الخميس، أبريل ٢٨، ٢٠١١

لا تيسير كمي ثالث في الطريق

التيسير الكمي Quantitative easing من أهم السياسات النقدية غير التقليدية التي لجأت إليها البنوك المركزية للتعامل مع الازمة المالية العالمية، وهي الترجمة الانجليزية للتسمية اليابانية لمثل هذه السياسة، وعلى الرغم من أن التيسير الكمي تعد عبارة حديثة نسبيا، إلا أنه يشيع استخدامها بكثرة هذه الأيام، وذلك بعد لجوء الاحتياطي الفدرالي الأمريكي لطباعة الدولار في خطتين أطلق عليهما التيسير الكمي 1 و التيسير الكمي 2، لمواجهة الأوضاع الاقتصادية المتردية حاليا، وللحيلولة دون تطور تلك الأوضاع على نحو أسوأ، وكان الاحتياطي الفدرالي قد نفذ خطة التيسير الكمي الأولى في نوفمبر 2008، بضخ حوالي تريليون دولار، ويقوم حاليا بضخ 600 مليار دولار في إطار خطة التيسير الكمي 2، وذلك في محاولة لدفع مستويات النشاط الاقتصادي للخروج من الكساد.

يقصد بالتيسير الكمي قيام الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) بتخفيف القيود على الكميات المصدرة من الدولار من خلال طباعة كميات جديدة منه، ثم استخدام هذه الدولارات في شراء أوراق مالية، مثل السندات الحكومية، لتضاف إلى محفظة الأصول التي يملكها، فيرتفع جانب الأصول في ميزانية الاحتياطي الفدرالي، وبالطبع يتم تسجيل الدولارات الجديدة التي يصدرها في جانب الالتزامات في ميزانية الاحتياطي الفدرالي. بهذا الشكل يكون كل من جانبي الأصول والخصوم في الميزانية قد ارتفع بقيمة الأوراق المالية التي قام الاحتياطي الفدرالي بشرائها، ويزيد بالتالي حجم ميزانيته، ولذلك يطلق على التيسير الكمي سياسات زيادة حجم الميزانية (ميزانية البنك المركزي)، وببساطة شديدة، فإن السياسة النقدية إما ان تستهدف سعر النقود (معدل الفائدة) من خلال استخدام أدوات تؤدي إلى رفع أو تخفيض معدلات الفائدة، حسب مقتضيات النشاط الاقتصادي، وعندما يتغير معدل الفائدة ارتفاعا أو انخفاضا ينتقل اثر ذلك إلى النشاط الاقتصادي (الطلب الكلي) من خلال ما يسمى "بقناة معدل الفائدة" التي تتولى نقل تأثير خفض أو رفع معدل الفائدة إلى الطلب الكلي، ومن ثم معدلات النمو والتوظف والبطالة. أو قد تستهدف السياسة النقدية كمية النقود المتداولة في الاقتصاد، والتيسير الكمي هو أداة لتحقيق الأخيرة.

ويقترب حاليا الاحتياطي الفدرالي من الانتهاء من خطة التيسير الكمي الثانية QE2، وذلك في يونيو القادم، بضخ 600 مليار دولار من النقود الجديد لمساعدة قطاع الأعمال الخاص على القيام بالمزيد من الاستثمار ومعالجة مشكلة البطالة، ووفقا لمحاضر اجتماعات لجنة السوق المفتوح في الاحتياطي الفدرالي، فإن اللجنة سوف تستمر في تنفيذ برنامج ضخ 600 مليار دولار تحت برنامج التيسير الكمي2، وفقا الخطة المقترحة حتى يونيو القادم، وذلك على الرغم من التحسن الواضح في سوق العمل الأمريكي، إذ ما زال ينظر إلى سوق العمل الأمريكي بقلق شديد خصوصا في ظل استمرار معدل البطالة عند مستويات مرتفعة جدا ، والتي بلغت في مارس الماضي 8.8%، الأمر الذي يجعل من السابق لأوانه الحديث عن التوقف عن برنامج التيسير الكمي2.

ولكن هل سيستمر الاحتياطي الفدرالي في اللجوء الى هذه السياسة النقدية غير التقليدية في المستقبل بحيث نرى خطة التيسير الكمي 3؟، الواقع ان الاجابة على هذا السؤال على الرغم من صعوبتها، الا أن الشواهد المتاحة حاليا تشير الى أن الاجابة وبقدر كبير من الثقة هي لا، ربما لا نشهد في المستقبل خطة التيسير الكمي 3، خصوصا مع استمرار تصاعد القلق حول الضغوط التضخمية الحالية، على الرغم من تأكيد الاحتياطي الفدرالي بأن الضغوط التضخمية وان وجدت فإنها سوف تكون انتقالية. لا أعتقد في ظل الظروف الحالية، ان الاحتياطي الفدرالي سوف يقدم على مزيد من طباعة الدولار.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق