في أول استبيان تم طرحه على هذه المدونة بعنوان " مجرد سؤال: هل يجب أن تتدخل الحكومة لتعديل أوضاع البورصة " بلغ عدد الذين شاركوا في الاستبيان 35 مشتركا، وعينة المشاركين في الاستبيان بهذا الشكل هي من الناحية الإحصائية عينة محدودة، حيث لا تتمتع بخصائص العينة الطبيعية، والتي يمكن أن تكون ممثلة للمجتمع، الأمر الذي يعني احتمال وجود تحيز في نتائج الاستبيان. وهذه نقطة مهمة يجب التأكيد عليها في البداية. حيث يعني ذلك أنه لا يمكن تعميم نتائج هذا الاستبيان على أنها تمثل وجهة نظر المجتمع ككل في القضية موضع الاستبيان. ويوضح الشكل التالي نتائج الاستبيان الذي كان محوره هو:
هل يجب أن تتدخل الحكومة لتعديل أوضاع البورصة في دولة الكويت.
تشير نتائج الاستبيان الذي تم طرحه في هذه المدونة إلى أن هناك تفضيل بشكل عام بين من شاركوا في الاستبيان بعدم تدخل الحكومة في البورصة، حيث يرى 57.14% من المفردات التي شاركت في الاستبيان بأنه لا ينبغي على الحكومة أن تتدخل لتعديل أوضاع البورصة.
ويعني ذلك أن هؤلاء يرون أن البورصة سوق حر يخضع لقوى العرض والطلب، وأن مبادئ السوق الحر تعني أن السوق معرض إلى أن يرتفع أو ينخفض حسبما ما تقضي الأحوال بذلك، وأن المتعاملين في هذا السوق يفترض أنهم يدركون هذه الحقيقة، وأن سوق الأوراق المالية بالذات من الأسواق التي ترتفع فيها درجة المخاطرة، وعلى ذلك يفترض في هؤلاء المتعاملين أنهم مستعدين لتحمل المخاطرة الناجمة عن دخول هذا السوق منذ البداية، بما في ذلك احتمال فقدان كامل رأسمالهم الذي يضاربون فيه. ومن ثم فانه كما أنه من حقهم وحدهم الاستمتاع بثرواتهم التي يمكن أن يكونوها من التعامل في البورصة، من جراء تضخم أسعار الأسهم، فانه ليس من حقهم مطالبة غيرهم بمشاركتهم في تحمل خسارتهم عندما تقع، طالما أنهم لا يشاطرون المجتمع أرباحهم عندما يحققون الربح، خصوصا وإذا كان ذلك من المال العام. صحيح أن حكومات دول العالم الأخرى تتدخل بطرق شتى لدعم أسواق الأوراق المالية بها في أوقات الأزمات، ولكن ذلك يتم من منطلق حق المتعاملين في السوق على الدولة باعتبارهم دافعي ضرائب، ذلك أن كل معاملة تتم في السوق وكل أرباح تحققها المحافظ المالية للمتعاملين في السوق، تحصل الدولة على نصيبها منه في صورة ضرائب على الدخول، ورسوم وغيرها، فماذا دفع المتعاملون في البورصة لحكومة دولة الكويت لكي يصبح من حقهم أن يطالبوها بالتدخل.
من ناحية أخرى فقد رأي 40% من مفردات العينة التي شاركت في الاستبيان أن على الحكومة أن تتدخل في سوق الأوراق المالية لتعديل أوضاع السوق من أجل وقف النزيف الحادث في المؤشر.
ويعني ذلك أن هؤلاء يرون أنه لا مانع من تدخل الحكومة من أجل وقف الخسائر التي يتعرض لها المتعاملون في البورصة من جراء انهيار المؤشر السعري في البورصة، ومن ثم إنقاذ المتعاملين مما يمكن أن يتعرضوا له من خسارة أو إفلاس أو في بعض الأحوال السجن، الذي يمكن أن يترتب على استمرار ضعف أداء البورصة، وهو دور هام من الأدوار الاجتماعية للحكومة في حماية أفراد المجتمع في وقت الأزمات.
وعلى الرغم من وجاهة بعض الحجج التي تساق لتبرير عملية التدخل الحكومي لتعديل أوضاع البورصة، فانه يتعارض مع مبادئ الاقتصاد الحر ويتناقض وآليات عمل قوى السوق الحر. بمعنى آخر فان المطالبة بالتدخل هي دعوة لتعطيل نفس القوى التي تؤدي إلى تضخم ثروات المتعاملين في البورصة، فهل كان من الممكن أن يقبل هؤلاء أيضا أن تتدخل الحكومة لوقف الارتفاع في أسعار الأسهم في أوقات ارتفاع المؤشر، أم أن التدخل الحكومي يجب أن يأخذ اتجاها واحدا فقط، هو حمايتهم من الخسائر، أما الأرباح فهم أصحاب الحق الوحيد فيها.
موضوع تدخل الحكومة في سوق الأوراق المالية من الواضح انه من الموضوعات الشائكة، وأن هناك انقسام واضح بين مفردات العينة التي شاركت في الاستبيان حول ضرورة أو عدم ضرورة التدخل. من وجهة نظري لا أعتقد أن النتائج كان من الممكن أن تختلف بشكل كبير عما تم التوصل إليه إذا ما كان حجم العينة أكبر من الحجم الحالي، ففيما عدا المتداولين وبعض المتعاطفين، فان مجتمع العينة يرفض بشكل عام أن تتحمل الحكومة خسائر المتعاملين في البورصة الناجمة عن الأزمة الحالية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق