نشر في جريدة القبس بتاريخ الاثنين 9/3/2009
قانون الاستقرار المالي، على الرغم من الجهد الكبير الذي بذل في سبيل إعداده، والجهد الأكبر في مناقشته، والمدة الماراثونية التي ستنقضي في سبيل إقراره، في أفضل الأحوال، سيقدم حلولا مؤقتة لسيولة المؤسسات المالية، بصفة خاصة البنوك، ويضفي بعضا من الثقة على عمليات الائتمان التي تقوم بها مؤسساتنا المالية. لكن، هل هو العلاج الشافي للأزمة؟
الإجابة ببساطة: لا. فكما أشرنا سابقا، القانون حسب أفضل التوقعات سيعمل على وقف التدهور في أداء سوق المال لفترة زمنية محدودة، ثم يعاود سوق المال التراجع مرة أخرى مع استمرار أوضاع الأزمة المرشحة للتدهور محليا وعالميا. قانون الاستقرار المالي إذًا يعالج أعراض الأزمة، لا الأسباب الحقيقية لها.
قانون الاستقرار المالي، على الرغم من الجهد الكبير الذي بذل في سبيل إعداده، والجهد الأكبر في مناقشته، والمدة الماراثونية التي ستنقضي في سبيل إقراره، في أفضل الأحوال، سيقدم حلولا مؤقتة لسيولة المؤسسات المالية، بصفة خاصة البنوك، ويضفي بعضا من الثقة على عمليات الائتمان التي تقوم بها مؤسساتنا المالية. لكن، هل هو العلاج الشافي للأزمة؟
الإجابة ببساطة: لا. فكما أشرنا سابقا، القانون حسب أفضل التوقعات سيعمل على وقف التدهور في أداء سوق المال لفترة زمنية محدودة، ثم يعاود سوق المال التراجع مرة أخرى مع استمرار أوضاع الأزمة المرشحة للتدهور محليا وعالميا. قانون الاستقرار المالي إذًا يعالج أعراض الأزمة، لا الأسباب الحقيقية لها.
حل مشكلة القطاع المالي ليس إذًا في التوجه نحو القطاع المالي ذاته، وإنما في التوجه نحو القطاع الحقيقي من الاقتصاد المحلي، أي القطاع الإنتاجي. فالقطاع المالي هو مجرد قطاع يمارس عمليات الوساطة المالية، ومن ثم فان دوره ينحصر في عملية تعبئة المدخرات من مصادرها المختلفة، وإعادة ضخها في صور مختلفة، سواء للأفراد أو المؤسسات أو الحكومة. وعلى ذلك، فان أداء القطاع المالي يعتمد أولا وأخيرا على أداء القطاع الحقيقي الذي يخدمه بصفته وسيطا ماليا، بصفة خاصة للقطاع الحقيقي، وإذا كان القطاع المالي هو مجرد وسيط مالي، فلماذا يتدهور أداؤه بشكل مستمر على النحو الذي نراه حاليا؟
الإجابة هي ببساطة: أن الأداء السيئ للقطاع الحقيقي (الإنتاجي) من الاقتصاد، هو أساس استمرار الأزمة ومن ثم تعمق آثارها. وعلى ذلك، فان رفع مستويات الأداء في القطاع الحقيقي من الاقتصاد هو السبيل الوحيد في الأجلين القصير والطويل لمعالجة الأزمة للقطاع المالي. فإذا ارتفعت مستويات الأداء في الاقتصاد الحقيقي تتعزز قدرة القطاع المالي على القيام بدوره الأساسي في عمليات الوساطة المالية، وتزداد عمليات الإقراض بفعل ارتفاع مستويات الثقة بقدرة الاقتصاد على التعافي من الأزمة، وتنخفض تبعا لذلك درجة تأثر الاقتصاد المحلي بتطورات الأزمة العالمية.
ولكن ماذا نفعل نحن في الكويت، الذين نعتمد بشكل أساسي على صادراتنا النفطية التي تراجعت بفعل تراجع مستويات الطلب العالمي نتيجة الأزمة؟ كيف لنا إذًا أن ننشط القطاع الحقيقي في الاقتصاد المحلي؟من وجهة نظري، يجب على الكويت أن تعيد النظر مرة أخرى، وعلى وجه السرعة في قائمة مشاريعها الكبرى، حيث ان الوقت الحالي هو انسب الأوقات لتنفيذ تلك المشاريع، لعدة أسباب أهمها:
1. أن الكويت تمتلك حاليا قدرا لا بأس به من الاحتياطيات المالية، التي تراكمت خلال أعوام الوفرة القليلة الماضية. واحتفاظ الكويت بهذه الاحتياطيات يعرضها لمشكلتين أساسيتين، المشكلة الأولى أن هذه الاحتياطيات المالية يتم استثمارها عالميا في إطار صندوق الاستثمار السيادي الذي تملكه الكويت. وهذه الاستثمارات معرضة حاليا لدرجة عالية من المخاطرة والمصاحبة لاستثمارها في الخارج بفعل تراجع أسعار الأصول عالميا، وارتفاع معدلات الإفلاس بين البنوك والشركات العالمية على حد سواء. ومن ثم فان الاحتفاظ بها في صورتها الحالية سيعرضها لمخاطر عديدة، خصوصا في ظل استمرار أوضاع الأزمة. أما عملية استخدام هذه الاحتياطيات في تمويل مشاريع الكويت الضخمة فستحمي تلك الاحتياطيات من الخسارة. أما المشكلة الثانية، فهي أن احتفاظ الكويت بهذه الاحتياطيات من دون استغلال في الاقتصاد الوطني يفتح شهية المطالبين بحرق هذه الاحتياطيات من خلال توزيعها على الناس. وآخر هذه المقترحات توزيع 10 آلاف دينار على كل شخص، أي انه بجرة قلم تم تأمين حوالي 50 ألف دينار لكل أسرة من الثروة الوطنية من دون مقابل. فماذا سيكون رأي هؤلاء إذا كانت هذه الأصول الوطنية يتم تدويرها في الاقتصاد الوطني وان هناك مردودا حقيقيا مصاحبا لذلك في صورة مشاريع وأصول تبنيها الدولة؟ طبعا مثل هذه المطالب لن تجد لها مبررا.
2. أن تنفيذ المشاريع في الوقت الحالي هو أفضل علاج للازمة المالية، حيث ان مشكلة القطاع المصرفي حاليا هي انه لديه ودائع يرغب في تدويرها، لكنه يتردد بشكل كبير في عمليات الإقراض نتيجة اتباع معظم المصارف لسياسات ائتمانية تشددية، بسبب ظروف الأزمة. في ظل تنفيذ هذه المشاريع الضخمة سيزداد الطلب بشكل كبير على الائتمان المصرفي، وفي ضوء الضمان الحكومي لجانب من ذلك الائتمان، فان عملية تدوير الودائع ستشتد، مما يسهم في ضخ كميات كبيرة من السيولة في الاقتصاد الوطني، أي أن تنفيذ تلك المشاريع في الوقت الحالي سيشجع المؤسسات المالية على تحريك عمليات الائتمان وممارسة دورها التقليدي في الوساطة المالية على نحو أفضل. مما يساعد بشكل أساسي على التخفيف من آثار الأزمة.
3. أن تنفيذ المشاريع في الوقت الحالي سيضمن تنفيذها بتكاليف اقل من تلك التكاليف المتوقعة لها، حيث تميل الأسعار عالميا حاليا نحو الانخفاض بشكل واضح، مما يضمن الاقتصاد في الميزانيات التي يمكن أن تخصص لتنفيذ تلك المشاريع في الأوقات العادية.
4. أن تنفيذ المشاريع في الوقت الحالي، سيضمن تهافت أفضل الشركات العالمية، التي تعاني حاليا ضغوط الكساد، على مزادات تنفيذ هذه المشاريع. مما يمكننا من الحصول على أفضل العروض، سواء من حيث الجودة أو التكلفة، وبالشروط التي تمليها الكويت.
5. أن تنفيذ المشاريع في الوقت الحالي سيرفع من مستويات النشاط الاقتصادي في الكويت، ويعزز من مستويات الطلب الكلي محليا، مما يسهم في عكس التوقعات التشاؤمية السائدة حاليا حول مستقبل الاقتصاد المحلي، مما يساعد تحسين مستويات النشاط الاقتصادي.
6. أن تنفيذ المشاريع في الوقت الحالي يمكن أن يساعد، ولو بشكل جزئي، في تشجيع توظيف العمالة الوطنية، خصوصا إذا ما ألزمت الدولة القائمين على تلك المشاريع، ضمن عقودها، بنسبة تشغيل دنيا للعمالة الوطنية، أو أعلنت نسبا دنيا لتوظيف العمالة الوطنية في المؤسسات المحلية التي يمكن أن تتقدم أو تشارك في تنفيذ هذه المشاريع.
7.أن تنفيذ المشاريع بشكل عام يساعد على تنويع مصادر الدخل، ويقلل من اعتماد الكويت على مصدر شبه وحيد للدخل، وهو صادراتها من النفط الخام. الأمر الذي يقلل من وقع الصدمات الخارجية على الأداء الاقتصادي محليا، ويفسح المجال أمام تحريك عجلة التنمية المشلولة حاليا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق