هذا الخبر حول آفاق النمو في التمويل الإسلامي نشر على موقع الأسواق العربية نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية (اضغط الرابط: http://www.alaswaq.net/articles/2009/06/10/24638.html.
توقع الخبير الاقتصادي البريطاني توبي بيرش أن يعيد التمويل الإسلامي الانضباط للنظام المالي العالمي في 2010، مضيفا أن المصرفية الإسلامية ستكتسح النظام المالي في العالم بحلول 2015. وقال بيرش الذي تنبأ بالأزمة المالية العالمية قبل اندلاع شرارتها الأولى بأربعة أشهر في كتابه الشهير "الانهيار النهائي" أو "الانهيار الأخير"، إن القوانين المنظمة للاقتصاد الإسلامي والتي تمنع المسلمين من "استنساخ المال من المال" جنبت على الأقل ربع ثروات العالم من التأثر بالأزمة المالية العالمية التي دحرجتها المشتقات المالية وبيع الدين (المتاجرة بالديون) في أوروبا وأمريكا إلى داخل الاقتصاد العالمي، وأضاف أن التمويل الإسلامي يمكنه توسيع نطاق جاذبيته إلى ما هو أبعد من قاعدته التقليدية في أعقاب الأزمة المالية العالمية، كما يمكنه المساعدة في إعادة الانضباط إلى النظام المالي العالمي. ورأى أن "البدايات دائما ما تكون صعبة وظهور المصرفية الإسلامية وإحلالها مكان النظام القديم يحتاج إلى بعض الوقت؛ لأن الآخرين من غير المسلمين يجب أن يلمسوا فوائدها قبل أن يعتمدوها طريقة لهم لإدارة أموالهم واستثمارها، وهو ما شرعت فيه بعض المؤسسات والأفراد في الغرب، وتعزز مع مسار الأزمة الجديد".
وأكد في تصريحات نشرتها صحيفة "الاقتصادية" السعودية اليوم 10-6-2009 أن "مبادئ الشريعة ستساعد مديري الأصول على الانصراف عن الهندسة المالية والتحول إلى المشاركة في المخاطر والأرباح وهو نظام أفضل بكثير، كما أن كثيرا من المستثمرين ينجذبون إلى الاستثمارات المطابقة للشريعة الإسلامية؛ لأنها تتجنب المنتجات التي يستعصى فهمها على الكثيرين، وتركز على منتجات ملموسة، إن تدمير الأصول الحقيقية أصعب من تدمير المنتجات المالية المعقدة"، وتناول الخبير البريطاني المزايا المصرفية للبنوك الإسلامية، والتي يأتي على رأسها أنها لا تقرض سوى ما لديها من ودائع وهو ما يتفادى تخليق الائتمان بكل آثاره التي شاهدناها خلال الأزمة المالية، مشيرا إلى أن الإقراض يصبح أكثر انضباطا بدرجة كبيرة. وقال بيرش إن الإفراط في الإقراض يشكل تهديدا رئيسيا للنظام المالي العالمي وهو ما دفعه إلى نشر كتابه "الانهيار النهائي" مطلع عام 2007، الذي ناقش خلاله تداعيات أزمة الائتمان التي كانت وقتها تلوح في الأفق. واعتبر أنه لا تزال هناك فرصة للتغيير الشامل وسط الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، وسيكون هناك هيكل جديد أفضل للأسواق المالية العالمية إذا عملنا جميعا على مكافحة عدو مشترك ألا وهو النظام القديم الذي أصبح غير عملي في وقتنا الحالي. وأكد أن الاستفادة من التجارب التاريخية سيكون نقطة بداية جيدة إذا أردنا أن يقف النظام المالي مرة أخرى على قدميه، داعيًا إلى الاستفادة من أفضل الممارسات والنماذج المختلفة، فقال إننا بحاجة إلى نموذج اقتصادي يعيد التركيز على العناصر الإيجابية في الرأسمالية وإلى نظام مالي يقوم على التعاون والمصلحة المشتركة بعيدا عن أية أنانية.
وقال بيرش إن المقترضين من البنوك الإسلامية يدفعون إيجارًا بدلاً من أن يدفعوا فائدة، وتعتبر البنوك هذه القروض بمثابة إيداعات وتتقاضى رسومًا بدلا من الفائدة لتسديد تكلفة خدماتها. وأضاف "قد يبدو الفرق هنا مجرد اختلاف في التسميات، ولكن هناك فرقا مهما للغاية وهو أن هذا النظام يحول دون خلق دين يؤدي إلى تضخم في الاقتصاد وفي النهاية يؤدي إلى انهيار البنك، إن البنوك الإسلامية بحكم تكوينها هي بنوك صغيرة برؤوس أموال جيدة، كما أنها بنوك محافظة، وبالنسبة إلى كثيرين فإن البنك الذي لا يدفع فائدة ولكنه أكثر أمانًا أفضل من بنك يقدم لهم فائدة بنسبة 7%، لكن يمكن أن ينهار في يوم ما". وتابع أنه رغم وجود جوانب معينة في القطاع المالي الإسلامي، مثل صناديق العقارات، تأثرت بالأزمة بشكل طفيف، إلا أن المشاريع المشتركة والأسهم الخاصة تلقى قبولاً بسبب نهجها القائم على المشاركة والذي يتقاسم فيه الناس المخاطر والمكافآت. وحث بيرش المؤسسات الإسلامية في المجتمعات الإسلامية على تطوير التمويل الإسلامي من خلال البحوث العلمية والشرعية، مؤكدا أن العبث الذي قد يحدثه بعض من يدعي تطبيق تعاليم الشريعة الإسلامية على منتجاته قد يضر بالتجربة.
أما تعليقي على هذا الخبر فهو أنه من الواضح الرجل يتحدث بحماسة شديدة لا يجرؤ متخصص في التمويل الاسلامي ان يتحدث بمثلها، وأعتقد ان هناك افراطا ومبالغة في العبارات التي ربما تكون منقولة خطأ عن الرجل. صحيح أن التمويل الإسلامي به كافة المزايا التي تخوله من أن يمنع حدوث أزمة عالمية بالحجم الذي شاهدناه مؤخرا، إلا أن الادعاء بأن التمويل الإسلامي سوف يكتسح النظام المالي في العالم بحلول 2015، فهو ادعاء لا يستند إلى حقائق واقعية سواء من حيث الحجم أو الآفاق المتوقعة، فأفضل التوقعات المتاحة حاليا عن آفاق حجم التمويل الاسلامي عام 2015 لا تتجاوز التريليون دولار، وهو أقل بكثير من التمويل الذي يمنحه بنك تقليدي كبير الحجم سنويا. طبعا نحن نتمنى أن يكتسح التمويل الإسلامي كل أشكال التمويل الأخرى، لما به من مزايا الاستقرار والأمان النسبي والعدالة فضلا عن ارتباطه بالوازع الديني والاخلاقي، غير انه من الواضح أن المتحدث في هذه الجزئية بالذات قد جانبه الصواب، فما زال أمام التمويل الإسلامي الكثير على نطاق البحث والابتكار لكي يكتسح أسواق المال في الدول الإسلامية، ناهيك عن المستوى العالمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق