آثار
تخفيض قيمة الدينار الكويتي
الآن ما
هي الآثار المتوقعة لمثل هذا التخفيض للدينار؟ مما لا شك فيه أن مثل هذا الإجراء،
إذا تم سوف يخفف من الأعباء المالية للمرتبات وما في حكمها على الميزانية العامة
للدولة، ولكنه في المقابل سوف يؤدي إلى العديد من الآثار الخطيرة على المستوى
الكلي، وفيما يلي ملخص لهذه الآثار المتوقعة على الأطراف المختلفة في الكويت.
- الأثر على الحكومة
يتمثل
الأثر الإيجابي المباشر في تخفيض الدينار الكويتي على الحكومة في زيادة الإيرادات
العامة مقومة بالدينار الكويتي من الناحية الاسمية وذلك عندما يتم تحويل إيرادات
النفط بالدولار الأمريكي إلى الدينار الكويتي. على سبيل المثال لو افترضنا أن
الدينار الكويتي تم تخفيضه بالنسبة للدولار الأمريكي بنسبة 20%، فإن ذلك سوف يعني
أن الإيرادات النفطية في الميزانية العامة لدولة الكويت عندما يتم تحويلها (من
الدولار الأمريكي) إلى الدينار الكويتي سوف ترتفع بنسبة 20%، وهو ما يعني (بفرض
ثبات الإنفاق)، أن الحكومة سوف يتوافر لديها إيرادات أكبر بالدينار وأن الميزانية
العامة سوف تحقق فائضا أكبر بالدينار، وبالتالي يتوافر للحكومة قدرة أكبر على
تمويل إنفاقها العام، بما في ذلك الإنفاق على الزيادات في المرتبات وما في حكمها.
ربما يعد
هذا الأثر الوحيد الإيجابي للتخفيض على الحكومة، غير أن خفض الدينار لتحقيق هذا
الهدف سوف يجر الكويت إلى منزلق في منتهى الخطورة، حيث سيترتب على تخفيض الرواتب
وما في حكمها انخفاض الدخول الحقيقية للعاملين فيها بنفس النسبة، ومن ثم سوف يشعر
العاملين في الدولة بتدهور أوضاعهم المعيشية في أعقاب التخفيض، فتبدأ على الفور
المطالب بزيادة المرتبات وما في حكمها لتعويض العاملين في الدولة عن تراجع القوة
الشرائية لدخولهم الذي حدث بسبب تخفيض قيمة الدينار، وفي حال استجابة الحكومة لهذه
المطالب، فإن ذلك سوف يؤدي إلى سلسلة من ارتفاعات المرتبات ومن ثم ارتفاع عجز
الميزانية، وهو ما يؤدي بالتالي إلى ثم تكثيف الحاجة بصورة أكبر نحو تخفيض قيمة
الدينار في المستقبل، ومن ثم ارتفاع معدل التضخم، فزيادة المطالب برفع المرتبات وهكذا
تدخل الكويت في حلقة خبيثة من ارتفاع الأجور وارتفاع عجز الميزانية وخفض قيمة
الدينار وارتفاع معدل التضخم، كما يتضح من الشكل التالي.
إن التاريخ
الاقتصادي للدول التي تمارس مثل هذه السياسة على نطاق واسع يشير إلى أنها دائما ما
تضطر إلى طبع النقود لمواجهة العجز المتزايد في ميزانيتها، وهو ما يؤدي إلى تصاعد
الضغوط التضخمية في الداخل ومن ثم الحاجة إلى المزيد من إصدار النقود الأمر الذي
يولد حلقة من التضخم الجامح Hyper-inflation،
ويقصد بالتضخم الجامح التضخم الذي تصل فيه معدلات الارتفاع الشهري في الأسعار
بأكثر من 50%، أو حوالي 13000% على أساس سنوي.
من ناحية أخرى لا بد وأن يأخذ أيضا في الاعتبار أن الحكومة هي أحد
المتعاملين في الاقتصاد، باعتبار أنها تقوم بعمل الإنفاق الحكومي، وبالتالي يجري
عليها ما يجري على كافة الأطراف الأخرى في المجتمع في ظل مناخ التضخم عندما تقوم بالإنفاق،
فانخفاض قيمة الدينار سوف يؤدي إلى رفع أسعار السلع والخدمات، بما فيها تلك التي
تشتريها الحكومة وهو ما يرفع من مستويات الإنفاق للدولة سواء على السلع والخدمات
التي تنتج محليا أو تستورد من الخارج، وبالتالي فإن ما سوف تحصل عليه الحكومة
باليمين من خفض قيمة الدينار، سوف تنفقه باليسار، في صورة ارتفاع في تكاليف السلع
التي تشتريها والخدمات التي تؤديها في المجتمع، وهذه مشكلة الحكومات التي تحاول أن
تسهم في خلق مناخ تضخمي بخفض قيمة عملتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق