الجمعة، سبتمبر ١٤، ٢٠١٢

في ذكرى إفلاس بنك ليمان براذرز (1 من 2)


نشر في صحيفة الاقتصادية يوم الثلاثاء 11/9/2012
 
في يوم الاثنين 15/9/2008 أعلن عن إفلاس بنك ليمان براذرز أحد أكبر اللاعبين في سوق الرهن العقاري الأمريكي وأحد أكبر بنوك الاستثمار في العالم، وذلك في أكبر عملية إفلاس شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية. فعلى مدى الفترة من 2007 إلى 2008 حاول البنك أن يقاوم الاتجاه نحو الإفلاس من خلال السعي لزيادة رأسماله، أو التفاوض على الاستحواذ عليه من جانب أحد المؤسسات المالية الكبرى في العالم، أو حتى تأمين حزمة إنقاذ حكومي للبنك، غير أنه في الوقت الذي قدمت فيه الحكومة الأمريكية مئات المليارات لإنقاذ عملاقي الرهن العقاري فاني ماي وفريدي ماك، لم يكن هناك اتجاه رسمي على ما يبدو لإنقاذ البنك.
كانت هناك أخبار حول نية بنك أوف أمريكا وبنك باركليز في الاستحواذ على البنك ذو التاريخ الطويل في السوق المصرفي الأمريكي، غير أن البنكان اكتشفا أن التكلفة التي سيتحملانها لدعم رأس مال البنك من خلال إعادة رسملته سوف تكون ضخمة أخذا في الاعتبار حجم الخسائر في المحفظة العقارية للبنك، والتي يمكن أن تشكل تهديدا مستقبليا لأي بنك يريد الاستحواذ على ليمان براذرز، خصوصا وأن التقارير الواردة من الاحتياطي الفدرالي كانت تشير إلى عدم استعداده لضمان خسائر البنك، مثلما حدث في صفقة استحواذ جي بي مورجان على بير شتيرنس، وعلى مدى الفترة من 2007 – 2008 كانت اسهم البنك قد انخفضت بنسبة 95% تقريبا، وبحلول الاثنين 15/9/2008، انخفضت قيمة الأسهم إلى الصفر تقريبا وفشلت كل محاولات إنقاذ البنك الذي كان في يوم من الأيام من أكبر بنوك الاستثمار في الولايات المتحدة والعالم، ومن هنا بدأ الذعر يدق الأسواق الأمريكية، ومنها إلى باقي الأسواق في العالم ليعلن بصورة رسمية عن ميلاد الأزمة المالية العالمية التي مازلنا نعيش آثارها حتى اليوم. 
لقد اظهر إفلاس البنك أن النظام المالي العالمي هش للغاية وأنه من الممكن أن يتعرض للاضطراب بسهولة وعلى نحو واسع النطاق وذلك على النحو الذي شهده العالم بمجرد إعلان إفلاس البنك، حيث انتشرت حالة من عدم التأكد وعدم الثقة في ذات الوقت منعت معظم المؤسسات المالية من الإقراض، ودخلت نتيجة لذلك اقتصادات معظم دول العالم في حالة كساد، واضطرت الحكومة الأمريكية على نحو خاص إلى انفاق تريليونات الدولارات من اجل إنقاذ الاقتصاد الأمريكي من الكساد ومنع الأزمة من التطور بصورة أكبر على النحو الذي شهدته في الكساد العالمي العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي.
إفلاس بنك ليمان براذرز هو أفضل تمثيل لحالة المؤسسة المالية الكبيرة التي لا يجب أن تسقط تحت أي ظرف من الظروف نظرا للآثار المدوية التي يمكن أن تنطلق من سقوطها. غير أن حالة ليمان براذرز أعادت للأذهان أيضا صورة المؤسسات المالية الضخمة التي يمكن أن تقدم دائما على الممارسات المالية المتهورة استنادا إلى ضمان الدعم الضمني الذي سوف تحصل عليه من الحكومة في حال تعرضها لمخاطر السقوط. فقد اكتشف مديرو مثل هذه المؤسسات أن ضخامة حجم المؤسسة المالية يكفل تأمين الدعم الحكومي لها في حال تعرضها لأي مخاطر يمكن أن تتسبب في سقوطها، حيث سيكون لزاما على صانع السياسة تقديم الدعم المالي المناسب لإنقاذ هذه المؤسسات، وذلك حفاظا على النظام المالي المحلي من الاضطراب وربما مستويات النشاط الاقتصادي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق