الجمعة، فبراير ٠٤، ٢٠١١

نظرة عامة على ملامح الاقتصاد الجزائري

أصدر صندوق النقد الدولي اليوم هذا التقرير الهام عن الاقتصاد الجزائري وأهم القيود التي يواجهها وتحدياته الأساسية، (انظر IMF Country Report No. 11/39) وذلك في إطار البعثات التشاورية التي يرسلها الصندوق إلى دول العالم من وقت لآخر. أهم ملامح التقرير عن الاقتصاد الجزائري هي الآتي:

بلغ إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في 2008 حوالي 11 تريليون دينارا جزائريا، أو حوالي 170 مليار دولارا أمريكيا، ويتوقع ان يصل الناتج المحلي الإجمالي في 2015 إلى حوالي 18 تريليون دينارا، أو ما يعادل 205 مليار دولارا (بمعدل الصرف الحالي وهو حوالي 75 دينارا جزائريا لكل دولارا أمريكيا تقريبا)، وقد بلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج في عام 2008 حوالي 5 آلاف دولارا أمريكيا، ويتوقع ان يرتفع قليلا في عام 2015 إلى 5270 دولارا. وتسيطر الصادرات من المنتجات الهيدروكربونية على نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي، مثلما هو الحال بالنسبة للاقتصاديات التي تعتمد على صادرات الموارد الطبيعية. وبشكل عام تتمتع الجزائر بالخصائص الكلاسيكية لاقتصاد نفطي.

تمتع الاقتصاد الجزائري بنمو اقتصادي مستمر منذ عشر سنوات تقريبا بعد أزمته التي واجهها في التسعينيات من القرن الماضي، وعلى الرغم من محاولات تنويع هيكل الاقتصاد، إلا أن نقطة الضعف الأساسية للاقتصاد الجزائري هي اعتماده الكثيف على الإيرادات من المصادر الهيدروكربونية في تمويل إنفاقه العام، وهي خاصية تشترك فيها الجزائر مع دول الخليج. فالإيرادات النفطية تمثل 98% من إجمالي صادرات الجزائر، وحوالي ثلثي الإيرادات العامة في الميزانية الجزائرية، وكما هو الحال في الدول النفطية، فإن القطاع غير الهيدروكربوني في الجزائر هو قطاع موجه نحو الداخل (أي لا يستهدف التصدير إلى الخارج)، ويعتمد على الإنفاق الحكومي العام.

استمرت معدلات البطالة في الانخفاض بشكل كبير في العقد الماضي، كما هو موضح في الشكل التالي والذي يوضح أن معدل البطالة قد انخفض من حوالي 17% في 2001 إلى 10.2% في 2009، بينما انخفضت نسبة البطالة بين الشباب من أكثر من 50% إلى أكثر قليلا من 20% في 2009، وهو انخفاض جوهري، ولكنه ما زال مرتفعا.



مثلما هو الحال في الدول النفطية الأخرى، فإن الحد الأدنى لسعر النفط اللازم لتوازن الموازنة مال نحو الارتفاع، حيث أنه في عام 2005، كان سعر النفط اللازم لتوازن الميزانية هو 34 دولارا للبرميل، ونتيجة للتعديلات الهامة التي قامت بها الحكومة في الجزائر برفع مستويات الأجور في عام 2008، فإن الحد الأدنى لسعر النفط اللازم لتوازن الميزانية قد ارتفع إلى 88 دولارا للبرميل، وهو تطور خطير جدا، وهو ما يعني ارتفاع درجة هشاشة الوضع المالي في الجزائر، ففي الأحوال التي لا تكون فيها أسعار النفط مرتفعة، فإن الميزانية العامة للدولة سوف تعاني من حالة عجز.

أهم خصائص الاقتصاد الجزائري هي الوضع الخارجي للاقتصاد الجزائري والذي يعد قوي جدا، وهو ، ففي نهاية سبتمبر 2010، بلغ إجمالي الاحتياطيات الرسمية من النقد الأجنبي 157 مليار دولارا، وهو ما يعادل أكثر من 3 سنوات من الواردات من السلع والخدمات، ويتوقع الصندوق ان يسهم التعافي الاقتصادي العالمي في تحسين أوضاع قطاع الهيدروكربوني في الجزائر (نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز)، وهو ما سيساعد الحكومة على استمرار تحسن الحساب الجاري الجزائري، ويساعد الحكومة على تبني خطط إنفاق اكبر، وعجز ميزانية اكبر، ومن ثم نمو القطاع غير الكربوني على نحو أفضل.

مثل الدول النفطية في الخليج تواجه الجزائر ضغطا ماليا ناجما عن ارتفاع مستويات الإنفاق العام في الوقت الذي تتضاءل فيه الإيرادات غير الهيدروكربونية، بصفة خاصة قامت الجزائر حديثا برفع مستويات الأجور لمواجهة تآكل القوة الشرائية لدخول العاملين في القطاع العام، غير ان ذلك قد تسبب في نمو كبير للإنفاق العام، ومثل هذا النمو في الإنفاق في حاجة إلى التوقف، بصفة خاصة بالنسبة للإنفاق الجاري. وتقيم الجزائر حاليا سياسات دعم الغذاء بمساعدة البنك الدولي بهدف توجيهها نحو الفئات المستحقة بصورة أفضل.

غير أن مناخ الاستثمار بالنسبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة في حاجة إلى التحسن، بصفة خاصة لا تجتذب الجزائر كميات كبيرة من تدفقات رؤوس الأموال في إطار الاستثمار الأجنبي المباشر، بصفة خاصة في القطاع غير الهيدروكربوني. غير أنه في عام 2008 اتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات التي جعلت مناخ الأعمال غير جذاب بالنسبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وأهمها وضع سقف أقصى على المشاركة الأجنبية في رؤوس أموال شركات الأعمال بـ 49%، وإعادة التأكيد على حق السلطات في اتخاذ إجراءات وقائية ببيع الاستثمارات الأجنبية، الأمر الذي أدى إلى خفض الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الجزائر في 2009 بنسبة 60%، كما يتضح من الشكل الآتي، ويرى الصندوق ان السلطات تحتاج إلى إعادة تقييم آثار مثل هذه القرارات وإدخال التعديلات المناسبة لرفع درجة جاذبية الجزائر للاستثمار الأجنبي.


 
كذلك يلاحظ أن القطاع الخاص الجزائري ظل ضعيفا وهشا، بصفة خاصة في القطاع الصناعي، وتحتاج الجزائر إلى تسريع برامج دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم، ودعم المبادرات الخاصة لمحاولة وتحسين بيئة الأعمال للقطاع الخاص وذلك بهدف الحد من الضغوط على الميزانية العامة للدولة، وتتمثل أهم التحديات التي يواجهها الاقتصاد الجزائري في المستقبل تتمثل في الآتي:

• ضرورة توقف الاتجاه الحالي نحو زيادة الإنفاق العام، لرفع قدرة الجزائر على مواجهة أي صدمات سلبية في الإيرادات من القطاع الهيدروكربوني.

• ضرورة اهتمام الحكومة برفع كفاءة الإنفاق العام والقيام بإصلاحات مالية لدعم آفاق النمو في الجزائر.

• على الرغم من ان السلطات النقدية كانت قادرة على احتواء الضغوط التضخمية في الفترة الماضية، فإن عليها ان تكون مستعدة لإتباع سياسات نقدية أكثر تضييقا في المستقبل إذا تزايدت الضغوط التضخمية في المستقبل. كما ينبغي على البنك المركزي اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من انحراف معدل صرف الدينار الجزائري عن قيمته التوازنية.

• ضرورة قيام الجزائر باتخاذ ما يلزم لتحسين بيئة الأعمال بصفة خاصة للاستثمار الأجنبي المباشر وذلك لضمان استمرار نقل التكنولوجيا الحديثة والمعرفة للاقتصاد الجزائري.

وفيما يلي بعض المؤشرات الاقتصادية الكلية للاقتصاد الجزائري
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق