الأعمال في العام الماضي. هذا التراجع في الثقة كان عالميا، غير أن التراجع يبلغ أقصى مستوياته في الولايات المتحدة. ويترتب على انخفاض ثقة الأعمال وانتشار التوقعات التشاؤمية إلى تراجع مستويات التوظف والأجور. كذلك يؤدي تراجع الثقة على المستوى العالمي إلى تراجع النمو الاقتصادي وتخفيض الطلب على الصادرات.

تداعيات الأزمة على المستوى العالمي

انخفاض معدلات النمو العالمي

جاءت توقعات صندوق النقد الدولي الأخير متشائمة للغاية حول معدلات النمو الاقتصادي العالمي نتيجة للأوضاع المالية العالمية. يتوقع أن ينخفض معدل النمو في العالم اجمع من 5% عام 2007 إلى 2.2% فقط. هذا لانخفاض في النمو ليس على وتيرة واحدة بين المناطق المختلفة في العالم. ففي الدول المتقدمة من المتوقع أن ينخفض معدل النمو من 2.6% عام 2007 إلى نمو سالب بمعدل -0.3% في عام 2009. وفي الولايات المتحدة يتوقع انخفاضه من 2% عام 2007 إلى -0.7% عام 2009. أما في منطقة اليورو فيتوقع أن يتناقص معدل النمو من 2.6% عام 2007 إلى -0.5%. أما أقل معدل للنمو في الدول الصناعية فيتوقع حدوثه في المملكة المتحدة، -1.3% عام 2009/ مقارنة بـ 3% عام 2007. أما بالنسبة للاقتصاديات الناشئة والدول النامية فمن المتوقع أن ينخفض النمو من 8% عام 2007 إلى 5.1% عام 2009. وبالنسبة للصين يتوقع أن ينخفض النمو من 11.9% إلى 8.5% على التوالي، وكذلك في الهند من 9.3% إلى 6.3% على التوالي. وفي الشرق الأوسط من 6% إلى 5.3%.

خلاصة تلك التنبؤات أن دول العالم المتقدم الرئيسية وهي الولايات المتحدة، ومنطقة اليورو والمملكة المتحدة واليابان سوف تواجه حالة ركود اقتصادي، حيث يتوقع أ، يكون معدل النمو سالبا. بينما يتراجع معدل النمو بشكل واضح في الدول الناشئة والدول النامية.

انخفاض حجم التجارة العالمية

من حيث الحجم يتوقع أن يكون هذا الانخفاض أكبر في حالة الدول المتقدمة عن الدول النامية، غير أن الدول النامية التي تصدر سلعا تجارية يتوقع أيضا أن تعاني بصورة اكبر نتيجة تدهور الحجم وشروط التجارة، حيث يتوقع أن تنخفض أسعار السلع التجارية غير النفطية بحوالي 20%.

بالنسبة لحجم التجارة يتوقع انخفاض نمو حجم التجارة العالمية من 7.2% إلى 2.1%. من بينها يتوقع أن ينخفض نمو الواردات للدول الصناعية من 4.5% إلى معدل نمو سالب -0.1% في عام 2009، وواردات الاقتصاديات الناشئة والدول النامية من 14.4% إلى 5.2%. أما بالنسبة للصادرات فيتوقع انخفاض صادرات الدول المتقدمة من 5.9% إلى 1.2% فقط، ومن 9.6% إلى 5.3% على التوالي في الدول الناشئة والنامية.

غير أن تقديرات البنك الدولي تشير إلى أن حجم التجارة العالمية سوف يميل نحو الانخفاض في عام 2009.

بالنسبة للدول النامية فان أثار الدورة الأولى تتمثل في انخفاض الطلب على صادرات الدول النامية من قبل الدول الصناعية هذه هي آثار الدورة الأولى؟ بصفة خاصة الدول التي تنتهج سياسات التصدير يقود النمو، وهي من الآثار الكلاسيكية لحدوث أي أزمة اقتصادية في الدول النامية.

غير أن الدول النامية كانت قد شكلت من خلال العملاق الصيني والذي أطلق عليه القطب الديناميكي dynamic pole علاقة خاصة تمكنها من الاستمرار في النمو حتى لو حدث انخفاض في النمو في الدول الصناعية. غير أن هذه العلاقة من خلال القطب الديناميكي تؤدي إلى ما يمكن أن نطلق عليه آثار الدورة الثانية والتي تتمثل في آثار انخفاض النمو الصيني على التجارة البينية للدول الناشئة والنامية، حيث تمثل واردات الصين من المواد الأولية من الشرق والغرب وافريقيا وأمريكا اللاتينية بديلا عن طلب الدول المتقدمة على تلك المدخلات من هذه الدول وهو ما أطلق عليه الديناميكيات الحالية للدول النامية، والتي تمكن الدول النامية من النمو حتى لو حدث ركود في الدول الصناعية. ومن ثم فان انخفاض النمو في الصين سيمثل نهاية للديناميكيات الحالية في الدول النامية.

آثار تدهور شروط التجارة العالمية

أما بالنسبة لشروط التجارة فيتوقع أن ينخفض معدل نمو سعر النفط من 10.7% عام 2007 إلى -31.8% على التوالي، أما بالنسبة للسلع التجارية غير النفطية، فيتوقع أن ينخفض معدل نمو الأسعار من 14.1% إلى -18.7% على التوالي.

بشكل عام يتوقع أن يترتب على ذلك آثار معاكسة على أسواق العمل في الدول النامية والناشئة. ويترتب على انخفاض حجم التجارة وكذلك تدفقات رأس المال انخفاض مستويات الاستثمار. ويؤدي تدهور الاستثمار وأوضاع السوق المالي تدهور إضافي في القطاع المالي ومواجهة العديد من الدول أزمات في موازين مدفوعاتها.


تداعيات الأزمة على الدول النامية

الخوف من انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر

من ناحية أخرى فان تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للدول النامية والتي تلعب حاليا دورا هاما في نمو الدول النامية معرضة حاليا للانخفاض. حيث هناك خوف من إلغاء خطط الاستثمار في الدول النامية بسبب ضعف تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر سوف يكون هناك صدمة سلبية في الأسواق الناشئة. حيث يتوقع انخفاض كل مصادر صناديق الاستثمار الخارجي، بشكل كبير في خضم آثار ما يسمى بالدورة الأولى. حيث يتوقع انخفاض استثمارات المحافظ المالية، حيث يتوقع أن يترتب على ارتفاع درجة تجنب المخاطر الاحتفاظ برأس المال محليا أو قريبة جغرافيا. من ناحية أخرى فانه على الرغم من مقاومة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للازمات، فانه من المتوقع أيضا أن تنخفض التدفقات.

أما بالنسبة لآثار الدورة الثانية، فمن المتوقع أن تمارس تأثيرا على تعميق الانحسار. فبسبب صعود عمليات الإنفاق الاستثماري وتبني العديد من المشروعات الضخمة، فانه مع انحسار عمليات تمويل الاستثمار، فانه من المتوقع أن يكون هناك نتيجتين لذلك، الأولى هي إلا يتم استكمال تلك المشروعات، مما يجعل تلك المشروعات غير منتجة وهو ما سيكون له آثار سلبية على رؤوس الأموال التي استثمرت في تلك المشروعات. من ناحية أخرى فان استكمال تلك المشروعات سوف يؤدي إلى إضافة إنتاج جديد إلى فائض العرض الحالي في الأسواق الدولية، مما يسهم بشكل أكبر في الضغوط الانكماشية.

الأزمة يمكن أن تؤثر على الدول النامية من خلال القنوات المالية أيضا. فالدول النامية ما زالت تنمو بسرعة وتجتذب رؤوس الأموال الدولية. ولكن مع تعمق الأزمة واشتداد حالات عدم التأكد المصاحبة لها فانه من الممكن أن ينعكس اتجاه رؤوس الأموال نحو مواطن أكثر أمانا لرأس المال. هذا الأثر يعمق الآثار الحالية لانعكاس تدفقات راس المال بسبب عجز ميزان المدفوعات للدول النامية، في ظل عدم قدرة الكثير من الدول النامية على اجتذاب تدفقات رؤوس الأموال في صورة المحافظ المالية.

ارتفاع معدلات البطالة

تشير الدلائل إلى أن الانحسار الذي يسبقه ضغط مالي يكون دائما أكثر حده، ومن هذا المنطلق فان اثر الأزمة الحالية يمكن أن يكون أكثر جوهرية مما يتوقع صندوق النقد الدولي. وبالنسبة للبطالة فان الأثر الحقيقي للازمة عليها لم يبدأ بعد.

منذ بداية عام 2008 وتواجه الدول الصناعية ارتفاعا في معدل البطالة. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ترتفع معدلات البطالة من 5.7% في عام 2008 إلى 6.5% في عام 2009. ومع تراجع معدلات النمو فان بعض القطاعات الاقتصادية بما في ذلك قطاع الإنشاء والخدمات العقارية من المتوقع أن يواجه انخفاضا أعلى في معدلات التوظيف، كذلك يتوقع أن يواجه القطاع المالي فقدان كبير في الوظائف. فمنذ ديسمبر 2006 فقد القطاع المالي في الولايات المتحدة 172000 وظيفة، وهذا الأسبوع أعلنت مجموعة سيتي جروب عن تخفيض الوظائف فيها بـ 53000 لمواجهة آثار الأزمة.

تحديات التمويل للحكومات

مع استمرار الأزمة فان الحكومات في الدول المختلفة قد تجد من الصعوبة بمكان أن تحصل على احتياجاتها المالية لمواجهة عمليات الإنفاق على المستوى المحلي، مما قد يعقد قضية النمو ومعدلاته. من ناحية أخرى فان هناك خطر في أن لا تتمكن الحكومات من ضمان استقرار النظم المالية فيها، على سبيل المثال في آيسلاند، حيث يملك القطاع المصرفي أصول بحوالي 3 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي، وهو أمر لا يمكن أن تضمنه أي حكومة في العالم على الأقل في الأجل القصير.

أن الدول الأكثر تأثرا بالأزمة هي الدول التي تدخل الأزمة بعجز في موازين مدفوعاتها، مع جفاف منابع التمويل لتلك العجوزات. مما قد يتسبب في بعض حالات الإفلاس المصرفية نتيجة قصور عمليات التمويل للعجز.

الخوف من تدهور تحويلات المهاجرين

مع تصاعد موجات فقدان العمال المهاجرين لوظائفهم في الدول الصناعية. يتوقع أن يواجه العمال المهاجرين انخفاض في دخولهم، نتيجة فقدان الوظائف المتوقع في الدول والذي ربما يؤدي إلى التأثير على تحويلات هؤلاء المهاجرين. بشكل عام يتوقع أن تزيد الاستثماريات في الدول المتوسطة الدخل في عام 2009، بنسبة 6.5%، وهي أقل من نصف معدل النمو الحادث في عام 2007. مما يؤدي إلى موجة استغناء واضحة عن العمال، بصفة خاصة العمال المهاجرين. وهناك العديد من الدول المعرضة لانخفاض التحويلات لمهاجريها، على سبيل المثال فإن باكستان واندونيسيا والفلبين ومنطقة المغرب العربي ومصر معرضة حاليا لانخفاض حاد في تحويلات المهاجرين بسبب الأزمة التي تضرب الدول الصناعية حاليا. وغني عن البيان أن تحويلات العمالة المهاجرة تمثل عنصرا حيويا لتدفق الأموال في دول الأصل يفوق حاليا ما تتلقاه تلك الدول من مساعدات وتدفقات للاستثمار الأجنبي.

الخوف من تدهور المساعدات

اثر انخفاض المعونات. إذا دخلت الدول الصناعية مرحلة الركود فانه من المؤكد أن ميزانيات لمعونة الدولية فيها سوف تميل نحو الانخفاض، مما يهدد تدفقات المعونات الرسمية من قنواتها المختلفة إلى الدول النامية. ويرجع ذلك إلى أنه عندما تقوم الدول المتقدمة بإعادة ترتيب أولويات استخدام الأموال المتاحة لديها فإنه من المتوقع ان توجه كافة امكانياتها لمعالجة أزمتها والخروج باقتصادياتها نحو بر الامان، ومن ثم فمن المتوقع أن يحدث شح كبير في الميزانيات المخصصة لمساعدة الدول النامية، مما يعني ان الدول النامية سوف تجد نفسها في وسط اعصار لم تكن أحد أطرافه ولا شاركت فيه، وفي ذات الوقت لن تجد من يحاول أن ينقذها منه.

ارتفاع درجة عدم الأمان في الدخل

بصفة خاصة بالنسبة للمجموعات ذات الدخل المنخفض. حيث فقدت أسواق المال في العالم تريليونات الدولارات وهو ما أدى إلى تآكل الثروة وعوائد الاستثمار التي تحققت خلال الخمس سنوات الماضية، كما فقد صناديق الاستثمار في مؤسسات التأمين والمعاشات قيمة كبيرة من استثماراتها. وهناك مخاوف في الدول النامية أن مجموعات الدخل المنخفض تتحمل وطأة هذه التحديات، ومن المعلوم أن الفقراء هم ألأقل قدرة على الدفاع عن أنفسهم.

استمرار الضغوط التضخمية مرتفعة في الدول النامية

استمرار الضغوط التضخمية المرتفعة بفعل استمرار آثار أزمة الغذاء والتي تعود في جانب كبير منها إلى عوامل دورية وعوامل هيكلية، لا يتوقع ان تنتهي آثارها في الأجل القصير، حيث يتوقع أن تستمر الضغوط التضخمية مرتفعة في الاقتصاديات الناشئة من 6.4% عام 2007 إلى 7.1% عام 2009. بينما تنخفض الضغوط التضخمية في الدول المتقدمة من 2.2% إلى 1.4% على التوالي.

هذه هي مجموعة التداعيات الاقتصادية التي تم حصرها للأزمة المالية، ومن المؤكد أن المستقبل سوف يكشف عن المزيد، سواء من حيث تنوع تأثير الأزمة، أو من حيث درجة عمق تداعيات تلك الأزمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق