مقدمة
تثور منذ عدة أيام في الكويت دعوى أن الدولة قد تضطر إلى اللجوء إلى
خيارات صعبة للتعامل مع العبء المتزايد للمرتبات وما في حكمها لمواجهة عجز
الميزانية الناجم عن ذلك، ومن بين هذه الخيارات تخفيض الدينار الكويتي، في إشارة إلى
أن الدولة قد تلجأ إلى خفض قيمة الدينار الكويتي لكي ترفع من إيراداتها المالية
(بالدينار)، عند تحويل إيراداتها النفطية إلى الدينار الكويتي، وهو ما يعني تحقيق
هدفين في آن واحد، الأول وهو زيادة إيرادات الحكومة بالدينار والثاني وهو تخفيض عبء
المرتبات وما في حكمها على ميزانية الدولة بنفس معدل التخفيض في قيمة العملة.
الدينار الكويتي، هو أحد اكثر عملات العالم
استقرار، كما أنه أعلاها من حيث القيمة، بمعنى أنه لا توجد عملة في العالم حاليا
يمكن أن تحول إلى 3.5 دولارا أمريكيا غير الدينار الكويتي، وهذا لا يعني أي شيء
أكثر من ذلك. فقد اختار بنك الكويت المركزي عند إنشاء الدينار أن يكون معدل صرف
الدينار بالنسبة للدولار عند حوالي 3.5 دولارا للدينار الواحد، وقد نجح بنك الكويت
المركزي بالفعل في الحفاظ على هذا المعدل للصرف من التدهور منذ إصداره لأول مرة
حتى اليوم.
سعر
العملة، أو بصورة أدق معدل صرفها بالنسبة للعملات الأجنبية، يعد أحد أهم الأسعار
في الدولة على المستوى الاقتصادي الكلي، وذلك نظرا لاتساع الآثار التي يمكن أن تترتب
على تغير هذا المعدل على الدخل والإنتاج والتوظف ومن ثم مستويات الرفاه، فضلا عن
تأثيراتها على تدفقات التجارة من الصادرات والواردات وكذلك الطلب على الأصول
المالية والحقيقية في الدولة وخارجها، ويحدد معدل الصرف بشكل عام عدد الوحدات التي
تدفع من العملة الوطنية للحصول على وحدة واحدة من العملات الأجنبية (الدولار مثلا)،
وعندما يتغير معدل صرف العملة بالنسبة للعملات الأجنبية، فإن هذا التغير قد يأخذ
صورة تخفيض في قيمة العملة Depreciation (ويأخذ شكل ارتفاع عدد
الوحدات من العملة المحلية اللازمة للحصول على وحدة واحدة من العملات الأجنبية)،
أو ارتفاع في قيمة العملة Appreciation (ويأخذ شكل انخفاض عدد الوحدات من العملة
المحلية اللازمة للحصول على وحدة واحدة من العملات الأجنبية)، ولكل من هذين
التغيرين تأثيراتهما العميقة على الاقتصاد، وتنافسيته (قدرة الاقتصاد على تعبئة
الموارد من العملات الأجنبية) وبالتالي ميزانه التجاري (الحساب الذي تسجل فيه قيمة
صادرات الدولة ووارداتها من السلع).
في الحلقة الثانية من هذه الدراسة نتناول نظم تحديد معدل الصرف.
مقال كنا ننتظره منذ فترة شكرا لك دكتور
ردحذف