الثلاثاء، مايو ٢٩، ٢٠٠٧

هل تنجح العملة الخليجية الموحدة: خلفية نظرية

العملة الموحدة: خلفية نظرية

تشير نظرية منطقة العملة المثلى إلى أن أهم معايير إنشاء منطقة عملة مثلى تتمثل في أن تكون الدول الأعضاء في المنطقة عرضة لصدمات مشتركة، وأن تكون هذه الصدمات متماثلة، وان يكون رد الفعل لهذه الصدمات متماثلا أيضا، فضلا عن انه في حال تعرض دولة أو مجموعة من دول المنطقة لصدمة غير متماثلة ، فإنها تتمكن من التأقلم معها سريعا. وفي حال توافر هذه الشروط فان الدول الأعضاء في منطقة العملة المثلى ستواجه نفس الدورات الاقتصادية الأمر الذي يجعل رد الفعل للسياسة النقدية العامة لمواجهة تلك الدورات مثلى أيضا.

ومن المعايير التي تم التعارف عليها خلال الستينات تشابه مستويات ومعدلات نمو الدخل وتشابه مستويات الأسعار وحرية انتقال عناصر الإنتاج وكثافة التجارة البينية والتشابه في هياكل الإنتاج. وقد تسارعت الدراسات في هذا المجال والإضافات على المعايير الواجب توافرها بين الدول لإقامة إتحاد نقدي ناجح. ثم تطورت النظرية فأصبحت تركز على التكاليف والعوائد المتوقعة للدول من الانضمام إلى منطقة العملة المثلى. ويرى (2001) Barro أن من العوامل التي شجعت على بدء الاتحادات النقدية بين الدول زيادة أعداد الدول المستقلة في العالم وانتشار العولمة وانخفاض فعالية السياسات النقدية الوطنية المستقلة، خاصة في الدول الصغيرة.

ويري فرنكل وروز بأن معايير قيام منطقة العملة المثلي ليست مستقلة، بل مرتبطة ببعضها البعض. وأن الدولة غالبا ما تستوفي معايير منطقة العملة المثلي بعد دخولها للاتحاد وليس قبل دخولها. كما تم تأكيد هذه النتيجة سواء بالنسبة لدول صناعية أو لدول نامية. ففي دراسة عن 147 دولة للفترة من 1960 إلى 1999 وجد أن الدول التي ترتفع مستويات كثافة التجارة البينية بها يكون لديها تقلبات اقتصادية عالية. من ناحية أخرى فان نتائج الدراسة تشير إلى أن تأثير روابط كثافة التجارة على التقلبات الاقتصادية للدول الصناعية أكبر من تأثيرها في حالة الدول النامية.

ومن المعلوم أن الدول تميل عادة إلى ربط عملاتها مع عملات أهم شركاءها التجاريين، وذلك لتدنية مخاطر معدل الصرف، ومن ثم الاستفادة من المزايا المصاحبة لاستقراره. غير انه عندما تفعل الدول ذلك فإنها تفقد استقلالية سياساتها النقدية، حيث تصبح تلك السياسات معتمدة بشكل أساسي على تلك السياسات المتبعة من قبل جيرانها. وفي ظل هذه الظروف من المتوقع أن نجد ارتباطا ايجابيا بين روابط التجارة وروابط الدخل بتلك الدول.

وتلعب العملة الموحدة دورا هاما في تسهيل عمليات انتقال السلع والخدمات والأصول بين دول الاتحاد النقدي. إذ يترتب على اختلاف العملات المستخدمة ارتفاع تكلفة إجراء المعاملات، بصفة خاصة تكلفة الحصول على المعلومات الخاصة بالأسعار وغيرها من المعلومات، وتكاليف الفروق بين معدلات الصرف لشراء وبيع ذات العملة والتي تطلبها مؤسسات الوساطة في العملات، الأمر الذي يعمل على تثبيط مستويات التجارة البينية في السلع والخدمات وانتقال رؤوس الأموال، ومن ثم فان أهم فوائد العملة الموحدة تتمثل في تخفيض تكاليف المعاملات للتجارة في السلع والخدمات وتسهيل حركات انتقال رؤوس الأموال بين الدول الأعضاء في الاتحاد النقدي. أكثر من ذلك فانه في حالة وجود عملة مشتركة تنخفض مستويات المخاطرة للمعاملات التي تتم داخل دول التكتل، الأمر الذي يساعد على تسريع مستويات التجارة البينية وتدفقات رؤوس الأموال بين الدول الأعضاء في العملة المشتركة، كما تتحسن مستويات الانفتاح التجاري والمالي بينها.

أما بالنسبة لتكاليف إنشاء العملة الموحدة فإنها ترتبط أساسا بفقدان الدول لاستقلالها النقدي بصفة خاصة فيما يتعلق بتطبيق سياستها النقدية، وبدرجة اقل فيما يتعلق باستقلال سياستها المالية، ومن ثم قدرة الدولة على اتخاذ القرارات والإجراءات المناسبة في التوقيت الذي يتوافق مع طبيعة التقلبات التي تواجه اقتصادياتها. غير انه في حالة تماثل الصدمات الاقتصادية التي تواجهها الدول الأعضاء في العملة، تنخفض تلك التكاليف بشكل كبير.

وبشكل عام ينظر إلى العملة الموحدة على أنها أهم ثمار التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء في أي تكتل، لما لإنشاء العملة الموحدة من مزايا على المستويين الجزئي والكلي. حيث تتمثل أهم المزايا في الالتحاق بسوق مشترك، والذي يمكن من الاستفادة من المزايا المختلفة المرتبطة بحجم السوق الكبير، والاستفادة من فرص الإنتاج على نطاق واسع ومن ثم الاستفادة من اقتصاديات الحجم، فضلا عن توفير خيارات أوسع للمستهلكين، وبأسعار أكثر تنافسية عما هو الحال بالنسبة للدول الأعضاء في السوق المشتركة بدون عملة موحدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق