نشر في جريدة الاقتصادية السعودية على حلقتين بتاريخ 20/7/2009 و 25/7/2009
الولايات المتحدة الأمريكية دولة تعيش حاليا خارج حدود إمكانياتها ومواردها، فعلى الرغم من أن عدد سكان الولايات المتحدة يمثل تقريبا حوالي 4.5% من سكان العالم، فإن هذه الدولة تستهلك حوالي 25% من موارد العالم، أي خمس أضعاف نسبة سكانها، ويتم تبرير ذلك بارتفاع مستويات الدخل الفردي والذي بلغ 47000 دولار في 2008. الولايات المتحدة أيضا تستهلك أكثر مما تنتج، وتمول هذا الفرق من خلال استخدام مدخرات الدول الأخرى، الأمر الذي يؤدي إلى تصاعد مديونية هذه الدولة قبل الدول الأخرى في العالم.
لا يمكن لدولة ما أن تعيش خارج حدود إمكانياتها لفترة طويلة من الزمن، إذ لا بد وأن يأتي يوم ما تتراكم فيها التزاماتها بصورة تعجز معها عن سداد تلك الالتزامات، وحاليا أخذ الدين الفدرالي في الولايات المتحدة في الانفجار حتى بلغ مستويات تاريخية، فقد بلغ الدين العام الأمريكي حتى كتابة هذا المقال 11.370 تريليون دولار (http://www.brillig.com/debt_clock)، وبما أن عدد سكان الولايات المتحدة يبلغ 306.4 مليون نسمة، فإن نصيب الفرد الأمريكي من الدين العام يساوي 37105 دولارا أمريكيا، وهو ما يضع الفرد الأمريكي في مقدمة أكثر الأفراد المدينين في العالم. من ناحية أخرى فان الدين الفدرالي بهذا الشكل يشكل حوالي 80% من الناتج المحلي الإجمالي، وإذا ما استمر الدين الفدرالي في التصاعد بهذا الشكل في المستقبل، وهو أمر مؤكد بسبب العجز المالي الكبير الذي تعاني منه الولايات المتحدة، فإن الدين الفدرالي سوف يقترب من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الخمس القادمة، ومنذ نشوء الأزمة المالية العالمية في العام الماضي والدين العام الأمريكي يزيد بحوالي 3.7 مليار دولار يوميا. ويتوقع أن يشهد عام 2009 فقط إضافة حوالي 2 تريليون دولار إلى الدين الفدرالي.
مع تضخم الدين الفدرالي أخذت مدفوعات الفائدة على هذا الدين في التزايد تبعا لذلك، ففي عام 2008 بلغت مدفوعات الفائدة على الدين الفدرالي 412 مليار دولار، وعلى الرغم من أن معدلات الفائدة على السندات الأمريكية في الولايات المتحدة تنخفض بشكل واضح حاليا وتقترب من الصفر، إلا إن تآكل القوة الشرائية للدولار سوف يدفع بمعدلات الفائدة نحو الارتفاع لاحقا، وهو ما يؤدي، مع تصاعد حجم الدين المحلي، إلى زيادة نسبة مدفوعات الفائدة على الدين إلى إجمالي الإنفاق العام في الولايات المتحدة، وهناك بعض التوقعات التي تشير إلى انه من المحتمل أن تتجاوز مدفوعات الفائدة على الدين الأمريكي في المستقبل التريليون دولارا سنويا.
مع نشوء الأزمة المالية اضطرت الولايات المتحدة إلى تحمل عجز كبير في ميزانيتها لدفع تكاليف عملية الإنقاذ الاقتصادي من تبعات أخطر الأزمات التي تعرض لها الاقتصاد الأمريكي منذ الحرب العالمية الثانية، وقد بلغ عجز الميزانية في العام الماضي أكثر من 1.3 تريليون دولار، أما العجز المتوقع في عام 2009 فيقدر بحوالي 1.75 تريليون دولار، ويتوقع أن ينخفض العجز إلى حوالي 1.1 تريليون في 2010، وهذا العجز لا يشمل خطط الرئيس أوباما بخفض الضرائب أو بزيادة الإنفاق العام. للأسف تتخذ الولايات المتحدة حاليا خطوات لمعالجة الانكماش يمكن أن تؤدي إلى تضخم جامح. فسياسات التيسير الكمي (طبع الدولار) التي يتبعها الاحتياطي الفدرالي حاليا تؤدي إلى ضخ تريلونات من الدولارات الورقية إلى عرض النقود، تحت دعوى أن أسواق الائتمان المجمدة حاليا تحتاج إلى توسع كبير في عرض النقود، وذلك من اجل تنشيط شرايين التجارة للعمل مرة أخرى.
ولكن كيف تسمح الولايات المتحدة للدين الفدرالي بأن يصل إلى تلك المستويات الحرجة؟ الإجابة هي أن ذلك يتم في ظل التوقع بأنه حالما تتعدل الأوضاع وترتفع معدلات النمو الاقتصادي فإن العجز سوف ينخفض كنسبة من الناتج المحلي، ومن ثم ترتفع قدرة الولايات المتحدة على سداد التزاماتها يساعدها في ذلك الوضع الفريد للدولار كعملة احتياط عالمية. غير أن إتباع الحكومة لسياسات التيسير الكمي مع الاحتفاظ بعجز مالي ضخم يمثل المزيج المناسب لنشوء التضخم الجامح. في ظل هذه الحقائق فان هناك بعض الشواهد التي تشير إلى تزايد الشك في قدرة الولايات المتحدة على الاستمرار كدولة ذات ملاءة مالية على الأمد الطويل لدى المقرضين الخارجيين الأساسيين للولايات المتحدة، ويبدو أن الصين تحاول تنويع استثمارات صندوق ثروتها السيادي شيئا فشيئا بعيدا عن أدوات الدين الأمريكي كتعبير عن قلقها المتصاعد حيال مستويات المديونية المرتفعة للولايات المتحدة، أكثر من ذلك فقد بدأت الصين بالفعل في تحري البدائل الممكنة للدولار كعملة احتياط دولية. ومثل هذه المخاوف الصينية ناشئة أساسا عن المنظور المحتمل للتضخم الجامح والذي يمكن أن يقضي على جانب كبير من القيمة الحقيقية لاستثماراتها الدولارية، ويرجع ذلك إلى إيمان الصين بأن الولايات المتحدة لا يمكنها الاستمرار في خدمة عبء دينها العام المتصاعد بدون اللجوء إلى التضخم كسبيل لتجنب إعلان الإفلاس الوطني، وهو ما يؤدي إلى تدهور القوة الشرائية للدولار، ومن ثم تراجع استثمارات الصين الدولارية. وفي أول يونيو 2009 صرح السيد/ يو يوندينج المستشار السابق لبنك الصين المركزي (http://www.bloomberg.com/apps/news?pid=20601080&sid=aCV0pFcAFyZw&refer=asia) بأن العالم قد يشهد أزمة مالية أخرى أساسها تراجع الثقة في الدولار إذا لم تحاول الولايات المتحدة زيادة مستويات ادخارها والسيطرة على العجز في ميزانها الجاري.
صورة الدين الفدرالي على الرغم من قتامتها قد تبدو وردية إذا ما قارناها بالعجز المتوقع في برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية والمرشحة لأن تواجه عجزا مرعبا في المستقبل. ففي خطابه أمام نادي الكومونويلث في كاليفورنيا (http://www.dallasfed.org/news/speeches/fisher/2008/fs080528.cfm) أشار ريتشارد فيشر رئيس الاحتياطي الفدرالي في دالاس إلى أن القيمة الحالية لتوقعات التزامات الضمان الاجتماعي غير الممولة في الولايات المتحدة تبلغ حوالي 13 تريليون دولار. غير أن هذا المبلغ الضخم يعد معقولا جدا بالنسبة للقيمة الحالية لتوقعات عجز برنامج الرعاية الصحية والذي يتكون من 3 أجزاء هي الجزء (أ) والذي يشمل الإقامة في المستشفيات، والجزء (ب) والذي يغطي الزيارات للأطباء، والجزء (د) والذي يغطي دعم الدواء. ووفقا للسيناريوهات التي عرضها فيشر فان القيمة الحالية للالتزامات غير الممولة للجزء (أ) تبلغ 34.4 تريليون دولار، والجزء (ب) حوالي 34 تريليون دولار، أما العجز في الجزء (د) فيصل إلى حوالي 17.2 تريليون دولارا، أي أن العجز المتوقع في برامج الرعاية الصحية في الولايات المتحدة يبلغ 85.6 تريليون دولارا، أي أكثر من 6 أضعاف العجز في الضمان الاجتماعي، وهو أيضا أكثر من ثمانية أضعاف الدين الفدرالي وأكثر من خمسة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. وإذا ما تمت إضافة العجز المتوقع في الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية في الولايات المتحدة، فإن إجمالي العجز المستقبلي المتوقع في البرنامجين يصل إلى حوالي 100 تريليون دولار، وهو رقم مرعب حقا. إذ يعني هذا العجز أن التزامات الخزانة العامة تصل إلى حوالي 330 ألف دولار للفرد الأمريكي الواحد، أو حوالي 1.3 مليون دولار لكل أسرة مكونة من أربعة أفراد، هذا العجز يساوي 25 ضعف متوسط نصيب الفرد من الدخل، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو كيف للولايات المتحدة أن تواجه هذه الأعباء الضخمة؟ ولذلك لم يكن مستغربا أن يعلن الرئيس أوباما أمام الاجتماع السنوي للجمعية الطبية الأمريكية أن "الولايات المتحدة قد تسير على طريق جنرال موتورز"، أي نحو الإفلاس "إذا لم يتم إصلاح نظام الرعاية الصحية" (http://news.bbc.co.uk/2/hi/americas/8100605.stm)، ذلك أن أحد أسباب اضطراب جنرال موتورز وكرايزلر هي التكاليف الضخمة التي تكلفتها في سبيل توفير الرعاية الصحية لكافة عمالها، وهو ما جعل الشركتين أقل ربحية ومن ثم اقل تنافسية في مقابل باقي مصنعي السيارات عبر العالم. الولايات المتحدة تسير إذن حاليا على نفس الطريق ما لم تتخذ إصلاحات هيكلية في برامج رعايتها الصحية. وقد كان إصلاح نظام الرعاية الصحية أحد وعود أوباما الانتخابية، وحاليا يوجد حوالي 50 مليون أمريكي بدون تأمين صحي، وقد اقترح أوباما خطة من 10 سنوات تتكلف حوالي 1.6 تريليون دولار لكي تصبح الرعاية الصحية متاحة لكل الأمريكيين. وتشمل خطط أوباما الإصلاحية تشجيع المنافسة بين شركات التأمين الصحي لجعل تكاليف التأمين الصحي معقولة لكافة المواطنين.
عجز ميزان المدفوعات الأمريكي كان أيضا من الناحية الكلاسيكة أحد أسباب اضطراب نظام المدفوعات على المستوى العالمي، وهناك 3 أنواع من عجز ميزان المدفوعات الأمريكي، الأول العجز التجاري حيث تستورد الولايات المتحدة أكثر مما تصدر، والثاني هو العجز الناجم عن حركات رؤوس الأموال، حيث تشتري الشركات الأمريكية شركات أجنبية، والعجز الثالث وهو الأهم وهو العجز الناجم عن إنفاق البنتاجون في الخارج، والذي يمثل الإنفاق العسكري الأمريكي. وخلال الخمسة عقود السابقة كان الإنفاق العسكري الأمريكي مسئولا عن جانب كبير من العجز في ميزان المدفوعات، ولتمويل اقتصاد في حالة حرب شبه دائمة أغرقت الولايات المتحدة العالم بالدولارات، وتذهب هذه الدولارات بعد استبدالها بالعملات المحلية إلى البنوك المركزية، وهنا تواجه البنوك المركزية للدول المختلفة مشكلة أساسية وهي أنه لا بد من إنفاق هذه الدولارات في الولايات المتحدة، وإلا فان معدل صرف عملاتها بالنسبة للدولار سوف يأخذ في التزايد، الأمر الذي يؤثر بصورة سلبية على تنافسية صادراتها، ومن ثم لا تجد هذه البنوك خيارا آخر سوى إعادة تدوير هذه الأموال في الولايات المتحدة من خلال شراء الدين الحكومي، أي أنها وبشكل غير مباشر تمول الإنفاق العسكري الأمريكي، وقد مكن مثل هذا الوضع الفريد الولايات المتحدة من أن تطبع الدولار بدون أي قيود لشراء وارداتها من الخارج ولتمويل توسعاتها العسكرية. غير أن بعض الشواهد تشير إلى أن هذا الوضع بدأ ينحسر الآن، وأنه إذا ما توقفت الدول الأخرى عن شراء السندات الأمريكية قد يصبح من غير الممكن للولايات المتحدة الاستمرار في الإنفاق العسكري على النحو الذي تسير عليه الأمور حاليا، وهي معضلة إستراتيجية، فالولايات المتحدة في حاجة مستمرة إلى تعزيز إنفاقها العسكري كقوة عظمى ولتثبيت سيطرتها في عالم أحادي القطب، ومن ثم فإنه إذا ما أصرت على الاستمرار في إنفاقها العسكري عند مستوياته الحالية فلا بد وان تنخفض دخول الأمريكيين بشكل كبير من خلال الضرائب، وقد بلغت ميزانية الإنفاق العسكري الأمريكي في عام 2008 حوالي 623 مليار دولار.
وحاليا يطمئن الرئيس أوباما وكذلك وزير خزانته تيموثي جايثنر الجميع بإمكانية استدامة الوضع الحالي وأنه حالما تنتهي الأزمة سوف تعود الولايات المتحدة مرة أخرى إلى إتباع سياسات مالية متحفظة. غير أن البعض يشكك بشدة في إمكانية حدوث ذلك طارحين 3 سبل للخروج من الخلل المالي الذي تعاني منه الميزانية الأمريكية وهو أولا: زيادة الضرائب على نحو كبير، أو خفض الإنفاق الحكومي بشكل جذري، وهما خياران مستبعدان في ظل ظروف الأزمة، أو ثانيا: السماح بتضخم جامح لتخفيض القيمة الحقيقية للدين المحلي ومن ثم تدمير قيمة الدولار، أو ثالثا: التوقف عن سداد الدين الفدرالي وهو ما يعد إعلانا رسميا بالإفلاس. ومما لا شك فيه أن إعلان التوقف عن السداد سوف يحمل آثارا رهيبة على النظام الاقتصادي العالمي، سواء المالي أو الاقتصادي أو على صعيد العلاقات الدولية أو التحالفات الإستراتيجية.
إن استمرار عجز ميزان المدفوعات وتزايد عجز الميزانية ومن ثم تصاعد الدين الأمريكي، مع سياسات نقدية تضخمية لا تعطي خيارا للدول ذات الفوائض الدولارية سوي محاولة تجنب تراكم تلك الفوائض الدولارية لديها، وقد حاولت الصين أن تنوع من محافظها الدولارية بعدم الاقتصار على الاحتفاظ بالسندات الدولارية، ولكن بدون نجاح حتى الآن على ما يبدو. وفي زيارته إلى الصين صرح تيموثي جايثنر وزير الخزانة الأمريكي بأن عجز الميزانية الأمريكي يصل حاليا إلى حوالي 13% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة مرتفعة، إلا أن جايثنر أعلن أن الولايات المتحدة تخطط إلى تخفيض العجز إلى حوالي 3%، والواقع أن جايثنر لم يكن مقنعا خصوصا وأنه لم يوضح من الناحية الحسابية كيف يمكن الوصول إلى تلك المستهدفات، فالوضع الأمريكي في غاية الصعوبة، فلا يمكن رفع معدلات الضرائب في ظل تراجع معدلات النمو الاقتصادي، وفي ضوء الجمود النسبي للإنفاق العام الأمريكي وتكلفة حربين لا تستطيع الولايات المتحدة أن تفك التزاماتهما فيهما، يصبح من الصعب الحديث عن السيطرة على عجز الميزانية. وفي محاولة لتهدئة المخاوف الصينية أشار جايثنر إلى أن الأصول الاستثمارية المالية في الولايات المتحدة آمنة جدا، وأن إدارة أوباما ملتزمة بسياسة الدولار القوي، وهي سياسة لم تثمر حتى هذه اللحظة. الصين أيضا شغوفة حاليا لمعرفة كيفية السيطرة على نمو السيولة في الولايات المتحدة، والآليات التي من خلالها سوف يتم سحب تلك السيولة مستقبلا من الاقتصاد الأمريكي لكي تتجنب مخاطر التضخم.
وتبذل حاليا جهودا من قبل الصين وروسيا بصورة أساسية لاستبدال الدولار كعملة احتياط دولية بعملة أخرى، وإذا ما نجحت تلك الدول فان الدولار سوف ينخفض بشكل كبير. فقد وقعت الصين اتفاقيات مع البرازيل وماليزيا بأن تتم تسوية الصفقات التجارية الثنائية بينها من خلال اليوان الصيني أو الجنيه الإسترليني أو اليورو بدلا من الدولار، كذلك وعدت روسيا بأنها سوف تبدأ عقد صفقاتها التجارية بالروبل والعملات المحلية للدول التي تتاجر معها، كذلك تحاول الصين التخلص جزئيا من احتياطياتها الدولارية من خلال شراء مصانع وأصول عبر دول العالم، فبما أن الولايات المتحدة ترفض أن تبيع أي من صناعاتها عالية التقنية للصين، فان الصين لا تجد خيارا آخر سوى شراء تلك الأصول خارج الولايات المتحدة في ظل توقعها أن يفقد الدولار قيمته بسرعة في المستقبل.
ولكن السؤال الأساسي هو هل يستطيع المدخرون بالدولار الاتجاه بمدخراتهم بعيدا عن الدين الأمريكي، الإجابة لحسن حظ الولايات المتحدة قد تبدو لا، وفي رأيي فإن فرص نجاح تلك المحاولات تعد شبه معدومة بسبب عدم وجود بديل جاهز حاليا أو في المستقبل القريب للدولار. وفي مقال سابق حول دور الدولار كعملة احتياط دولية نشرته القبس ذكرنا أن محافظ البنك المركزي الصيني اقترح وقف استخدام الدولار كعملة احتياط واستخدام وحدات حقوق السحب الخاصة التي يصدرها صندوق النقد الدولي كعملة احتياط دولية بدلا من الدولار، وعددنا الأسباب التي تحول دون نجاح هذا المقترح حاليا (http://economyofkuwait.blogspot.com/2009/04/blog-post_20.html).
الوضع المالي للولايات المتحدة إذن حرج للغاية، ويدور التساؤل حاليا وبقوة حول ما إذا كانت الحكومة الأمريكية ستجبر على إعلان إفلاسها بعد أن دخلت مديونية الولايات المتحدة الخطوط الحمراء حول المعدلات الآمنة لنسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. ليس أمرا مستبعدا أن تفلس إمبراطورية، إلا أن التاريخ يخبرنا بأن الإمبراطوريات التي تفلس تفقد قوتها على الصعيد العالمي. لحسن الحظ فإن السيناريو الحالي تكرر، وربما بصورة أسوأ، في أعقاب أزمة 1929، وخرج الاقتصاد الأمريكي من الأزمة معافى دون أن تضطر الحكومة الأمريكية إلى إعلان إفلاسها، ومن المؤكد أن الاقتصاد الأمريكي يملك من القوى التي تمكنه من أن يحول دون بلوغ حافة الإفلاس، وللحيلولة دون ذلك فان الولايات المتحدة في حاجة إلى مراجعة شاملة لسياسات الإنفاق، بما في ذلك إنفاقها العسكري، وبرامج الرعاية الصحية والاجتماعية، وإتباع سياسات تقشفية للسيطرة على العجز المتصاعد في ميزانيتها الفدرالية، ورفع معدلات الادخار المحلي لتقليل اعتمادها على مدخرات العالم الخارجي، وهي سياسات قد تبدو غريبة على مسامع الفرد الأمريكي، إلا أنها ضرورة أساسية للحيلولة دون لجوء الولايات المتحدة إلى إعلان إفلاسها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق