جاءني هذا السؤال من الأخ بكر نفاع عن العودة إلى نظام المعدني: الذهب والفضة.
يقول السائل :
كيف يمكن التحول من النظام النقدي السائد
الآن إلى نظام المعدنين, الذهب والفضة؟ ارجوا اطلاعي على جميع متعلقات هذا الأمر حتى
وان كان رايك ان هذا الأمر ضرب من الخيال نظرا لقلة الذهب وعدم كفايته لسد حاجات الاقتصاد
الضخمة.
إجابتي على السؤال هي الآتي:
- عودة العالم إلى نظام المعدنين الذهب والفضة تقتضي تواجد المعدنين بشكل ما في النظام النقدي العالمي، إما بصورة مادية، أي نقوم باستخدام نقود من الذهب والفضة أو بصورة غير مباشرة من خلال استخدام نقود مغطاة بهما. على أي حال الأمر يقتضي ضرورة توافر كميات كافية من الذهب والفضة لاستخدام العالم لهما في عمليات الإصدار أو تغطية الإصدار، وفق علاقة محددة بين رصيد الدول من الذهب والفضة وكميات النقود المصدرة حتى يتحقق الهدف الأساسي من نظام المعدنين وهو استقرار قيم العملات
- الآن لو عقدنا مقارنة بسيطة بين كميات الذهب والفضة الموجودة فوق سطح الأرض وفي باطنة وبين الكميات التي تحتاج دول العالم لكي تصدرها من النقود سوف نجد أن ما يحتويه العالم منهما هو بمثابة نقطة في بحر النقود المصدرة في العالم، إذن العائق الأساسي في المقترح هو أننا لن نجد كميات كافية من المعدنين نستخدمهما في عمليات الإصدار
- العائق الثاني هو أن الدول في حاجة إلى عمليات إصدار بشكل دوري للنقود لأن النمو الاقتصادي لا يمكن أن يتم بدون مجاراته بالإصدار المناسب من النقود، على سبيل المثال لو زاد الناتج في دولة ما بنسبة 5%، فإن كمية النقود لا بد وأن تتزايد لكي نستخدمها في تمويل المبادلات التي ستتم على هذه الزيادة في الناتج، وإلا سوف يتراجع النمو بسبب قصور عرض النقود وانخفاض مستوى المبادلات
- إن معدلات النمو في الناتج على المستوى الدولي تتجاوز بشكل كبير معدلات نمو الكميات المنتجة من المعدنين لكي يتم استخدامهما في تغطية عمليات الإصدار الجديدة للنقود لتتماشى مع النمو الحادث في الناتج
- إن استخدام المعدنين في تغطية الإصدار سوف يترتب عليها طلب هائل على المعدنين على المستوى الدولي وهو ما سيدفع بأسعار المعدنين إلى عنان السماء الأمر الذي سيدمر القوة الشرائية للنقود ويتناقض مع الهدف الأساسي من استخدام الذهب والفضة في عمليات الإصدار لضمان استقرار قيمة النقود
- أن نظام المعدنين نفسه لا يخلو من الكثير من المشاكل التي واجهها العالم أثناء استخدامهما في عمليات الإصدار، بصفة خاصة أن العلاقة بين أسعار المعدنين ليست ثابتة وهو ما يعني أن احد أشكال النقود سوف يكون افضل من الآخر ويتحقق ما يطلق عليه بقانون جريشام (النقود الرديئة تطرد النقود الجيدة من التداول) حيث تشتد عمليات المضاربة على المعدن الذي تميل أسعاره إلى الارتفاع بالنسبة للآخر
- أن المعدنين، بصفة خاصة الذهب لم يعد الطلب عليهما اليوم كمعادن يتسم بالاستقرار المعهود والمفترض للأصل الذي سيستخدم في عمليات التغطية، بصفة خاصة فإن الطلب على الذهب لأغراض المضاربة أصبح هو النمط السائد لهذا المعدن في سوق الذهب ويوما عن يوم تتزايد الكميات الموجهة من المعدن لهذا الغرض، ولا يمكن ان يستخدم أصل في عملية التغطية يخضع الطلب عليه لأغراض المضاربة أساسا
- وأخيرا فإن التقلب المستمر في أسعار المعدنين على المستوى الدولي لا يقدم الأساس المناسب للغطاء الذي سيستخدم لإصدار النقود وتحديد قيمتها، لأن قيمة النقود سوف تتقلب كل ساعة مع تقلبات أسعار الذهب والفضة وهو ما لا يوفر الاستقرار المناسب الذي تسعى اليه النظم النقدية في العالم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق